- أندي ويست
- كاتب متخصص في شؤون كرة القدم الإسبانية
يتصدر برشلونة جدول ترتيب الدوري الإسباني الممتاز بفارق سبع نقاط عن ملاحقه ريال مدريد، ولم يخسر سوى مرتين فقط في الدوري، وحصل بالفعل على أول بطولة له هذا الموسم بعدما فاز على غريمه التقليدي عن جدارة واستحقاق في كأس السوبر الإسبانية في يناير/كانون الثاني بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد.
لكن برشلونة خرج من دوري أبطال أوروبا ثم من الدوري الأوروبي، وتراجع مستواه بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة، وظهرت نقاط ضعفه الهجومية بشكل واضح في المباراة التي خسرها أمام ألميريا المتواضع بهدف دون رد في الدوري يوم الأحد الماضي.
وقبيل مباراة الذهاب للدور نصف النهائي لكأس ملك إسبانيا ضد ريال على ملعب “سانتياغو برنابيو”، فإن هذه التناقضات تلخص بدقة الوضع الحالي لبرشلونة: الكثير من الوعود، لكن في ظل مؤشرات مقلقة على أن كل شيء يمكن أن ينهار بسرعة.
وبالمثل، فإن التوازن الدقيق بين الإيجابيات والسلبيات يعكس العمل الذي يقوم به المدير الفني، تشافي، الذي يضطر لتقديم بعض التنازلات الخططية والتكتيكية لتحقيق النجاح على المدى القصير.
ومن المؤكد أن تشافي نجح في تطوير مستوى ونتائج برشلونة منذ توليه المسؤولية في نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
وقد تولى تشافي قيادة فريق يعاني من الفوضى داخل الملعب، كما كان النادي ككل يعاني من أزمة مالية طاحنة.
وكانت ذكريات الهزائم الأوروبية المذلة تؤرق عشاق النادي بشكل خاص: الانهيار الشديد أمام ليفربول في عام 2019؛ والخسارة المذلة أمام بايرن ميونيخ بثمانية أهداف مقابل هدفين في العام التالي؛ والهزيمة بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد على ملعبه أمام باريس سان جيرمان في عام 2021. وعندما تولى تشافي المسؤولية، كان برشلونة يبدو غير قادر تماما على منافسة الأندية القوية.
لكن الصورة تغيرت الآن. وعلى الرغم من فشل تشافي في الاستمرار في المنافسات الأوروبية، إلا أنه نافس على الأقل! لم يكن برشلونة محظوظا لأنه وقع في مجموعة قوية للغاية في دوري أبطال أوروبا إلى جانب بايرن ميونيخ وإنتر ميلان وودع المسابقة من الدور الأول، قبل أن يلعب في بطولة الدوري الأوروبي ويودعها أيضا بعد الخسارة أمام مانشستر يونايتد في مجموع مباراتي الذهاب والعودة، لكنه كان ندا قويا للنادي الإنجليزي.
وفي الدوري الإسباني الممتاز، حقق الفريق 12 انتصارا في 13 مباراة ويسير بخطى ثابتة نحو الحصول على لقب الليغا للمرة الأولى منذ أربع سنوات، ويرجع الفضل في ذلك بشكل أساسي إلى تحسن خط دفاع الفريق الذي لم تهتز شباكه سوى ثماني مرات فقط في أول 23 مباراة.
وكانت هذه القوة الدفاعية مهمة للغاية خلال الأسابيع الأخيرة على وجه التحديد، لأن الفريق واجه مشاكل هجومية كبيرة ولم يعد قادرا على هز شباك المنافسين كما كان الأمر في السابق.
عاد روبرت ليفاندوفسكي – الذي قدم مستويات مثيرة للإعجاب في بداية الموسم – من كأس العالم وهو مرهق للغاية وبعيد عن مستواه تماما، ويغيب عن المباريات الآن بداعي الإصابة، إلى جانب الجناح الفرنسي عثمان ديمبلي، الذي كان يقدم مستويات جيدة لكن غير ثابتة.
ويقدم فيران توريس أداء مخيبا للآمال إلى حد كبير منذ انتقاله لبرشلونة قادما من مانشستر سيتي في يناير/كانون الثاني الماضي، كما يقدم نجم ليدز يونايتد السابق رافينيا مستويات غير ثابتة، بالإضافة إلى تراجع مستوى أنسو فاتي بشكل مثير للقلق بسبب الإصابات.
وتشير الإحصائيات إلى أن برشلونة سجل أكثر من هدف في ثلاث مباريات فقط من مبارياته التسع الماضية بالدوري، لكنه يعتمد على الصلابة الدفاعية والخروج بشباك نظيفة من أجل جمع النقاط.
ويجب الإشادة بتشافي لأنه جعل الفريق يلعب بشكل جماعي وكوحدة واحدة، كما جعله أكثر انضباطا من الناحية الدفاعية، وهو الشيء الذي حققه من خلال الابتعاد – على مضض – عن طريقته المفضلة في اللعب والتي تعتمد على الاستحواذ على الكرة والتمرير القصير واللعب الهجومي.
لقد كان تشافي تلميذا مخلصا لفلسفة “الكرة الشاملة” المستوحاة من يوهان كرويف، وهي الطريقة التي كان يعتمد عليها برشلونة منذ عقود، وعندما تولى مسؤولية العملاق الكتالوني كانت لديه خطة تكتيكية واضحة يسعى لتطبيقها بعد أن أمضى ثلاث سنوات في قيادة نادي السد القطري.
وتعتمد هذه الطريقة على الضغط العالي والمتواصل على حامل الكرة، واللعب في نصف ملعب الفريق المنافس قدر الإمكان، وقيام الأجنحة بالانطلاق للأمام واللعب بجوار خط التماس من أجل خلق مساحة للاعبي خط الوسط للتقدم للأمام وتقديم الدعم اللازم لرأس الحربة، على أن يكون كل هذا مقرونا بانضباط خططي شديد وتمركز صحيح في جميع أنحاء الملعب لخلق التفوق العددي على المنافس.
كانت هذه هي النظرية الأساسية لتشافي، لكن تطبيقها على أرض الواقع كان صعبا بسبب الثغرات التي يعاني منها الفريق.
أولا، لا يملك تشافي جناحا ناحية اليسار. لقد بدأ تشافي الموسم معتمدا على كل من ديمبلي ورافينيا وكان يغير المراكز بينهما، فتارة يلعب أحدهما ناحية اليمين والآخر ناحية اليسار والعكس، لكن هذه الطريقة لم تؤت ثمارها لأنهما لا يجيدان اللعب ناحية اليسار. ولم يشارك ديمبلي ورافينيا معا في التشكيلة الأساسية لبرشلونة سوى مرتين فقط منذ أكتوبر/تشرين الأول.
كما يفتقر الفريق إلى ظهير أيمن. لقد تعاقد برشلونة مع هيكتور بيليرين للعب خصيصا في هذا المركز، لكنه لم يقنع تشافي أبدا، ثم انتقل إلى سبورتنغ لشبونة في يناير/كانون الثاني.
ونتيجة لذلك، يضطر تشافي للاعتماد على سيرجي روبرتو – الذي يفضل إشراكه في خط الوسط – وجول كوندي، الذي انتقل لبرشلونة الصيف الماضي قادما من إشبيلية كمدافع ولكن تم تغيير مركزه للعب ناحية اليمين في أغلب الأحيان، لسبب بسيط وهو أن تشافي لا يملك لاعبا آخر قادرا على اللعب كظهير أيمن.
وكانت النتيجة أن يلعب النادي بتشكيلة غير متكافئة بشكل غريب، حيث يتقدم الظهير الأيسر أليكس بالدي (أو جوردي ألبا) إلى الأمام للقيام بواجباته الهجومية، في ظل وجود محوري ارتكاز في وسط الملعب (سيرجيو بوسكيتس وفرينكي دي يونغ) خلف اثنين آخرين يقومان بدور صانع الألعاب (جافي وبيدري)، بينما يقدم الجناح الأيمن (ديمبلي) الدعم الهجومي لرأس الحربة (ليفاندوفسكي).
وعلى الرغم من أن هذه التشكيلة الغريبة قد حققت النتائج المرجوة في بعض الفترات – وإن كان ذلك بفضل الصلابة الدفاعية ولحظات التألق الفردية من جانب بعض اللاعبين – إلا أنها لم تنجح في تطبيق الخطط التكتيكية التي يفضل تشافي الاعتماد عليها.
وفي الآونة الأخيرة، بدأ الفريق يعاني بشدة في النواحي الهجومية بسبب غياب بيدري وديمبلي وليفاندوفسكي – أهم ثلاثة لاعبين في الشق الهجومي – بسبب الإصابة، في الوقت الذي يبدو فيه لاعبون آخرون مرهقين. ويعاني لاعبون مثل توريس ورافينيا وسيرجي روبرتو وفرانك كيسي من تراجع واضح في المستوى، وحتى الصلابة الدفاعية التي كان يتحلى بها الفريق لم تعد كما كانت.
لقد خسر برشلونة مباراتين خارج ملعبه في غضون أربعة أيام – أمام مانشستر يونايتد وألميريا – وهو ما أدى إلى تراجع ثقة اللاعبين في أنفسهم قبل ثلاث مباريات للكلاسيكو أمام ريال مدريد في غضون شهر واحد: مباراتي الذهاب والعودة للدور نصف النهائي لكأس ملك إسبانيا (2 مارس/آذار و5 أبريل/نيسان)، ومباراة الدوري في 19 مارس/آذار.
وسيكون ريال مدريد، الذي سيلعب على ملعب ووسط جماهيره، متحمسا للغاية في مباراة الذهاب يوم الخميس – خاصة وأنه يسعى لتعويض الجماهير عن الأداء السيء الذي قدمه في كأس السوبر أمام برشلونة في يناير/كانون الثاني.
لقد أثبت ريال مديد، بقيادة مديره الفني المخضرم كارلو أنشيلوتي، أمام ليفربول الأسبوع الماضي أنه يمكنه التغلب على أي فريق، ويبدو برشلونة الآن أكثر ضعفا من أي وقت آخر هذا الموسم.
وإذا تمكن ريال مدريد من تحقيق نتيجة مماثلة هذا الأسبوع، فستبدأ أجراس الإنذار تدق بقوة في كتالونيا!
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.