هذه المسارات يرصدها محلل سياسي متخصص في الشؤون السياسية الإفريقية، لموقع “سكاي نيوزعربية”، كما يلفت محلل آخر إلى الأسباب التي تدفع روسيا في المقابل لإبقاء المجموعة في “القارة السمراء”، ضمن الصراع الروسي الأميركي على النفوذ بداخلها.
وتؤشر تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الإثنين الماضي، إلى أن فاغنر ستواصل عملياتها في مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى رغم الشقاق الذي وقع بين قائدها يفغيني بريغوجين وموسكو.
4 مسارات أميركية للتحرك
وفق المحلل السياسي التشادي المتخصص في الشؤون الإفريقية جبرين عيسي، فإنه حتى لو أدى التمرد لتغير قيادة المجموعة، لكن هدف واستراتيجية المصالح الروسية المتعلقة بعملها لن تتغير. وعلى هذا فإن الاستراتيجية التي تتبناها واشنطن منذ يناير الماضي، تهدف إلى التخلص من نفوذ فاغنر في إفريقيا عبر4 مسارات:
- المسار الأول تقديم الدعم السياسي لدول في إفريقيا بعد اجتماع قادة دول القارة مع الرئيس الأميركي جو بايدن ديسمبر الماضي، وأكدت واشنطن على أن وجود فاغنر غير مرغوب فيه.
- المسار الثاني هو تقديم واشنطن إغراءات مالية للدول التي يوجد بها المجموعة الروسية، والإدارة الأميركية رصدت 57 مليار دولار لدعم التنمية في إفريقيا، وجزء من تقديم الدعم المالي يرتبط بإنهاء فاغنر هناك. على سبيل المثال، طلبت واشنطن من رئيس إفريقيا الوسطى، فاوستين أركانج تواديرا، التخلص من فاغنر وعلاقته مع روسيا مقابل تقديم مساعدات اقتصادية، ومنحته 6 أشهر من أجل إنهاء هذه العلاقة، ولكن “تواديرا” رفض العرض المغري.
- المسار الثالث هو فرض عقوبات على الشركات والحكومات التي تتعاون مع فاغنر، في حالة لم تقطع علاقتها معها. وقد فرضت الخزانة الأميركية بالفعل، الأربعاء الماضي، عقوبات على منظمات في جمهورية أفريقيا الوسطى بسبب صلتها بفاغنر، بجانب إدراج مواطن روسي كان يعمل كمدير من جانب فاغنر في مالي على قائمة العقوبات.
- المسار الرابع هو الاستهداف العسكري لهذه المجموعة، ولكن هذا الاستهداف سيكون عبر طرف ثالث.
لماذا تستمر فاغنر في إفريقيا؟
من غير الواضح ما إذا كان زعيم فاغنر يفغيني بريغوزين، الذي انتقل من روسيا إلى بيلاروسيا، سيظل يدير مجموعته من هناك لتمكينها من الاستمرار في مهماتها في جمهورية إفريقيا الوسطى وليبيا ومالي والكاميرون “بشكل غير معلن” بحسب جبرين.
,وانسحاب فاغنر من إفريقيا لا يبدو خيارا مطروحا اليوم على طاولة الحكومة الروسية، كما يرى المحلل السياسي التوغولي محمد مادي غاباكتي، ويرجع ذلك إلى:
- استراتيجية فاغنر العملياتية على مدى العامين أو الثلاثة أعوام الماضية تتمثل في توسيع بصمتها العسكرية والاقتصادية في إفريقيا، لعدة أهداف، من صمنها استمرار حصولها على التمويل من بوابة السيطرة على ثروات الدول العاملة فيها.
- فاغنر كيان يروج لأجندة الدولة الروسية، وهما مرتبطان ارتباطا وثيقا؛ لذلك لن تنهي موسكو عمل المجموعة في إفريقيا، بل قد نشهد مزيدا من تواجدها هناك.
- إعادة هيكلة أنشطة فاغنر تبدو حتمية من أجل مواصلة الاستراتيجية الروسية في إفريقيا.
وكجزء من صفقة لإنهاء التمرد، قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمقاتلي فاغنر ثلاثة خيارات: إما الانضمام إلى الجيش الروسي، أو الذهاب إلى بيلاروسيا مثل بريغوزين، أو العودة إلى الوطن.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت هذه الخيارات تنطبق أيضا على مقاتلي فاغنر في إفريقيا.
وفاغنر، التي اشتهرت بداية في أوكرانيا عام 2014 لدعم روسيا في ضم شبه جزيرة القرم، تعاظم دورها في حرب أوكرانيا المندلعة منذ فبراير 2022 ، وتعمل أيضا في حوالي 30 دولة لمصلحة موسكو، وهو ما يشير إلى أهمية المجموعة في السياسية الخارجية لموسكو.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.