في أول يوم له في منصبه، أوفى تينوبو بوعده الانتخابي وأعلن إنهاء الترتيبات طويلة الأمد التي أتاحت للنيجيريين الحصول على البنزين بسعر رخيص.
فعلى الرغم من أنها تعد أكبر اقتصاد في القارة وهي غنية بالنفط، ما زالت قدرة التكرير لدى نيجيريا محدودة. وظلت لسنوات تبيع النفط الخام وتشتري البنزين الذي توفره بسعر مدعوم لسوقها المحلي، مما تسبب في استنزاف الإيرادات والعملات الأجنبية وساهم في تضخم الديون، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.
لم ينجح أي من أسلاف تينوبو في التخلص من هذا النظام الذي يتمتع بشعبية كبيرة وظل عبئا على الخزانة العامة لعقود. ففي العام الماضي، أنفقت البلاد أكثر من 96 في المئة من إيراداتها على خدمة ديونها.
بعد تنصيبه الاثنين، قال تينوبو “انتهى دعم الوقود”. ومن ثم، تضاعف سعر البنزين ثلاث مرات إلى حوالى 540 نايرا (1,20 دولار) في محطات الوقود التي تديرها الحكومة، الأربعاء، فيما يكافح النيجيريون لتدبر معيشتهم في ظل تضخم يزيد على 20 في المئة.
لكن المحللين يعتقدون أن تينوبو أجرى حسابات سياسية ضرورية لاتباع خطى الإدارة السابقة والتخلص التدريجي من دعم الوقود.
“أفضل توقيت”
قال توند أجيلاي من شركة الاستشارات النيجيرية “إس بي إم” إنها كانت “مسألة وقت فقط قبل أن يوقفوا الدعم… من الناحية الاقتصادية، كان قرارا سليما ومنطقيا. أما سياسيا، فهو قرار حساس… لكنه أفضل توقيت للقيام بذلك. بنهاية فترة هذه الحكومة، سيكون الناس قد نسوا الأمر”.
وأضاف أجيلاي أن لدى الرئيس الآن فرصة لإدخال إصلاحات على مدى السنوات الأربع المقبلة لتخفيف تبعات ذلك.
كانت المشكلة الرئيسية في خطة الدعم أنها تركت مجالا واسعا للاختلاس عبر قيام أشخاص بتزوير مستندات للحصول على إعانات لمنتجات لم يستوردوها مطلقا. وكان يمكن أن يلجأ آخرون إلى شراء وقود رخيص في نيجيريا وبيعه بأسعار أعلى في البلدان المجاورة.
قال أجيلاي إن هذا “يفسر سبب ارتفاع الاستهلاك اليومي في نيجيريا”.
بعد إعلان رفع الدعم، ساد الارتباك حول موعد دخول الإجراء حيز التنفيذ، وتسبب التغيير المفاجئ على ما يبدو في حالة من الذعر.
قال أبيومي أديبايو، أستاذ الاقتصاد بجامعة أوبافيمي أوولوو في إيفي، شمال شرق لاغوس، إن هذه الخطوة ستوفر على المدى الطويل مليارات الدولارات وتشجع الاستثمار وتقلل الضغط على سوق الصرف الأجنبي.
تفيد أرقام البنك الدولي أن أكثر من 80 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر في نيجيريا. تنفق الدولة على دعم الوقود أكثر مما تنفقه على قطاعات متعثرة مثل الصحة والتعليم، وأوصى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بإنهاء الدعم لتعزيز التنمية.
خطوة مكلفة
توقع أديبايو إنه سيكون هناك “ارتفاع في التضخم على المدى القصير”، لكنه شدد على أهمية رؤية الصورة الأكبر قائلا إنه “أمر صعب لأن الناس أكثر قلقا بشأن المكاسب الفورية”.
وقال أيضا إن الدعم لم يعد بأي فائدة على أفقر سكان البلاد.
البنك الدولي أيضا قال من جانبه إنه من الناحية العملية، “يشتري الفقراء في نيجيريا ثلاثة في المئة فقط من إجمالي حجم البنزين المدعوم”. فقد استفاد من الدعم بشكل أساسي النيجيريون الميسورون الذين يمتلكون سيارات ويمكنهم تحمل تكلفة البنزين كل يوم.
على مدى العقد الماضي، حاولت السلطات إلغاء الدعم عدة مرات، لكنها اضطرت إلى التراجع في مواجهة الغضب العام الذي أذكته النقابات. حتى أن الجيش اشتبك مع متظاهرين احتجاجا على أسعار الوقود في عام 2012.
رفضت مجموعة من النقابات العمالية تحت مظلة مؤتمر العمال النيجيري NLC الإعلان الأخير ودعت إلى سحبه. وقالت النقابة إنه إذا رفضت شركة البترول الوطنية النيجيرية المحدودة بحلول السابع من يونيو التراجع عن قرارها بزيادة أسعار البنزين، فإن مؤتمر العمال سيتوقف عن تقديم الخدمات و”سيبدأ احتجاجات في جميع أنحاء البلاد حتى يتم الامتثال لذلك”.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.