تصاعد الضغوط الخارجية والداخلية على إدارة بايدن لتسليم كييف «إف – 16»
تصاعدت الضغوط على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن؛ لتسليم أوكرانيا طائرات مقاتلة من طراز «إف-16»، التي تصر كييف على حاجتها الشديدة لها، لإنجاح هجومها المضاد المتوقع. ولا تقتصر حملة الضغط الجديدة والمكثفة من حلفاء الولايات المتحدة، بل من مشرعين أميركيين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، الذين وجهوا، الأربعاء، رسالة صيغت بلهجة حادة، تحض الرئيس على حسم أمره لتسليم تلك الطائرات، رافضين الحجج التي يتمسك بها لمنع هذا التسليم.
ومع إعلان بريطانيا عن تدريب طيارين أوكرانيين على قيادة طائرات مقاتلة حديثة، التي سرعان ما حذت بلجيكا حذوها، قائلة إنها يمكنها أيضاً تدريب الطيارين، تصاعد الزخم لحض واشنطن على السماح، على الأقل كخيار التفافي، لطرف ثالث بالقيام بهذه الخطوة، من الحلفاء الذين يمتلكون هذه الطائرات، ويستعدون لاستبدالها بالجيل الجديد، من طائرات «إف-35».
وفيما يتوقع أن تثار هذه القضية على جدول أعمال قمة مجموعة السبع المنعقدة في اليابان، يتوقع أيضاً أن تحظى بمناقشات أوسع في قمة حلف «الناتو» في فيلنيوس عاصمة ليتوانيا في يوليو (تموز) المقبل أيضاً. وكان أمين عام الحلف ينس ستولتنبرغ قد أعلن على هامش اجتماع، الشهر الماضي، لمجموعة الاتصال الدفاعية الأوكرانية في قاعدة «رامشتاين» الجوية بألمانيا: «هناك نقاش مستمر أيضاً حول أنواع أخرى من الطائرات».
وقال كبار مسؤولي البنتاغون باستمرار إنهم لا يعتقدون أن طائرات «إف-16»، هي ما تحتاجه أوكرانيا في هذه المرحلة من الصراع. وخلال جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب قبل أسابيع، قال رئيس مكتب شؤون الأمن الدولي في البنتاغون، سيليست والاندر، إن التركيز ينصب على الأولويات الأوكرانية لهذه المعركة، في حين أن الطائرات تحتل المرتبة الثامنة من القائمة. وقال البنتاغون إن أولويات أوكرانيا هي: الدفاع الجوي، والمدفعية، والمركبات الآلية، والمدرعات. غير أن تلك الادعاءات أثارت في الأيام الأخيرة حفيظة العديد من المشرعين الأميركيين، من الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
ونقلت صحيفة «بوليتيكو» عن النائب الديمقراطي مارسي كابتور، عضو مجموعة الضغط الداعمة لأوكرانيا في مجلس النواب الأميركي، قوله، إنه يجب النظر في تسليم الطائرات الحربية. وقال: «بالنسبة للأوكرانيين، هذه إحدى أولوياتهم القصوى». «كل شخص يأتي لزيارتنا من أوكرانيا يذكر طائرات (إف-16)». ويوم الأربعاء انضم النائب كابتور، إلى 12 نائباً جمهورياً وديمقراطياً؛ للضغط مرة أخرى على إدارة بايدن لإرسال الطائرات.
ووجه المشرعون رسالة صيغت بلغة أكثر حدة، سعت على وجه التحديد، لدحض حجج الإدارة معارضتها تسليم الطائرات. وكتبوا: «بكل احترام، هذه أسباب مصطنعة وخاطئة»، مشيرين إلى حجة الإدارة بأن الطائرات ليست على رأس قائمة أولويات أوكرانيا. وقالت الرسالة: «يمكن للولايات المتحدة أن تقدم لأوكرانيا مساعدة عسكرية فورية للدفاع عن نفسها ضد التقدم الروسي، واستعداداً لهجوم الربيع المتوقع، وفي الوقت نفسه، تزويدها بقدرات تفوق جوي طويل المدى». وهو ما اعترف به في وقت سابق الجنرال كريستوفر كافولي، قائد القوات الأميركية في أوروبا، في جلسة استماع أمام الكونغرس قبل أسابيع، قائلاً «إن (إف-16)، إلى جانب صواريخ وطائرات من دون طيار طويلة المدى، ستساعد أوكرانيا على التحكم في أجوائها».
وعلى الرغم من عدم قيام أي دولة أوروبية بتقديم طلب رسمي للولايات المتحدة بالموافقة على تسليم «إف-16» حتى الآن، لكن يتوقع أن يحصل ذلك في وقت قريب، قبيل قمة «الناتو»، التي سيحضرها بايدن مع كبار مسؤولي إدارته. ومن بين الدول المرشحة لتقديم هذه الطائرات: هولندا، وبلجيكا، وبولندا، والدنمارك، التي تمتلك مخزوناً منها، وتستعد لاستبدالها بطائرات «إف-35».
ومن جانب آخر، صدرت إنذارات من غارات جوية في جميع أنحاء الأراضي الأوكرانية في ساعة مبكرة من صباح الخميس، وحذر الجيش من ضربات صاروخية روسية محتملة على مناطق واسعة تمتد من كييف إلى وسط البلاد وجنوبها. وبعد ساعة من إطلاق الإنذارات، طالبت قناة القوات المسلحة الأوكرانية على «تلغرام» سكان العاصمة بالبقاء في الملاجئ. وصدرت إنذارات لمجموعة من المناطق الأخرى، بما في ذلك جيتومر إلى الغرب من العاصمة وكيروفوهراد، وتشيركاسي ودنيبروبتروفسك في وسط أوكرانيا. وسمع شاهد من «رويترز» في كييف دوياً من وحدات مضادة للطائرات. وهناك أيضاً تقارير عن انفجارات في مدن رئيسية أخرى دون أن يتأكد مصدرها.
وأكّد الجيش الروسي، الخميس، أنه دمّر كل أهداف ضرباته الليلية في أوكرانيا، بعدما أعلن سلاح الجو الأوكراني أنه أسقط 29 من 30 صاروخاً أطلقتها موسكو. وقالت وزارة الدفاع الروسية: «دُمّرت كل الأهداف المحدّدة»، لكن لم تحدد موسكو الأهداف التي تعرضت للقصف، لكنها اكتفت بالقول إنها استهدفت «مستودعات كبيرة من الأسلحة والمعدات الأجنبية، وكذلك احتياطيات العدو».
وتأتي هذه السلسلة التاسعة من الضربات الصاروخية الروسية التي تستهدف العاصمة كييف خصوصاً منذ بداية مايو (أيار) في وقت تقول فيه كييف إنها تنهي تحضيراتها لشنّ هجوم مضاد واسع النطاق لإخراج القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية.
خلال هذا «الهجوم الليلي» الأخير، نجحت القوات الأوكرانية في تدمير «33 هدفاً جوياً – 29 صاروخاً و4 مسيّرات»، كما قال قائد القوات الجوية الأوكرانية ميكولا أوليشتشوك. وقالت الإدارة المدنية والعسكرية في كييف إن الهجمات التي تشنها القوات الروسية منذ مطلع مايو «غير مسبوقة في قوتها وشدّتها وتنوّعها». وأضافت أن قاذفات استراتيجية روسية أطلقت من منطقة بحر قزوين صواريخ كروز، بينما حلّقت مسيرات استطلاع فوق العاصمة في وقت لاحق. وقالت الإدارة المدنية والعسكرية في كييف إن «كل أهداف العدوّ رُصدت ودُمّرت في المجال الجوي لكييف».
وأعلن رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو اندلاع حريق في شركة بعد سقوط حطام، من دون تسجيل إصابات. في ميناء أوديسا على البحر الأسود، قُتل شخص وجرح اثنان آخران خلال هجوم على موقع صناعي، بحسب متحدث باسم الجيش.
وذكر الجيش الأوكراني أن زخة الصواريخ التي أطلقتها روسيا أثناء الليل تضمنت 30 صاروخاً من بينها صواريخ كروز من البحر والجو والبر، وأن طائرتين مسيرتين هجوميتين من طراز «شاهد» إيراني الصنع، ومسيرتين للاستطلاع، دمرت. وتحدث الجيش عن هجمات بـ«صواريخ كروز» في منطقة فينيتسيا بوسط البلد، فيما أشارت وسائل إعلام محلية إلى حدوث انفجارات في خميلنيتسكي على بعد 100 كيلومتر تقريباً غرباً. وقال الجنرال فاليري زالوجني، القائد الأعلى للقوات المسلحة الأوكرانية، في بيان على تطبيق «تلغرام» للتراسل: «أسقطت جميع الأهداف فوق كييف».
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.