تشهد العديد من كبرى المدن والبلدات المغربية منذ شهور احتجاجات على موجة غلاء غير مسبوقة تجتاح الأسواق منذ حوالي العام.
احتجاجات على الأوضاع
وسجل خروج وازن لمظاهرات نهاية الأسبوع الماضي في كل من تطوان وطنجة في الشمال والرباط والدار البيضاء ومكناس في وسط البلاد، إضافة الى مراكش وأغادير جنوبا. وندد المتظاهرون بالأوضاع الاجتماعية “المزرية” واستشراء الريع والتهميش، وغلاء المعيشة. ورفعوا لافتات تدين عجز الحكومة عن مواجهة الأزمة وتطالب بإجراءات جدية لإنقاذ القدرة الشرائية للمواطنين.
وكانت الجبهة الاجتماعية، التي تضم أكثر من ثلاثين تنظيما حقوقيا ونقابيا وسياسيا، قد دعت للتظاهر ضد غلاء المعيشة، تزامنا مع ذكرى احتجاجات 20 فبراير. وجاء في بيان صادر عن الجبهة أن “الأوضاع المعيشية تفاقمت نتيجة غلاء أسعار المحروقات وكل المواد الأساسية لدرجة غير مسبوقة في تاريخ المغرب، وسط غياب أي إجراء حكومي من شأنه أن يخفف من وطأة المعاناة التي تعيشها الأسر المغربية”.
وشهد المغرب، على مدى الأشهر القليلة الماضية، ارتفاعا كبيرا في أسعار الوقود تلته ارتفاعات صاروخية أخرى لأسعار المواد الغذائية من خضر وفواكه ولحوم ودواجن وأسماك وبيض وزيوت وغيرها.
وطالب المحتجون الحكومة بالتدخل للحد من ارتفاع الأسعار، وحماية الوضع المعيشي للفئات الهشة والمعوزة من المواطنين. ورفعوا شعارات تنتقد تجاهل الحكومة الحد من انتشار الريع ووقف الامتيازات وقطع دابر الفساد المالي. كما طالبت لافتات أخرى بإطلاق سراح صحافيين ومدونين ونشطاء رهن الاعتقال منذ مدد طويلة بسبب أرائهم.
اكتفاء ذاتي من الخضر ومعظم الفواكه
وطبقا لإحصائيات رسمية تمكن المغرب منذ سنوات، كونه بلدا زراعيا، من تغطية نسبة 100% من احتياجاته من الخضر والفواكه. كما أنه يتمتع بثروة سمكية كبيرة جعلت منه أحد كبار المصدرين الرئيسيين في العالم لسمك “السردين”. وتشير تلك الأرقام إلى أن ثروة الصيد البحري في المغرب تشمل أكثر من 500 نوع من السمك، وهو ما يضع المغرب في المرتبة الأولى إفريقياً والثالثة عشرة عالمياً، من حيث حجم إنتاج الأسماك.
ومع ذلك ظلت أسعار هذه المواد الغذائية والمنتجات الزراعية الأغلى في السوق المغربية مقارنة بأسواق الدول المغاربية الأخرى. فما السبب وراء ارتفاع الأسعار في الأسواق الداخلية.؟
“موجة برد أثرت في إنتاج الطماطم”
عزت الحكومة المغربية هذا الارتفاع لقلة الأمطار في الموسم الماضي وارتفاع أسعار المحروقات والأسمدة واستمرار موجة البرد، طبقا لتصريحات لرئيس الحكومة عزيز أخنوش. وتسوق الحكومة ضمن تبريراتها تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية على أوكرانيا.
“التصدير هو السبب”
الا أن جمعيات إنتاج وتصدير الفواكه والخضر تقول إن السبب الرئيسي هو تزايد الطلب الأوروبي والبريطاني على بعض المنتجات الزراعية المغربية مثل الطماطم. ونتيجة ارتفاع صادرات الطماطم المغربية ارتفع سعرها في السوق الداخلية الى 1.20 دولارا أمريكيا للكيلو الواحد وأصبحت خارج متناول الطبقة الفقيرة وجزء من المتوسطة.
وقبل أن يقفز سعر الطماطم من سعره العادي 0.38 دولار للكيلو، نددت المعارضة في البرلمان باستمرار ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية وطالبت وزير الفلاحة بضمانات الحفاظ على الأمن الغذائي للمغاربة. فرد عليها الوزير محمد صديقي حينها، بالقول إن “الحكومة تبذل قصارى جهدها لخفض أسعار الخضراوات” وذكر الوزير أنه أبرم اتفاقا مع المنتجين لإعطاء أولوية للسوق المحلية بدل التصدير”.
ارتفاع مستمر للأسعار
غير أن أسعار الطماطم وغيرها من المنتجات الغذائية من بطاطس وبصل وجزر وزيت زيتون – وهي التي تشكل الغذاء الأساسي للطبقات الاجتماعية الهشة – لم تقف عن حد ما كان يتصوره الوزير. فاستمرت الشركات المصدرة للخضر والفواكه في بيع منتجاتها لاوروبا وافريقيا ضاربة عرض الحائط بالامن الغذائي لعموم المغاربة. وأصبح التصدير يشكل أولوية على الاستهلاك الداخلي، في وقت ارتفع فيه الطلب الاوروبي على المنتجات المغربية.
مضاربون وسماسرة
وإضافة الى توجيه حصة كبيرة من الانتاج الوطني لاسواق اوروبا، يقول منتقدو الحكومة المغربية انها تغض الطرف في ارتفاع الأسعار عن المضاربين والسماسرة والوسطاء المنتشرين بالأسواق متجاهلة اختلالات سلسلة التوزيع. ويقول مهنيون في قطاع الزراعة إن المضاربين والمحتكرين في المغرب يستفيدون من ضعف مراقبة الأسعار من طرف الأجهزة الرقابية الحكومة سواء على المستوى المركزي أو المحلي.
وفي غياب نقاش حقيقي في البرلمان أو على وسائل الاعلام الرسمية حول أسباب الوضع المعيشي الصعب الذي تواجهه فئات واسعة من المجتمع المغربي، يحذر المغاربة عبر وسائل التواصل الاجتماعي من أن ضائقة الوضع المعيشي لم تعد تحتمل وأن تبريرات مثل الجفاف والبرد وغلاء البذور والمحروقات لم تعد مقبولة وأن على الحكومة ورئيسها أن يجدا حلا لمعضلة ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية في الأسواق.
هل تدخلت الحكومة المغربية بحزم كاف لضبط أسعار المواد الغذائية؟
لماذا تمتنع الحكومة عن فتح نقاش حول الأسباب الحقيقية لارتفاع الأسعار؟
هل خرجت أسعار المواد الغذائية في المغرب عن سيطرة الحكومة؟
إلى أي مدى يمكن للفئات الهشة في المغرب الصبر على الضائقة المعيشية على أمل أن تنتهي؟
هل يتعرض الأمن الغذائي للمغاربة لخطر ما بفعل سياسة الأولوية للتصدير؟
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الأربعاء 22 فبراير/ شباط 2023
خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على nuqtat.hewar@bbc.co.uk
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم المشاركة بالرأي على الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها:https://www.facebook.com/NuqtatHewarBBC
أو عبر تويتر على الوسمnuqtqt_hewar@
كما يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.