إلا أن مكانة الدولار الأميركي باتت في دائرة التهديد في الآونة الأخيرة، وذلك مع تزايد المحاولات الرامية إلى الاستغناء عنه في معاملات شراء الطاقة دوليا.
روسيا، وهي أكبر المتضررين من الدور الرئيس للدولار الأميركي في التجارة العالمية بسبب العقوبات، باتت واحدة من الدول التي تقود الجهود الرامية إلى الابتعاد عن العملة الخضراء بالمعاملات التجارية، وذلك عن طريق استخدام العملات الوطنية المحلية لسداد مبيعات الطاقة.
الروبل الروسي واليوان الصيني هما العملتان الأكثر أهمية في نظر موسكو.
أكبر المستفيدين من هذه الخطوة، وهي الصين، تحاول هي الأخرى تعزيز دور بورصة شنغهاي في إجراء التسوية على معاملات النفط والغاز باليوان الصيني.
جهود إقصاء الدولار الأميركي من صدارة المشهد شهدت بعض التقدم، إذ تراجعت حصة الدولار من الاحتياطيات النقدية الأجنبية للدول، من 72 بالمئة في عام 1999 إلى 58 بالمئة في 2023، وفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي.
بالمقابل، الدولار يتربع دون منازع على عرش تداولات التجارة العالمية والمعاملات الدولية، فهو يشكل يستحوذ وحده على نحو 88 بالمئة من تداولات العملات الأجنبية على مستوى العالم.
وعلى مستوى التجارة، يستحوذ الدولار على نحو 40 بالمئة من حصة عمليات المدفوعات بالتجارة العالمية، فيما لا تزال نسبة اليوان عند 2.7 بالمئة.
ما يعزز من أهمية الدولار هو حجم السيولة الضخم، إذ أن القيمة المتوقعة لصادرات النفط في 2023 يتصل إلى 2.7 تريليون دولار، ولا يوجد أي عملة في العالم بالسيولة الكافية لتسوية هذه المعاملات.
محاولات إقصاء الدولار تمضي، فهل من المبكر الحديث عن انتهاء حقبة الدولار الأميركي؟
المدير الأول في مركز الطاقة العالمي التابع للمجلس الأطلسي، لاندون ديرناز، قال في مقابلة خلال حلقة “عالم الطاقة” الأسبوع الجاري إن الأسواق في قطاع الطاقة لها دور كبير في تحديد مكانة الدولار.
وأشار إلى أن دولا مثل الصين والسعودية والبرازيل باتت تفكر استخدام عملات أخرى، إلا أن هذا لن يكون على حساب الدولار بشكل كبير في بداية الأمر.
وأضاف ديرناز أنه خلال العقدين الماضيين كان هناك أحاديث كبيرة في الولايات المتحدة، حول دور قطاع الطاقة في التأثير على دور الدولار في المعاملات الدولية، خاصة في ظل تنامي قوة الصين والهند.
“لا أعتقد أن الدولار سيفقد كثيرا من وزنه أو أهميته”، بحسب ديرناز، والذي أوضح أن 60 بالمئة من حجم الاقتصاد العالمي يعتمد على الدولار، فضلا عن الاعتبارات الجيوسياسية.
وأكد أن 90 بالمئة من احتياطيات البنوك المركزية هي بالدولار الأميركي، وبالتالي فالحديث حول تنامي قوة عملة أخرى لا يعني تراجع قوة الدولار، فالموردين، بحسب ديرناز، لا يزالون في حاجة إلى الدولار، كما أن الصين تحتاج إليه.
“لا يوجد بديل للدولار”، كما أكد المدير الأول في مركز الطاقة العالمي التابع للمجلس الأطلسي، لأن اليوان لا يجذب العديد من المتعاملين رغم قوة الاقتصاد الصيني.
وأضاف: “نحتاج إلى العديد من الأطر المستدامة والتشريعات والضوابط لكي ينمو الاعتماد على اليوان. إذا سيصعب الحفاظ على العالم الرأسمالي الليبرالي المفتوح قائما في ظل الاعتماد على اليوان”.
وأكد أنه على الرغم من تنامي قوة اليوان، إلا أنه بعيد تماما عن استبدال الدولار.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.