واقترحت الشيوعية والناشطة في مجال حقوق المرأة كلارا زيتكن جعل هذا اليوم يوماً عالمياً، وليس مجرد يوم وطني، وعرضت فكرتها عام 1910 في مؤتمر دولي للمرأة العاملة عُقد في مدينة كوبنهاغن الدنماركية. وكان في ذلك المؤتمر 100 امرأة قَدِمْنَ من 17 دولة، وكلهن وافقن على الاقتراح بالإجماع.

واحتفل باليوم العالمي للمرأة لأول مرة عام 1911، في كل من النمسا والدنمارك وألمانيا وسويسرا. وجاءت ذكراه المئوية عام 2011 – لذا فنحن نحتفل هذا العام باليوم العالمي للمرأة رقم 112. وأصبح الأمر رسمياً عام 1975 عندما بدأت الأمم المتحدة بالاحتفال بهذا اليوم واختيار موضوع مختلف له لكل عام؛ وكان أول موضوع للاحتفال تبنته المنظمة الدولية عام 1996 يدور حول “الاحتفاء بالماضي، والتخطيط للمستقبل”.

وأصبح اليوم العالمي للمرأة موعداً للاحتفال بإنجازات المرأة في المجتمع وفي المجالات السياسية والاقتصادية، في حين أن جذوره السياسية تقوم على فكرة الإضرابات والاحتجاجات المنظمة لنشر الوعي حول استمرارية عدم المساواة بين الرجال والنساء.

لم يكن ببال كلارا تخصيص يوم بعينه ليكون يوم المرأة العالمي. ولم يتم تحديد ذلك إلى أن جاء إضراب في زمن الحرب العالمية الأولى وكان ذلك عام 1917، وحينها طالبت نساء روسيات “بالخبز والسلام”. ومع دخول الإضراب يومه الرابع، أجبر القيصر على التخلي عن الحكم، ومنحت الحكومة المؤقتة النساء حق التصويت.

وكان التاريخ الذي بدأ فيه إضراب النساء حسب التقويم الرومي (اليولياني)، والذي كان مستخدماً في روسيا آنذاك، هو يوم الأحد 23 فبراير/شباط، والذي يصادف 8 آذار/مارس في التقويم الميلادي الغريغوري وهو اليوم الذي يحتفل به في الوقت الحالي.

البنفسجي والأخضر والأبيض هي ألوان الاحتفال بهذا اليوم، وفق موقع حملة اليوم العالمي للمرأة.

وتقول حملة يوم المرأة العالمي: “اللون البنفسجي يرمز إلى العدالة والكرامة، أما الأخضر فيرمز إلى الأمل، ويمثل اللون الأبيض النقاء وإن كان مفهوماً مثيراً للجدل. وكان الاتحاد الاجتماعي والسياسي للنساء في المملكة المتحدة هو أول من استخدم رمز هذه الألوان في عام 1908.

نعم، هناك بالفعل يوم للرجل ويصادف يوم 19 نوفمبر/تشرين الثاني، ولكنه لم يعتمد إلا في تسعينيات القرن العشرين، كما أن الأمم المتحدة لا تعترف به. ويتم الاحتفال به في 80 من دول العالم، بما فيها المملكة المتحدة.

تركز احتفالات ذلك اليوم على “القيم الإيجابية التي يقدمها الرجال للعالم ولأسرهم ولمجتمعاتهم”، على حد قول المنظمين، ويهدف إلى إلقاء الضوء على الرجال الذين يمثلون قدوة حسنة، ونشر الوعي بصحة الرجل، وإلى تحسين العلاقات بين الجنسين.

وكان موضوع اليوم العالمي للرجل عام 2021 “علاقات أفضل بين الرجال والنساء”.

يعد اليوم العالمي للمرأة يوم عطلة وطنية في كثير من الدول، بما في ذلك روسيا التي تتضاعف فيها مبيعات الزهور في الأيام الثلاثة أو الأربعة التي تسبق 8 آذار/مارس.

وفي الصين، تحصل نساء كثر على إجازة لنصف يوم في 8 مارس/آذار، وفقا لتوجيه مجلس الدولة.

أما في إيطاليا، فيحتفل باليوم العالمي للمرأة، المعروف بـ (la festa della Donna)، بتبادل أزهار الميموزا. وأصل هذا التقليد غير معروف، ولكن يعتقد أنه بدأ في روما بعد الحرب العالمية الثانية.

وفي الولايات المتحدة الأمريكية، يعتبر شهر مارس/آذار شهر تاريخ المرأة، ويصدر إعلان رئاسي كل عام يحتفي بإنجازات المرأة الأمريكية.

اختارت الأمم المتحدة موضوع “المساواة بين الجنسين اليوم من أجل غد مستدام” لاحتفالات عام 2022. موقع اليوم العالمي للمرأة على الإنترنت – الذي يقول أنه مصمم ليكون بمثابة “منصة تساعد في إحداث تغيير إيجابي للنساء” – اختار شعار #BreakTheBias أو إنهاء التحيزات، ويدعو الناس إلى تخيل “عالم خال من التحيز والتنميط والتفرقة”.

في العام الماضي، ناضلت النساء في العديد من البلدان مثل أفغانستان وإيران وأوكرانيا والولايات المتحدة من أجل حقوقهن وسط الحرب والعنف والتغييرات السياسية في بلدانهن.

في أفغانستان، أدت عودة حركة طالبان الأفغانية إلى السلطة إلى تغيير حياة ملايين النساء، إذ منعت الفتيات والنساءمن إكمال الدراسة الثانوية والجامعية، والعمل في معظم الوظائف، والسفر لمسافات طويلة دون مرافق من الذكور، وأمرت الحركة النساء بتغطية وجوههن في الأماكن العامة.

وفي إيران، اندلعت الاحتجاجات بعد وفاة الشابة مهسا أميني البالغة من العمر 22 عاماً والتي اعتقلتها شرطة الأخلاق في العاصمة طهران في 13 سبتمبر/ أيلول عام 2022 بزعم عدم التزامها بقواعد اللباس الإيرانية.

منذ ذلك الحين، استمرت المظاهرات في جميع أنحاء البلاد للمطالبة بحقوق أفضل للمرأة وتغيير القيادة السياسية الحالية، فأصبح شعار الاحتجاجات تحت عنوان “المرأة، الحياة، الحرية”. واعتبرت السلطات الإيرانية هذه الاحتجاجات على أنها “أعمال شغب” وردت بالقوة على المحتجين، حيث لقي أكثر من 500 شخص حتفهم جرّاء ذلك.

وأفاد تقرير الأمم المتحدة في أعقاب غزو القوات الروسية لأوكرانيا في 24 فبراير/ شباط عام 2022، أن الفجوات بين الجنسين في انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية والفقر وتزايد العنف القائم على النوع الاجتماعي قد تفاقمت داخل أوكرانيا وحول العالم بسبب ارتفاع الأسعار ونقص الأسعار بسبب الحرب.

وفي 24 يونيو/ حزيران عام 2022، ألغت المحكمة العليا الأمريكية قانون “رو ضد ويد” ، وهو تشريع تاريخي يحمي حق الإجهاض للنساء الأمريكيات، مما تسبب في احتجاجات واسعة النطاق ومظاهرات في الولايات المتحدة. وسعى عدد من النساء الأمريكيات للحصول على دعم لإنهاء الإجهاض من أشخاص في المكسيك، حيث صدر حكم تاريخي في عام 2021 يقضي على نحو فعال بعدم تجريم الإجهاض.

في المملكة المتحدة، أشعلت جريمة قتل الشابة سارة إيفيرارد على يد ضابط شرطة النقاشات حول سلامة النساء من جديد.

كما تتواصل الآثار السيئة على حقوق المرأة التي نتجت عن وباء كورونا. وفقا للتقرير الدولي حول الفجوة الجندرية في عام 2021 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، ارتفع الوقت اللازم لسد الهوة بين الجنسين على مستوى العالم من 99.5 عام إلى 135.6 عام، أي بمعدل جيل بأكمله.

أظهرت دراسة أجرتها الأمم المتحدة عام 2021 وشملت 13 دولة أن 45 في المئة من النساء، أي حوالي واحدة من بين كل سيدتين، ذكرن أنهن أو سيدات أخريات يعرفوهن تعرضن لشكل من أشكال العنف خلال وباء كوفيد-19. يشمل ذلك الإساءات غير الجسدية والإساءات اللفظية والحرمان من الموارد الأساسية.

وعلى الرغم من المخاوف من فيروس كورونا ، نُظمت مسيرات حول العالم بمناسبة اليوم العالمي للمرأة في عام 2021.

في المكسيك، حولت جماعات حقوق المرأة السياج المعدني الذي نصب لحماية القصر الوطني إلى نُصب تذكاري مرتجل لضحايا قتل الإناث.

أما في بولندا، فقد نظمت النساء عبر أنحاء البلاد مسيرات في أعقاب تطبيق حظر شبه كامل على الإجهاض في يناير/كانون الثاني عام 2021.

على الرغم من ذلك، كان هناك تقدم في السنوات القليلة الماضية في مجال حقوق المرأة. ففي نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2022، أقر البرلمان الأوروبي قانونًا بعد معركة استمرت 10 سنوات لضمان تمثيل المزيد من النساء في مجالس إدارة الشركات المتداولة علنًا بحلول يوليو/ تموز عام 2026 حيث صرّح البرلمان الأوروبي قائلا “إن هناك الكثير من النساء المؤهلات لشغل الوظائف العليا ومع قانوننا الأوروبي الجديد، سوف يكون لدى النساء فرصة حقيقية لشغل هذه الوظائف”.

وفي الوقت نفسه، تم تحديث قوانين إجازة الوالدين في أرمينيا وكولومبيا. وأقرت إسبانيا قوانين لدعم الإجازة الصحية للحيض وتوسيع نطاق الوصول إلى الإجهاض.

هذا وأعلنت اللجنة الأولمبية الدولية أن دورة الألعاب الأولمبية الشتوية بكين 2022 تُعد أكثر دورات الألعاب الشتوية توازنا بين الجنسين، إذ شكّلت النساء نسبة بلغت 45 % من الرياضيين. وعلى الرغم من عدم تحقيق التكافؤ بين الجنسين، إلا أن الإرشادات الجديدة قد عززت تحقيق توازن أكبر للرياضة النسائية.

وتم توسيع نهائيات كأس العالم للسيدات في هذا العام 2023، بمشاركة 36 فريقًا. وقبيل المنافسة توصل الاتحاد الأمريكي لكرة القدم إلى اتفاق تاريخي يقضي بدفع أجور فرق الرجال والسيدات على قدم المساواة، مما جعله الأول في الرياضة الذي يعد كلا الجنسين بالمال المماثل، حيث رفعت اللاعبات عددًا من دعاوى المساواة في الأجور والدعاوى القضائية، ودافعن عن قضيتهن لأكثر من خمس سنوات.

كما شهدنا في السنوات القليلة الماضية تقدماً كبيرا، لا سيما فيما يتعلق بزعامة المرأة.

فقد شهد عام 2021 تنصيب كمالا هاريس كأول امرأة وأول امرأة سوداء وأول أمريكية من أصل آسيوي تصبح نائبة لرئيس الولايات المتحدة.

في نفس العام، أدت سامية سولوهو حسن اليمين الدستورية كأول سيدة تتولى منصب الرئاسة في تنزانيا، في حين تولت النساء في كل من استونيا والسويد وساموا وتونس منصب رئاسة الوزراء للمرة الأولى في تاريخ تلك البلدان. وفي يناير/كانون الثاني عام 2022، أصبحت زيومارا كاسترو أول سيدة تتولى الرئاسة في هوندوراس.

في عام 2021، أقرت نيوزيلندا منح النساء (وشركائهن في الحياة) إجازة مدفوعة الأجر في حال فقدانهن للجنين أثناء الحمل، أو في حال وضعهن لطفل وافته المنية. وفي عام 2020، جرم السودان ختان الإناث.

ومن يستطيع أن ينسى تأثير حملة “مي تو” (أنا أيضا) التي بدأت في عام 2017 ، مع انتشار هاشتاغ على وسائل التواصل الاجتماعي، تتحدث من خلاله النساء عن تجارب التحرش والاعتداء الجنسي. فهي الآن ظاهرة عالمية متنامية، ولا تزال تسلط الضوء على السلوك غير المقبول وغير اللائق وأدت إلى إقناع العديد من الشخصيات والجهات البارزة حول العالم بالوقوف مع قضايا المرأة.

في يناير/كانون الثاني عام 2022، حكم على أستاذ جامعي مغربي بالسجن عامين بتهم “هتك العرض بالعنف” و”التحرش الجنسي” بعد أن كسرت طالبات جامعيات حاجز الصمت وأبلغن عن قيامه بابتزازهن جنسيا مقابل إعطائهن تقييمات مرتفعة، فيما عرف إعلاميا بقضية “الجنس مقابل النقط”. يشار إلى أن سلسلة من فضائح مماثلة أضرت بسمعة الجامعات المغربية في الأعوام الأخيرة.

وشهد العام الماضي تطورات تتعلق بالإجهاض في عدة بلدان. في فبراير/شباط عام 2022، ألغت كولومبيا تجريم الإجهاض خلال الأسابيع الأربعة والعشرين الأولى من الحمل. في غضون ذلك، تم تقييد حقوق الإجهاض في بعض الولايات الأمريكية، وحظرت ولاية تكساس إجهاض الجنين في الأسابيع الستة الأولى من الحمل.