التصريحات الصينية الأخيرة حول الوضع في الشرق الأوسط، سبقها تنسيق بين موسكو وبكين، خلال زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتي انتهت منذ ساعات، حيث دعا الرئيس الصيني، إلى بذل “جهود” صينية روسية لحماية “العدالة الدولية”، وأشاد أمام الرئيس الروسي بالثقة “المتزايدة” بين الصين وروسيا.
وبحسب خبراء، يتعزز التقارب الصيني الروسي في الآونة الأخيرة وبصورة متسارعة، لا سيما مع استمرار الحرب في أوكرانيا، فضلًا عن ما تبذله الدولتان من جهودِ لأجل لعب أدوار دولية رئيسة في قطاع غزة لإيقاف الحرب الإسرائيلية التي دخلت أسبوعها الثاني.
أزمة غزة
يرى أولكسندر فومين الباحث بمركز قضايا الأمن التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أن زيارة الرئيس فلاديمير بوتين إلى بكين، جاءت في ظل ارتفاع منسوب التوتر الدولي وحالة من السخونة في الأحداث تشهدها منطقة الشرق الأوسط على خلفية الحرب المستمرة بين حركة حماس والجيش الإسرائيلي.
ويُضيف أولكسندر فومين، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن الزيارة المُعد لها مسبقًا تزامنت مع تصعيد دبلوماسي روسي على خط الأزمة الفلسطينية، ومطالبة الكرملين بوقف فوري لإطلاق النار والتحرك في مجلس الأمن.
ويؤكد أولكسندر فومين، أن الدور الصيني والروسي في أزمة فلسطين يبقى مرهونًا بالمساحة المتروكة من الغرب لـ “اللاعبين الكبيرين” الدخول على مسرح “الحل” وتنحية أسباب الصراع والعمل على وقف إطلاق النار.
كما تسعى موسكو وبكين للعب دور دبلوماسي يخفض التصعيد الإسرائيلي في غزة، وهو ما ظهر جليًا في قيام الدولتين بإفشال اجتماع لمجلس الأمن الدولي كان هدفه إدانة عملية “طوفان الأقصى” التي قادتها حركة حماس.
عالم متعدد الأقطاب
الرئيس الروسي تحدث مرارًا وتكرارًا عن عالم دولي متعدد الأقطاب بعيدًا عن هيمنة واشنطن والغرب، وهنا يقول الأكاديمي الروسي في السياسة الدولية ديميتري فيكتوروفيتش، أن هدف موسكو واضح في تلك الجزئية وهي عدم انفراد الغرب والولايات المتحدة بمصير القضايا الدولية والأزمات.
ويُضيف ديميتري فيكتوروفيتش أن معظم الأزمات التي انفردت بها واشنطن تأزمت لمدة سنوات ولم يتم حلها، والدليل الأزمة الفلسطينية ومُعدل العنف الذي اتضح في تلك المنطقة خلال الأيام الماضية يثبت فشل واشنطن الذريع في حل الأزمات، على حد قوله.
ورغم رفض مجلس الأمن الدولي لمشروع القرار الروسي حول أحداث غزة والهدنة الإنسانية، يؤكد فيكتوروفيتش، أن روسيا والصين خرجتا من المعركة الدبلوماسية والسياسية بدعمهما غزة “منتصرتان”، لا سيما، أن بكين وموسكو زادت من حظوظهما السياسية والدبلوماسية في الأوساط السياسية العربية وأمام الرأي العام الداخلي في منطقة الشرق أوسطية باعتبارهما ضمن رعاة السلام والحريصين على حياة المدنيين العزل.
وتابع: “بينما تزداد أطر الرفض لسياسات الولايات المتحدة التي صوتت إلى جانب (بريطانيا وفرنسا واليابان) ضد مشروع القرار الروسي، وامتنعت (ألبانيا والبرازيل وغانا ومالطا وسويسرا والإكوادور) عن التصويت”.
وفند فيكتوروفيتش، عدة تحركات روسية وصينية خلال الأيام الماضية حول تلك الأزمة في الشرق الأوسط.
- الخارجية الصينية دعت إلى مؤتمر سلام دولي لوقف العنف في غزة وهو ما لقي ترحيبًا واسعًا بدعم روسي.
- جددت موسكو مخاوفها مرارًا من توسيع التصعيد في المنطقة في ظل وجود حاملتي طائرات أميركيتين بشواطئ إسرائيل.
- تسعى بكين وموسكو إلى تحقيق التوازن بين العلاقات الوثيقة مع إسرائيل وجهودهما الدبلوماسية الأوسع لكسب حلفاء في العالم العربي وعلى نطاق أوسع اتضح ذلك في سلسلة اتصالات من بوتين بقادة المنطقة بما فيهم رئيس وزراء إسرائيل.
- ويرى فيكتوروفيتش، أن روسيا تهتم في الوقت الحالي بالحصول على الدعم لحربها المستمرة في أوكرانيا، وتتطلع الصين إلى بناء تحالف أوسع من الدول النامية لتوسيع نفوذ بكين وتعزيز جهودها للتنافس مع الولايات المتحدة على الساحة العالمية.
حرب أوكرانيا
الصراع الممتد لنحو عام ونصف بين روسيا وأوكرانيا، كان من الملفات الرئيسية خلال لقاء الرئيسان، بحسب واتلينغ كودراخيين، متخصص الشؤون الدولية بالجامعة الوطنية أوديسا، الذي أكد أن الطرفان لهم هدف مشترك وهو كما يعلنون “كسر ما يسمى الهيمنة الأمريكية”.
ويوضح واتلينغ كودراخيين، خلال تصريحاته لموقع “سكاي نيوز عربية”، أنه رغم إعلان الصين تبنيها موقفا محايدًا من أزمة روسيا وأوكرانيا، إلا أنها رفضت إدانة الحرب الروسية في أوكرانيا، كما أنها تلعب دورا آخر غير معلن بإمداد موسكو بالأسلحة والدعم الدبلوماسي والسياسي في مشروعات قرارات مشتركة في مجلس الأمن.
ويُضيف الباحث الأوكراني، أن الصين وروسيا تشكلان تكتلًا ضد الغرب عالميًا، ورغم أنه في الذكرى الأولى على اندلاع الحرب الروسية نشرت وزارة الخارجية الصينية، مقترحا من 12 بندا لتحقيق السلام في أوكرانيا، معظم تلك البنود في صالح الروس.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.