هل يواصل “المركزي الأوروبي” رفع الفائدة بعد الصيف؟
أخبار العالم

هل يواصل “المركزي الأوروبي” رفع الفائدة بعد الصيف؟



وبحسب تقرير نشرته صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، فإن صانعي السياسة في البنك المركزي الأوروبي ينقسمون حول المدة التي سيحتاجون خلالها لمواصلة رفع أسعار الفائدة إلى ما بعد اجتماع السياسة المقبل لمعالجة التضخم المرتفع، ومن بين أبرز التعليقات التي أبرزت ذلك الانقسام:

* رئيس البنك المركزي الألماني يواكيم ناغل: لا تزال هناك “طريق طويلة لنقطعها” للوصول إلى هدف التضخم للبنك المركزي البالغ 2 بالمئة، حتى بعد أن رفع واضعو أسعار الفائدة سعر الفائدة على الودائع بمقدار الربع. وبالتالي “قد نحتاج إلى الاستمرار في رفع أسعار الفائدة بعد العطلة الصيفية”.

* في حين اتفق أعضاء المجلس الآخرون على أن تكاليف الاقتراض الرسمية قد تحتاج إلى الاستمرار في الارتفاع إلى ما بعد سبتمبر، إلا أن محافظ البنك المركزي الفرنسي فرانسوا فيليروي دي جالو عارض هذا الاتجاه المتشدد بشكل متزايد.

* فيليروي: “لا ينبغي لأحد أن يتسرع في التوصل إلى نتيجة مبكرة بشأن تقويمنا، ولا بشأن سعر الفائدة النهائي لدينا.. تُحركنا البيانات، ولسنا مدفوعين بالتوقعات”، مشيرًا إلى إشارات على أن التضخم في منطقة اليورو ربما يكون قد بلغ ذروته وأن “ضغوط الأسعار الأساسية تنخفض” كدليل على أن تشديد البنك المركزي الأوروبي للسياسة مؤخرًا كان يعمل.

* رئيس البنك المركزي البلجيكي بيير وونش: إذا استمر التضخم الأساسي، الذي يستبعد أسعار الطاقة والغذاء المتقلبة، في الارتفاع بمعدل سنوي يبلغ حوالي 5 بالمئة فسنزيد أسعار الفائدة إلى ما بعد سبتمبر.

* رئيس البنك المركزي السلوفيني، بوشتيان فاسلي: إن رفع سعر الفائدة في سبتمبر كان ممكنًا “إذا اتضح أن التضخم أكثر ثباتاً مما يبدو في الوقت الحالي”.

وحذر صندوق النقد الدولي، في وقت سابق، من التضخم “المرتفع باستمرار” في منطقة اليورو، ودعا إلى مزيد من الزيادات في أسعار الفائدة ، قائلاً إن ذلك سيكون ضروريا خلال “فترة مستدامة”.

وقال صندوق النقد الدولي في تقرير عن اقتصاد الكتلة، إنه يجب على الدول الأعضاء في منطقة اليورو أيضًا كبح جماح عجز ميزانياتها.

عقبات تواجه النمو

من جانبه، يقول الرئيس التنفيذي لمركز كوروم في لندن، طارق الرفاعي، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن هناك انقساماً داخل البنك المركزي الأوروبي حول الاستمرار في رفع أسعار الفائدة، وذلك بالنظر إلى الإشكاليات التي تواجه النمو الاقتصادي في هذه المنطقة، لا سيما في ألمانيا التي وقعت في مرحلة الركود.

ويوضح أن النمو الاقتصادي في فرنسا ودول أوروبية أخرى “بطيء جداً”، وبما يلقي ظلاله على السياسات المالية و النقدية المتبعة، وبالتالي ثمة انقسام بشأن تلك السياسات المتبعة من جانب المركزي الأوروبي.

ويشير الرفاعي إلى أن الخلاف حول ما إذا كان المركزي الأوروبي سيستمر في رفع الفائدة مع تباطؤ النمو، وفي ضوء ارتفاع معدلات التضخم التي لا تزال عند مستويات مرتفعة عند مستوى الـ 6 بالمئة بالمجموعة.

وبينما انخفض التضخم في منطقة اليورو من ذروة 10.6 بالمئة في أكتوبر الماضي إلى 6.1 بالمئة في مايو، فإنه لا يزال أعلى بكثير من هدف البنك المركزي البالغ 2 بالمئة.

تُظهر التوقعات الفصلية الجديدة للبنك المركزي الأوروبي، أن المسؤولين يتوقعون أن يظل المعدل الرئيسي للتضخم والمعدل الأساسي الذي يتم مراقبته عن كثب أعلى من 2 بالمئة حتى العام 2025 على الأقل. وكان المعدل الأساسي 5.3 بالمئة في مايو.

ودفعت التوقعات المتشددة الاقتصاديين في عديد من البنوك الكبرى، بما في ذلك غولدمان ساكس وجيi بي مورغان وبين إن بي باريبا إلى تغيير رهاناتهم بشأن كيفية ارتفاع أسعار الفائدة في منطقة اليورو. وهم يتوقعون الآن زيادتين إضافيتين في أسعار الفائدة، أعلى من التوقعات السابقة بأن البنك المركزي سيوقف دورة التضييق في يوليو.

ونقل تقرير “فاينانشال تايمز” عن كبير الاقتصاديين الأوروبيين في بنك غولدمان ساكس، سفين جاري ستين، قوله: “تشير توقعات التضخم المحدثة إلى وجود عقبة أكبر لإنهاء دورة التنزه في يوليو”.

كما نقل التقرير عن كبير الاقتصاديين في بنك بيرنبرغ الألماني، هولجر شميدنج، قوله “إذا استمر التضخم الأساسي في التراجع قليلاً في الأشهر المقبلة -كما نتوقع- وإذا كانت البيانات المتعلقة بالاقتصاد الحقيقي أكثر تماشياً مع دعوتنا لتحقيق نمو بنسبة 0.3 بالمئة فقط في العام 2023، سيبقى البنك المركزي الأوروبي على الأرجح في سبتمبر”.

معدلات التضخم

من جانبها، تشير المدير المؤسس لبرنامج الدراسات الأوروبية بجامعة فيكتوريا، آمي فيردون، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى أنه:

– في 15 يونيو 2023، رفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة الرئيسية الثلاثة بمقدار 25 نقطة أساس (أي بنسبة 0.25 بالمئة).

– يتوقع معظم المراقبين في السوق أن تكون هناك زيادة مماثلة في يوليو.

– لن يكون هناك قرار في أغسطس، ولكن القرار التالي لمجلس الإدارة سيكون في سبتمبر، وليس من الواضح في الوقت الحاضر ماذا سيكون هذا القرار.

وتشير فيردون إلى أن مهمة المركزي الأوروبي الأساسية تتمثل في الحفاظ على استقرار الأسعار، والذي حدده بأنه تضخم بنسبة 2 بالمئة على المدى المتوسط، وسيقرر البنك المركزي الأوروبي ما إذا كان يمكن تحقيق هذا الهدف بناءً على البيانات المتاحة.

وتضيف: “لا يزال سبتمبر بعيداً، وبالتالي سينظر مجلس الإدارة في هذه البيانات قبل أن يقرر ما إذا كان التضخم سينخفض أم لا.. في الوقت الحالي، وفقاً لأرقام يونيو، يتوقع البنك المركزي الأوروبي أن يبلغ معدل التضخم الرئيسي 5.4 بالمئة في العام 2023، و3.0 بالمئة في العام 2024 و2.2 بالمئة في العام 2025.. إذا كان هناك خطر من استمرار التضخم لفترة أطول، وإذا لم يكن من المتوقع حدوث التضخم بما يكفي، سيظل البنك المركزي الأوروبي بحاجة إلى رفع أسعار الفائدة أكثر”.

وتوضح المدير المؤسس لبرنامج الدراسات الأوروبية بجامعة فيكتوريا، أن “البنك المركزي الأوروبي يعتمد على شرعيته ومصداقيته على أساس تفويضه، وإذا كان غير قادر على الحفاظ على استقرار الأسعار، فقد يفقد تلك الشرعية والمصداقية”، مشددة على أن “التضخم مشكلة يجب التعامل معها، وقد تم إنشاء النظام القانوني للاتحاد الأوروبي الذي يحتاجه البنك المركزي الأوروبي للقيام بهذه المهمة”.

وتقول إن السبب في وجود نقاش داخل مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي هو أنه من خلال زيادة أسعار الفائدة بشكل أكبر (خاصة إذا أوقفت البنوك المركزية الأخرى الزيادة الإضافية في أسعار الفائدة)، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من التباطؤ. كما قد بدأ التضخم في الانخفاض بالفعل في ألمانيا، أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي.

وتشير في الوقت نفسه إلى معضلة تراجع النشاط الاقتصادي في أوروبا، موضحة أنه إذا كان سعر الفائدة مرتفعاً جداً، فقد يدفع الاقتصاد إلى الركود أكثر أو لفترة أطول. هناك أيضاً خطر أنه إذا كان التضخم مرتفعاً لفترة أطول، فإن معدلات الرهن العقاري عند تجديدها لفترات محددة تترك للمستهلكين حصة أكبر من دخلهم لمدفوعات الرهن العقاري. كما سيطالب الموظفون بأجور أعلى والتي بدورها يمكن أن تجعل التضخم على المدى المتوسط أكثر صعوبة في العودة إلى 2 بالمئة. لذلك، من المهم أيضاً أن يستمر البنك المركزي في الإشارة إلى استعداده لزيادة أسعار الفائدة أكثر إذا لزم الأمر.

وتختتم تصريحاتها قائلة: “من غير الواضح اليوم ما إذا كان ذلك يعني أن المركزي في سبتمبر بحاجة إلى زيادة أسعار الفائدة أكثر أو التوقف مؤقتاً”.

في وقت سابق من هذا الشهر، قرر كل من البنك الاحتياطي الفيدرالي وبنك اليابان عدم زيادة أسعار الفائدة ولكن بنك كندا قام برفع أسعار الفائدة. وهكذا تباعد البنك المركزي الأوروبي عن الولايات المتحدة هذا الشهر. ومع ذلك، فقد يحتاج إلى مزيد من التشديد في سبتمبر إذا استمر التضخم وإذا جاءت البيانات مختلفة عما كان متوقعاً، بحسب ما قالته فيردون.





المصدر


اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *