قضية كنو… مركز التحكيم يوجه لكمة جديدة لـ «آراء القانونيين»
مرة تلو الأخرى، تتساقط الآراء القانونية في القضايا الرياضية أمام القرارات الرسمية، مما يفتح باب التساؤلات حول مؤهلات وقدرات السواد الأعظم من القانونيين والمحامين في الأندية السعودية.
ومؤخراً خسر النصر احتجاجه ضد قانونية مشاركة محمد كنو مع فريقه الهلال في المواجهة التي جمعت بينهما ديسمبر (كانون الأول) الماضي وانتهت 2 – 2 ليصادق مركز التحكيم الرياضي على قرار لجنة الانضباط برفض الاحتجاج.
ويعتبر مركز التحكيم الرياضي أعلى مراحل التقاضي في الأمور الرياضية بالسعودية، وهو مركز ينطوي تحت مظلة اللجنة الأولمبية السعودية، وهو الجهة العليا والحصرية للفصل في المنازعات الرياضية والمنازعات ذات الصلة بالرياضة عن طريق التحكيم أو الوساطة.
ولجأ النصر إلى التقاضي في مركز التحكيم الرياضي السعودي بعد رفض احتجاجه في لجنة الانضباط وتأييد لجنة الاستئناف لقرار الانضباط، ليطلب الفريق العاصمي تحكيماً مُعجلاً في القضية التي ترتبط بمسار تحقيق لقب الدوري السعودي للمحترفين.
وأصدر مركز التحكيم الرياضي السعودي مساء يوم الجمعة قراراً برفض احتجاج النصر بالإجماع من المحكمين وتمت المصادقة على قرار لجنتي الانضباط والاستئناف بالاتحاد السعودي لكرة القدم بنظامية مشاركة اللاعب.
وتعرض محمد كنو لعقوبة إيقاف من غرفة فض المنازعات لمدة أربعة أشهر على خلفية توقعيه عقدين مع النصر والهلال، بينما تمت معاقبة أزرق العاصمة لعقوبة الإيقاف فترتين من التسجيل.
وشارك محمد كنو مع المنتخب السعودي في نوفمبر الماضي (تشرين الثاني) في نهائيات كأس العالم، التي أقيمت في قطر، قبل أن يعود إلى المشاركة مع فريقه الهلال بدءاً من ديسمبر العام الماضي.
واستند مركز التحكيم الرياضي السعودي في قراره إلى تطبيق لائحة الاحتراف وأوضاع اللاعبين، وأن مشاركة اللاعب كانت سليمة بعد احتساب أيام العقوبة وفق اللائحة «لائحة الاحتراف»، كما أكد القرار إجماع المحكمين على الحكم.
وتضاربت الآراء القانونية حيال قضية اللاعب محمد كنو وأثارت الجدل في الشارع الرياضي السعودي خاصة وسط تأكيدات بعض القانونين بأن القضية سيكسبها النصر وسيضيف نقاط المباراة إلى رصيده، ذاهبين في هذا الرأي إلى لائحة لجنة الانضباط على عكس ما تم النظر فيه «لائحة لجنة الاحتراف».
ويُعيدنا هذا الجدل الدائر إلى أهمية اطلاع القانونيين على الأنظمة والقوانين الرياضية في السعودية عامة وليس في كرة القدم فحسب، خاصة مع التطور الكبير الذي تشهده الرياضة وتضاعف عدد الاتحادات المنطوية تحت لواء اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية.
وبالتأكيد أن التخصص في القانون الرياضي سيكون إضافة لأي من القانونين المتواجدين في الساحة، إلا أن الأهم من ذلك هو الاطلاع الدائم على اللوائح والأنظمة ومواكبة التغيرات المستمرة في لوائح الاحتراف والانضباط في الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) وكذلك الاتحادات المحلية.
وعادة ما تخسر الأندية السعودية الكثير من قضايا النزاعات الدولية في محكمة التحكيم الرياضي (الكاس)، وهي أعلى درجات التقاضي في القضايا الرياضية ذات البعد الدولي.
وتبعات هذه الخسارة للقضايا تثقل كاهل الأندية بملايين الريالات وربما الحرمان من التسجيل أو التعاقدات وذلك لضعف القراءة للمشهد القانوني أحياناً ولارتكاب الأندية هفوات لا يمكن تعديلها، خاصة عند إنهاء العقود أو الإخلال ببنود العقود المتعلقة بصرف الرواتب والمكافآت.
وأمام الدعم اللامحدود للأندية الرياضية في السعودية «استراتيجية الدعم» بات الأمر بحاجة إلى إعادة النظر في الدوائر القانونية للأندية ورفع مستوى وآلية اختيار القانونيين الذين يعملون فيها خاصة مع رفع عدد المحترفين الأجانب وزيادة الألعاب المُدرجة في الأندية، مما يعني زيادة أعداد اللاعبين المحترفين التي ستكون عقودهم بحاجة إلى المراجعة والاطلاع على كافة نقاطها.
وتزخر الساحة السعودية بعدد من القانونيين البارعين في مجالاتهم، كان آخرهم أحمد الشيخي، الذي نجح في قراءة المشهد كاملاً في قضية اللاعب محمد كنو منذ بداية النزاع التعاقدي بين الطرفين، حينما أكد إيقاع العقوبة على فريق الهلال قبل أن يشدد على عدم صحة احتجاج النصر الأخير.
وتناول الشيخي عبر حسابه في «تويتر» بعد نهاية النزاع في القضية الأخيرة عدداً من الأمور التي تساهم في صحة قراءة المشهد القانوني في القضايا الرياضية، مؤكداً: «التأسيس القانوني الأكاديمي وممارسة المحاماة عملياً داخلياً وخارجياً، بالإضافة إلى التدريس والبحث الأكاديمي، واللغة الإنجليزية التي تعين على فهم النصوص والأحكام واستيعابها والخروج باستنتاجات سليمة، الخلفية الرياضية الحيادية والنظر في القضايا بكل موضوعية وبعيداً عن أي ميول (يعمي بصيرتنا)».
وتبرز العديد من الأسماء السعودية القانونية في قائمة المحكمين المعتمدين في محكمة التحكيم الرياضي الدولية (الكاس)، حيث كان آخر هذه الأسماء الشاب أحمد بن مساعد العصيمي، الذي رفع عدد القانونيين السعوديين في القائمة إلى سبعة أسماء، كمحكمين معتمدين في محكمة «الكاس»، التي تُعنى بأدوار تسوية النزاعات المتعلقة بالأنشطة الرياضية.
وتضم قائمة المحكمين المنشورة على موقع «كاس» الإلكتروني، كلاً من سلطان أبا العلا، وأحمد أبو عمارة، وسعيد الزهراني وبندر الحميداني وسلطان الصامل وماجد بن خثيلة.
وبحسب السيرة الذاتية المنشورة بجوار كل مُحكم، فإن سلطان بن فيحان أبا العلا، يحمل شهادة الماجستير في القانون من جامعة إنديانا في الولايات المتحدة الأميركية، ورئيس كلية الحقوق في جامعة الملك عبد العزيز وهو عضو مؤسس في الاتحاد العربي للتحكيم الدولي «السعودية – مصر»
أما المحكم أحمد عيسى أبو عمارة، فهو حاصل على شهادة الماجستير في القانون من جامعة ساوثرن ميثوديست في دالاس – تكساس بالولايات المتحدة الأميركية، عمل رئيساً للشؤون القانونية في اللجنة الأولمبية السعودية، ورئيساً للجنة الاستئناف في الاتحاد السعودي للرياضات البحرية، ورئيس للجنة الاستئناف في الاتحاد العربي للسباحة.
ويعمل سعيد الزهراني عضواً في الهيئة السعودية المحامين، ورئيس لجنة الانضباط في الاتحاد السعودي للرماية وعضواً في لجنة الانتخابات بالاتحاد السعودي لكرة القدم، وعمل مُحكماً رياضياً في مركز التحكيم الرياضي السعودي.
أما بندر الحميداني، فهو حاصل على الماجستير في القانون الرياضي، عمل رئيساً للجنة الانضباط في الاتحاد السعودي لكرة القدم، وعضواً في اللجنة القانونية لاتحاد الخليج العربي، ومُحكماً في مركز التحكيم الرياضي السعودي.
ويعتبر سلطان الصامل محكماً معتمداً في مركز التحكيم الرياضي السعودي منذ 2017، وعمل رئيساً لإدارة الشؤون القانونية للشركة السعودية للمعلومات الائتمانية «سمة».
أيضاً يبرز ماجد بن خثيلة، الذي عمل مديراً تنفيذياً للإدارة القانونية في اللجنة الأولمبية السعودية، وعضواً في اللجنة القانونية في المجلس الأولمبي الآسيوي، وأمين عام المركز السعودي للتحكيم الرياضي.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.