وتشهد السودان معدلات تضخم مرتفعة وصلت إلى 300 بالمئة العام الماضي، وتستهدف الحكومة السودانية مستويات التضخم 25 بالمئة بنهاية هذا العام.
ويعاني عدد كبير من نجوم الكرة المعتزلين في السودان من عدم وجود مصدر دخل مالي وسط دعوات لإنشاء جمعية خاصة لخدمة النجوم السابقين في كرة القدم وغيرها لمواجهة الأعباء الاقتصادية.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي هذه القضية، التي رصدت الوضع الاقتصادي المتأزم لبعض اللاعبين السابقين وكيف تغيرت حياتهم، لا سيما مع تقدم أعمارهم وعدم قدرتهم على العمل.
لاعب المنتخب السوداني والهلال السابق “ياسر رحمة” الذي صال وجال في الملاعب السودانية والأفريقية أحد اللاعبين الذين يعانون من تدهور الحياة المعيشية وعدم وجود مصدر دخل مادي له ولعائلته.
وتطول الأزمة جميع اللاعبين السودانيين المعتزلين، فمنهم من يعمل في مهن حرفية، ومنهم من غادر السودان للبحث عن مخرج لأزمته المالية بعد الاعتزال.
أسباب محنة النجوم وحلولها
نجم فريق الهلال والمنتخب السوداني السابق “عبد العزيز زكريا” الشهير باسم “مانغستو” صرح لـ”اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن سبب هذه المحنة التي يعانيها اللاعبون المعتزلون تتمثل في عدم تفعيل “جمعية قدامى اللاعبين” التي تم تكوينها لدعم احتياجات اللاعبين المعتزلين خصوصًا المرضى منهم والمصابين، مضيفًا أن اتحاد كرة القدم السوداني يجب عليه رعاية لاعبيه المعتزلين لاسيما الذين لعبوا للمنتخبات الوطنية، من خلال التأمين عليهم.
وقدم “مانغستو” حلًا جديدًا للأزمة، يتمثل في إتفاق اتحاد الكرة مع الشركات الكبرى الراعية للكرة السودانية على وضع بند يتم من خلاله دعم هذه الشركات ماليًا للاعبين المعتزلين، مما سينعكس بالإيجاب على الأجيال الجديدة أيضًا.
ورأى نجم الهلال المعتزل، أن اللاعبين المعتزلين عليهم مسؤولية كبيرة وهم سبب في هذه الأزمة، بابتعادهم عن المناصب الإدارية في الأندية والاتحاد السوداني لكرة القدم، معربًا عن دهشته من عدم وجود لاعب واحد في اتحاد الكرة مثل أي اتحاد كرة في العالم.
وأكد “مانغستو” على أن عدم وجود لاعب واحد في الاتحاد يجعل الأمور كلها في يد الإداريين الذين لم يمارسوا كرة القدم، وبالتالي فهم لا يشعرون بمعاناة ومشاكل اللاعبين المعتزلين.
نجم كروي.. عامل بناء
هذا، وكانت قد انتشرت صور لنجم فريق المريخ في حقبة الثمانينيات “منصور سبت” وهو يعمل في بناء المنازل، كعامل بناء بأجر يومي لتوفير ما يعينه على حياته وحياة أسرته، حيث عمل أيضاً قبلها في بيع “قوارير المياه”، لتلبية طلبات أسرته وتدبير مصروفات الجامعة لأولاده.
الأمثلة عديدة وكثيرة ولا تقتصر على كرة القدم فقط، بل تمتد لنجوم سابقين في ألعاب أخرى وهو ما يطرح السؤال: إذا كان هذا حال نجوم كرة القدم الأكثر شهرة فما حال الرياضيين الآخرين الأقل شهرة في ظل التضخم والركود الاقتصادي الذي تعاني منه السودان؟
وفاء الشركة الراعية بتعهداتها
وكانت وكالة الأنباء السودانية ذكرت في الثالث عشر من يناير الماضي أن شركة “كابيتال بلو سبورتس”، الراعي الحصري لأنشطة الاتحاد السوداني لكرة القدم وضعت حداً فاصلاً لأزمتها مع أندية الدوري الممتاز، حيث قامت الشركة في الخطوة الأولى بتسليم الأندية كامل مستحقاتها عن الفترة السابقة، وقامت بشحن المعدات الرياضية الخاصة بأندية الدوري الممتاز حسب العقد الموقع بينها وبين الأندية.
وقامت الشركة الراعية بتسليم أمير محمد خير، عضو المكتب التنفيذي لرابطة أندية الممتاز المبالغ المتبقية من مستحقات الأندية من عقد الرعاية، كما قامت الشركة الراعية بشحن المعدات الرياضية الخاصة بالأندية.
وكانت مسابقة الدوري السوداني الممتاز قد استمرت على مدى أربع سنوات دون وجود أي راعٍ للمنافسة قبل أن ينجح الاتحاد السوداني لكرة القدم في توفير عقد رعاية من شركة “كابيتال بلو سبورتس”.
أين ذهبت المخصصات المالية؟
الكاتب الصحفي السوداني “محمد شمس الدين” قال لـ”اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن الأزمة الاقتصادية في السودان لا تنعكس فقط على قدامى الرياضيين ممن يعانون صحيًا وماديًا نتيجة انعدام الرعاية المطلوبة من المؤسسات التي خدموا فيها، بل حتى الرياضيين الشباب لايجدون اهتمامًا يُذكر.
وأضاف أن علاقة اللاعبين بمؤسساتهم الرياضية ليست على ما يُرام، وهذا وضع مؤسف ومؤلم، يحتاج لعقليات قيادية مختلفة ومؤمنة بالرياضة كصناعة، وباللاعبين كشركاء حقيقيين لإنجاح هذه الصناعة، وهو ما بدأ يحدث في نادي مثل المريخ عن طريق حملة التغيير الجذري الشاملة التي يقودها أيمن أبو جيبين، رئيس النادي.
وكشف الصحفي السوداني أن كل المخصصات المالية التي كانت تُخصص لصالح خزائن الاتحادات الرياضية لتحسين وضعها، كانت تُستنزف وتُصرف في غير مواضعها طوال العقود الماضية دون أدنى مساءلة.
ودعا “شمس الدين” إلى أهمية تفعيل دور جمعية قدامى اللاعبين، ومنحهم مخصصات تعينهم على تحديات ومشاق الحياة الاقتصادية.
موقف الاتحاد السوداني
“اقتصاد سكاي نيوز عربية” تواصلت مع “عاطف السيد” المسؤول الإعلامي في الاتحاد السوداني، لمعرفة موقف الاتحاد من هذه الأزمة، لكنه رفض التعليق على الأزمة دون ذكر أي أسباب.
أرقام
- جاء المنتخب السوداني لكرة القدم في المركز 128 على تصنيف الفيفا العالمي الأخير في يناير الماضي.
- القيمة السوقية للمنتخب السوداني مليون و65 ألف يورو فقط
- أغلى لاعب في القيمة السوقية لا يتخطى مبلغ 200 و 50 ألف يورو وهو المهاجم محمد عبد الرحمن نجم الهلال، ومن بعده يأتي زميليه في فريق الهلال، حارس المرمى علي أبو عشرين، ولاعب خط الوسط المدافع وليد الدين خضير، والقيمة السوقية لكل منهما تبلغ 200 ألف يورو.
- اللاعبون الأعلى قيمة سوقية في الدوري السوداني لاتتخطى عقودهم 400 ألف يورو وهم: الكونغولي “فابريك نغوما” لاعب خط وسط الهلال، ولاعب وسط المريخ الكولومبي “بريان أنغولو” وزميله في المريخ اللاعب البرازيلي “ماثيوزينيو”.
- نادي المريخ هو النادي الأعلى قيمة سوقية في الكرة السودانية بقيمة 3 مليون و65 ألف يورو ويأتي بعده فريق الهلال بقيمة 2 مليون و73 ألف يورو.
- بلغت إيرادات الاتحاد السوداني في ميزانية 2022 مبلغ 2 مليون و 600 ألف دولار، وبلغت قيمة المصروفات 3 ملايين دولار، وبلغ العجز المالي 184 ألف دولار.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.