- جويل غرينبيرغ
- متخصص في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية
وافق البرلمان الإسرائيلي الثلاثاء في قراءة أولى على مشروعَي قانونَين يتعلّقان بالإصلاح القضائي الذي يثير جدلا، على الرغم من احتجاجات شعبية مستمرة منذ أسابيع ضد التشريع.
ودعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، إسرائيل إلى تعليق التعديل، وقال في بيان إن الإصلاح القضائي “سيقوض إلى حد كبير قدرة القضاء على حماية الحقوق الفردية ودعم سيادة القانون”.
من جهته، نتانياهو الدعوة الأممية التي وصفها بأنها “منافية للمنطق”، واعتبر أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة هيئة “غير مجدية”.
ومنذ أسابيع تواجه خطط الحكومة الإسرائيلية اليمينية لإصلاح النظام القضائي في البلاد، والحد من صلاحيات المحكمة العليا، عاصفة من الاحتجاجات والانتقادات التي تشكل تحدياً متزايداً لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وخضعت سياساته، إلى جانب المعارضة المحلية للتغييرات المعتزمة، لتمحيص إدارة بايدن وتدقيقها العام. كما جلبت عليه تحذيرات من شركتي تصنيف ائتماني دوليتين رائدتين، ومن أكبر مصرف في أوروبا، حول إمكانية أن تضرّ الخطوة بالتصنيف الائتماني الدولي لإسرائيل والاستثمار الأجنبي في البلاد.
يواجه نتنياهو داخل إسرائيل احتجاجاً متزايداً من معارضي خطة الإصلاح القضائي، الذين يقولون إنها ستقوض نظام الضوابط والتوازنات في ديمقراطية إسرائيل.
وسيحد التشريع المزمع طرحه هذا الأسبوع من صلاحيات المحكمة العليا في إلغاء القوانين، ويسمح للبرلمان بإعادة سن القوانين التي استبعدتها المحكمة، ويمنح الحكومة السيطرة على تعيين القضاة، ويسمح للوزراء بتعيين المستشارين القانونيين لوزاراتهم.
وستقضي التغييرات المخطط لها فعلياً على الإشراف القضائي على الحكومة، وفقاً لمنتقدي الإصلاح البارزين، الذين يشملون قضاة سابقين في المحكمة العليا، ومدعين عامين، واقتصاديين كباراً والعديد من الإسرائيليين الحائزين على جائزة نوبل.
وكتب يتسحاق زامير، المدعي العام السابق وقاضي المحكمة العليا، في مقال رأي نُشر في 11 شباط/فبراير في صحيفة “هآرتس” الليبرالية اليومية يقول: “الحكومة تدمر الفصل بين السلطات في إسرائيل”.
وقال بما أن البرلمان الإسرائيلي يسيطر عليه الائتلاف الحاكم، الذي يتمتع بأغلبية المقاعد، فقد أدمجت السلطتان التنفيذية والتشريعية بالفعل.
ومع تفويض الحكومة حديثاً بالسيطرة على تعيين القضاة بموجب خطة الإصلاح الشامل، “بدلاً من الديمقراطية القائمة على ثلاثة أفرع مستقلة، قد تتحول إسرائيل إلى ديمقراطية (رسمية) يحكمها فرع واحد… يسيطر عليها إلى حد كبير شخص واحد – رئيس الوزراء”، بحسب ما قاله زامير.
وقال المدعي العام السابق، أفيخاي ماندلبليت، الذي وجه اتهامات لنتنياهو بالفساد، في مقابلة أذيعت في 9 فبراير/ شباط على القناة 12، إن التغييرات التي خططت لها الحكومة “ليست إصلاحا بل انقلابا على النظام”.
وأضاف ماندلبليت: “هذا يعني إلغاء استقلال القضاء”. وسيكون هناك أناس يتمتعون بالولاء الشخصي للحاكم والوزير، ولن يكون الولاء للدولة. هذا هو أخطر شيء يمكن أن يحدث”.
وأثارت التغييرات المقترحة مظاهرات أسبوعية شارك فيها عشرات الآلاف من الإسرائيليين في تل أبيب ومدن أخرى، بالإضافة إلى احتجاجات العمال في قطاع التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل، المحرك الرئيسي لاقتصادها، وطلاب الجامعات والمدارس الثانوية، وقدامى المحاربين في الجيش.
ووقع حوالي 4 آلاف من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات بياناً يدين التغييرات المعتزمة، قائلين إنهم سيوجهون “ضربة قاتلة للديمقراطية الإسرائيلية”.
ونشرت منظمات الفنانين والممثلين رسالة مفتوحة مماثلة لنتنياهو ووزير العدل ياريف ليفين، مهندس خطة الإصلاح.
ودعا منظمو الاحتجاج إلى إضراب عام ومظاهرة حاشدة في الكنيست، البرلمان الإسرائيلي، في 13 فبراير/شباط.
ويواجه نتنياهو أيضاً تحذيرات شركات التصنيف الائتماني الأجنبية التي نبهت إلى تأثير اقتصادي محتمل مضاعف لخطة الإصلاح القضائي.
وأطلق محافظ بنك إسرائيل إنذاراً مماثلاً، إذ حذر نتنياهو من الضرر المحتمل على التصنيف الائتماني لإسرائيل والاستثمارات الأجنبية، وفقاً لوسائل الإعلام المحلية.
ووقع مئات الاقتصاديين الإسرائيليين، ومن بينهم العديد ممن شغلوا في السابق مناصب كبيرة، عريضة تحمل نفس الرسالة، وتحذر من أن صناعة التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل قد تتأثر.
وحذرت شركة الخدمات المصرفية الاستثمارية، جي بي مورغان، في مذكرة صدرت في 2 فبراير/شباط من أن الإصلاح القضائي يمكن أن يشكل “خطراً سلبياً” على التصنيف الائتماني لإسرائيل، ومن المحتمل أن يؤثر في الاستثمار الدولي.
وقارنت الشركة وضع إسرائيل ببولندا، التي أدت التغييرات القضائية فيها إلى خفض تصنيفها الائتماني.
وحذر محلل كبير في وكالة التصنيف الائتماني ستاندارد آند بور في مقابلة مع وكالة رويترز للأنباء في 12 يناير/ كانون الثاني، تحدثت عنها وسائل الإعلام الإسرائيلية، من أن التغييرات القضائية المعتزمة إن أضعفت “الضوابط والتوازنات الحالية” فقد يؤثر ذلك سلباً على التقييم الائتماني لإسرائيل.
كما حذر بنك إتش إس بي سي في تقرير نُشر في 6 فبراير/شباط، من أن خطة الحكومة قد تؤثر سلباً على تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى إسرائيل.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية هذا الشهر أن نتنياهو اتصل بشركات التصنيف الائتماني الدولية والبنوك من أجل إقناعها بأن التغييرات القضائية التي تخطط لها الحكومة لن تضر بالاقتصاد الإسرائيلي.
مخاوف الولايات المتحدة
ويواجه رئيس الوزراء ضغوطاً من واشنطن، التي أعربت عن قلقها العام من التغييرات القضائية المزمعة.
وأشار وزير الخارجية الأمريكية، أنتوني بلينكن، في رحلته الأخيرة إلى إسرائيل عند ظهوره مع نتنياهو أمام الصحفيين بشكل واضح إلى “القيم المشتركة”، مضيفاً أن هذا يشمل “دعمنا للمبادئ والمؤسسات الديمقراطية الأساسية، بما في ذلك احترام حقوق الإنسان، وإقامة العدل على قدم المساواة للجميع، والمساواة في الحقوق بين الأقليات، وسيادة القانون”.
وأضاف بلينكن أن “بناء الإجماع على مقترحات جديدة هو الطريقة الأكثر فعالية لضمان تبنيها”، في إشارة واضحة إلى دفع الحكومة لتمرير تشريعات الإصلاح القضائي على الرغم من الاحتجاجات الشعبية الكبيرة وإدانة معارضي الخطة المتزايدة.
وأكد الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في تعليق لصحيفة نيويورك تايمز نُشر في 12 فبراير/شباط والتقطته وسائل الإعلام الإسرائيلية، أن الديمقراطيات الأمريكية والإسرائيلية “مبنية على مؤسسات قوية، وعلى ضوابط وتوازنات، وعلى قضاء مستقل”.
وأضاف بايدن: “إن بناء توافق في الآراء بشأن التغييرات الأساسية مهم حقا لضمان اقتناع الناس بها حتى يمكن استدامتها”.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.