- إيمان عريقات
- بي بي سي- رام الله
كان يوما صعبا في بلدة النبي صالح شمال غربي مدينة رام الله، والتي عمها الحداد على روح الطفل محمد التميمي ابن العامين، والذي قتل برصاص الجيش الإسرائيلي خلال عملية نفذتها قواته يوم الخميس الماضي، في بلدة كانت قد شهدت كذلك إطلاق مسلحين فلسطينيين النار تجاه مستوطنة مقامة على أراضي قرية النبي صالح.
احتفال تحول إلى عزاء
حمل الأطفال والشباب في بلدة النبي صالح جثمان الطفل محمد التميمي، وشاركوا في جنازة حاشدة عبر فيها الفلسطينيون عن غضبهم ورفضهم لسياسات الاحتلال الإسرائيلي المستمر بقتل الأطفال والمدنيين، وفق تعبير الفلسطينيين الغاضبين. وعُلقت صور الطفل محمد التميمي على مدخل قرية النبي صالح وكل الشوارع المؤدية إلى منزل عائلته، حيث وصل جثمان الطفل لإلقاء النظرة الأخيرة عليه قبل مواراته الثرى في مقبرة البلدة.
ودًعت مروة التميمي ابنها بقبلة على جبينه ومسحت دموعها، لتروي لنا تفاصيل ليلة مقتل ابنها وإصابة زوجها بالرصاص الإسرائيلي خلال ساعات وصفتها بالمفعجة، وأضافت مروة لبي بي سي: “كنا نستعد للذهاب للاحتفال بعيد ميلاد ابنة شقيقتي. توجه زوجي ومعه ابني محمد لبوابة المنزل واستقلا السيارة، في حين بدأ إطلاق نار كثيف. حاولت الوصول إليهما بصعوبة، ووجدتهما غارقين في الدماء”.
وتابعت: “زوجي لم يكن يعلم أنه مصاب بالرصاص في كتفه، لكنه كان يصرخ على ابنه “حموده حموده “! لأكتشف أن محمد أصيب برصاصة في رأسه. نقله الجيش بمروحية إلى مستشفى إسرائيلي ورفض أن أرافق طفلي، لذلك وصلت لاحقا في وقت الفجر إلى المستشفى”.
وأضافت مروة قائلة: “نريد من كل العالم أن يحمينا ونريد حقوقنا الإنسانية بالعيش بأمان، كفى أن نرى أبناءنا يُقتلون أمام أعيننا”. وواصلت مروة التميمي استقبال المعزين.
ويعتبر الطفل محمد أصغر فلسطيني يقتل بالرصاص الإسرائيلي منذ مطلع العام الجاري.
“قتل بالخطأ”
وقال الجيش الإسرائيلي إن جنوده أصابوا مدنيين فلسطينيين بالخطأ خلال ملاحقته مسلحين فلسطينيين، كانوا قد أطلقوا النار الخميس الماضي على موقع عسكري تابع لمستوطنة “نفيه تسوف” قرب بلدة النبي صالح شمال غربي رام الله.
وأعرب الجيش الإسرائيلي عن أسفه لمقتل الطفل محمد التميمي، وفتح تحقيقا للوقوف على تفاصيل الواقعة.
وصفت السلطة الفلسطينية وحكومتها مقتل الطفل محمد التميمي “بالجريمة الإسرائيلية ضد الإنسانية”، وطالبت وزارة الخارجية الفلسطينية بفتح تحقيق دولي عاجل للوقوف على تفاصيل ما حدث مع التميمي، إلى جانب حوادث أسفرت عن مقتل 28 طفلا وقاصرا بالرصاص الإسرائيلي منذ بداية العام، بحسب أرقام وزارة الصحة الفلسطينية.
كما أكدت منظمات حقوق الطفل المحلية والدولية العاملة في الأراضي الفلسطينية أن كل عمليات القتل، التي تمت منذ مطلع العام الجاري بحق أطفال فلسطينيين، لم يكن هناك مبرر إسرائيلي لها، وتمت خلال اقتحامات عسكرية إسرائيلية للقرى والمدن الفلسطينية، دون أي اعتبار لحياة المدنيين الفلسطينيين بمن فيهم الأطفال، وفق تعبير الحركة العالمية للدفاع عن الطفل في الأراضي الفلسطينية.
“غياب المحاسبة”
تحدثت مع عايد أبو قطيش وهو مدير برنامج المساءلة العالمية للدفاع عن الطفل في الأراضي الفلسطينية، وقال لبي بي سي: “إطلاق النار بشكل عشوائي وعدم مراعاة مبادئ القانون الدولي الإنساني من قبل الجنود الإسرائيليين خلال إطلاقهم للرصاص، وغياب المساءلة والمحاسبة لهم بعد اقترافهم للجرائم بموجب الحصانة التي يتمتعون بها، كل ذلك يشكل ضوءا أخضر لإطلاق النار بهدف القتل واستمرار القتل”.
وتشهد الأراضي الفلسطينية تطورات ميدانية توصف بالعنيفة، إذ أسفرت العمليات العسكرية الإسرائيلية عن مقتل أكثر من 158 فلسطينيا في مناطق متفرقة بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية المحتلة، وقطاع غزة منذ بداية العام الجاري وفق أرقام وزارة الصحة الفلسطينية.
كما تشير الأرقام الإسرائيلية الرسمية إلى مقتل 23 إسرائيليا، خلال عمليات فلسطينية ضد أهداف إسرائيلية منذ مطلع العام حتى يومنا هذا.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.