وقد أدرك قطاع الأعمال بشكل متزايد الميزة التنافسية التي توفرها تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما دفع بآلاف الشركات في مختلف الصناعات، إلى تبني حلول هذه التكنولوجيا والاستفادة من العائد الاستثماري الذي توفره.
كل دولار يحقق 3.5 دولارات
ومثلما تقوم الشركات بتخصيص نفقات مالية لتطوير مجالات أعمالها وتنمية عوائدها الاستثمارية، فهي بدأت أيضاً بتخصيص نفقات، تتيح لها تبني حلول الذكاء الاصطناعي في أعمالها، والاستفادة من العوائد الاستثمارية لهذه التقنية، حيث أظهرت دراسة حديثة أجرتها مايكروسوفت، أن كل دولار تستثمره الشركات في تبني حلول الذكاء الإصطناعي، يحقق لها في المقابل 3.5 دولارات في المتوسط، مما يؤكد جدوى الاستثمار بهذه التكنولوجيا.
وهذه النتيجة أتت بعد أن قامت شركة “IDC” للأبحاث وبتكليف من مايكروسوفت، بإجراء دراسة عالمية استطلعت من خلالها آراء أكثر من 2000 شخص، من قادة الأعمال المسؤولين عن الذكاء الاصطناعي في مؤسساتهم، إذ أظهرت الدراسة ايضاً أن 5 بالمئة من المؤسسات في جميع أنحاء العالم، تحقق ما متوسطه 8 دولارات مقابل كل دولار تستثمره في الذكاء الاصطناعي، مشيرة إلى أن الجيل الجديد من الذكاء من هذه التكنولوجيا والمعروف بالذكاء الاصطناعي التوليدي سيساعد في ارتفاع هذا العائد.
وكانت دراسة سابقة أجرتها شركة “ديلويت” قد أظهرت أن أكبر المكاسب التي تحققها الشركات، من تبني تقنيات وحلول الذكاء الاصطناعي، تنتمي إلى خمسة مجالات رئيسية هي: زيادة الإنتاجية، زيادة رضا العملاء، تحسين مشاركة الموظفين، تحسين الربحية، وطرح منتجات وخدمات الجديدة.
ما هو عائد الاستثمار على الذكاء الاصطناعي؟ وكيف يمكن تحقيقه؟
ويقول المدير التنفيذي في شركة VI Markets أحمد معطي، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن قياس عائد الاستثمار (ROI) لتقنيات الذكاء الاصطناعي، يعد أمراً بالغ الأهمية بالنسبة للشركات، فهذه الخطوة تسمح للمؤسسات بتقييم فعالية حلول الذكاء الاصطناعي، التي اعتمدتها وتحديد ما إذا كانت تحقق النتائج المرجوة أو أنها بحاجة لمزيد من التحسينات، كما أنه من خلال قياس عائد الاستثمار، يمكن للشركات اتخاذ قرارات بشأن استثماراتها المستقبلية في هذا المجال.
وبحسب معطي وهو خبير اقتصادي، فإن عائد الاستثمار يقيس الربح أو الخسارة الناتجة عن أمر استثمرنا به أموالنا، ولكن بالنسبة للعائد الناتج عن حلول الذكاء الاصطناعي في المؤسسات فإن الأمر مختلف، ولا يرتبط فقط بتحقيق “ربح نقدي خالص”، بل بالسرعة في إنجاز المهام، فالمبدأ الرئيسي لحلول الذكاء الاصطناعي هو أن تتيح للشركات إتمام أعمالها بشكل اسرع من السابق، فما كان يستغرق أشهراً لإتمامه، بات بالإمكان إتمامه بساعات، وبالتالي يؤدي تبني حلول هذه التكنولوجيا، إلى رفع مستوى الإنتاجية، وتحقيق مزيد من الإيرادات، بما يتوافق مع مبدأ “إن الوقت له كلفته”.
ويشرح معطي أنه يمكن رؤية معرفة العائد على الاستثمار من حلول الذكاء الاصطناعي، عبر تتبع المقاييس الرئيسية التالية:
التوفير في التكاليف
إحدى الفوائد الأساسية لتقنيات الذكاء الاصطناعي هي قدرتها على تحقيق وفورات كبيرة في التكاليف، من خلال تبسيط المهام وتحسين الكفاءة التشغيلية، وإتمام المهام المتكررة دون الحاجة لتدخل بشري، ما يخفّض من تقليل تكاليف العمالة.
زيادة الإيرادات
يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساهم في نمو الإيرادات، من خلال تحسين عمليات البيع، فباستخدام التحليلات والتنبؤات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، يمكن للشركات تحديد كيفية تحقيق إيرادات جديدة، وتحسين استراتيجيات التسعير واستهداف العملاء المناسبين في الوقت المناسب.
قرارات أسرع بكلفة أقل
يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي أتمتة المهام اليدوية، وتبسيط سير العمل ومساعدة الموظفين على اتخاذ القرارات بشكل أسرع، إضافة إلى أنها تساعد في تقليل الأخطاء البشرية، وتحسين جودة الخدمات التي يتم تقديمها، ما يساعد الشركات على تحقيق مستوى إنتاج أعلى بموارد مالية أقل.
رضا العملاء
يعد رضا العملاء محركاً رئيسياً لنجاح الأعمال، ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دوراً مهماً في تعزيزه، فمثلاً يمكن لروبوتات الدردشة والمساعدين الافتراضيين، وأنظمة التوصيات المدعومة بالذكاء الاصطناعي توفير دعم شخصي في الوقت المناسب، مما يحسن التفاعل مع العملاء بما يضمن رضاهم وعودتهم مرة أخرى.
ولفت معطي إلى أنه من المهم ملاحظة أن المقاييس المعتمدة لتحديد عائد الاستثمار (ROI) الناتج عن حلول الذكاء الاصطناعي، قد تختلف اعتماداً على الصناعة، ولكن تتبع ومراقبة المقاييس الرئيسية المذكورة أعلاه وتحليلها، يساعد على فهم ما توفره هذه الحلول من عوائد، رغم أن ذلك ليس بالأمر السهل، ويحتاج لعملية تحليلية دقيقة، تقوم بها عادة الشركات الكبيرة، مثل غوغل وأمازون وغيرها.
عوائد مالية بطريقة غير مباشرة
من جهته يكشف الخبير الاقتصادي إيلي خوري في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إنه مقابل كل دولار يتم إنفاقه على برامج وحلول الذكاء الاصطناعي، باتت الشركات قادرة على توليد ما يصل إلى 4 دولارات بطريقة غير مباشرة، وذلك عبر تخفيض التكاليف ورفع مستوى الإنتاجية، مشيراً إلى أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تعمل على تحسين أداء المؤسسات وإنتاجيتها، عن طريق أتمتة العمليات والمهام، التي كانت تتطلب تدخلاً بشرياً فيما مضى، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي فهم البيانات على نطاق واسع، بطريقة لا يمكن لأي إنسان القيام بها، وهذه القدرة يمكن أن تعود بمزايا كبيرة على الأعمال، فعلى سبيل المثال، تستخدم شركة Netflix التعلم الآلي المدعوم بالذكاء الاصطناعي، لفهم توجهات عملائها، وتوفير تجربة استخدام خاصة بهم، ما ساعدها على تنمية قاعدة العملاء بأكثر من 25 بالمئة، إضافة إلى زيادة معدلات الإشتراك والإيرادات.
ولفت خوري إلى أن تأثير الذكاء الاصطناعي على الشركات في جميع أنحاء العالم لا يمكن إنكاره، موضحا أن الشركات الكبيرة نجحت في قياس وفهم تأثير هذه التكنولوجيا على أعمالها بشكل حقيقي، فمثلاً ساعدت خوارزميات الذكاء الاصطناعي شركة أمازون، على تحسين نظام التوصيات الخاص بها، وذلك من خلال تحليل سلوك العملاء وتفضيلاتهم، فباتت منصات أمازون تقترح توصيات مخصصة لكل عميل، مما أدى إلى زيادة مبيعاتها، في حين قامت غوغل بدمج الذكاء الاصطناعي في خوارزميات محرك البحث الخاص بها لتقديم نتائج بحث أكثر صلة، ما ساعدها في تحسين تجربة المستخدم وزيادة إيرادات الإعلانات.
ويكشف خوري أن “أوبر” استخدمت خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحسين استراتيجية التسعير الخاصة بها، وذلك من خلال تحليل عوامل مختلفة مثل الطلب وحركة المرور وتوافر السائق، وهذا الأمر ساعد الشركة على ضبط الأسعار ديناميكياً، وزيادة الإيرادات إلى أقصى حد، مع ضمان رضا العملاء، مشيراً إلى أن تحقيق عائد استثماري من الذكاء الاصطناعي ليس أمراً مفاجئاً، وهذا ما يفسر تهافت الشركات على تبني حلول هذه التكنولوجيا والاستفادة من القيمة الناتجة عنها.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.