- لازارا مارينكوفيك
- بي بي سي نيوز
هاجر الكيميائي الصربي ألكسندر سافيتش، الذي كان صاحب مقطع فيديو ألهم أحد القادة الرئيسيين لأعمال الشغب التي وقعت في مبنى الكونغرس الأمريكي “الكابيتول”، هاجر إلى الولايات المتحدة بعد انتخابات 2020 بوقت قصير. وقد وجدت بي بي سي أنه وزوجته يواصلان تشجيع العنف السياسي على حساباتهما على وسائل التواصل الاجتماعي وهو اتجاه يثير قلق خبراء مواجهة التطرف.
بعد ثلاثة أيامٍ من إجراء الانتخابات، وبينما كانت النتيجة لا تزال موضعَ جدلٍ، جلس ألكسندر أمام جدار أبيض اللون لم يكن مُعلقاً عليه أي شئ وقد ظهر عليه التأثر بما تشهده الولايات المتحدة من أحداث آنذاك، وقد بدأ ألكسندر في تشغيل كاميرا الفيديو التي يمتلكها للتعبير عن آرائه حول سياسة الولايات المتحدة رغم أنه لم يقم بزيارتها من قبل.
استهل ألكسندر مقطع الفيديو بإلقاء التحية ومبديا اعتذاره عما ظهر عليه في مقطع سابق من تأثر مُرجعاً ذلك إلى خوفٍ شديدٍ تملكه لكن يستطرد قائلا:”إن هذا الخوف تلاشى عندما شاهد ما يقوم به الآلاف من أعمال شغب والتي وصفها بالأفعال الصحيحة ثم حذر من الأحداث التي شهدها مبنى الكابيتول الأمريكي بعد شهرين من الانتخابات التي خسرها دونالد ترامب أمام جو بايدن، كما دعا إلى شن هجمات ضد مسؤولي الانتخابات الأمريكيين مضيفاً أنه يجب أن يشعروا بالخوف عندما يقومون بفرز الأصوات التي وصفها بالمزيفة، وقال إنه يجب أن يفكروا فيما إذا كانوا سيخرجون من هناك أحياءً أم لا؟
ويختتم ألكسندر مقطع الفيديو بالقول: “نعم أدعوكم إلى العنف إذا كان هذا هو السبيل الوحيد أمام المحتجين”.
إلهام لمنفذي خطة السادس من يناير كانون الثاني
من بين جميع نظريات المؤامرة ومقاطع الفيديو العاطفية التي تم تداولها في أعقاب الانتخابات الرئاسية لعام 2020، انتشر مقطع ألكسندر سافيتش بطريقة ما في الدوائر اليمينية، ولفت انتباه بعض الأشخاص الذين قادوا لاحقًا أعمال الشغب التي وقعت في مبنى الكابيتول في 6 يناير كانون الثاني 2021 ، وكان على رأسهم ستيوارت رودس، قائد ميليشيا حرّاس القسم. وقد كان مقطع الفيديو أحد الأدلة في محاكمة رودس وإدانته بتهمة التمرد.
وفقًا لوثائق المحكمة فإن رودس أرسل إلى أفراد ميليشا حراس القسم مقطع الفيديو، الذي نشره سافيتش، عبر غرفة دردشة كما وجه رسالة يقول فيها إنه يجب الآن أن نفعل ما فعله شعب صربيا عندما سرق ميلوسيفيتش نتائج الانتخابات… ارفضوا هذا الوضع وانطلقوا في مسيرة جماعية إلى مبنى الكابيتول.أخبر رودس أفراد ميليشياته أنه يتواصل مباشرة مع سافيك وقد كان حراس القسم على استعداد لمحاكاة الخطة الصربية.
من الثورة إلى أعمال الشغب
قارن سافيتش في مقاطع الفيديو الخاصة به الوضع في الولايات المتحدة بالأحداث التي أدت إلى استقالة الرئيس الصربي سلوبودان ميلوسيفيتش في عام 2000 غير أنه كان لناشطين معارضين أجرى القسم الصربي في بي بي سي مقابلات معهم، وجهة نظر أخرى فقد وصف أحدهم الموقفين بالمختلفين تماماً.
تمت الإطاحة بميلوسوفيتش عام 2000 بعد الدمار الذي خلفته الحروب اليوغوسلافية وكانت هناك معارضة واسعة النطاق ضد الزعيم الصربي ، الذي غيّر مجاميع الأصوات في محاولة للتشبث بالسلطة. كانت الاحتجاجات الكبيرة التي خرجت ضد حكم ميلوسوفيتش سلمية في الأغلب رغم وقوع هجمات استهدفت مبنى التلفزيون الحكومي ومباني البرلمان. ورغم ذلك فقد ركز سافيتش خلال مقطع الفيديو الخاص به على أعمال العنف وأخبر أنصار دونالد ترامب بالتوجه إلى العاصمة الأمريكية، ومهاجمة محطات التلفزيون ومراكز القوة الحكومية، وإجبار الجيش وقوة إنفاذ القانون على الاستسلام. والأمر الغريب أن سافيتش زعم أن جميع دول أوروبا الشرقية كانت لا تزال ديكتاتوريات اشتراكية وحذر من أن المصير نفسه سيُصيب الولايات المتحدة إذا لم يتمّ إلغاء نتيجة الانتخابات بعنف.
لقد كان لفيديو سافيتش تأثيرٌ كبيرٌ على رودس راسل فبعد ثلاثة أيام من ملاحظته نشر رودس منشوراً على الموقع الإلكتروني لميليشيا حراس القسم بعنوان”دعوةٍ إلى التحرك! التوجه إلى العاصمة الأمريكية ووقف السرقة والدفاع عن الرئيس وهزيمة الدولة العميقة” .
نص منشور ردوس كذلك على العبارة التالية “وطني من صربيا، يحب أمريكا أيضًا، يوضح لنا الطريق” اتباع الخطة التي طبقت في ثورة 2000 بحذافيرها، بما في ذلك الاحتجاجات السلمية ثم العصيان المدني ، والتجمع بالملايين في العاصمة.قام رودس بعد ذلك بتوزيع خطته على ميليشيا حراس القسم ومجموعات دردشة الأخرى. وخلال محاكمة رودس العام الماضي قال المدعي العام الأمريكي جيفري نستلر للمحلفين إن التشابه بين قيادة رودس لميليشيا حراس القسم وما حدث بالفعل في 6 يناير 2021 كان “مذهلاً”.
الانتقال إلى الولايات المتحدة
انتقل سافيتش وزوجته إلى الولايات المتحدة بعد وقت قصير من نشر الفيديو، ووصلا إلى تكساس في وقت ما في أوائل عام 2021 ، وفقًا لسجل العمل والمنشورات على حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
عمل السيد سافيتش سابقًا في صربيا وسلوفينيا وفرنسا بعد حصوله على درجة الدكتوراه في الكيمياء من جامعة بلغراد.
وقال متحدث باسم المعهد لبي بي سي إن وظيفته الأكاديمية الأخيرة كانت في معهد جوزيف ستيفان في سلوفينيا حيث عمل مساعد دكتور وقد انتهى عقده في مارس 2020 عندما انتشر فيروس كورونا.
حصلت السيدة يوفانوفيتش أيضًا على درجة الدكتوراة من جامعة بلغراد وعملت لاحقًا في جامعة ليل في فرنسا كزميلة ما بعد الدكتوراة.
في تكساس ، عملت زوجة سافيتش في مركز إم دي أندرسون للسرطان حتى يونيو 2022 ، ووفقا للمتحدث باسم المؤسسة. رفض مسؤولو المركز الإدلاء بالمزيد من التعليقات عن السبب وراء تركها المركز ، ولكن على وسائل التواصل الاجتماعي أشارت كلّ من السيدة يوفانوفيتش والسيد سافيتش إلى أنها أُقيلت من وظيفتها إما بسبب معارضتها للقاحات أو رفضها أخذ لقاح كوفيد 19.
الحديث عن العنف السياسي
قال سافيتش في وقت سابق إنه كان بعيدًا عن واشنطن في 6 يناير 2021.رفض الزوجان طلبات متعددة للتعليق على هذه القصة.لكن على حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي يواصل الزوجان نشر مجموعة من المحتويات المعادية للشيوعية واليمين المتطرف والمناهضة للقاح كوفيد 19 كما نشروا رسائل مناهضة لمجتمع الميم ومنشورات تعبر عن الغضب من الهجرة غير الشرعية.ومنذ أن هاجر الزوجان إلى الولايات المتحدة، استمرا في الحديث عن إمكانية العنف السياسي. وكتب سافيتش على تويتر العبارة التالية:”لن يكون هناك عنف يعني هزيمة فورية، ووجود احتمال للعنف يساوي انتصار محتمل”. كما كتب العبارة التالية:”إن احتمالية حدوث العنف هو ما بنى الحضارة وكان وراء استدامتها”، “لسبب غريب نسي الغربيون هذه الحقيقة”.
الدفاع عن الديمقراطيين
شاركت السيدة يوفانويتش بعض الدعوات التي تدعو إلى العنف السياسي، وفي صيف عام 2020 ، بعد وقت قصير من بدء موجة كبيرة من احتجاجات Black Lives Matter في الولايات المتحدة ، حققت يوفانوفيتش انتشاراً من خلال مقطع فيديو يدّعي أن الاشتراكيين كانوا يسيطرون على جميع المستويات تقريبًا وأن الحكومة الأمريكية تخطط لفوضى جماعية في جميع أنحاء البلاد. وقالت إنه يجب عزل “الطغاة” من مناصبهم باستخدام القوة إذا لزم الأمر.
ماذا وراء سافيتش؟
على الرغم من أن الزوجين رفضا الإجابة على أسئلة بي بي سي، فقد أجاب سافيتش العام الماضي على أسئلة من موقع Talking Points Memo اليساري الذي نفى فيه التحريض على العنف ، قائلاً إن “الأشخاص الغاضبين” يمكن أن يستنتجوا أي شيء يريدونه من “الكتب” إلى “أغاني الراب”. .
قال إنه كان على اتصال قصير مع رودس ، حيث كرر ما قاله في مقاطع الفيديو الخاصة به. وقال إنه لم يقابل رودس أو أيّا من حراس القسم شخصيًا منذ وصوله إلى تكساس ، ولم يتم استجوابه من قبل سلطات إنفاذ القانون.
وبينما يقول خبراء إن سافيتش ويوفانوفيتش كان لهما تأثير بين مؤيدي مثيري الشغب في الكابيتول فإن وزارة الأمن الداخلي الأمريكية رفضت التعليق على حالة تأشيرة الزوجين ، قائلة إنه لا يمكن الحديث عن حالات محددة ، لكنها قالت إن السلطات تواصل التحقيق فيما وصفته بالتطرف الداخلي.
تقول نيكول هاليت ، أستاذة القانون الإكلينيكي في جامعة شيكاغو والمحامية في شؤون الهجرة، إن هناك العديد من الأسباب الأمنية التي يمكن أن تمنع الأجانب من دخول الولايات المتحدة.
لكنها تقول إنه بمجرد وصول الشخص إلى البلاد، يحق له التمتع بمستوى أكبر من الحماية القانونية.
تقول هاليت:”إن الكثير من الحقوق تمنح داخل البلد بالنظر إلى ما يحدث خارج الولايات المتحدة وإنه من المحتمل جدًا أن يتم قبول الأشخاص في الولايات المتحدة ثم تدرك السلطات لاحقًا أنه ما كان يجب أن يحدث ذلك” وتمضي البروفيسورة هاليت قائلة:”الحكومة الأمريكية ترتكب أخطاء”.
يتجه العلماء إلى الدين
ليس من الواضح نوع التأشيرة التي يمتلكها الزوجان، لكن سافيتش غرّد مؤخرًا عن انتظاره الطويل للحصول على تصريح عمل أمريكي.وقد بدأ العام الماضي مشروعا لدراسة الكتاب المقدس على قناتهم على YouTube ، حيث يقدمون عضوية مقابل مبالغ تتراوح من 5 دولارات إلى 100 دولار لمستويات مختلفة من المشاركة والتفاعل المباشر، كما زعما أنهما مصدر إلهام لبدء المشروع من خلال “الانهيار المستمر للحضارة الغربية”.ومع ذلك، تم حذف مقاطع الفيديو ، التي أطلقوا عليها اسم مسلسل “Based Church” ، من موقع YouTube بعد وقت قصير من اتصال بي بي سي بالزوجين.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.