- مايكل ديمبسي
- مراسل شؤون تكنولوجيا الأعمال
وسائل التواصل الاجتماعي هي المكان الذي نعرض فيه نسخة عن أنفسنا. دان كيلسال، المؤسس المشارك لشركة Offended للتسويق في مانشستر، من بين من يستخدمون منصة لينكد إن.
تتخصص شركة Offended فيما يسمى بـ”التسويق غير التقليدي”، ويحيل المفهوم إلى استراتيجية تسويقية تعتمد وسائل منخفضة التكلفة وغير تقليدية في التسويق، على غرار الملصقات والغرافيتي وما شابهها، بالإضافة إلى وسائل تسويقية أخرى عبر إرسال رسائل فيروسية لآلاف المستخدمين وهو ما يدفع الكثيرين إلى اعتبار هذا النوع من التسويق غير قانوني.
يقول كيلسال في هذا الصدد: “لا يتم حظر إعلاناتنا فحسب، بل يتم حظر الإعلانات لعملائنا أيضا”.
على مدى السنوات الثلاث الماضية، شهدت لوحة الإعلانات المجتمعية على لينكد إن نوعا من التغيير بعدما كانت مقتصرة في وقت سابق على التحديثات المهنية.
وأصبح العديد من المنشورات يتناول الجوانب الشخصية، حيث تعرض قصص لها علاقة بالحياة العاطفية لأعضائها، مع روايات عن تأثيرات الطفولة والاعتراف بالفشل والضعف وغيرها.
وهذا التحول لم يحظ بقبول الجميع، إذ يرى مستخدمو المنصة أن هذه المنشورات تلائم تطبيقات فيسبوك أو تويتر ولكن ليس لينكد إن.
إذن ما الذي أدى إلى هذا التغيير؟ وفقا لكيلسال، الطريقة المملة في التسويق تعد أحد الأسباب الرئيسية.
سبق لكيلسال أن عمل مرة كمؤلف إعلانات في شركة برمجيات ضريبية، وأنتج بعضا من أكثر النصوص الإعلانية جفافا، وربما لم يكن يستمتع بذلك وهو ما جعله يفهم جيدا ما يبحث عنه الجمهور في الإعلانات.
“المستهلكون اليوم أقل ثقة في العلاقات التجارية الكبرى. لقد سئم الناس من التسويق الممل”، يقول كيلسال.
ويضيف: “المهارة في التسويق هي التحدث مثل جمهورك وأن تكون مرتبطا به. أنا على لنكد إن منذ سبع سنوات، ولدي 66 ألف متابع، وهذا الجمهور متفاعل حقا”.
أسس باري هيدريك شركة كراكل Crackle للعلاقات العامة في ماساتشوستس. وتنتمي قاعدة عملائه بالكامل إلى لينكد إن، وهناك يتعرف متابعوه على طفولته البائسة وحياة أطفاله.
ومع ذلك، لا تناسب منشوراته ذوق الجميع. أحد مستخدمي المنصة علق على أحد منشوراته قائلا: “قصة جميلة، لكنها لا تناسب لينكد إن”
إنه ينتقد الجهود التي تبذلها الشركات في صفحات المنصة والتي لا يتم مشاركتها، بينما يتفاعل المستخدمون مع الحكايا والقصص المتعلقة بالناس، فالجانب الشخصي هو ما يولد الثقة حسب هيدريك.
إذن ما الذي تغير لجعل المنشورات غير رسمية إلى هذا الحد؟ آزاده ويليامز تعتقد أنها تعرف السبب.
متحدثة من مكتب شركتها الإعلامية والتسويقية AZK Media في سيدني، تقول آزاده: “لقد كنت صحفية لمدة 20 عاما ويمكنني أن أكتشف أسلوب التسويق والسيناريو المفتعل. عليك أن تكون بسيطا وحقيقيا لجذب جمهورك”.
وترى آزاده أن الاجتماعات المهنية عبر خدمة زووم خلال فترة الحجر الصحي بسبب كورونا ساهمت في إدخال الأجواء المهنية إلى المنزل، وتقديم عائلات الأشخاص إلى الزملاء، “من قبل لم يكن هذا الأمر موجودا، وهو ما جعل الحياة الخاصة للناس أكثر إثارة”.
وترى آزاده أنه بينما يرى البعض لينكد إن منصة لعرض السير الذاتية، يرى آخرون أنها مجرد منصة رقمية لإجراء مقابلات.
يدير، دوغلاس رود، مجموعة Page Group العملاقة للتوظيف في المملكة المتحدة وأيرلندا. بما أن لينكد إن أداة مهمة في عالمه، فكيف يرى تجسدها الجديد؟
“قبل خمس سنوات، كان الناس أقل انفتاحا”. الآن هناك وعي أكبر بنقاط ضعف الأشخاص ومشاكلهم مثل موضوع سلامة الصحة العقلية، وقد قام موقع لينكد إن بتسليط الضوء على هذا الأمر بصورة مركزة” يقول دوغلاس.
“كخبير في البحث عن عمل، هل ينصح أحدهم بكشف حياته الشخصية في لينكد إن؟
وفي رده عن السؤال يقول دوغلاس: “إنها مسألة اختيارية فردية، أنت تعرض نفسك هناك حتى يتمكن صاحب العمل المستقبلي من رؤيتك، أنت تحاول الحصول على توازن وتريد أن تبدو بشريا، وليس آليا”.
على الصعيد الآخر، يخشى توم سكينر، من وكالة Go Up للتسويق في لندن، أن تكون الصبغة العاطفية الجديدة للينكد إن مجرد عرض لثقافة المشاهير، و”مجتمع يحتفي بالأشخاص الذين يمكنهم الإعلان عن أنفسهم قبل أي شيء آخر”.
لدى لينكد إن فريق مكون من 200 فرد يعمل على قصص مهيأة لجذب الانتباه والمشاركة، وكل ذلك من أجل شركات التوظيف التي تدفع للمنصة مقابل الحق في البحث عن السير الذاتية لأعضائها.
دان روث، مدير تحرير المنصة في مقرها في وادي السيليكون، ينفي بشدة إثارة الجدل لجذب القراء.
ويقول: “نحن نستخدم الخوارزميات لتحديد المحتوى المناسب لك، ولكننا لا نوجه الأشخاص في اتجاه واحد”.
ويعزو بدوره هذا التحول إلى وباء كورونا، ويقول في هذا الصدد: “وجد الناس أنهم تلقوا ردود فعل رائعة عندما تحدثوا عن صحتهم العقلية.”ويضيف: “المنصة توفر فرصة مهمة للتعرف على المستخدمين على عكس التغريدات المجهولة في تويتر”.
“ومع ذلك، على الرغم من هذا الملف الشخصي العام، فإن العديد من الأعضاء غير مدركين لمدى الإحراج الذي قد تسببه قصصهم”.
ونذكر هنا ما حدث مع برادن واليك، الرئيس التنفيذي ومدير الاستراتيجية الاجتماعية في شركة بولاية أوهايو الأمريكية، عندما سرح موظفين اثنين في أغسطس/ آب 2022، وسارع لنشر القصة على موقع لينكد إن معبرا عن مدى “الحزن” الذي شعر به عند اتخاذ هذا القرار، حتى أنه أرفق المنشور بصورة سيلفي دامعة.
وتم الرد على منشوره بتعليق”أحمق”.
كما أنه لُقب بالمدير البكّاء، ولقبته خبيرة علم السلوكيات البشرية، هيلين جامبوناثان بـ “مستخدم لينكد إن المثير للاشمئزاز”.
تقول، جامبوناثان، إن خوارزميات لينكد إن تكافئ المنشورات التي تحرض على المشاركة، حتى لو أدى ذلك إلى إضعاف أصول صناعة التوظيف، وتضيف “أصبح لينكد إن أكثر شخصية وتعميما، وأقل تركيزا على جانب التوظيف كما كان متعارف عليه في البداية”.
في هذا السياق، قامت مجموعة الأبحاث Kekst CNC بتحليل ملفات تعريف لينكد إن للرؤساء التنفيذيين في جميع أنحاء المملكة المتحدة والولايات المتحدة وألمانيا والسويد، مشيرة إلى أن 77 في المئة منهم ينشرون محتوى شخصيا.
بالعودة إلى مانشستر، يشعر السيد كيلسال بالراحة حيال ظهور بعض من الأشخاص غير المرحبين بالفكرة ويقول: “في بعض الأحيان تحتاج إلى منتقدين بقدر ما تحتاج إلى معجبين”.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.