ولكن النمو المستمر لعدد المركبات الكهربائية على الطرقات والمتوقع أن يصل إلى 100 مليون سيارة بحلول عام 2026، سيتسبب بمجموعة من المشكلات التي يجب معالجتها سريعاً نظراً للمخاطر الكبيرة الناتجة عنها.
وتكمن المفارقة في أن إحدى هذه المشكلات تتعلق بالبنية التحية لمرائب السيارات، أو ما يعرف بمواقف السيارات متعددة الطوابق تحت وفوق الأرض، واحتمال انهيارها، كونها غير قادرة على تحمل الأوزان الثقيلة للمركبات الكهربائية، مقارنة بأوزان السيارات التقليدية.
وهذه المشكلة حذّر منها معهد المهندسين الإنشائيين ومقره لندن، حيث أشار إلى أن متوسط وزن السيارة التقليدية، ارتفع من 1.5 طن متري في عام 1974 إلى ما يقرب من 2 طن متري في عام 2023 للسيارة الكهربائية، في حين أن سيارات الدفع الرباعي الكهربائية، باتت تأتي الآن بوزن يفوق الثلاثة أطنان، وذلك بسبب وزن البطاريات الكهربائية، وزيادة حجم بعض طرازاتها.
وبحسب المعهد فإن الحمل التراكمي للمركبات الكهربائية في مرائب السيارات، يشكل تحدياً في ظروف معينة، حيث قد لا تكون دعامات هذه المرائب قادرة على تحمله، في ظل الارتفاع المتوقع لأعداد السيارات الكهربائية وحتى الهجينة، فرغم امتلاك المركبات الكهربائية لمحرك صغير الحجم وخفيف الوزن عكس محركات البنزين والديزل، إلا أن الحزمة الضخمة للبطارية الكهربائية، ترفع من وزن السيارة بشكل كبير.
ولم يكتفِ معهد المهندسين الإنشائيين، بالتحذير من مخاطر أوزان السيارات الكهربائية، على البنية التحتية لمرائب السيارات، بل طال تحذيره أيضاً المخاطر الناتجة عن حرائق السيارات الكهربائية، وضرورة أن تكون المرائب مجهزة بمعدات وتمديدات، قادرة على إخماد حرائق هذه المركبات، التي تعد صعبة للغاية بسبب البطارية التي تحتوي على كمية كبيرة من الطاقة.
ضرورة مواكبة معايير السلامة
يقول استشاري الطرق والنقل، الدكتور عماد نبيل، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إنه مع ارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية وزيادة ثقل هذه السيارات، سيتعين على مرائب السيارات متعددة الطوابق، أن تتغير من الناحية الهندسية بشكل يلبي معايير السلامة، ويجعلها قادرة على تحمّل الأوزان الإضافية المتوقعة.
وأشار إلى أن التطور التكنولوجي الذي شهده العالم في السنوات الأخيرة، أدى إلى إنتاج أجهزة إلكترونية وسلع أصغر من حيث الحجم والوزن مقارنة بالسابق، ولكن هذا الأمر لا ينطبق على السيارات الكهربائية المتطورة، التي ارتفع وزنها بواقع 500 كيلوغرام، بسبب حزمة البطاريات التي يجب أن تكون ضخمة، حتى تسمح للسيارة بالسير لمئات الكيلومترات.
وبحسب نبيل، فإنه مع مراعاة هذه التغييرات الجديدة، يجب تطوير إرشادات هندسية جديدة، من شأنها رفع مستويات الأثقال، القادرة على تحمّلها أرضيات مرائب السيارات، حيث يتعين على المهندسين، أن يدركوا أن كل سيارتين كهربائيتين، توازيان من حيث الوزن نحو 3 سيارات تقليدية، ومع الأخذ في الإعتبار أن عدد المركبات الكهربائية في العالم، سيصل إلى نحو 731 مليون سيارة بحلول عام 2040، فإن أي مرأب متعدد الطوابق يتم تصميمه وبناؤه الآن، يجب أن يأتي بمواصفات تمنح دعاماته، إمكانية تحمّل الضغط الناتج عن الزيادات المتوقعة في الأوزان.
ويكشف نبيل أن المخاوف باتت تتزايد يوماً بعد يوم، من المخاطر الناتجة عن أوزان السيارات الكهربائية، خاصة أن بعض هياكل المرائب القديمة والقائمة حالياً، ليست بالقوة التي تسمح لها باستيعاب الأوزان الضخمة، لافتاً إلى أن هناك مخاوف جدية من احتمال انهيار عدد من المرائب، عند تزايد أعداد السيارات الكهربائية، ودعا الجميع للتأكد من قدرات المرائب المنتشرة في العالم، تفادياً لحصول ما هو أسوأ، فالتخطيط والإعداد أمر أساسي لمواجهة أي كارثة محتملة.
القدرة الاستيعابية
وشدد نبيل على أن الحل الأنسب لهذه المعضلة، يكون ببناء مواقف سيارات جديدة أكثر قوة، ولكن مع استحالة تطبيق هذا الحلّ، فإنه يجب على مشغلي مواقف السيارات، تعديل الحد الأقصى الممكن استقباله من السيارات، لمنع الاكتظاظ، لتصبح القدرة الاستيعابية 70 في المئة كحد أقصى من العدد المسموح به، ما يحمي هياكل المرائب الضعيفة ويبعد عنها خطر الانهيار.
من جهته يقول أخصائي ميكانيك وهندسة السيارات جو حداد، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن التصميمات والتقنيات الجديدة المستخدمة في السيارات الكهربائية، خلقت بالفعل مجموعة من المشكلات التي يجب معالجتها، فإضافة إلى مشكلة الوزن الثقيل، هناك أمر آخر مثيرٌ للقلق، بالنسبة للسيارات الكهربائية، يتعلق بالسلامة من حرائق هذه السيارات، مشيراً إلى أن إخماد حرائق السيارات الكهربائية ورغم ندرة حدوثه، قد يكون أمراً صعباً للغاية، ويتطلب الكثير من التجهيزات للسيطرة عليه ومنع تمدده.
وكشف حداد أن الدرسات أظهرت أن المركبات الكهربائية، لديها فرصة بنسبة 0.3 بالمئة فقط للاشتعال، مقارنة بنسبة 1.5 بالمئة للسيارات التقليدية، في حين أن احتمال اشتعال السيارات الهجينة، يبلغ 3.4 بالمئة، ولكن المشكلة الكبيرة تكمن في أنه عندما تحدث حرائق المركبات الكهربائية، فإن الحريق يكون أكثر شدة وأسرع، بسبب البطارية التي تحتوي أيونات الليثيوم، الأمر الذي يتطلب مزيداً من المياه لإطفاء الحريق، كما يمكن للبطاريات العودة إلى الإشتعال بعد ساعات من السيطرة على الحريق.
وبحسب حداد فإن بطاريات الليثيوم الكهربائية، تمتلك العديد من نقاط الضعف، ولكن نقطة الضعف الرئيسية، تتمثل بوجود خلايا تالفة أو معيبة، ما يمكن أن يجعلها عرضة للاشتعال، في حين أن أنظمة الرش الموجودة في المرائب حالياً، لا تكفي للسيطرة على حرائق السيارات الكهربائية، ولا حتى التقليل من معدل انتقالها أو تمددها لسيارة أخرى، ما يسلّط الضوء على ضرورة تحديث المبادئ التوجيهية، المتعلقة بكيفية مواجهة احتمال اندلاع حريق في المركبات التي تعمل بالكهرباء، خصوصاً في مرائب السيارات الموجودة تحت الأرض.
ويشرح حداد أن أنظمة الإطفاء ورشّ المياه في المرائب، قد لا يكون بإمكانها إطفاء حريق السيارة الكهربائية، إلا أنها يجب أن تكون قادرة على تقليل احتمال انتشار النيران، ما يمنح خدمات ورجال الإطفاء الوقت الكافي، للوصول إلى موقع الحريق ومعالجة الوضع، لافتاً إلى أن صعود موجة التنقل النظيف، تساعد في التخفيف من تغير المناخ، ولكنها في الوقت عينه تحتاج لقيام البشر ببعض التعديلات، لعدد من التوجيهات والإرشادات التي كانت معتمدة، في عصر السيارات التقليدية العاملة على الوقود.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.