كيف يُمكن للمستثمرين الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي؟
أخبار العالم

كيف يُمكن للمستثمرين الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي؟



وفي هذا السياق، لم يكن القطاع المالي والاستثماري بعيداً عن تلك التحولات المتسارعة، بالنظر إلى الدور الذي تلعبه التكنولوجيا في هذا القطاع ولا سيما في التحليل الفني والمالي، وبالتالي الدور الذي تلعبه، ويُمكن أن تلعبه مستقبلاً، التطبيقات الحديثة في إحداث ثورة في عالم المال والأعمال، تؤثر على المستثمر الصغير وحتى الشركات الكبرى والعملاقة واقتصادات الدول.

أحد الأسئلة التي تُطرح في هذا الإطار هو ما يتعلق بمدى إمكانية استخدام تلك التطبيقات في تحديد الاتجاهات الاستثمارية للأفراد، ومدى نجاعتها في تقديم نصائح استثمارية حقيقية تحل محل المستشار المالي، وكذلك كيف يُمكن توظيف تلك التقنيات والاستفادة منها في الإدارة الصحيحة للأموال؟ وغيرها من الأسئلة.

استغلالاً لذلك الزخم، تسعى مؤسسات مالية إلى توسعة الاعتماد على تلك التقنيات وتقديم تطبيقات جديدة مبنيّة عليها بما يساعد عملاءها في قراراتهم الاستثمارية، استناداً إلى مجموعة من البيانات الحديثة التي يتم تحليلها تلقائياً بخصوص عددٍ من الأصول.

على سبيل المثال، فإن أحد أكبر وأشهر البنوك الأميركية، وهو بنك “جي بي مورغان” يعتزم توظيف تطبيقات الـ AI من أجل تقديم النصائح للمستثمرين، في مبادرة هي الأولى في هذا الإطار، طبقاً لشبكة “سي إن بي سي” والتي ذكرت أن البنك يتبنى خطة برمجية (تشبه إلى حد ما  ChatGPT) تساعد العملاء في اختيار الاستثمار الأنسب لهم، عبر تطبيق يجرى تطويره يحمل اسم IndexGPT.

مصدر غير موثوق

في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، يقول الأستاذ بقسم الاقتصاد والمالية في جامعة غويلف الكندية، نيكولا غرادوجيفيت، والذي تشمل اهتماماته البحثية (الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة)، إنه:

  • لا تزال خدمات روبوتات الدردشة المجانية للذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT “غير موثوقة” لاتخاذ أي قرار معقول وموثوق في الاستثمارات.
  • تبعاً لذلك، يجب على المستثمرين اللجوء إلى الخدمات المهنية التي تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي المتخصصة في تحليلاتهم.

ويشير إلى أن بنوكاً استثمارية وصناديق تحوط استخدمت الذكاء الاصطناعي في ممارساتها التجارية على مدار 25 عاماً على الأقل، موضحاً أن أحد الاستخدامات الرئيسية للذكاء الاصطناعي في الاستثمار يتعلق بما يسمى تداول المراجحة (بيع وشراء أحد الأصول في نفس الوقت للاستفادة من اختلاف السعر في أسواق مختلفة أو بأشكال مختلفة)، إذ يتوقع الذكاء الاصطناعي أو يكتشف أخطاء التسعير عبر فئات الأصول المختلفة التي تؤدي إلى تداولات مربحة تكاد تكون خالية من المخاطر.

ويضيف: بالإضافة إلى ذلك، قد تستخدم أنظمة “التداول الخوارزمي” السريعة والقائمة على الذكاء الاصطناعي “مؤشرات فنية” (أي مؤشرات الأسعار بناءً على السعر التاريخي أو الأنماط المتكررة للحجم)، والتي يمكن أن تؤدي إلى أرباح كبيرة للمستثمرين.

ويشدد على أنه “يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل مجموعات البيانات الكبيرة التي تحتوي على معلومات الاقتصاد الكلي والمعلومات الخاصة بالشركات وتقديم توصيات بشأن الأسهم أو السندات بما يتماشى مع أهداف المحفظة الإجمالية للمستثمرين ومدى استعدادهم للمخاطر”.

تجربة عملية

يُنظر إلى الاعتماد على الجهات “الموثوقة” للحصول على النصائح الاستثمارية باستخدام الذكاء الاصطناعي على أساس أنها “الخيار الأمثل” من دون لجوء العملاء إلى البحث عن خيارات بأنفسهم قد يسقطون من خلالها في فخ النصائح الزائفة.

وحتى الآن، لا يُقدم تطبيق مثل ChatGPT نصائح مباشرة في الاستثمار في أسهم بعينها مثلاً، فمن خلال تجربة عملية، وبطرح موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” سؤالاً على التطبيق في ما يتعلق بالاستثمار في سهم بعينه، جاءت الإجابة على النحو التالي:

“عذرًا، ولكن لا يمكنني تقديم توصية مباشرة بشأن الاستثمار في سهم معين مثل، أو أي سهم آخر.. كن متفهماً لأنني نموذج لغة ذكاء اصطناعي وليس لدي القدرة على تقديم توصيات مالية أو استثمارية..إذا كنت مهتمًا بالاستثمار في هذا السهم أو أي سهم آخر، فمن المهم أن تجري البحوث اللازمة وتستشير مستشاراً مالياً محترفاً قبل اتخاذ أي قرار.. يجب أن تقوم بتحليل البيانات المالية والاقتصادية ذات الصلة ومراجعة الأخبار المتعلقة بالشركة وقطاعها والأحداث العالمية التي قد تؤثر على أداء السوق”.

وورد في الإجابة ذاتها أيضاً: “الاستثمار في الأسهم ينطوي على مخاطر مالية، فقد تتعرض لخسائر رأس المال، ومن المهم أن تكون على دراية تامة بمخاطر السوق وتتمتع بالقدرة على تحمل تلك المخاطر.. أعتذر مرة أخرى، ولكن لا يمكنني أن أكون مصدراً موثوقاً لتوصيات الاستثمار”.

الإدارة المالية

وفي سياق متصل، يتحدث الأستاذ بقسم الاقتصاد والمالية في جامعة غويلف الكندية عن “كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد الناس في إدارة أموالهم؟”، بالإشارة إلى أنه:

  • يمكن للذكاء الاصطناعي دراسة أنماط استهلاك الأفراد واقتراح كيفية تحسين ميزانيتهم وتوفير المال.
  • أيضاً يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة المخاطر من قبل البنوك للكشف عن الاحتيال.
  • هذا يسمح للبنوك بمراقبة وإدارة أية هوية أو سرقة بطاقة ائتمان. في أي وقت يكتشف فيه الذكاء الاصطناعي أي معاملة مشبوهة وخارجة عن المألوف، فإنه ينبه البنك و/ أو العميل مما سيمنع المعاملات الاحتيالية المحتملة.
  • كما يتم استخدام الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع في إدارة مخاطر الائتمان لكل من الشركات والأفراد. 

ويشير إلى أن إحدى المزايا المهمة للذكاء الاصطناعي تكمن في قدرته على معالجة كميات كبيرة من البيانات وتصنيف المعلومات إلى مجموعات بيانات متعددة. بمجرد تنظيم البيانات ، على سبيل المثال:

  • يمكن للذكاء الاصطناعي فهم الوضع الائتماني للعميل الجديد وما إذا كان العميل مؤهلاً للحصول على قرض.
  • وبالمثل، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقرر سعر الفائدة المناسب الذي ينبغي تقديمه للعميل.
  • كل هذه الاستخدامات للذكاء الاصطناعي ستؤدي إلى تخصيص أفضل للموارد (أي المال) واقتصاد أكثر كفاءة.

توصيات علمية.. وربح “غير مضمون”

من جانبه، يشير رئيس مجلس إدارة شركة “آي دي تي” للاستشارات والنظم، محمد سعيد، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن “تطبيقات الذكاء الاصطناعي يُمكن استخدامها بشكل محدود في سوق الأسهم، وذلك من خلال تحديد أفضل الاستراتيجيات الاستثمارية، بناءً على قواعد البيانات المتاحة، وبما يتضمن تاريخ حركة الأسهم والتوقعات المستقبلية لها تبعاً لذلك”.

لكن على الجانب الآخر “ليس بالضرورة أن يسهم ذلك في ضمان تحقيق المكاسب”، طبقاً لسعيد الذي يشير إلى أن “حركة الأسهم تتبع قواعد أخرى إلى جانب التقديرات العلمية المبنية على البيانات، من بين تلك القواعد الأمور والقرارات المفاجئة وحتى مشاعر المستثمرين التي تؤثر في السوق، وكذلك التطورات والأحداث المرتبطة بالشركات”.

ويضيف: “إذا كنت بحاجة إلى أطر علمية دقيقة لتحديد الاتجاه المستقبلي لسهم ما، سوف يساعدك الذكاء الاصطناعي في ذلك، لكن ليس من المؤكد أن يضمن ذلك تحقيق مكسب”، مشدداً على أن “الطفرة التي حدثت في الذكاء الاصطناعي حسنت أداء الكثير من المستثمرين ممن كانوا يعانون من حواجز علمية أمام التداول في البورصة”.

ويشير الخبير التكنولوجي على الجانب الآخر، إلى توظيف الشركات والمستشارين الماليين لتقنيات الذكاء الاصطناعي لمساعدة عملائهم في تحديد الاتجاهات الرئيسية، موضحاً أنه خلال السنوات الأخيرة ظهرت العديد من الطرق التي حسنت إلى حد كبير ذلك الاتجاه، حتى صار هناك اهتمام بوجود إدارات مختصة بالذكاء الاصطناعي في الشركات، سواء أصبحت جزءاً مؤثراً في بناء الاستراتيجيات، أو لا تزال في مرحلة البحث والتطوير للاعتماد عليها مستقبلاً، كما أن بعض الشركات أصبحت تبيع توصيات الذكاء الاصطناعي حول اتجاهات المحافظ الاستثمارية.

3 مخاطر

وكانت ورقة بحثية عن الذكاء الاصطناعي، صدرت في عام 2020 عن كل من ليلي بيلي وجاري جينسلر، قد جادلت بأنه في حين أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكن أن يقدم فوائد مذهلة في سياق مساعدة المنظمين الماليين على تقديم تحليلاتهم المالية، إلا أنه يخلق ثلاثة مخاطر استقرار كبيرة. أولها “التعتيم” على اعتبار أن أدوات الذكاء الاصطناعي غامضة للجميع باستثناء منشئيها. وقد يكون من الممكن تصحيح ذلك من خلال مطالبتهم بنشر إرشاداتهم الداخلية بطريقة موحدة، لكن يبدو من غير المرجح أن يحدث هذا قريباً.

ثاني تلك المخاطر هي المرتبطة بـ “التركيز” على اعتبار أنه من المحتمل أن يهيمن لاعبان فقط على الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى جانب منافس أو اثنين في الصين، وسيتم بعد ذلك بناء العديد من الخدمات على قاعدة الذكاء الاصطناعي تلك (..) إذا ظهر خطأ في تلك القاعدة، فإنه يمكن أن يسمم النظام بأكمله. إضافة إلى ثالث المخاطر المرتبطة بـ “الفجوات التنظيمية” انطلاقاً من حقيقة أن المنظمين الماليين يبدون غير مؤهلين لفهم الذكاء الاصطناعي.





المصدر


اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *