وفي غضون 24 ساعة، اندلع تمرد مسلح قاده رئيس مجموعة “فاغنر” العسكرية الخاصة يفغيني بريغوجين، لينتهي باتفاق بعد وساطة من الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، وينص على مغادرة بريغوجين، الذي حاول الإطاحة بالقيادة العسكرية الروسية، إلى بيلاروسيا.
وأثار حديث بوتين عن ثقته في “جميع الخطط والمهام المتعلقة بالعمليات العسكرية الخاصة” في أوكرانيا، حديثًا عن الدائرة المقرّبة من الرئيس الروسي، ومدى تضررها من أزمة تمرد فاغنر الأخيرة.
ما هي الدائرة القريبة لبوتين؟
تقول إعلامية غربية، إن الدائرة القريبة التي يتناقش معها الرئيس الروسي في تحديد سياسات بلاده “صغيرة جدًا”، وهي التي أدارته معه الحرب في أوكرانيا، إضافة لعدد من المسؤولين يعرفون باسم مجموعة “سيلوفيكي”، كما يجري اجتماعًا عبر الفيديو مع مجلس الأمن التابع له.
- سيرغي شويغو.. وزير الدفاع التكنوقراطي سيرغي شويغو، ويدير الحرب في أوكرانيا ويشرف على الجيش الروسي الحديث، بما في ذلك وكالة المخابرات العسكرية، ويشارك في اتخاذ القرارات العسكرية الرئيسية وتنفيذها، فضلًا عن قضائه مع بوتين بانتظام إجازات قصيرة للصيد، وصيد الأسماك، في سيبيريا، مما يتيح له التواصل المباشر مع الرئيس الروسي.
- نيكولاي باتروشيف.. ضابط المخابرات السوفيتية السابق الذي التقى به بوتين في لينينغراد في عام 1970، ويتولى منصب رئيس مجلس الأمن الروسي، وملقب بـ”الصقر”، ويلعب باتروشيف الدور غير الرسمي لمستشار بوتين للأمن القومي.
- ألكسندر بورتنيكوف.. رئيس جهاز الأمن الاتحادي الروسي الذي عرفه بوتين أيضا منذ 4 عقود، ويتولى قيادة الجهاز المسؤول عن الأمن الداخلي والاستخبارات، ويلعب دورا رئيسيا في الحفاظ على سيطرة بوتين.
- سيرغي ناريشكين.. رئيس جهاز المخابرات الخارجية الروسي، وعرف بوتين منذ تسعينيات القرن الماضي، عندما كانا يعملان في مكتب رئيس بلدية سان بطرسبرغ، ويعتبر من أكثر المسؤولين ولاءً لبوتين، ويعرف بتشدد أفكاره تجاه الغرب.
- فاليري غيراسيموف.. رئيس أركان الجيش الروسي البالغ من العمر 67 عاما، والذي جرى تعيينه مطلع العام الجاري قائدًا لـ “العملية العسكرية الخاصة” في أوكرانيا، حيث اعتبر هذا القرار دعما لموقف الجيش الروسي على حساب قوات فاغنر.
“النظام في خطر”
من جانبه، اعتبر كبير الباحثين في مركز أوراسيا التابع للمجلس الأطلسي براين ويتمور أن بريغوجين إذ لم يدفع ثمنًا باهظًا، فإن نظام بوتين في خطر شديد.
وحدد ويتمور في تحليل لأزمة تمرد مجموعة فاغنر، مجموعة من التداعيات لتلك الخطوة، قائلًا إنه يجب النظر إلى تمرد بريغوجين من عدة سياقات، تشمل:
أولا: قسمت الحرب ضد أوكرانيا النخبة الروسية إلى فصيلين، “الصقور” الذين لا يريدون سوى غزو كييف، و”الكلِبتوقراط” الذين يريدون العودة إلى عالم ما قبل 24 فبراير 2022، في حين أن الصقور هم إلى حد بعيد التهديد الأقوى والأكثر خطورة للنظام.
ثانياً: لأن التغيير السياسي يأتي إلى روسيا عندما تكون هناك 4 عوامل: النخبة المنقسمة، والجمهور غير الراضي، وغياب الخوف، فإذا تمت إزالة الخوف من المعادلة، فسيكون النظام في خطر، كما أن النخبة الروسية لا تتصرف كما ينبغي في هذه الحرب.
ثالثاً: النظام غير الرسمي لروسيا تخلى للأبد عن بريغوجين، إذ تنصل منه الجنرال سيرغي سوروفيكين، والزعيم الشيشاني رمضان قديروف، ومن الصعب أيضا تخيل حليف مزعوم آخر يقف إلى جانبه على حساب بوتين.
فرصة لإصلاحات واسعة
بدوره، يرى الباحث والمختص في الشأن الروسي سمير أيوب في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن الأزمة الأخيرة لتمرد مجموعة فاغنر تركت ارتدادات مختلفة على الساحة الروسية، في عدة قطاعات، تشمل:
- هناك تداعيات عسكرية للأزمة، لكنها يمكن أن تخدم الجيش الروسي وتعتبر إيجابية، إذ أن مختلف المجموعات العسكرية أصبحت تعمل تحت مظلته وبأوامره، وخاصة أن كل من بقي من مجموعة فاغنر سوق يقومون بإبرام عقود للخدمة في الجيش الروسي.
- الأهم من ذلك هو التداعيات السياسية، فلا شك أن الطبقة المحيطة بالرئيس بوتين يمكن أن تتأثر من التمرد، خاصة أنه كان مفاجئًا للجميع بما في ذلك الرئيس الروسي ذاته.
- فيما يخص مسألة القيادة العسكرية، فلا يمكن أن يمر هذا التمرد الذي وضع روسيا لمدة يوم ونصف أمام تطورات خطيرة، وأخطار لا تُحمد عقباها، وبالتالي فالجميع مسؤول عن هذه الأزمة بما في ذلك مجموعة فاغنر، وكذلك الطبقة السياسية المحيطة بالرئيس بوتين، بالإضافة إلى قيادة الدفاع الروسية، والكل عليه أن يتحمل المسؤولية ويدفع أثمان ذلك.
- بتقديري الشخصي يمكن أن يكون هناك “هزّة” لكل الطاقم المحيط بالرئيس بوتين، بالإضافة إلى وزارة الدفاع الروسية التي يمكن أن تشهد استقالات لعدد من القادة والمسؤولين، لذلك فهذه الحالة يمكن أن نرى تداعياتها في المستقبل القريب، وهذا يؤكد أن موقف الرئيس بوتين سيصبح أقوى من المرحلة السابقة، لأن التمرد كان درسًا سيتعلم منه.
- بوتين سيجد لنفسه مبررًا في التخلص من بعض القيادات القريبة منه، سواءً إن كانت سياسية أو بوزارة الدفاع، ولذلك فبرأيي أنها كانت حالة تمرد خطيرة، لكن الحل السياسي تحقق أعطاه دفعة قوية وقفة أكبر من المجتمع الروسي.
- أمامه فرصة لاستغلال الأزمة في إحداث إصلاحات من أجل الشارع الروسي، وللتعاطي مع الأزمة مع الغرب، ومواجهة التحديات التي تواجه موسكو، وعلى رأسها حصار العقوبات، وتداعيات الحرب بأوكرانيا.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.