كيف يؤثر الانخفاض المتوقع للدولار على أسعار الذهب والنفط؟
أخبار العالم

كيف يؤثر الانخفاض المتوقع للدولار على أسعار الذهب والنفط؟



ويقدّر ستيفن جين، في Eurizon SLJ Capital، قيمة التراجع المحتمل للعملة الأميركية من 10 إلى 15 بالمئة خلال الـ 18 شهراً المقبلة، في وقت يُمكن أن يؤدي فيه الهدوء المتوقع لمعدلات التضخم إلى اتجاه الفيدرالي الأميركي لخفض أسعار الفائدة.

وجين هو مخترع نظرية ابتسامة الدولار مع زملائه في بنك “مورغان ستانلي” في العام 2001، وهي النظرية التي ترى أن العملة الأميركية تميل للصعود عندما يكون الاقتصاد الأميركي إما قوياً أو ضعيفاً بينما تهبط عندما يكون النمو متوسطاً.

وقال جيم في بحث له رفقة زميلته جوانا فرير، إنه:

  • مع وجود الكثير من التشديد من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي بالفعل، فإن مخاطر التضخم في الولايات المتحدة والعالم منحازة بشدة إلى الاتجاه الهبوطي.
  • المستوى الضعيف بالفعل للنشاط الاقتصادي في أجزاء رئيسية من العالم، من المرجح أن يمنع الطلب العالمي من الانهيار، ويشير هذا السيناريو إلى ضعف الدولار بشكل كبير.
  • تعتمد تلك التوقعات على التقديرات الخاصة بتباطؤ التضخم الأميركي بنفس الوتيرة التي ارتفع بها تقريباً في سنة 2021 والنصف الأول من العام الماضي، وهي فترة اتسمت بأقوى صعود في أسعار المستهلكين منذ ثمانينيات القرن الماضي.

وتواجه الأسواق حالة “عدم يقين” في ضوء الاضطرابات الاقتصادية الحالية التي تلقي بظلالها على مختلف القطاعات، وتؤثر تأثيراً مباشراً على اتجاهات المستثمرين نحو مزيد من التحوط بالاعتماد على أدوات الاستثمار الأكثر أمناً، وبما يؤثر على العملة الخضراء التي تواجه أزمة ثقة محتملة.. فما مدى انعكاسات ذلك المشهد على أسعار الذهب والنفط، في ضوء الارتباط التاريخي بين الذهب والنفط والدولار الأميركي؟

تقول خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، في تصريحات لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن التوقعات بانخفاض الدولار 15 بالمئة خلال الـ 18 شهراً المقبلين، مُرتبطة بعددٍ من المؤشرات المُهمة التي أوجدت جملة من التحديات أمام العملة الأميركية، وعلى رأسها:

  • اتفاقات التبادل التجاري بالعملات الأخرى (منافسة اليوان والروبل للدولار الأميركي على التعاملات الدولية).
  • قرار كبار مُنتجي النفط في أوبك + بخفض الإنتاج حتى نهاية العام، بما يؤثر على معدلات التضخم في الولايات المتحدة الأميركية، وعلى قوة الدولار في العالم تبعاً لذلك الأمر.

قرار أوبك بلس وأسواق النفط

وتشدد رمسيس على أنه بالنسبة لأسعار النفط، فإن التقديرات المرتبطة بارتفاعها تتعلق بشكل مباشر بقرار “أوبك +” الهادفة لتحقيق التوازن في الأسواق، مشيرة إلى توقعات بعض بنوك الاستثمار العالمية لتجاوز النفط عتبة الـ 100 دولار للبرميل، لكنها تعتقد في الوقت نفسه بأن “المخاوف من الركود من الممكن أن تحد من تلك التوقعات، لتتأرجح الأسعار ما بين 83 كحدٍ أدنى من غير المتوقع النزول دونه وصولاً إلى 100 دولار”.

وعلى الجانب الآخر، وفيما يتصل بمدى تأثر أسعار الذهب بالانخفاض المتوقع للدولار حتى نهاية العام، ترى أن أسعار الذهب عادة ما تتناسب عسكياً مع الدولار، وفي بعض الأحيان تسير معه في نفس الاتجاه، وهو أمر مرتبط بمدى تركيز المستثمرين على العقود الآجلة للذهب، في ضوء المخاوف المسيطرة على الأسواق ومؤشرات الركود الاقتصادي.

وتوضح أن المعدن النفيس الذي كسر مستويات الـ 2000 دولار للأونصة كمستوى قياسي “وإن واجه -بحسب بعض التحليلات- حركة بيعية تُعيده لمستويات الـ 1900 دولار للأونصة، فإنه مرشح للارتفاع مُجدداً، حيث يظل هو المعدن النفيس ملاذ المستثمرين على المدى الطويل”.

ودعم تراجع عائد السندات الأميركية وانخفاض الدولار استقرار الذهب فوق الـ 2000 دولار للأونصة، ليختبر مستوى 2200 دولار مع بداية العام المقبل 2024، طبقاً لتقديرات محللو بنك “يو بي إس غروب”، بالنظر إلى اعتباره وسيلة للتحوط في أوقات الاضطرابات الاقتصادية.

دعم الفيدرالي الأميركي للعملة

من جانبه، فإن الخبير الاقتصادي استاذ الاقتصاد والتمويل، الدكتور مصطفى بدرة، يقول في تصريحات لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن الأسواق عموماً بحاجة لمزيدٍ من الوقت لظهور مدى قدرتها على استيعاب انخفاض الدولار بنسبة 15 بالمئة كما تشير التوقعات، ومدى تفاعلها مع ذلك، لكنّ بشكل عام تنعكس تلك التقديرات إلى حد كبير على أسعار النفط والذهب.

ويشير إلى أن “مساندة الحكومة الأميركية وبنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي للدولار منحته قدرة إضافية هي غير معبرة بشكل حقيقي عن الوضع والمؤشرات الاقتصادية التي تعكسها البيانات الأميركية، من بينها مؤشرات البطالة الأخيرة”.

ويلفت إلى أن “بيوت الخبرة وبنوك الاستثمار العالمية تتحدث عن أن الاقتصاد الأميركي مُهدد بالركود التضخمي، في ضوء معدلات التضخم الحالية، وهذه العوامل من شأنها التأثير بشكل كبير على قيمة الدولار دون قيمته الحالية التي لا تعبر عن حجم الضغوطات”.

وكانت دراسة استقصائية صادرة عن الرابطة الوطنية لاقتصاديات الأعمال، نبهت إلى أن الولايات المتحدة قد تدخل مرحلة ركود وتضخم كبير هذا العام. وأشار أكثر من ثلثي المشاركين في الدراسة إلى أن معدلات التضخم مرشحة إلى أن تبقى أعلى من 4 بالمئة في نهاية السنة.

وواصل معدل التضخم السنوي في أميركا تراجعه مسجلا 6 بالمئة في فبراير الماضي، بما يتماشى مع التوقعات، وذلك مقابل 6.4 بالمئة في يناير. وعلى أساس شهري، تباطأ معدل التضخم في فبراير إلى 0.4 بالمئة، بما يتوافق مع التوقعات، وذلك مقابل 0.5 بالمئة في يناير.

وسائل التحوط في وقت الاضطرابات الاقتصادية

ويتحدث الخبير الاقتصادي في الوقت نفسه عن تداعيات ذلك على أسعار الذهب، مشدداً على أن “مع انخفاض الدولار وفق تلك التوقعات المذكورة، وفي ظل ارتفاع معدلات الفائدة (للسيطرة على معدلات التضخم) فإن المستثمرين حول العالم عادة ما يلجأون إلى وسائل للتحوط؛ على رأسها الاستثمار في الذهب، وهو ما يبرر الاتجاه الصاعد لأسعار الذهب فوق الـ 2000 دولار للأونصة”، مشيراً في الوقت نفسه إلى مكاسب العملات الرقمية (وإن كانت بقدر محدود) واستفادتها من انخفاض الدولار على ذلك النحو.

أما بالنسبة للنفط، فيعتقد بأن “قرار أوبك + الأخيرة بخفض الإنتاج بدءاً من الشهر المقبل وحتى نهاية العام، يؤثر بشكل كبير على قيمة العملة الأميركية، ومع ارتفاع أسعار النفط تبعاً لذلك القرار”.

والشهر الماضي، رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة الرئيسية، بمقدار 25 نقطة أساس، لتصل إلى نطاق يتراوح بين 4.75 و5 بالمئة عند أعلى مستوى منذ سبتمبر 2007، أي قبل الأزمة المالية العالمية.

وتعد هذه هي الزيادة التاسعة على التوالي التي يقرها الاحتياطي الفيدرالي منذ العام الماضي 2022 في محاولة لكبح التضخم الذي وصل في 2022 إلى أعلى مستوياته في نحو 4 عقود.





المصدر


اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *