كيف حافظ “عقار لإنقاص الوزن” على نمو هذه الدولة الأوروبية؟
أخبار العالم

كيف حافظ “عقار لإنقاص الوزن” على نمو هذه الدولة الأوروبية؟



في الدنمارك، أنقذت شركة Novo Nordisk المُنتجة لعقار Wegovy الشهير الخاص بإنقاص الوزن، اقتصاد البلاد من الركود، وهو ما أقرته البيانات الرسمية، لا سيما في ضوء الطفرة التي تحققها الشركة بما جعلها تهيمن على اقتصاد هذا البلد، وتؤثر بشكل مباشر على السياسات المالية والنقدية للبنك المركزي، الذي اتجه إلى إبقاء أسعار الفائدة كما هي، في ضوء ارتفاع قيمة العملة المحلية.

“في بلد يقل عدد سكانه قليلاً عن ستة ملايين نسمة، نمت شركة Novo Nordisk بشكل كبير لدرجة أنها تهيمن على الاقتصاد الدنماركي، بل وتشوهه”، بحسب تقرير نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية، وذكر التقرير أنه:

  • بفضل الطلب المتزايد على Wegovy (عقار التخسيس التابع للشركة)، أصبحت Novo Nordisk الأسبوع الماضي أكبر شركة في أوروبا من حيث القيمة السوقية بأسواق المال، متجاوزة الحامل السابق لهذا اللقب مجموعة LVMH الفرنسية الفاخرة.
  • القيمة السوقية لأسهم Novo Nordisk البالغة 340 مليار جنيه إسترليني تتجاوز الآن إجمالي الناتج الاقتصادي للدنمارك، والذي يقدر بنحو 323 مليار جنيه إسترليني هذا العام.

أدى الارتفاع الكبير في مبيعات هذا الدواء في الخارج إلى ارتفاع قيمة الكرونة الدنماركية، ما أجبر البنك المركزي في البلاد على إبقاء أسعار الفائدة أقل مما كان سيفعله من أجل كبح جماح قيمة العملة. (ويذكر أنه يتم ربط الكرونة باليورو من أجل تسهيل التجارة مع منطقة اليورو).

تأثير كبير على اقتصاد البلاد

ونقل التقرير عن كبير المحللين في “دانسكي بنك” الدنماركي ، جينس بيدرسن، قوله إنه “من الواضح أن الشركة لها تأثير على البلاد بطرق عديدة.. إنها حتى تؤثر على أسعار الفائدة.. نحن في وضع يحقق فيه دواء إنقاص الوزن وشركة أدوية نجاحاً كبيراً لدرجة أنه يؤثر على أسعار الفائدة في بلد صغير”.

كما نقل عن كبير الاقتصاديين في بنك سيدبانك الدنماركي، سورين كريستنسن، قوله إن الشركة تحظى بزخم واسع في الأوساط الدنماركية، في ضوء أنها الشركة الأكثر قيمة في أوروبا.

وبفضل شركة الأدوية تلك، تمكنت الدنمارك على الورق (نظرياً) على الأقل من تجنب الركود الاقتصادي الذي شهدته جارتاها ألمانيا والسويد. ويقول الاقتصاديون إنها ستكون في حالة ركود من الناحية الفنية الآن (يتم تعريفها على أنها ربعين متتاليين من الانكماش)، ذلك أن بقية الصناعة في البلاد في تراجع. ولولا مساهمة قطاع الأدوية، لكانت الصناعة الدنماركية قد تراجعت بنسبة 15 بالمئة خلال العام الماضي.

اقتصاد صغير.. وشركة عالمية

من جانبه، يقول الخبير بمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي، جاكوب كيركجارد، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن الدنمارك تعتبر اقتصاداً صغيراً، وشركة NovoNordisk هي شركة عالمية ناجحة لها مبيعات في جميع أنحاء العالم.

ويوضح أنه في اللحظة التي أطلقت فيها شركة NovoNordisk دواءً ناجحاً للغاية Wegovy ، فإن مبيعاتها وأسعار أسهمها ترتفع بسرعة، وهذا أمر إيجابي على نطاق واسع بالنسبة للاقتصاد، إذ ترتفع الصادرات ويصاحبها فائض في الحساب الجاري.

  • يعمل دواء Wegovy، الذي يحقنه المستخدمون مرة واحدة في الأسبوع، على قمع الشهية عن طريق محاكاة عمل هرمون الأمعاء المسمى GLP-1 الذي يتم إطلاقه بعد تناول الطعام.
  • تمت تغذية جنون هذا الدواء، ودواء مرض السكري Ozempic الذي يحظى بشعبية كبيرة لدى الشركة، من قبل نجوم هوليوود وغيرهم من المشاهير، من بينهم مالك تويتر (X حالياً) إيلون ماسك، الذي غرّد في نوفمبر الماضي قائلاً: “الصيام + Ozempic / Wegovy + لا يوجد طعام لذيذ بالقرب مني”.

يضيف الخبير بمعهد بيترسون: مع ذلك، فإنه نظراً لأن أسهم NovoNordisk مملوكة بأغلبية ساحقة من قبل مؤسسة خيرية ومستثمرين أجانب، فإن ارتفاع سعر السهم لا يعني تأثير الثروة على الدنماركيين بشكل عام.

مبالغة في قصة نجاح الشركة

ويستطرد كيركجارد: على هذا النحو، لا تنبغي المبالغة في التأثير الاقتصادي الإيجابي الإجمالي لقصة نجاح الشركة هذه، لا سيما بالنظر إلى أن شركة NovoNordisk هي شركة كثيفة رأس المال ولديها أكثر من 50 ألف موظف عالمي، منهم نسبة صغيرة نسبياً يقيمون في الدنمارك.

ويعمل لدى الشركة 59 ألف شخص في 80 دولة، نسبة الخمس منهم في الدنمارك، وتخدم ما يقرب من 40 مليون مريض على مستوى العالم.

ويُشار هنا إلى أن:

  • الشركة بعد 100 عام من العمل، وإنتاج الأنسولين وأدوية مرض السكري الأخرى، اتجهت لتعزيز دورها في إنتاج العقارات المرتبطة بالتحكم في الوزن، وأطلقت Wegovy قبل عامين.
  • الشركة المذكورة -التي تكافح من أجل مواكبة الطلب المتزايد على أدوية إنقاص الوزن- تشهد طفرة في التوظيف، وتعمل على توسيع مصانعها، مع خطط لبناء موقع إنتاج جديد في أودنس، على جزيرة فونين المجاورة.
  • يعد ذلك تحولاً كبيراً بالنسبة لشركة كافحت انخفاض أسعار الأنسولين، وقبل ستة أعوام كانت تفكر في سلسلة من عمليات الاستحواذ لبث حياة جديدة في محفظة الأدوية الخاصة بها. في ذلك الوقت، دفعت أيضاً 59 مليون دولار في الولايات المتحدة لتسوية مزاعم بأن موظفي المبيعات لديها قدموا للأطباء معلومات مضللة، على الرغم من استمرارها في إنكار ارتكاب أي مخالفات.

الركود الاقتصادي

ويلفت الخبير بمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي، في معرض حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى أنه فيما يتعلق بالخصوصية الإحصائية المتمثلة في أن هذه الشركة “أنقذت” الاقتصاد الوطني بمفردها من الركود في الربع الثاني “فهو عنوان لطيف نشرته وكالة الإحصاء الوطنية. ومع ذلك، فهو مضلل من حيث التأثير الاقتصادي الشامل لهذه الشركة”.

ويرجع هذا التأثير إلى الركود النسبي في الربع الثاني للاقتصاد الكلي و”تأثير الإطلاق الإيجابي” لعقار نوفونورديسك المضاد للسمنة في وقت سابق من هذا العام. ومع ذلك، فمن المحتمل جداً أن يتغير هذا التأثير لاحقاً، حيث تتم مراجعة بيانات الناتج المحلي الإجمالي مع توفر المزيد من البيانات.

ويختتم كيركجارد، تصريحاته بقوله: بشكل عام، تعد NovoNordisk شركة عالمية ناجحة للغاية مقرها في الدنمارك، وتمثل الاقتصاد الدنماركي المتنوع والمتطور تقنياً. ومع ذلك، فهي لا تحدد بمفردها التنمية الاقتصادية الوطنية في البلاد.

اقتصاد الدنمارك

ولا تعاني الدنمارك من نقص في الشركات متعددة الجنسيات، إذ لديها على سبيل المثال شركة ليغو لصناعة الألعاب، وشركة كارلسبيرغ، ومجموعة الشحن ميرسك. ولكن لم يحدث من قبل أن كانت شركة واحدة هي المهيمنة إلى هذا الحد، حتى أنه العام الماضي، جاء ثلثا النمو الذي حققته البلاد من صناعة الأدوية، بقيادة شركة نوفو نورديسك، وفق التقرير المذكور.

وضاعفت وزارة الاقتصاد الدنماركية توقعاتها للنمو للعام 2023 إلى 1.2 بالمئة. وقد ذكر تقريرها عن التوقعات الاقتصادية اسم الشركة 31 مرة (وهو أمر غير مسبوق لأية شركة).

لكن الصورة أقل وردية في أماكن أخرى من الاقتصاد. وتظهر أحدث الأرقام أن الناتج المحلي الإجمالي الدنماركي نما بنسبة 1.7 بالمئة على أساس سنوي في النصف الأول من العام 2023، لكنه كان سينكمش بنسبة 0.3 بالمئة لولا إنتاج الأدوية، الذي يشكل 5 بالمئة من الاقتصاد، وفق ما ذكره تقرير الغارديان.

وحققت شركة NovoNordisk مبيعات بلغت 177 مليار كرونة (20 مليار جنيه استرليني) العام الماضي، بزيادة 26 بالمئة عن العام السابق، وحققت أرباحاً قبل الضريبة بلغت حوالي 8 مليارات جنيه استرليني. ورفعت توقعات أرباحها الشهر الماضي بعد أن حققت مبيعات نصف سنوية بقيمة 12 مليار جنيه إسترليني وأرباحاً قدرها 5.6 مليار جنيه إسترليني.

 





المصدر


اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *