كيف تؤثر ضغوطات السوق على “صناعة إدارة الأصول”؟
أخبار العالم

كيف تؤثر ضغوطات السوق على “صناعة إدارة الأصول”؟



الأزمات بدأت من جائحة كورونا ووصولاً إلى تداعيات الحرب في أوكرانيا، ما غيّر خطط عديد من الشركات، لا سيما الصغيرة والمتوسط، ووضع مزيداً من العراقيل أمام مواصلة عملها على النحو المعتاد، بما في ذلك شركات إدارة الأصول، التي تعرض بعضها لهزّات متباينة، في ظل جملة المتغيرات الراهنة.

وفي ظل تلك الضغوطات، تظل الفرصة سانحة أمام مجموعات كبرى من أجل السيطرة والاستحواذ على نظيراتها الأصغر، وبما يفتح الطريق أمام عمليات اندماج جديدة تشهدها قطاعات مختلفة.

في هذا السياق، وتبعاً للمعطيات المذكورة، فمن المرجح أن تشهد صناعة إدارة الأصول اندماجاً كبيراً على مدى السنوات الأربعة المقبلة، بما يقود إلى إمكانية اختفاء “واحدة من كل ست شركات” بسبب مزيج من تقلبات السوق وأسعار الفائدة المرتفعة والضغط على الرسوم التي تحصل عليها الشركات.

مسح حديث

وفي هذا السياق، نقلت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، في تقرير لها، عن شركة برايس ووترهاوس كوبرز PwC (من أكبر شركات الخدمات المهنية في العالم مع ديلويت، ومن مراجعي الحسابات الأربع الكبرى، ومقرها لندن)، نتائج مسح أجرته الشركة (شمل 500 مديري الأصول والمستثمرين المؤسسين)، على النحو التالي:

  • واحدة من كل ست مجموعات لإدارة الأصول “سوف تختفي بحلول العام 2027”
  • 16 بالمئة من مديري الأصول والثروات الحاليين سوف يخرجون من العمل أو تشتريهم مجموعات أكبر.
  • نحو ثلاثة أربع مديري الأصول يفكرون في “الاستحواذ أو الاندماج” مع منافس.
  • أرجع المسح ذلك إلى كون “نماذج الأعمال تتعرض لضغوط في ظل سوق صعبة”.

في هذا السياق، يقول الخبير البريطاني المتخصص في الأصول العقارية، جوناثان رولاند، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن العوامل التي تشهدها الأسواق من شأنها أن تعزز اتجاه “الاندماج” بين شركات إدارة الأصول بشكل عام من أجل التغلب على التحديات التي يشهدها القطاع.

ويضيف: “بالطبع.. من لديهم موارد أكثر يستطيعون التهام المنافسة!”.

ويعتقد بأنه في ضوء ظروف السوق، ومع المؤشرات المرتبطة بحجم التحديات الناجمة أساساً عن ارتفاع معدلات التضخم، وكذلك ارتفاع أسعار الفائدة على ذلك النحو في سياق الإجراءات التي اتخذتها البنوك المركزية للحد من معدلات التضخم، فإن الضغوطات تتزايد على كاهل مديري الأصول أيضاً، وبما يسفر عن مجموعة من المتغيرات.

توقعات قاتمة

يتسق ذلك مع ما ذكره مدير إدارة الأصول والثروات العالمية في برايس ووترهاوس كوبرز، أولوين الكسندر، والذي ذكر أن “كبار مديري الأصول يكبرون.. هناك الكثير من ضغوط التكلفة تواجهها الصناعة في الفترة الحالية، علاوة على ضغط الهامش الذي يجبر المديرين على النظر إلى كتلتهم الحرجة، لاسيما فيما يخص كبار المديرين في الصناعة، وما إذا كان بإمكانهم تحمل ذلك بالإضافة إلى الحفاظ على الهامش.”

  • تأتي التوقعات القاتمة المذكورة، في الوقت الذي يعاني فيه مديرو الصناديق من أكبر انخفاض في الأصول منذ عقد.
  • بحسب PwC، فإن حجم ما يديره مديرو الأصول انخفض بنسبة 10 بالمئة بين عامي 2021 و 2022 من 127.5 تريليون دولار إلى 115.1 تريليون دولار، مع تضرر الأسواق المتراجعة عبر فئات الأصول برسوم الإدارة والأداء.

يعني ذلك أن هبوط الأسواق في مختلف فئات الأصول أثر سلباً على ما يتقاضاه مديرو الأصول عن خدماتهم في إدارة الأصول، وكذلك على الرسوم المرتبطة بأداء الأصول التي يتم تداولها.

ذلك أنه عندما تنخفض قيمة الأصول في الأسواق، فإن ذلك يؤدي إلى تراجع الأموال التي يتم تداولها بواسطة مديري الأصول. ونتيجة لذلك، يتأثر دخل مديري الأصول وربحيتهم، وبالتالي قد يتراجع مبلغ الرسوم التي يحصلون عليها من عملائهم.

صعوبات وحالات تعثر

وبالعودة لتصريحات رولاند لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، فإنه يشير إلى أن “مديري الأصول يواجهون صعوبات في العمل، في وقت يجدون فيه صعوبات مواكبة في المدفوعات، هذا يعني أن المديرين سوف يقومون بمزيد من العمل مقابل دخل أقل، حيث حالات التعثر في بيئة اليوم الأكثر صعوبة”.

وبحسب تقرير الصحيفة البريطانية، فقد استشهد المديرون -الذين تم استطلاع آرائهم ضمن مسح شركة برايس ووترهاوس كوبرز- بعدد من التحديات التي يواجهونها في هذا السياق، وعلى رأسها (التضخم وتقلب السوق وأسعار الفائدة)، باعتبارها العوامل الدافعة وراء الانخفاض.

ويتوقع أقل من النصف بقليل أن أصولهم الخاضعة للإدارة سوف تتضرر بشكل أكبر من المخاطر البيئية والجغرافيا السياسية.

كانت صناعة إدارة الأصول العالمية تعقد صفقات سريعة للاستجابة لهذه الضغوط ومحاولة الاستفادة من عملاء جدد أو مجالات نمو جديدة، من خلال عدد من عمليات الاندماج والاستحواذ رفيعة المستوى.

وطبقاً للخبير البريطاني، فإنه “سيكون من الصعب أمام مديري الأصول تجاوز تلك المرحلة، لا سيما أن العمل حالياً يصبح أكثر حذراً من أي وقت”، مشدداً على أنه “إذا لم يتم التغلب على المشكلات المنتشرة في جميع أنحاء أوروبا فيما يخص التضخم وأسعار الفائدة، فإننا حتماً سوف نرى مزيداً من الآثار السلبية تبدأ بشكل جدي خلال الربع الأخير من العام الجاري”.

  • في الشهر الماضي، وافقت فرانكلين تمبلتون (شركة استثمار عالمية تأسست في العام 1947 ومقرها كالفورنيا) على الاستحواذ على شركة
  • ومقره كاليفورنيا على شراء شركة بوتنام انفستمنتس المنافسة لها، وذلك مقابل أكثر من مليار دولار، مع استمرار مدير الأصول في التوسع في المنتجات البديلة وخطط التقاعد.
  • توقعت شركة Brookfield Asset Management (التي تتخذ من تورونتو مقراً لها، وتدير أصولاً بقيمة 834 مليار دولار)، في مايو الماضي، أن البيئة الاقتصادية الصعبة “سوف تجبر مديري الأصول على الاندماج في ما يصل إلى 10 شركات رائدة في الصناعة”.
  • هناك اتجاه مماثل يحدث في إدارة الثروات؛ ففي أبريل الماضي، دفع مدير الثروات Rathbones 839 مليون جنيه إسترليني مقابل شركة Investec Wealth & Investment المنافسة، وتم إنشاء شركة بأكثر من 100 مليار جنيه إسترليني من الأصول الخاضعة للإدارة.

الخوارزميات الجديدة

كما نقلت الصحيفة البريطانية عن الرئيس التنفيذي لمدير الثروات إيفلين بارتنرز (التي قامت أيضاً بعمليات استحواذ على مستشارين أصغر هذا العام)، كريس وودهاوس، قوله: “أعتقد في النهاية أنك ستنتهي مع حفنة من مديري الثروات في المملكة المتحدة الذين يديرون ما يزيد عن 100 مليار جنيه إسترليني”.

وطبقاً للتقرير، فإن أفضل 10 مديرين تقليديين للأصول “سوف يسيطرون على نصف جميع الأصول التي ستذهب إلى الصناديق المشتركة بحلول العام 2027، ارتفاعاً من 42.5 بالمائة في عام 2020.

بالإضافة إلى ذلك، تتوقع برايس ووترهاوس كوبرز أن المشورة الآلية، التي تستخدم الخوارزميات لتقديم الخدمات المالية، ستنمو لتبلغ 6 تريليونات دولار بحلول العام 2027 لأنها تقدم مشورة شخصية منخفضة التكلفة.

 ويشار هنا على سبيل المثال أنه في العام 2021، اشترت شركة جي بي الشركة البريطانية للإدارة الرقمية للثروة “نوتميغ” (Nutmeg). وفي هذا السياق، وجد المسح أن 90 بالمئة من المديرين يعتقدون بأن تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي ستعزز العوائد وتجذب المستثمرين الشباب، الذين من المتوقع أن تزداد أهميتهم لأنهم يرثون 68 تريليون دولار من الجيل السابق.

ويلعب الذكاء الاصطناعى دوراً متطوراً بشكل تدريجي في الصناعة، في ضوء جيل جديد من خوارزميات التداول التي تستخدم تقنيات الـ AI لتكون بمثابة وكلاء مستقلين.

سندات الخزانة الأميركية

من جانبه، فإن الأكاديمي المتخصص في إدارة المخاطر المالية، الاستاذ بجامعة مكغيل ‏الحكومية في مونتريال، محمد شودري، يقول في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: تقدم الخزانة الأميركية لمدة عامين عائداً يقارب 5 بالمئة حتى الاستحقاق مع أقصى درجات أمان رأس المال، وهناك إمكانية لتحقيق عائد أعلى لفترة الاحتفاظ (عندما تنخفض أسعار الفائدة في السنة الثانية).

وتقدم الخزانة الأميركية على المدى القصير أيضًا أكثر من 4 بالمئة عائداً يجعل الاستثمار في سوق المال جذاباً مقارنة برأس المال وفئات الأصول المحفوفة بالمخاطر.

مع النمو الاقتصادي الضعيف واحتمال حدوث ركود، وإن كان معتدلاً، يبدو أن الاتجاه الصعودي للسلع والأسهم محدوداً. وينطبق هذا بشكل خاص على الأسهم بالنظر إلى تقييمها المرتفع بالفعل.

ويضيف: لا يبدو أن الاستثمارات البديلة لها عوائد جيدة أيضاً، وتعتبر العملات المشفرة في أحسن الأحوال مرتكزة على أسس متزعزعة بسبب الإخفاقات الأخيرة واللوائح المعلقة، بحسب تعليقه.

وتواجه المكاتب والعقارات التجارية للبيع بالتجزئة مشكلة كبيرة في العمل عن بُعد ونمو التجارة الإلكترونية، إلى جانب ارتفاع تكلفة التمويل (بسبب ارتفاع أسعار الفائدة).

وقد جفت سوق الاكتتابات العامة حرفياً وسيظل توافر الأموال للمشاريع الخطرة واستثمارات الأسهم الخاصة مقيدًا في المستقبل المنظور.

وتبعاً لذلك، يشير الخبير المتخصص في إدارة المخاطر المالية إلى أن الرسوم تخضع -وستظل- تحت الضغط حيث تعمل التكنولوجيا المالية والذكاء الاصطناعي على تقليل الحواجز التي تحول دون الدخول في أعمال إدارة الأصول مع تقليل تكلفة أبحاث الاستثمار والتداول المباشر من قبل المستثمرين ، سواء من المؤسسات أو الأفراد.

وبالتالي “مع كل الرياح المعاكسة المذكورة أعلاه، سيكون من الصعب بالفعل على أعمال إدارة الأصول جذب الأموال وتقديم عوائد أفضل نظرًا لتعدد المخاطر”، وفق شودري.





المصدر


اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *