في تصريحات متفرقة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” يشرح محللون وخبراء، تلك العوائد المرجوة من الشراكة التي يُنظر إليها باعتبارها خطوة في سبيل تحقيق التكامل الاقتصادي العربي، والاستفادة من دروس الماضي، حيث التبعات الاقتصادية لجائحة كورونا وكذلك تداعيات الحرب في أوكرانيا، وبما يتطلب تشكيل جبهات عربية صلبة وقوية في مواجهة التحديات والتقلبات التي يُواجهها الاقتصاد العالمي على أثر المتغيرات الراهنة.
وكانت الاجتماعات المرتبطة بالشراكة الصناعية التكاملية للتنمية الاقتصادية قد انطلقت في العاصمة الإماراتية أبوظبي في شهر مايو من العام الماضي، بمشاركة الإمارات ومصر والأردن، فيما انضمت مملكة البحرين خلال الاجتماعات الثنائية للجنة العليا للشراكة في القاهرة في يوليو من العام الماضي.
أسفرت تلك الجهود عن التوصل أخيراً إلى مجموعة من الاتفاقات التي يُعول عليها في المساهمة في زيادة الناتج المحلي في بلدان الشراكة عبر سلسلة من المشاريع ذات الصلة.
عوائد اقتصادية مُهمة على المدى القريب
يقول عضو المجلس الوطني الاتحادي، ضرار بالهول الفلاسي، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: إن الشراكة الصناعية الرباعية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية ومملكة البحرين والمملكة الأردنية الهاشمية، في إطار التعاون في المجال الصناعي، ترى النور عبر التوقيع على 12 اتفاقية و9 مشاريع بقيمة استثمارية تتجاوز 2 مليار دولار.
- ومن المتوقع أن ترفع المشاريع المشتركة الناتج المحلي في بلدان الشراكة بأكثر من 1.6 مليار دولار وتوفر 13 ألف فرصة عمل.
- وتعتبر هذه الشراكة خطوة مهمة لتعزيز التعاون الاقتصادي والصناعي بين الدول الأربع، وتحقيق التنمية المستدامة في المنطقة.
ويشدد الفلاسي على أنه من بين الاتفاقات الموقعة، من الجانب الإماراتي اتفاقية تفاهم مع شركة الإمارات العالمية للألمنيوم “EGA”، والتي تمثل واحدة من أكبر الشركات الصناعية في الإمارات، وذلك للعمل على تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الشركتين في مجال صناعة الألمنيوم.
كما تم توقيع اتفاقية شراكة بين شركة “جلوبال فارما” الإماراتية وشركة “نرهادو” المصرية لتطوير تكنولوجيا تصنيع متقدمة لإنتاج الأدوية والمكملات الغذائية في دولة الإمارات.. وطبقاً للفلاسي:
- تعتبر هذه الاتفاقيات إضافة قوية للاقتصاد في الدول الأربع
- تعزز الاستثمار وتوفر فرص عمل جديدة في الصناعات الحيوية الرئيسية
- تعكس هذه الشراكة الاستراتيجية الالتزام المشترك بتعزيز التعاون الاقتصادي والصناعي
- من المتوقع أن تسهم في تحقيق أهداف استراتيجية مشتركة لدول الشراكة، ومنها تحسين مستوى الحياة للمواطنين
- تعزيز التعاون والتكامل الاقتصادي بين دول المنطقة
- تعزيز الاستثمار والتجارة الدولية
ويردف قائلاً: “هذه الشراكات الصناعية الرباعية تعتبر خطوة مهمة نحو تعزيز الاقتصاد المحلي في الدول الأربع، إذ سيتم إطلاق عدد من المشاريع الصناعية المشتركة بينهم، ومن المتوقع أن تحقق هذه المشاريع عوائد اقتصادية هائلة على المديين القريب والبعيد”.
علاوة على ذلك، تساعد هذه الشراكات في تعزيز الابتكار والتطور التكنولوجي، وتسهم في تطوير الصناعات الوطنية في الدول الأربع، وتحسين جودة المنتجات المصنوعة فيها، كما توفر هذه الشراكات فرصاً للشركات المحلية والعالمية للدخول إلى هذه الأسواق الواعدة، وتوفر فرصاً جديدة للعمل والتوظيف للمواطنين في الدول الأربع.
ويضيف: بهذا الصدد أرى أن الدور القادم على المعنين بالملف في الدول الأربع تشجيع الشركات المحلية والعالمية للاستثمار في هذه الشراكات الصناعية الرباعية، وتقديم التسهيلات اللازمة لهذه الشركات لتسهيل عمليات الاستثمار والتنفيذ.
ويختتم عضو المجلس الوطني الاتحادي حديثه بقوله: أعتبر هذه الشراكات الصناعية الرباعية إنجازاً هاماً في تعزيز التعاون الاقتصادي والتكنولوجي بين دول المنطقة.. فجر جديد لتوفير فرص مميزة للتنمية والتوظيف، علاوة على ذلك، فإن:
- الشراكة تتمتع بمزايا استثمارية مهمة، مثل الموقع الجغرافي المتميز لهذه الدول والذي يجعلها مركزاً للتجارة والتبادل التجاري في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
- كما تعتبر دول الشراكة من أهم الدول الصناعية في المنطقة، وتمتلك كل منها مزايا وقدرات فريدة تجعلها تتميز في العديد من المجالات الصناعية.
توطين الاستثمارات العربية
من جانبه، يلفت الخبير الاقتصادي الأردني، حسام عايش، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى أن هذه الاتفاقات لا شك هي تطوير جديد في العلاقات الإقليمية العربية، وتشكل نوعاً من الاستثمار للثروات العربية بما يخدم تكامل اقتصادي عربي حقيقي وفعلي.
وبالتالي نحن ننتقل إلى مرحلة أكبر وأفضل على مستوى توطين الاستثمارات العربية، وبما يؤدي إلى استثمار الإمكانيات والقدرات الكامنة في هذه الدول، وبما يخلق سوقاً تكاملية على صعيد الاستثمارات وعائد هذه الاستثمارات.
ويضيف: لا شك أيضاً أن كلاً من الأردن ومصر والبحرين، سوف يستفيدون بشكل كبير من الاستثمارات الإماراتية؛ بالنظر إلى أن ذلك سوف يخلق المزيد من فرص العمل ويحسن من آليات ووسائل سلاسل الإمداد المحلية والإقليمية ويضيف المزيد من النمو للناتج المحلي الإجمالي في هذه الدول، وبالتالي تحسين معدلات دخل المواطنين في هذه الدول تبعاً لذلك.
ويوضح الخبير الاقتصادي الأردني أن “هذه الاستثمارات تأتي في صناعات وقطاعات اقتصادية مهمة لهذه الدول، سواء في الصناعة أو الأمن الغذائي والزراعة وغير ذلك من القطاعات الاقتصادية ذات القيمة الكبيرة على مستوى الأمن العام لهذه الدول أو على مستوى الأمن الذاتي لكل دولة منهم، مشدداً على أن “هذه النوعية من الاستثمارات أخذت بعين الاعتبار أهمية وجود سوق أكبر على مستوى المستهكلين (..)”.
ويقول أيضاً إن تلك الشراكة شكلت إضافة إلى التكامل الإقليمي بين مصر والأردن والعراق، فالآن نحن نتحدث عن رباعي آخر، بما يعني أن المنطقة العربية تعمل على استثمار إمكانياتها لزيادة قدراتها الاقتصادية وعلى تعويض الكثير من الخسائر التي تعرضت لها إبان أزمة كورونا أو الأزمة الأوكرانية الروسية”.
“وبالتالي نحن نستفيد من التجارب الماضية، ونبني عليها علاقات اقتصادية تخدم المواطنين في هذه الدول وتخدم القطاعات التصديرية، وتؤمن إمكانيات الأمن الجماعي الاقتصادي فيها، وتستثمر في قطاعات لا شك أنها أصبحت جوهرية عهلى صعيد الثروات التي يمكن استثمارها ، وعلى صعيد الإمكانيات البشري المتاحة أيضاً التي يمكن أن يتم إدماجها في أنشطة هذه القطاعات الجديدة”.
قيمة مضافة لرفع قدرات التصنيع والتصدير
من جانبه، فإن الخبير الاقتصادي المصري الدكتور مصطفى بدرة، يقول في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن القطاعات التي شملتها الاتفاقات الموقعة أخيراً بين الدول الأربع، تسهم في إضفاء قيمة مضافة على ما حققه كل بلدٍ في تلك القطاعات؛ فعلى سبيل المثال الإمارات صاحبة باع طويل في قطاع البتروكيماويات، ومصر حققت نجاحات كبيرة في هذا المجال، وبالتالي فإن التعاون يسهم في تقديم قيمة مضافة، لرفع قدرات التصنيع والتصدير وفتح أسواق جديدة وتوفير العملة الصعبة، وغيرها من الانعاكسات الإيجابية.
يأتي ذلك في سياق جهود العمل على تحقيق التكامل الصناعي العربي. وفي تقدير بدرة فإن “هذا التعاون الرباعي يشكل نواة مُهمة لتكتلات عربية قادرة على تحقيق تعاون اقتصادي أوسع، ولتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، وبما ينعكس على المواطن واقتصادات تلك الدول، ويسهم في زيادة الناتج القومي، كما يرسخ ذلك الوحدة العربية، لا سيما أمام الرأي العام الدولي”، وذلك في مواجهة الظروف والأوضاع العالمية المستجدة والتي تفرض تحديات اقتصادية غير مسبوقة.
ويعتقد بأن الوضع السياسي المستقر والمتوافق بالنسبة لتلك الدول، ينعكس بالضرورة على الأوضاع الاقتصادية ويساعد على تهيئة مناخ العلاقات الاقتصادية نحو شراكة صناعية مستدامة قائمة على أساس تبادل المصالح والمنافع، مع العمل على إزالة أية معوقات أو تحديات من خلال اللجنة المشتركة.
نواة للتكامل الاقتصادي العربي
وإلى ذلك، يلفت عضو لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب المصري، النائب البرلماني محمود الصعيدي، إلى أن هذا التعاون الرباعي يأتي في سياق سعي الدول العربية إلى تحقيق التكامل الاقتصادي، لا سيما في المجالات الصناعية والزراعية، وصولاً إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وفتح آفاق جديدة للتصدير، خاصة في ظل ما يواجهه العالم من ظروف وتحديات.
ويشير الصعيدي في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى أن كل دولة من الدول الأربع لديها مقومات خاصة وتزخر بالفرص الاستثمارية المختلفة، ومن ثم فإن التكامل بينهم من شأنه المساهمة بشكل مباشر في تحقيق عوائد اقتصادية كبيرة، مشيراً إلى أهمية توسيع قاعدة تلك التكتلات العربية كنواة للوصول إلى التكامل العربي وحماية المنطقة العربية من تقلبات الاقتصاد العالمي.
ويتحدث النائب البرلماني عن التجربة المصرية في هذا السياق، موضحاً أن القاهرة تحرص على المضي قدماً في سياق دعم كل الجهود الرامية إلى تحقيق التكامل بين الدول العربية، وداخلياً تعمل على تهيئة مناخ الاستثمار وتذليل الصعوبات كافة أمام المستثمرين في ضوء ما تزخر به مصر من فرص.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.