وقد سجلت تونس في العام الحالي أكثر من 3800 إصابة بسرطان الثدي لدى السيدات مع توقعات ببلوغ عدد المصابات بأورام الثدي 4 ألاف سيدة في أفق عام 2024، وهو ما دفع بالسلطات الصحية ومنظمات المجتمع المدني الناشطة في مجال رعاية مرضى السرطان إلى إطلاق حملات واسعة للتوعية ولتقصي الأورام في مختلف مناطق البلاد خاصة طيلة شهر أكتوبر بالتزامن مع الموعد العالمي لحملات الوقاية من سرطانات الثدي.
نجاة نصف المحاربات سنويا
- تخوض آلاف السيدات في تونس سنويا معركتهن في مواجهة سرطان الثدي ببروتوكول علاج يدوم بمعدل سنة واحدة ويشمل فيها الجراحة وجلسات الأشعة والعلاج الكيمياوي ليحالف الحظ قرابة 50 بالمئة منهن في النجاة.
- ويقول الأستاذ في جراحة الأورام محمد العيادي إن تشخيص المرض في وقت مبكر يسمح للسيدات بتلقي العلاج بشكل أسرع و بأقل أثار جانبية مما يوفر لهن فرص الشفاء بنسبة 90 بالمئة.
- أما بروتوكول العلاج فيشمل الجراحة و الأشعة و العلاج الكيميائي، كما يتم اللجوء إلى العلاج الهرموني والمناعي في بعض الحالات.
- ويعتبر المختص في جراحة الأورام أن التطور الذي شهده العالم في العلاج الهرموني والعلاج بالمناعة أثبت نجاعة كبيرة في مقاومة أنواع مستعصية من سرطانات الثدي، مشيرا إلى أن هذه العلاجات الحديثة بدأت تتوفر في تونس في السنوات الأخيرة.
- ويلفت الطبيب الانتباه إلى أن الدعم النفسي للمريضة وقوة شخصيتها في مواجهة المرض الخبيث يعد جزءا مهما من العلاج و تلعب فيه العائلة ومحيط المريضة دورا محوريا لأن حياة هؤلاء النسوة تتغير بعد التشخيص ونسبة التشافي تتأثر بمدى قبولها للعلاج و انضباطها له.
التدخين والسمنة والغذاء في قفص الاتهام
- ويؤكد أستاذ جراحة الأورام أن أسباب الإصابة بالمرض الخطير على صحة النساء مختلفة، منها ما يتعلق بالهرمونات خاصة لدى النساء اللواتي تعاني من تشريب هرموني طويل وهن النساء اللواتي تحضن في سن مبكرة ويتواصل معهن الحيض حتى سن متقدمة أو النساء اللواتي تتأخرن في الزواج والإنجاب وتتفادين الرضاعة الطبيعية من الثدي أو تلجأن لاستعمال حبوب منع الحمل والعلاجات الهرمونية في سن اليأس.
- وعن العوامل الجينية الوراثية يقول الطبيب إنه لا يمكن التحكم فيها وفي حال وجدت سوابق إصابة بالأورام لدى أفراد العائلة على المرأة أن تراقب صحتها جيدا.
- ويلعب نظام الحياة وعدد من العوامل الخارجية مثل التدخين و تعاطي الكحول و العمل الليلي و زيادة الوزن و تناول أغذية تحتوي على زيت النخيل و الأكلات السريعة و الأغذية المقلية و الضغط النفسي دورا في تخفيض مناعة الجسد و السماح للخلايا السرطانية بالتحرك.
التقصي المبكر نصف العلاج
- وتطلق السلطات الصحية في تونس في شهر أكتوبر من كل سنة حملات توعية واسعة لحث السيدات على الفحص الذاتي والفحص الطبي و تتنقل الكوادر الطبية إلى المدن الأرياف لتولي عمليات فحص آلاف النساء وتقصي الأورام.
- وركزت وزارة الصحة خلال الشهر الجاري قرى وردية في مختلف المناطق الريفية و القروية لتمكين السيدات من إجراء الفحوصات اللازمة لتقصي الأورام بشكل مبكر حتى تتمكن النساء من الحصول على العلاج في الوقت المناسب بما يرفع الأمل في التشافي إلى أكثر من 80 بالمئة مثلما هو الحال في الدول المتقدمة.
الناجيات من المرض مصدر إلهام
تقول السيدة روضة زروق رئيسة جمعية مرضى السرطان في تونس وإحدى الناجيات من المرض الخبيث إن دعم النساء معنويا من سيدات عشن نفس التجربة المرضية ونجون هو عامل مساعد لهن، وهو أحد أهداف جمعيتها التي تعمل من سنوات في مجال دعم المريضات باستقبال المئات منهن وتوفير العلاج النفسي والدواء لهن.
وداخل جمعية مرضى السرطان تتحول تجارب الناجيات المتشافيات إلى مصدر إلهام لمن هن بصدد تلقي العلاج.
وتستقبل المتطوعات مريضات السرطان في الجمعية و ترافقهن في المستشفيات أثناء الحصول على المواعيد وإقتناء الأدوية والخضوع للعمليات جراحية وفي حصص العلاج الكيمياوي.
وتقول روضة زرّوق إن الجمعية كانت ملجأ لسيدات كثيرات تخلت عنهن العائلات و خاصة الأزواج الذين اختار بعضهم تطليق زوجته بمجرد سماعه لخبر إصابتها بالمرض الخبيث.
وأشارت الناشطة إلى أن المريضات يطالبن بتوفير الأدوية و تقريب المواعيد المتأخرة بسبب الاكتظاظ لأن تأخر فرص العلاج تودي بحياة سيدات كثيرات كان من الممكن أن ينجون بتلقي العلاج في الوقت المناسب.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.