نستهل جولتنا في الصحف البريطانية الصادرة صباح اليوم من صنداي تايمز التي نشرت مقالا للكاتب مارك غاليوتي عن تداعي ما تبقى من نفوذ للإمبراطورية الروسية.
ورأى غاليوتي أن أوكرانيا ليست الدولة الوحيدة التي خرجت عن مدار روسيا بفضل الحرب المحتدمة بين الطرفين، وأن فلاديمير بوتين يخسر بقايا نفوذ كان لأُمته في جمهوريات سوفيتية سابقة، ولا سيما كازخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزباكستان – في آسيا الوسطى.
ونوه الكاتب إلى ما كانت تحظى به موسكو يوماً من مكانة في تلك المنطقة كضامن أمني ووسيط إقليمي أساسي، وكيف تبدّلت هذه الحال الآن بحيث أصبحت روسيا يُنظر إليها كجار منكفئ على مصلحته الخاصة.
ولفت غاليوتي إلى أن الصقور الروس يرون في مواقف تلك الجمهوريات في آسيا الوسطى مؤامرة سهر عليها دبلوماسيون غربيون.
وأكد الكاتب أن واشنطن بلا شك تسعى إلى عزل موسكو دوليا، لكن دول آسيا الوسطى لا يمكن التعويل عليها كثيرا في هذا الصدد.
وأشار صاحب المقال إلى أن هذه الجمهوريات السوفيتية السابقة في آسيا الوسطى أصبحت تتطلع إلى ما وراء روسيا؛ ذلك أن شريكهم التجاري الأول الآن هو الاتحاد الأوروبي، فيما تأتي روسيا في المركز الثالث في هذا الصدد بعد الصين.
وعلى صعيد الوساطة الإقليمية، بدأت الصين، وإلى حدٍ ما تركيا، في أن تضطلع بدور كانت تملؤه موسكو في السابق. هذا فضلاً عن اتجاه دول آسيا الوسطى إلى حل مشاكلها بنفسها في السنوات الأخيرة.
ورأى الكاتب في تغيّر مواقف دول آسيا الوسطى من روسيا تماشياً مع الواقع الجديد، مشيرا إلى أن روسيا ظلت لوقت طويل تفرض نفسها على تلك الدول بالقوة.
وأوضح غاليوتي كيف كانت آسيا الوسطى حتى وقت قريب تتطلع إلى أموال بكين وقوة موسكو – سواء تمثّلت تلك القوة في صفقات أسلحة رخيصة أو في التصدي لجهاديين قادمين من أفغانستان.
ولكن الآن، وبعد أن ساد الشعور بأن موسكو لم يعد في إمكانها القيام بهذا الدور القديم، أخذت جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة في آسيا الوسطى تتطلع إلى بدائل عن روسيا.
واختتم الكاتب قائلا إن هذا التغيّر في نظرة جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة إلى روسيا ربما تدفع الأخيرة إلى البدء في مواجهة تلك الحقيقة المؤلمة وهي أنها لم تعد تلك الإمبراطورية التي كانت ذات يوم.
الهجرة ضرورة لصحة الأمم
وفي صحيفة صنداي تلغراف نطالع مقالا للكاتبة جانيت ديلي عن الهجرة وأثرها على تقدّم واستقرار الأمم.
واستهلت جانيت بالقول إن تاريخ البشرية إنما هو قصص مهاجرين في الأساس، وإن حركة انتقال الناس لطالما كانت سببا رئيسيا من أسباب تقدّم المجتمعات حتى عندما كان الدافع وراء تلك الحركة يتمثل في ظروف صعبة كالمجاعات أو الصراعات.
ونبهت الكاتبة إلى أن الأمم أو القبائل التي بقيت منعزلة حُرمت من نور التطور حين تخلّت عن نشاط ضروري لأي ثقافة ناجحة وقادرة على التكيّف.
وأكدت جانيت أن استيعاب وافدين جُدد ليس تصرّفا إنسانيا فحسب، وإنما هو ضرورة لصحّة أي أُمّة.
واستدركت الكاتبة بالقول إن هذه الحقائق على وضوحها إنما تنطوي على مفارقات؛ ذلك أن المجتمعات -حتى المتقدم منها والحديث- تتألف من مجموعات يتشارك أفرادها نفس الهوية عبر اعتناق القيم نفسها والاتجاهات. ويصبح هذا التجانس مهدَدا لدى وصول أعداد كبيرة من الوافدين الجدد ممن يعتنقون قيما واتجاهات مغايرة.
وهنا تكمن المعضلة: فالعامل المحفّز على تقدُّم وقوة الأمم، لا سيما المُسنّة منها، هو ذات العامل المثير للخوف والنفور بين أبنائها .
وترى صاحبة المقال أنه لا جدوى من إلقاء اللائمة على أي من الطرفين -الوافدين الجدد أو المجتمعات التي تستقبلهم. وقد يكون بين المهاجرين انتهازيون يبحثون عن فُرص أكثر من كونهم ضحايا. وقد يكون بين أبناء المجتمعات التي تستقبل هؤلاء المهاجرين متعصبون أو ربما كانوا يخشون ضياع هويتهم أو تجانسهم.
وأكدت جانيت أن الرغبة في البحث عن فُرص في حياة أفضل، والتي هي دافع كثير من المهاجرين هي أمر مشروع، تماما كما هي رغبة المجتمعات التي تستقبل هؤلاء المهاجرين في الحفاظ على هويتها وتجانسها.
ورأت صاحبة المقال أن القضية إنما تتعلق بأعداد المهاجرين وبقدرة المجتمع المضيف على استيعاب تأثير هؤلاء الوافدين إليه.
واختتمت الكاتبة بالقول “ربما كان ما نحتاجه ليس عالما من أشخاص غير منتمين لأي مكان، وإنما نحتاج إلى مجتمعات مستقرة يمكنها أن تقدّم شعورا بالانتماء لهؤلاء الأشخاص دون أن تفقد هذه المجتمعات هويتّها”.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.