روسيا تحمل الولايات المتحدة مسؤولية «أساسية» عن الهجوم على الكاتب بريليبين
لحظة بلحظة

روسيا تحمل الولايات المتحدة مسؤولية «أساسية» عن الهجوم على الكاتب بريليبين


تتويج الملك تشارلز الثالث… تقاليد ومراسم وأكثر

لبريطانيا حب بالتاريخ وتقاليده ومراسمه، حب لم تفقده رغم الحداثة والتقدم والتكنولوجيا، وهو ما ظهر جلياً، أمس، بتتويج الملك تشارلز الثالث في كنيسة وستمنستر بلندن في أبهى صوره. بدا الاحتفال لأعين الجماهير وكأنه باب مفتوح على مشهد من تاريخ قديم ثري عمره نحو ألف عام، واتسمت المراسم بالأبهة والفخامة رغم أنها كانت أبسط وأقصر من مراسم تتويج الملكة إليزابيث. مثلت المراسم لحظات ستحفر في تاريخ البلاد بدأت بخروج الملك من قصر باكنغهام متوجها للكاتدرائية، واختتمت به وزوجته الملكة وهما يتابعان العرض الجوي من شرفة قصر باكنغهام.

انطلقت المراسم في موعدها، بإتقان وانضباط كالمتوقع، ومنذ البداية بدا الحرص على الجمع بين التقليدي المتوارث والحديث الخارج من القرن الـ21. في الساعة العاشرة والنصف غادر الملك وقرينته قصر باكنغهام مستقليْن العربة التي صنعت في عام 2012 في أستراليا للاحتفال باليوبيل الماسي للملكة الراحلة إليزابيث الثانية، بدلاً من العربة الذهبية الرسمية وهي معروفة بأنها غير مريحة للراكبين فيها. كان ذلك بحسب «بي بي سي»، أول خروج على التقاليد المعروفة، ولكنه لم يكن التجديد الوحيد.

الجمهور المنتظر من ساعات طويلة خلف الحواجز وتحت الأمطار حظي بالنظرة الأولى ولحظات البداية لاحتفالات التتويج، إضافة إلى 4 آلاف مدعو اتخذوا مواقعهم في منصات شيدت خصيصاً خارج القصر، وشمل العدد محاربين قدماء وأفراداً من جهاز الصحة البريطاني وغيرهم، تابعوا الموكب عبر شاشات ضخمة وزّعت على طول الطريق.

جماهير تتحدى الأمطار (أ.ف.ب)

عبر طريق «ذا مال» الذي حفّ جانبيه حرس الشرف المتكون من 160 شخصاً من القوات المسلحة وألف شخص من القوات الأخرى، انطلقت العربة لتمر بساحة «ترافالغار» وساحة مبنى البرلمان حتى توقفت أمام الباب الغربي لكاتدرائية وستمنستر، حيث اجتمع حشد ضخم من المدعوين من أفراد العائلة الملكة البريطانية وملوك وأمراء ورؤساء من دول العالم.

طقوس ورموز

علق بعض المراقبين بأن المراسم بدت قديمة ومسرحية، وأنها لا تتلاءم مع الثقافة المعاصرة، ولكن آخرين قالوا إنها تعبر عن أصل وتاريخ البلاد، وربما تشهد الأعداد الضخمة التي ملأت الشوارع المجاورة للقصر على أنها تقاليد لها شعبية يقدرها جانب كبير من الشعب البريطاني. لم تمنع الأحوال الجوية الجمهور من الخروج، وحتى أثناء هطول الأمطار ارتفعت المظلات وارتدى الكثيرون المعاطف البلاستيكية الواقية، وأكملوا الانتظار بصبر علقت عليه سيدة في حديثها مع «بي بي سي» قائلة: «يعرف البريطانيون كيف يتأقلمون مع الطقس»، إشارة إلى تقلبات الجو المعهودة في البلاد.

خلال المراسم دوت طلقات نارية احتفالية عند برج لندن وفي أنحاء العاصمة وفي جبل طارق وإقليم برمودا على متن سفن في البحر حسب «رويترز». وبعد سماع دوي نفير تقليدي، جرى ترديد عبارات: «حفظ الله الملك تشارلز. عاش الملك تشارلز. ليحيا الملك إلى الأبد».

المراسم

مراسم التتويج قسمت لمراحل، وبدت الجدية على وجه الملك وهو يؤدي اليمين ليحكم بالعدل، ويدعم كنيسة إنجلترا التي يتولى منصب رئيسها الفخري ثم مسح أسقف كانتربري رأس الملك وصدره بالزيت المقدس (مأخوذ من أشجار الزيتون في القدس، وتمت مباركته في مراسم خاصة في كنيسة القيامة)، وهو تقليد أقيم خلف الحواجز بعيداً عن الأعين فهي تعتبر لحظة لها قدسية خاصة، ثم إلباس الملك تاج سانت إدوارد المصنوع قبل 360 عاماً تحت أنظار نحو مائة من رؤساء الدول وكبار الشخصيات، فضلاً عن ملايين المتابعين عبر شاشات التلفزيون.

الملك متوجاً (أ.ف.ب)

بالنسبة للمؤرخ المعروف ديفيد أولوسوغا فقد عكس الحفل مجهوداً ضخماً في عرض التنوع العقائدي والإثني في بريطانيا حالياً، وقال أثناء مقابلة مع «بي بي سي»: «ذكرتنا الاحتفالات اليوم بالجذور العميقة للدين في البلاد»، ووصف الاحتفالات بأنها تحمل أصداء القرون الوسطى. رأى المؤرخ أيضاً الجانب الآخر من الصورة، حيث قال: «بوصفي مؤرخاً، أنا مهتم بالإحساس بالإرث والاستمرارية». بالنسبة له الحدث التاريخي يعكس التوازن الحساس ما بين بداية «عهد جديد» و«الحضور القوي للأديان المختلفة»، وهو ما يميز المناسبة عن حفل تتويج الملكة إليزابيث عام 1953.

الصولجان والكرة الذهبية

تعتبر بريطانيا البلد الوحيد الذي ما زال يحافظ على «الريجاليا» كما تسمى القطع المختلفة. حتى الملكة كاميلا أعطيت صولجاناً خاصاً لتمسكه وعصا تعلوها حمامة بيضاء، بعد أن توجت بتاج الملكة ماري. ويرى كثيرون أن بريطانيا متفردة في العالم في مجال المراسم التاريخية والتقاليد العريقة، وهو ما تؤكده احتفالات التتويج التي شغلت الشعب البريطاني لفترة طويلة، وتصدرت التغطيات الصحافية على الرغم من ارتفاع أصوات احتجاج معبرة عن استياء الشعب من الظروف الاقتصادية الصعبة.

كرسي التتويج

وهو كرسي القديس إدوارد والمصنوع من الخشب في عام 1300، ويعد أقدم قطعة مفروشات في البلاد، الطريف أن الكرسي يحمل آثار كتابات ورسومات حفرها الأطفال في فرق الكورال المختلفة التي مرت على الكاتدرائية ما يمنح الكرسي لمحة لطيفة مرتبطة بالشعب.

الملعقة

تعد الملعقة التي تستخدم في مسح رأس الملك بالزيت المقدس من أهم القطع التي تستخدم في التتويج، مصنوعة من الفضة المطلية بالذهب، ويعود تاريخها للقرن الـ12، وتكتسب مكانة خاصة لاستخدامها في طقس مقدس وبعيد عن الأعين.

ولي العهد

أدى الأمير ويليام، ولي العهد البريطاني، يمين الولاء لوالده الملك تشارلز الثالث، وقال وقد جثا على ركبته أمام والده (74 عاماً): «أنا ويليام أمير ويلز، أتعهد بالولاء لكم، أعدكم بأن ألتزم الصدق والوفاء لكم مدى الحياة بعون الرب». يذكر أن هذا الطقس جزء مهم من مراسم تتويج الملك.

الأمير ويليام يؤدي يمين الولاء لوالده الملك تشارلز الثالث (أ.ب)

بعد المراسم التي استغرقت ما يقارب الساعتين خرج الملك تشارلز والملكة كاميلا من الكاتدرائية ليركبا العربة الذهبية (يعود تاريخها لنحو 260 عاماً) التي تجرها 8 أحصنة عبر صفوف المحتشدين على جانبي الطريق. تقدّم العربة نحو 4000 جندي من 39 دولة، منها بالطبع دول الكومنولث. وبتناسق بديع تحرك المئات من الجنود بالبزات الحمراء الشهيرة وقبعاتهم المصنوعة من الفرو الأسود على وقع الموسيقى العسكرية.

أزياء الملك والملكة

تغيرت أزياء الملك والملكة خلال النهار، فعند وصولهما للكنيسة كان الملك تشارلز يرتدي زياً مخملياً مماثلاً لما ارتداه جده الملك جورج السادس خلال تتويجه في عام 1937، وتكوّن من سترة قرمزية، ومن فوقها معطف من الحرير كريمي اللون، مع سروال ملكي باللون الأزرق القاتم، بحسب «رويترز». بعد ذلك ارتدى الملك زياً رسمياً آخر للتتويج مؤلفاً من رداء حريري طويل وحزام سيف التتويج، وفوقهما عباءة من القماش الذهبي، صنعت في الأصل لتتويج جورج الرابع في عام 1821، وهي أقدم زي في المراسم. كما ارتدى في يده اليمنى قفازاً أبيض من الجلد مطرزاً عند الرسغ بخيوط ذهبية.

أما الملكة فقد ارتدت رداء كان قد صُنع في الأصل لترتديه الملكة الراحلة إليزابيث في حفل تتويجها عام 1953، فوق ثوب باللون العاجي مزين بتطريز على شكل زهور باللونين الفضي والذهبي لمصمم الأزياء البريطاني بروس أولدفيلد.

يتميز الفستان بتطريز يصور أكاليل من الزهور البرية، قيل إنه يمثل حب الملك والملكة للطبيعة والريف البريطاني. تم تزيين الحافة الأمامية من التنورة الداخلية وأساور الفستان بزخارف نباتية للدول الأربع، وبالقرب من الحافة يبدو أن هناك زوجاً من الكلاب المطرزة، كما ارتدت قلادة التتويج المصنوعة للملكة فيكتوريا أساس وتحوي 24 ماسة.

مشاهير

حضر الحفل عدد من المشاهير في بريطانيا وأميركا؛ منهم الممثلة البريطانية جودي دنش، وهي صديقة شخصية للملكة كاميلا، والممثلة البريطانية جوانا لاملي، والممثلة إيما طومسون، والموسيقار أندرو لويد ويبر الذي أعد نشيداً موسيقياً جديداً، بناء على طلب الملك تشارلز، عُزف داخل الكاتدرائية. وحضرت المغنية الأميركية كيتي بيري والمغني ليونيل ريتشي. أما الممثل ستيفن فراي فقد علق على الاحتفال قائلاً: «ما يميز بريطانيا هو أن الملك يمثل الجميع، فهو ليس سياسياً متحيزاً لحزب أو لطائفة».

هاري وأندرو

رغم عدم وجود دور رسمي له في الاحتفالات، حضر الأمير هاري مراسم تتويج والده من دون زوجته ميغان ماركل، ودخل الكنيسة برفقة الأميرتين أوجيني وبياتريس مع زوجيهما ووالدهما الأمير أندرو. وجلس الأمير هاري في الصف الثالث مع ابنة عمه يوجيني، بعيداً عن شقيقه الأمير ويليام الجالس في الصف الأول. وكانت الصحف قد تكهنت بشأن حضور الأمير هاري وزوجته لفترة طويلة، ووصل هاري للندن صباح الجمعة على متن طائرة أميركية.

الأميران أندرو وهاري في كنيسة وستمنستر (أ.ف.ب)

في الشرفة

كان لشرفة قصر باكنغهام دور خاص في كل المناسبات الرسمية خلال حياة الملكة إليزابيث الثانية، حيث كانت تجمع الأعضاء البارزين في العائلة مع أطفالهم. ولكن في أول ظهور للملك تشارلز والملكة كاميلا في شرفة القصر لتحية الجماهير ومشاهدة العرض الجوي، كانت الصورة مختلفة جداً.

العائلة في شرفة القصر (رويترز)

اقتصر العدد على الملك والملكة وولي العهد ويليام وزوجته وأطفالهما، إضافة إلى الأميرة آن ودوق غلوستر وأحفاد الملكة كاميلا، بينما غاب عن الصورة العائلية الأمير هاري والأمير أندرو.

الأناقة الرصينة في حفل التتويج

اتجهت الكاميرات إلى العائلة المالكة والمدعوين لحضور مراسم التتويج في كنيسة وستمنستر، وثارت التعليقات حول الأكثر أناقة من ناحية السيدات، وبين أصل وتاريخ الملابس الرسمية التي ارتداها الملك. شدت أميرة ويلز كاثرين الأنظار بزيها المكون من فستان أبيض وعباءة بألوان العلم البريطاني مكملة أناقتها بقطعة من الفضة والكريستال على هيئة طوق من الزهور ألبست ابنتها طوقاً مماثلاً له. لجأت كاثرين للدار المفضلة لها وهي «ألكساندر مكوين» التي صممت لها فستان زفافها وعدداً من أجمل القطع التي ارتدتها عبر الأعوام السابقة. وصنع الفستان من قماش الحرير عاجي اللون، مع سبائك فضية وتطريز يحمل شعارات الأزهار في المملكة المتحدة. كما ارتدت أقراطاً من اللؤلؤ والماس كانت ملكاً للأميرة ديانا.

أميرة ويلز كاثرين ارتدت أقراط ديانا (رويترز)



المصدر


اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *