نبدأ جولتنا على الصحف البريطانية من الفاينانشال تايمز، ومقال افتتاحي لمجلس تحريرها بعنوان: “حرب أوكرانيا ستحدد العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين”.
اعتبرت الصحيفة أن “الشراكة بلا حدود” بين بكين وموسكو خلال الحرب الروسية على أوكرانيا “قد عززت لدى الأوروبيين ما يعنيه أن تصبح الصين منافساً منهجياً” لهم.
وكررت ما قاله الرئيس الصيني لنظيره الروسي في موسكو الشهر الماضي: “في الوقت الحالي، هناك تغييرات، لم نشهد مثلها منذ 100 عام. ونحن من نقود هذه التغييرات معاً”.
وتقول الصحيفة إن بكين ساعدت في تمويل آلة الكرملين الحربية من خلال شراء كميات هائلة من النفط والغاز الروسي بأسعار متدنية.
وعلى الرغم من ذلك، تشير الى أن وكالات الاستخبارات الغربية تتفق على أنها لم تزود روسيا حتى الآن بكميات كبيرة من الأسلحة. إلا أنها تضيف أنه من غير الواضح ما إذا كانت ستستمر بذلك في حال تقدمت أوكرانيا كثيراً في ساحة المعركة.
واعتبرت الصحيفة أن حرب روسيا ضد أوكرانيا كانت “لحظة تحول بالنسبة للاتحاد الأوروبي، وأجبرته على إحداث تغييرات مؤلمة في سياسات الطاقة والاقتصاد والأمن”.
وتضيف أنه سواء كانت بكين تدعم جهود روسيا الحربية أو تتوسط لإنهائها بصدق، فإن ذلك سيكون “عاملاً حاسماً” في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين لسنوات مقبلة، كما قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في خطاب اعتبرته الصحيفة صريحاً وواضح الرؤية الأسبوع الماضي.
واعتبرت أنها رسالة “يجب نقلها دون لبس” عندما تزور فون دير لاين والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بكين هذا الأسبوع.
وأشارت الصحيفة الى تشدد مواقف الاتحاد الأوروبي تجاه الصين منذ عدة سنوات، بسبب “تجارتها غير العادلة وممارسات الاستثمار التقييدية ودبلوماسيتها القسرية تجاه البلدان التي تعتبرها غير ودية وانتهاكاتها لحقوق الإنسان”.
لكنها أشارت أيضاً الى أن ألمانيا لم تتبنّ هذا الإطار، وأعطت الأولوية لعلاقاتها التجارية.
واعتبرت الصحيفة أن الاتحاد الأوروبي يحتاج اليوم إلى إعادة تحديد شروط علاقاته مع الصين.
وأضافت أنه وكما قالت فون دير لاين، فإن الصين “طوت الصفحة على عصر الإصلاح والانفتاح وتنتقل الآن إلى حقبة جديدة من الأمن والسيطرة”.
وبالنسبة للاتحاد الأوروبي، هذا يعني بحسب الصحيفة، “معاملة الصين أولاً وقبل كل شيء على أنها منافسة منهجية واعتماد سياسات للتخفيف من المخاطر التي تنجم عنها”. وتضيف أن ذلك “لا يعني التخلي عن الشراكة في قضايا مثل تغير المناخ أو الانتشار النووي (أو سياسة حافة الهاوية النووية الروسية)”.
وأشارت أن المطلوب هو أن تكون الكتلة “أكثر استباقية وادراكاً”. وأنها يجب أن تحدد نقاط الضعف الخاصة بها، واعتماداتها في سلسلة التوريد. وأن تستخدم دفاعاتها التجارية وغيرها لمنع الصين من استغلال انفتاح أسواق الاتحاد الأوروبي، بالإضافة الى اعتماد دفاعات جديدة.
وتعتبر الصحيفة أن السؤال هو ما إذا كانت حكومات الاتحاد الأوروبي مستعدة للتوحّد وراء استراتيجية جديدة في التعامل مع الصين.
وتنهي مقالها الافتتاحي بالقول: “يحتاج الاتحاد الأوروبي الآن أكثر من أي وقت مضى إلى اعتماد صوت واحد بشأن الصين”.
بوتين وجنون الارتياب
ننتقل الى الغارديان وتقرير لآندرو روث وبيوتر ساور بعنوان: “منشق روسي يسلط الضوء على جنون الارتياب لدى بوتين وشبكة قطاراته السرية”.
وأعطى ضابط أمن روسي كبير انشق العام الماضي، نظرة ثاقبة نادرة، عن نمط حياة فلاديمير بوتين الذي يتسم بجنون الارتياب، مؤكداً تفاصيل شبكة قطارات سرية ومكاتب متطابقة في مدن مختلفة، وحجر صحي شخصي صارم، وبروتوكولات أمنية متصاعدة، بحسب ما نقلت الغارديان.
قال غليب كاراكولوف، الذي شغل منصب نقيب في خدمة الحماية الفيدرالية، وهي هيئة قوية مكلفة بحماية كبار المسؤولين في روسيا، إن الإجراءات تهدف إلى إخفاء مكان وجود الرئيس الروسي، الذي وصفه بأنه “خائف بشكل مرضي على حياته”.
وقال الرجل البالغ من العمر 36 عاماً إنه تم استخدام القطار لأنه “لا يمكن تعقبه على أي مصدر للمعلومات. لقد تم ذلك لأغراض التخفي”.
واستعرضت الغارديان مقابلة مع كاراكولوف أجراها مركز “دوسييه سنتر”، وهو جهاز إعلامي سياسي أسسه الملياردير الروسي المنفي ميخائيل خودوركوفسكي، وأكدت هوية مهندس الاتصالات الروسي الكبير، الذي سافر مع بوتين وساعد في نقل بعض من أكثر رسائله سرية.
وكان كاراكولوف عضواً في “الفريق الميداني” لمديرية الاتصالات الرئاسية الذي يقوم بتشفير رسائل كبار المسؤولين الروس ويقدر أنه سافر في أكثر من 180 رحلة مع كبار المسؤولين. ويعتقد أنه أعلى مسؤول استخباراتي انشق منذ بدء الحرب الروسية في أوكرانيا بحسب الصحيفة.
وفي المقابلة، وصف كاراكولوف بوتين بأنه “مجرم حرب” وقال لزملائه الضباط إنه عليهم تقديم المعلومات المخفية عن الجمهور الروسي.
وقال: “لقد فقد رئيسنا الاتصال بالعالم الحقيقي. هو يعيش في شرنقة معلومات منذ سنوات، ويقضي معظم وقته في مساكنه التي تسميها وسائل الإعلام على نحو مناسب جداً بالمخابئ. إنه خائف بشكل مرضي على حياته”. وأضاف: “إنه لا يقدر سوى حياته الخاصة وحياة عائلته وأصدقائه”.
وأكد أن بوتين يعتمد بشكل كبير على المعلومات من التقارير التي تقدمها أجهزته الأمنية. وقال كاراكولوف إن بوتين لا يستخدم الهاتف المحمول أو الإنترنت، ولا يحضر معه أخصائي إنترنت في رحلاته الخارجية. وتابع: “أنه يتلقى المعلومات فقط من أقرب دائرة له، مما يعني أنه يعيش في فراغ معلومات”.
ويضيف بحسب ما نقلت عنه الصحيفة، أن بوتين لا يزال في الحجر الصحي ويطلب من جميع الموظفين الذين يعملون في نفس الغرفة التي يتواجد بها أن يخضعوا أيضاً لحجر صحي لمدة أسبوعين، مما يحد بشدة من عدد الأشخاص الذين لديهم اتصال شخصي معه.
وبينما أثار نظام الحجر الصحي الصارم شائعات عن إصابة بوتين بمرض خطير وقلقه من مضاعفات فيروس كورونا، قال كاراكولوف في المقابلة إنه لم ير أي مؤشرات على أن بوتين كان يعاني من أي مشكلة صحية.
وأشار إلى أن بوتين يستخدم مكاتب متطابقة في سان بطرسبرغ وسوتشي ونوفو أوغاريوفو، وأن الأجهزة السرية تستخدم مواكب مزيفة وطائرات وهمية للتظاهر بأنه يغادر. وقال “هذه خدعة للتشويش على المخابرات الأجنبية في المقام الأول، وثانياً لمنع أي محاولات لاغتياله”.
ووصف كاراكولوف خلال المقابلة هروبه المحفوف بالمخاطر إلى الغرب خلال زيارة بوتين لكازاخستان. وخلال الرحلة، طارت زوجته وابنته سراً إلى أستانا. وقال انهم أجلوا عملية الانشقاق عدة مرات حتى وصلت رحلة بوتين الى نهايتها تقريباً، عندما أخبر كاراكولوف زملائه الضباط بأنه يشعر بتوعك ثم فر مع أسرته إلى المطار.
لحظة استفاقة أمريكا
وأخيراً الى افتتاحية الإندبندنت بعنوان: “لحظة مخزية لترامب، لحظة إستفاقة أمريكا”.
في حديثها عن محاكمة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، قالت الصحيفة إن العالم اعتاد على مر السنين على العادات السيئة لدونالد ترامب. فهو الرئيس الوحيد الذي تمت محاكمته بغرض عزله مرتين. والشخص الوحيد الذي قيل إنه ناقش فكرة العفو عن نفسه والأمر الأكثر خطورة من كل ذلك، أنه الشخص الوحيد الذي أشعل تمرداً ضد كونغرس الولايات المتحدة الأمريكية.
وتضيف أن ترامب هو الآن أيضاً أول رئيس سابق يتم القبض عليه بتهم جنائية، وعددها 34.
وتعتبر الصحيفة أنه “لا أحد مندهش جداً من أن دونالد أوقع نفسه في ورطة”. وأن معظم الناس لا يعتقدون أن القضية برمتها، والتحقيقات المهمة الأخرى الجارية حالياً، هي نتاج مؤامرة واسعة يديرها “الديمقراطيون المتطرفون… الذين يسعون إلى تدمير الأمة” كما يقول.
واعتبرت أن تجاهل ترامب لدستور الولايات المتحدة واللجوء المستمر إلى نظريات المؤامرة واعتقال ترامب وحجزه ومحاكمته، “أمر مذل ليس فقط بالنسبة له ولكن لبلاده”.
وقالت إن ترامب كان جزئياً “سبباً لإضعاف الإحساس بالتماسك القومي، لأنه تسبب بتآكل الإيمان بالنظام الأمريكي للحكومة نفسها”. وذلك بطعنه في شرعية نظام التصويت واستقلال القضاء ووضع الشعب في مواجهة الكونغرس.
لكنها اعتبرت ايضاً أن المدعي العام في مانهاتن “ربما يكون قد بالغ في توجيه 34 اتهاما لترامب”.
إذ إن التهم أكثر خطورة من مجرد الجنح، فهي نحمل التهديد النظري بعقوبة السجن، وبالتالي “هناك شعور بأنها أكثر انتقاماً مما كان ضرورياً (كما يصعب تأكيدها، حتى في نيويورك المعادية لترامب)”.
واعتبرت الصحيفة أن قرار تعميق خطورة القضية الجنائية المتعلقة بتزوير السجلات التجارية، قد يكون بسبب ارتباط الجريمة بخرق القانون الانتخابي، وذلك في قضية “أموال الصمت” المدفوعة لستورمي دانيالز ولشخص آخر، بهدف إخفاء “معلومات ضارة عن الناخبين خلال الانتخابات الرئاسية للعام 2016”.
وأشارت الى أن الإجراءات القانونية قد تطول ويمكن أن يتخللها وصول قضايا أخرى تتعلق بعد الأصوات خلال الانتخابات في جورجيا وحيازة ترامب لوثائق رئاسية في منزله في فلوريدا.
وتقول الإندبندنت إنه سيستغرق الأمر بعض الوقت لمعرفة مدى اقتراب الرئيس الخامس والأربعين من السجن.
وتشير مع ذلك، إلى أنه من المؤكد أن صور ترامب جالساً في قاعة محكمة في مانهاتن وهو في مزيج من الحيرة والاستياء هي لحظة مخزية.
أما “نعمة الإنقاذ الوحيدة” بالنسبة للصحيفة، فهي أن ذلك من شأنه أيضاً تذكير العالم بأنه، وعلى الرغم من جهود ترامب، “لا يزال حكم القانون في أمريكا ينطبق على الجميع بالتساوي”.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.