وفي الخامس من فبراير الجاري، مثُل أمام أنظار النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية عين السبع بالدار البيضاء، 13 سائقا لسيارات الأجرة وسائقي سيارات النقل عبر التطبيقات الذكية، وذلك على خلفية مشاجرات بين الجانبين، بسبب نزاع حاد بين الطرفين حول الأحقية في نقل الزبناء؛ إذ يستنكر أصحاب سيارات الأجرة ما يسمونه “تطفل” سائقين آخرين، غير مهنيين، على عملهم اليومي.
وقد انتشرت تطبيقات النقل في المغرب خلال السنوات الأخيرة، وأصبحت وسيلة لا غنى عنها لشريحة واسعة من المغاربة، لا سيما الشباب، حيث أصبح طلب سائق لا يتطلب سوى بضع ثوان، كما أن الزبون يمكنه اقتراح سعر للرحلة وطلب تخفيض من صاحب السيارة.
“متطفلون” على المهنة
سعاد حديدو، سائقة مهنية لسيارة الأجرة بمدينة الرباط، لا تخفي امتعاضها من تناسل تطبيقات للنقل كالفطر، أصبحت تزاحمها على قوتها اليومي. وتقول الشابة في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية“: “سائقو الأجرة المهنيون يعانون بسبب هذه التطبيقات التي أصبح عددها يتجاوز خمسة. إن استعمال الزبناء لهذه التطبيقات يضيق علينا عملنا، ويزيد من مشقة مهمتنا“.
وأضافت أن “سائق التاكسي، هو سائق مهني له رخصة سياقة خاصة، وهو الآن بين مطرقة تكاثر المتطفلين وسِندان ارتفاع أسعار المحروقات، إضافة إلى هامش ربح رب العمل وهو صاحب مأذونية سيارة الأجرة“.
وطالبت المتحدثة السلطات بـ“وضع حد لممارسات سائقي سيارات النقل عبر التطبيقات الذكية”، معتبرة أنهم أشخاص مجهولو الهوية وقد يشكلون في بعض الأحيان خطرا على زبنائهم، على نقيض السائقين المحترفين المسجلين لدى السلطات المختصة“.
“صقور” التاكسي
لا يتوقف بعض سائقي سيارات الأجرة عند الاستنكار، بل قد يصلون في بعض الحالات إلى نصب كمائن، عن طريق تقديم طلب على أحد التطبيقات، بغرض التربص بالسائق وتعريضه للعنف. وقد وقعت حالات متكررة من الاعتداءات، استدعت تدخل العناصر الأمنية، وما هذه المناوشات إلا شجرة في غابة الاختلالات التي يعرفها قطاع النقل في بعض المدن المغربية.
وارتأى بعض مهنيي سيارات الأجرة، خصوصا بالدار البيضاء والرباط ومراكش، إطلاق خلايا تدافع عن قضيتهم، أعطوها اسم “الصقور” وهي عبارة عن مجموعة من سائقي سيارات الأجرة تتصدى لسائقي التطبيقات. ويقوم هؤلاء باعتراض مسار السيارات المستخدمة لتطبيقات النقل الذكية، وإخطار رجال الأمن من أجل تحرير محاضر معاينة، على اعتبار أنهم يمارسون “النقل السري” الذي يعاقب عليه القانون.
كما أكدت مصادر داخل نقابة سيارات الأجرة لـ“سكاي نيوز عربية” أن أصحاب هذه التطبيقات يضايقونهم في العمل ويحاولون الهيمنة على فئة معينة من الزبائن، خاصة السياح الذين يطلبون خدمات للتنقل داخل المدن أو خارجها.
التطبيقات فرصة للشباب
في خضم الجدل القائم حول أحقية أصحاب التطبيقات في نقل الركاب، قال عثمان أمزاب وهو شاب في بداية عقده الثالث، يشتغل كناقل عبر التطبيقات الذكية بمدينة تمارة، إن تزايد استعمال هذه الأدوات التكنولوجية يتيح لعدد كبير من الشباب الهروب من البطالة وكسب دخل إضافي.
وأضاف: “كما أنه مكن من تحسين عرض التنقل للمواطنين، حيث أصبح طلب سائق لا يتعدى بضع دقائق بكبسة زر”. وأردف أن “عددا من السائقين المهنيين للتاكسي، أصبحوا يعتمدون أيضا على التطبيقات لزيادة عدد الزبناء وزيادة مداخيلهم”.
وزاد عثمان أن بعض سائقي سيارات الأجرة، لا يقومون بعملهم بشكل جيد، بحيث يرفضون الرحلات المتجهة إلى أماكن مزدحمة أو بعيدة، على عكس سائقي التطبيقات الذين يَقبلون بكل الوجهات وفي معظم ساعات اليوم حتى في أوقات متأخرة من الليل.
وختم قوله قائلا: “ما الذي يفسر إقبال الزبناء المتزايد على تطبيقات التنقل، إن كانت خدماتها سيئة؟”، مشيرا إلى أن “المركبات المستعملة تكون في أغلب الأحيان جديدة ومريحة أكثر من بعض سيارات الأجرة المهترئة، التي دخلت الخدمة قبل أكثر من عقدين“.
نقاش في البرلمان
بعد ارتفاع عدد حالات الاشتباكات التي عرفتها بعض المدن المغربية، بين مهنيي سيارات الأجرة وسائقي التطبيقات، أثارت النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، الإشكالية على أنظار وزير النقل واللوجستيك، محمد عبد الجليل.
وطالبت النائبة المذكورة، من الوزير المعني بالقطاع، الكشف عن الإجراءات التي ستقوم بها وزارته لتجاوز المواجهات التي تندلع بين الطرفين.
كما نبهت النائبة البرلمانية إلى أن شوارع الحواضر المغربية لا سيما الكبرى، أضحت تعيش مظاهر خطيرة تصل في كثير من الأحيان إلى الاعتداءات الجسدية وعلى الممتلكات الخاصة والعامة، نتيجة تلك المواجهات.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.