- سوزانا بيرني
- بي بي سي نيوز
في أحدى الأيام من عام 2019، كانت ديبي على موعد مع مرحلةٍ جديدةٍ ومختلفةٍ من حياتها، عندما شعرت بشكلٍ مفاجئ بسخونة تعم جسدها.
كنت في المنزل حينها، شعرتُ بحيرة شديدة، تقول ديكنسون البالغة من العمر 55 عاما: “لم أكن أعرف ما الذي يحدث في جسدي”.
“ثم فجأةً أدركتُ أن شيئاً مهماً كان يحدث” كان هذا الشيء هو انقطاع الطمث.
عمدت ديبي، التي تعيش في ميامي، فلوريدا، إلى استشارة قريباتها الأكبر سناً بشأن أفضل طريقة للتعامل مع الأعراض التي تحدث قبل وبعد توقف الدورة الشهرية للمرأة. وهي المرحلة التي تصلها المرأة عادة في سن 51عاما.
في هذه الأثناء، بدأت ديبي في تجربة الكثير من طرق الإدارة الذاتية، بما في ذلك فتح الفريزر والوقوف أمامه مباشرة.
على الرغم من حصولها على إرشادات مفيدة، تقول إنها شعرت بأنها غير مستعدة لهذه المرحلة من حياتها.
“هناك غياب لثقافة التعامل مع مرحلة انقطاع الطمث، ويعود السبب أساسا إلى وصمة العار والتمييز على أساس العمر، في حين أنها في الواقع مرحلة طبيعية وعادية جدا” تقول ديبي.
بعدما شعرت بالحرارة في سيارتها في وقت لاحق من نفس العام، خطرت لديبي فكرة جهاز محمول يمكن أن يحافظ على برودة جسم النساء خلال هذه المرحلة.
ديبي مديرة تنفيذية سابقة في شركة “جونسون آند جونسون” العملاقة للرعاية الصحية، ولديها اتصالات عديدة في هذا القطاع، إذ تمكنت من جمع 1.5 مليون دولار (1.3 مليون جنيه إسترليني) من الاستثمار، وعملت مع فريق من المهندسين والعلماء والأطباء لإنتاج سوار معصم وتطبيق متصل يسمى ” Thermaband”.
يتم تشغيل السوار بواسطة برنامج ذكاء اصطناعي يراقب درجة حرارة مرتديها، وعندما يستشعر السوار الحرارة يمكن أن يوفر إحساساً بالبرودة، كما يمكنه أيضاً توفير الحرارة، إذا لزم الأمر. يراقب سوار المعصم أيضا ضغط الدم ومعدل ضربات القلب، مع عرض جميع البيانات على التطبيق.
ومع المساعدة التي تقدمها ابنة ديبي لأمها في إدارة الشركة، من المقرر طرح Thermaband للبيع هذا العام.
بعد سنوات من غياب ثقافة التعامل مع مرحلة الطمث، أصبح الوعي بهذه المرحلة اليوم أكثر من أي وقت مضى.
في المملكة المتحدة، ساعد العديد من النشطاء البارزين في التوعية بالموضوع على غرار مقدمة البرامج التلفزيونية دافينا ماكول، التي قدمت عرضاً على القناة الرابعة حول انقطاع الطمث عام 2021.
تزامنا مع ذلك، قادت النائبة المحافظة كارولين نوكس حملةً لصالح النساء اللواتي وصلن لمرحلة انقطاع الطمث ليتمكن من أخذ إجازة من العمل، إلا أن حكومة المملكة المتحدة رفضت مقترحا تجريبيا في يناير/ كانون الثاني.
النساء اللواتي يعتقدن أنهن يعانين من أعراض انقطاع الطمث يجب عليهن في المقام الأول زيارة طبيبهن، إلا أن الحديث المتنامي حول الموضوع في الآونة الأخيرة، والاهتمام المتزايد بهذه المرحلة دفعت بالكثير من شركات التكنولوجيا للدخول على الخط، والتي تقودها غالباً نساء، عبر عرض منتجات تكنولوجية جديدة لتقديم المساعدة والدعم للنساء المعنيات.
يأتي ذلك في وقت يتوقع فيه أن ترتفع ميزانيات قطاع دعم انقطاع الطمث، والذي يشمل أيضاً العلاج الهرموني والمكملات الغذائية، على مستوى العالم من 16.6 مليار دولار هذا العام إلى 24.4 مليار دولار في غضون عام 2030.
استخدمت مونيكا سكوت، 46 عاماً، مديرة العمليات في شركة عقارات، تطبيق الصحة الرقمي في المملكة المتحدة Peppy، لعدة أعوام والذي يقدم الدعم للنساء اللائي يعانين من انقطاع الطمث.
تقول مونيكا: “إحدى الأعراض الرئيسية التي كنت أعاني منها هي عدم النوم وهو أمر محبط للغاية، كنت أستيقظ وأنا أشعر بالتعب والقلق”.
وتضيف: “أنا أيضا أعاني من جفاف الجلد ودورات الحيض الشديدة. لقد واجهت أختي وقتاً عصيباً خلال انقطاع الطمث، لذلك عندما اكتشفت Peppy، آثرت أن أجربه”.
التطبيق يسمح لمستخدماته بالحصول على فرصة التواصل المباشر عبر الفيديو مع خبير في انقطاع الطمث، والتسجيل في دورات وأيضاً الحصول على مقاطع مصورة بالإضافة إلى المشاركة في لقاءاتٍ مباشرة.
تعتقد الطبيبة العامة وخبيرة انقطاع الطمث، الدكتورة فيليبا كاي، أن معظم التكنولوجيا الحديثة تساعد في تمكين المرأة.
تقول الخبيرة: “عندما يتعلق الأمر بالمعلومات، إذا كانت جيدة وتم التحقق منها، فهذا أمر رائع، فالمعلومات قوة”. مضيفة “التطبيقات التي تتعقب الأعراض يمكن أن تكون مفيدة طالما أنه ليس كل الناس على دراية بهذه الأعراض”.
لكن علينا أن نكون حذرين، لأن انقطاع الطمث أصبح موضوعا شائعاً في الوقت الحالي، وأصبح الكثير يقتاتون على هذا الموضوع ويكسبون المال على حساب صحة المرأة.
وتقول الدكتورة فيليبا كاي“إذا أراد الناس التأكد من دقة المعلومات التي يتلقونها فيمكنهم ذلك عبر زيارة موقع NHS “.
من جانبها تقول أندريا بيرشويتز، المؤسس المشارك لتطبيق آخر في المملكة المتحدة لانقطاع الطمث، Stella، إنها لاحظت وجود فراغ في سوق انقطاع الطمث عندما كانت تتطلع إلى بدء عمل تجاري في مجال صحة المرأة. وتضيف: “لا تزال التكنولوجيا في مجال صحة المرأة تتمحور حول الخصوبة وتتبع الدورة الشهرية”.
تطبيق Stella، كما تقول أندريا، يقدم خطط علاج شخصية، إلى جانب إرشادات أسبوعية لمعالجة أعراض محددة، وتساعد في تسهيل المحادثات حول العلاج الهرموني (HRT).
تقول أندريا إن الدعم أمر مهم جدا لأن “النساء لديهن أعراض مختلفة”. وتضيف: “قد تواجه بعض النساء صعوبات في النوم، وقد تحتاج أخريات إلى معاملة مختلفة بسبب التغيرات المزاجية”.
يركز تطبيق Stella، مقره لندن تم إطلاقه عام 2021، على الشراكات مع الشركات كي يتم اعتماد التطبيق كجزء من سياسة الموارد البشرية الخاصة بهذه الشركات.
تقول أندريا: “إنه متاح للجميع، لكننا نركز على أماكن العمل”، وتضيف “لا ينبغي أن تدفع النساء مبلغاً إضافياً مقابل هذا الدعم، كما توجد أماكن عمل ترغب في تقديم هذا النوع من الدعم”.
ومن بين الشركات التي تعتمد التطبيق حتى الآن، العلامة التجارية للملابس Barbour ، إلى جانب موقعي Betterspace و Heka وكلاهما يسمح للشركات بتقديم الخدمات الصحية والرفاهية لموظفيهما.
تضيف أندريا أن Stella يتطلع الآن إلى زيادة مستوى برامج الذكاء الاصطناعي التي يعتمدها التطبيق حتى يتمكن من تحديد “مجموعة العلاجات التي يمكن اعتمادها للتعامل مع أعراض معينة” بشكل أفضل.
يتزامن نشاط هذه الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا مع قيام عدد متزايد من الشركات والمؤسسات البريطانية الكبيرة باعتماد سياسات انقطاع الطمث في السنوات الأخيرة.
على سبيل المثال، يقدم Royal Mail و Tesco العملاقين في مجال السوبر ماركت في المملكة المتحدة، تدريبات على انقطاع الطمث، وقد غيّر الأخير في العام الماضي الزي الرسمي للموظفين، مع اعتماد زي خفيف الوزن وأكثر تهوية لمساعدة الجسم أثناء ارتفاع درجات الحرارة التي تسببها هذه المرحلة للنساء.
كما تعتمد مجموعة Co-Op دليلاً مخصصاً لدعم انقطاع الطمث.
بالعودة إلى ميامي، تقول ديبي، إن معصمها أحدث فرقاً حقيقياً في حياتها، “إنه يخفف الانزعاج، ويجعل مدة الأعراض تبدو أقصر وأخف حدة، إنها تجربة مريحة أكثر للتنقل”.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.