- يولاند نل
- بي بي سي نيوز، القدس
على خطى يسوع، احتشدت حشود ضخمة من الحجاج المسيحيين هذا الشهر في شوارع القدس القديمة حيث جرت قصة عيد الفصح.
تقول مارينا، التي تزور القدس قادمة من بلغراد، وانضمت إلى موكب الجمعة العظيمة الأرثوذكسية التي تحمل صليبًا خشبيًا: “إنه أمر مؤثر للغاي ، لقد بكيت قليلاً بالفعل، إنه شيء يجب أن تشعر به عندما تكون هنا”.
ويبرز المسيحيون المحليون عندما ينضمون إلى الشعائر الدينية، حيث تقود المجموعات الكشفية الفلسطينية والأرمنية المواكب الدينية.
لكن في الأشهر الأخيرة، قال مسيحيون يعيشون في شرق المدينة المحتلة إنهم شهدوا زيادة في المضايقات وأعمال العنف ضدهم.
موجة من الهجمات
حذر بطريرك الروم الأرثوذكس ثيوفيلوس الثالث من “هجمات غير مسبوقة على الوجود المسيحي من قبل الجماعات الإسرائيلية المتطرفة”.
في بداية العام، على جبل صهيون، حيث يعتقد المسيحيون أن العشاء الأخير قد حدث، شوهد مراهقان أرثوذكسيان متطرفان يهوديان على الكاميرات الأمنية وهم يدنسون القبور في المقبرة الأنجليكانية.
وتم تحطيم الصلبان وشواهد القبور، وقالت الشرطة الإسرائيلية في وقت لاحق إنه تم اعتقال شخصين.
في نهاية شهر يناير/ كانون الثاني، ألحق حشد من اليهود المتطرفين أضراراً بالممتلكات ورموا بالكراسي في مشاهد عنيفة في مطعم مملوك للأرمن بجوار “البوابة الجديدة” في المدينة القديمة، رافقتها صيحات “الموت للعرب، الموت للمسيحيين”.
في الشهر التالي، قام سائح أمريكي يهودي متدين بتخريب تمثال للمسيح بمطرقة في كنيسة الجلد على “درب الصليب”.
في مقطع فيديو تم تصويره في مكان الحادث، يُسمعُ حارس فلسطيني وهو يصرخ “اتصل بالشرطة” بينما الرجل الذي ألقاه على الأرض ينادي: “لا يُسمح لك بالحصول على أصنام”، و قيل أنه يخضع لتقييم نفسي.
على مر السنين، أصبحت حالات البصق والسب ودفع الكهنة في البلدة القديمة أمرًا روتينيًا. وعلاوة على ذلك، يقول قادة الكنيسة أنه كان هناك المزيد من الإعتداءات الطائفية في الآونة الأخيرة.
يقول المطران ويليم شوملي من البطريركية اللاتينية: “يحدث هذا بسبب كراهية وتعصب وتطرف جزء من المجتمع الإسرائيلي” مضيفاً: “إنها أقلية من الناس”.
ويشير إلى أن صعود اليمين المتطرف في السياسة الإسرائيلية قد لعب دوراً في زيادة الاعتداءات.
وتضم الحكومة الإسرائيلية الحالية قوميين متطرفين، مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي يدعو إلى سياسات تظهر عدم التسامح مع أولئك الذين لا يشاركونهم دينهم.
يقول المطران ويليام: “لا أعتقد أن استراتيجية الحكومة الجديدة هي مهاجمة الكنائس، لكن الشباب الذين يمارسون هذه الجرائم يشعرون بالحماية بطريقة ما لأن لديهم ممثلين أقوياء في الحكومة”.
وتمثل مدينة القدس المقدسة مولد الإيمان المسيحي، ومع ذلك، فقد انخفض عدد المسيحيين الذين يعيشون هنا من ربع السكان قبل قرن إلى أقل من 2٪. فلقد هاجر الكثيرون، هرباً من الوقائع اليومية المؤلمة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، باحثين عن فرص أفضل في أماكن أخرى.
بسبب صغر حجم مجتمعهم، يشكو المسيحيون من تأثرهم بشكل غير متناسب بالسياسات الإسرائيلية التي تجعل من الصعب على الفلسطينيين من القدس الزواج من سكان الضفة الغربية المحتلة والبقاء مع عائلاتهم في المدينة.
ليست أعمالاً منعزلة
كما استولى المستوطنون اليهود على المزيد والمزيد من الممتلكات، ويُنظر إلى المستوطنات على أنها غير قانونية بموجب القانون الدولي، لكن إسرائيل لا توافق.
يشعر العديد من المسيحيين أن العداء المتزايد تجاههم يهدف إلى طردهم.
في الحي الأرمني في المدينة القديمة، يرى ستراك باليان زيادة في الإعتداءات العنصرية، والكتابات المليئة بالكراهية والترهيب، ويلقي باللوم على القوميين المتدينين اليهود.
ويطمح ستراك إلى مزيدٍ من الاهتمام الدولي بالمشاكل الطائفية.
يقول: “إما أن يقرر العالم المسيحي أن يستيقظ ويدافع عن إخوانهم المسيحيين الموجودين هنا للدفاع عن مهد المسيحية وعن الأراضي التي سار فيها يسوع، أو نفقدها كلها”.
وكثيرا ما تتهم الشرطة الإسرائيلية بردود فعل بطيئة، لكن في بيان لها قالت لـ”بي بي سي” إنها “تتخذ إجراءات جادة ضد أعمال البلطجة والعنف والتخريب من أي نوع ، وتم التعامل مع جميع الحوادث بشكل سريع وحاسم”.
وأضافت أن “قوات الشرطة الإسرائيلية تعمل بجدية للحفاظ على الأمن والنظام وحرية العبادة لجميع أتباع الديانات والمذاهب”.
على طول الأزقة الضيقة للمدينة القديمة، بالقرب من بوابة صهيون، يوجد مركز الحوار بين الثقافات في القدس (JICC) الذي هو منظمة غير ربحية تحاول تغيير المواقف والسلوك. منذ ما يقرب من عقد من الزمان، تقع الهجمات على رجال الدين المسيحيين والممتلكات والحجاج والسكان المحليين.
ويقول دانيال حسون، مدير المركز: “في الأشهر الثلاثة الماضية، رصدنا عشرات الهجمات، ونهدف الآن لاستخدام هذه البيانات للتوضيح للجهات السياسية أن هذه ليست أفعالًا فردية أو منعزلة”.
يشجع المركز شهود وضحايا الانتهاكات الطائفية على المضي قدماً، كما يقوم المركز ببتوفير المتطوعين لمرافقة المواكب المسيحية ويعمل مع قادة مختلف الأديان في المدينة القديمة.
يقول حسون: “ما نفتقده الآن هو قيام قادتنا السياسيين بالتحدث علناً ضد أعمال العنف”.
“الرهانات هنا كبيرة جدًا، المدينة القديمة مهمة لجميع الديانات التوحيدية، التي تمثل أكثر من نصف البشرية، لذلك علينا واجب العناية بطابعها الخاص من أجل الجميع”.
بالعودة إلى موكب الجمعة العظيمة الأرثوذكسية ، تصل مجموعة من السكان المحليين إلى كنيسة القيامة – المبنية في المكان الذي يُعتقد أن المسيح صُلب فيه ودفن وقيامته.
في عيد الفصح هذا، مع قلق الكثيرين على مستقبلهم، يقول المسيحيون في القدس إنهم يتمسكون برسالة الأمل في العيد.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.