الفضاء والمستقبل العربي | الشرق الأوسط
لحظة بلحظة

الفضاء والمستقبل العربي | الشرق الأوسط


كم أسعدنا ورفع رؤوسنا استقبال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز رواد الفضاء السعوديين: ريانة برناوي، وعلي القرني، ومريم فردوس، وعلي الغامدي، الذين يستعدون للوصول إلى المحطة الفضائية الدولية، في الرحلة المقرر انطلاقها في شهر مايو (أيار) المقبل.
وكان أول رائد فضاء عربي هو الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وهو عقيد في القوات الجوية الملكية السعودية وطيار مقاتل، وقد أمضى في الفضاء أسبوعاً واحداً وساعة واحدة في عام 1985. أما أول رائد فضاء سوري فهو محمد فارس الذي شارك في رحلة فضائية في مكوك سوفياتي في عام 1987.
لم يخدم الحظ أبا القاسم عباس بن فرناس المولود في الأندلس في زمن الدولة الأموية، واشتهر بمحاولته الطيران، إضافة إلى كونه شاعراً وموسيقياً وعالماً فيلسوفاً في الرياضيات والفلك والكيمياء، وهو مخترع أول قلم حبر في التاريخ. ولد في عام 810ﻫ، وتوفي في عام 887ﻫ، وهو مسلم من أهل السنّة.
وصف المؤرخون بيت عباس بن فرناس بأنه نموذج يحاكي السماء الزرقاء، يرى فيه الزائر النجوم والسحاب والصواعق والبرق. أما أشهر أعماله فهو استخدامه جناحين في محاولة للطيران بالقرب من قصر الرصافة في بغداد التي زارها.
وتكريماً له تم تسمية فوهة قمرية باسمه، وقد تم وضع تمثال له أمام شارع يؤدي إلى مطار بغداد الدولي، وله مطار آخر باسمه شمالي بغداد، وأقيم جسر عباس بن فرناس في قرطبة بإسبانيا. وكان قد عاصر الأمراء: الحَكم بن هشام وابنه عبد الرحمن وحفيده محمد، وكانوا يطلقون عليه لقب «حكيم الأندلس».
بادرت السعودية إلى إنشاء المجلس الأعلى للفضاء برئاسة ولي العهد، وتم تغيير اسم «هيئة الاتصالات» ليشمل الفضاء والتقنية، لتكون نافذة على صناعة سوق الفضاء، وتحفيز البحث والابتكار. وتخطط المملكة لتوفير بنية تحتية؛ ليس لاستكشاف الفضاء فقط، وإنما تشمل صناعات الفضاء بالتعاون مع القطاعات العالمية المتخصصة.
وقد نوه ولي العهد بدور قطاع الفضاء و«مساهماته في تعزيز تنافسية المملكة دولياً، واستكشاف الفضاء لخدمة العلم والإنسانية». ووصف ولي العهد رواد الفضاء ورائداته بأنهم «سفراء وممثلون للوطن في محطة الفضاء الدولية».
وهذه المحطة مشروع تعاوني قابل للسكن في مدار أرضي منخفض، وهي متعددة الجنسيات، وتضم خمس وكالات فضائية، هي: الولايات المتحدة وروسيا واليابان وأوروبا وكندا. والسعة القصوى للطاقم 6 أفراد. وتم إطلاقها لأول مرة في عام 1998 من مركز كينيدي للفضاء، طولها 72.8 متر، وعرضها 108.5 متر، وارتفاعها 20 متراً، وحجمها 916 متراً مكعباً، ومتوسط السرعة 766 كيلومتراً في الثانية الواحدة. ومصدر هذه الأرقام والمعلومات وكالة «ناسا» الفضائية الأميركية. ومضى على وجود هذه المحطة المأهولة بالبشر أكثر من 21 عاماً.
وفي برنامجها إذا توفرت السيولة المالية زيارة القمر أو المريخ. وحتى عام 2021 زار المحطة 244 رائد فضاء وسائحاً فضائياً من 19 دولة مختلفة، منهم 153 أميركياً و50 روسياً و9 يابانيين، وآخرون كنديون وإيطاليون وفرنسيون وألمان وبرازيلي واحد وإماراتي واحد. وفي القائمة الرواد الأربعة الذين استقبلهم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الأسبوع الماضي.
باختصار: تُكمل المحطة الدولية 16 دورة حول الأرض خلال اليوم الواحد. وعندما تغرب الشمس في لندن تُغلق نوافذ المحطة آلياً لإعطاء الرواد شعوراً بالليل ليناموا، ثم يستيقظون في الساعة السابعة صباحاً ليعملوا 10 ساعات يومياً. لم تؤثر كثيراً الحرب الروسية على أوكرانيا في برنامج المحطة الدولية، ولا يرغب أساساً الرواد في أي نقاشات سياسية؛ لأن مهمتهم علمية ومصيرهم واحد، وهدفهم استقراء الفضاء بلغاتهم المختلفة.
وتعتبر مواصفات المحطة أغلى بناء تم تشييده من قبل البشر، وفي أعلى نقطة على الإطلاق، وبلغت التكاليف 150 مليار دولار، وهي تستخدم الخلايا الشمسية المصفحة، وتبلغ سرعة المحطة حد أنها تستطيع الذهاب إلى القمر والعودة منه في أقل من 24 ساعة، مع أن مساحتها تعادل ملعب كرة قدم.
قد يتساءل أحد عن كيفية تناول الرواد طعامهم. يتم تحضير الطعام في وكالة «ناسا» وهو طعام مغذٍّ ومنشط وصحي، وصالح للأكل لعدة سنوات، وبين الأطعمة المكسرات والحلويات والبسكويت، وكذلك مياه الشرب والعصائر.
ومع أن هذه المحطات قدمت خدمات استفادت منها المركبات الفضائية، فإن بعضها تمت إعادته إلى الأرض وتفكيكه. وكان الاتحاد السوفياتي يدير برنامجين فضائيين معاً في السبعينات من القرن الماضي، وكانا يعرفان باسم برنامج «ساليوت»، وتم إطلاق 7 نسخ منه مرقمة من (1- 7). بينما كانت للولايات المتحدة في الفترة نفسها مركبة «سكاي لاب» العائدة لوكالة «ناسا»، وللصين أيضاً برنامج فضائي في عام 2011 تحت اسم «تيانغونغ– 1». وبعض هذه البرامج كانت لا تكتفي بالبحوث العلمية وإنما لها برامج عسكرية سرية لعمليات الاستطلاع والتجسس. وكل هذه المركبات لم تكن مأهولة.
المنافسة الفضائية السرية والعلنية كانت، كما يعرف المتخصصون، بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأميركية خلال الحرب الباردة، وكان السبق فيها لموسكو حين أطلقت أول قمر صناعي في عام 1957 حاملاً «الكلبة لايكا». لكن أول رحلة مأهولة ناجحة كانت من نصيب الروسي يوري غاغارين في عام 1961.
المفاجأة الفضائية التي تم الكشف عنها في الولايات المتحدة قبل أيام هي مشروع علمي جديد تموله وكالة الفضاء «ناسا» يسمى «هارب»، يقوم بتسلّم موجات صوتية لا يمكننا سماعها آتية من الفضاء الخارجي، ويتم تحويل تلك الموجات المنخفضة التردد إلى صفارات مسموعة تعين علماء الكون في فك الاهتزازات الفضائية التي تساعد على أداء ما وصفته وكالة «ناسا» بـ«أغنية الشمس والأرض».
في عام 2021، حذرت روسيا من أن محطة الفضاء الدولية قد تواجه إخفاقات لا يمكن إصلاحها بسبب قِدم التجهيزات والتقنيات.
وقيل إن 80 في المائة على الأقل من أنظمة الطيران في الجزء الروسي من المحطة انتهت صلاحيتها. وتم اكتشاف شقوق صغيرة يمكن أن تتفاقم بمرور الوقت كما ورد في أحد أخبار إذاعة «بي بي سي» البريطانية. وبُنيت المحطة في عام 1998 كجزء من مشروع مشترك بين روسيا وأميركا وكندا واليابان وبعض الدول الأوروبية، وتوقع الفنيون الروس أن عمر المحطة لن يتجاوز 15 عاماً، وأن موسكو قد تغادر المحطة الدولية في عام 2025.





المصدر


اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *