نشرت التايمز مقالا لوزير الخارجية البريطاني السابق وليام هيغ بعنوان “الغرب يمكنه منع سقوط العالم بين يدي شي وبوتين”.
يتساءل هيغ في بداية مقاله عن سبب زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ العاصمة الروسية موسكو. ويقول إنه هناك لأنك لو كنت في موقف الصين، تسعى لتحقيق استراتيجيتك للقرن الحادي والعشرين، فسيكون وجود روسيا إلى جانبك أمرا ضروريا.
ويواصل إن الأفضل ألا تكون روسيا فقط إلى جانبك بل مرتبطة بك، ومضطرة إلى الاستمرار معك، دون أي خيار آخر سوى بناء خطوط الغاز المستقبلية باتجاه الصين، ومشاركتها التقنيات العسكرية والفضائية، وبالتالي التأكد من أنه في الصراع المتصاعد مع الولايات المتحدة، فإن الصين لن تتعرض للحصار، وسيكون الوضع المثالي لشي أن يجعل بوتين حليفا، وكذلك معتمدا على الصين، وهذا بالضبط هو ما حدث.
ويقول هيغ “في الغرب نحن أيضا نسعى وراء مصالحنا بدعم أوكرانيا، لأنه لو حققت روسيا هدفها، ودمرت الدولة الأوروبية، لكنا نحن وحلفاؤنا مضطرين لإنفاق أموال باهظة لحماية أمننا لعقود طويلة. لكننا نعتقد أيضا أننا نخدم مصالح الإنسانية. وبالنسبة لنا فإن هزيمة العدوان والتصدي لانتهاك حقوق الإنسان، من المباديء الأساسية”.
ويواصل هيغ أنه، وكما ورد في استطلاع رأي الخريف الماضي، فإن 87 بالمئة، من بين 1.2 مليار إنسان يعيشون في أنظمة ديمقراطية، ليبرالية، لديهم نظرة سلبية لموسكو، بينما ينظر 75 بالمئة منهم سلبيا إلى الصين، وهو الأمر الذي لم يكن بنفس النسبة قبل الاجتياح الروسي لأوكرانيا.
ويضيف هيغ أن الأمر معكوس في مجتمعات أخرى، رغم مرور شهور على الغزو الوحشي لأوكرانيا. إذ ينظر قطاع كبير من المواطنين بشكل إيجابي لروسيا، ففي جنوب شرق أسيا تصل نسبة هؤلاء إلى 75 في المئة، أما في الدول الأفريقية التي تتحدث الفرنسية، فتصل النسبة 68 في المئة.
ويختم هيغ بالقول إنه “قبل عشرين عاما، اعتدنا في الغرب أن نظن أن الجميع سيصبحون مثلنا، بدءا من بغداد وحتى بكين، أما الآن فيمكن أن نرى أن الكثيرين لن يقبلوا ذلك، وبالتالي سيكون مطلوبا مراعاة استهلاك الطاقة، وانتهاج سياسات جديدة، ونظرة مختلفة للعالم، ،للتماهي مع هذه المتغيرات”.
ماذا جرى في العراق؟
الإندبندنت أونلاين نشرت تقريرا لرناد منصور، الباحث في المعهد الملكي للشؤون الدولية ” تشاتام هاوس” بعنوان “ماذا يمكن أن يعلمنا عقدان من الصراع العراقي عن النزاعات الحديثة”؟
يقول رناد إننا الآن في ذكرى مرور 20 عاما من الغزو، الذي أقدم عليه التحالف الذي قادته الولايات المتحدة، للعراق بنية خلع الديكتاتور صدام حسين، وتأسيس نظام ديمقراطي بديل.
ويضيف أنه رغم إنفاق مئات المليارات من الدولارات لتحقيق هذا الهدف، إلا أن العراق حتى الآن، لم يتم تأسيس ديمقراطية فعاله فيه، ولا يزال يعاني الصراعات لتشكيل حكومة شفافة، ومؤسسات فعالة للدولة.
ويواصل أن الغزو وما تلاه من احتلال “أطلقا موجة من الأزمات، بداية من صعود المنظماتالجهادية السلفية، مثل تنظيمي القاعدة، والدولة الإسلامية”.
ويقول رناد “اليوم يستمر الصراع ليكون واقعا يوميا في العراق، بداية من الجماعات المسلحة، التي تتصارع على السيادة على مناطق النفوذ، إلى العنف الممنهج، والمؤسساتي، للنظام الفاسد الذي يسرق المسؤولون فيه أموال الدولة، المخصصة لصيانة وتقديم الخدمات الأساسية، مثل نظام الرعاية الصحية”.
ويعرج رناد على معاناة المواطنين العراقيين المحرومين من الخدمات الأساسية، رغم ثراء البلاد الغنية بالنفط، مضيفا أن المواطنين حاولوا الخروج في مظاهرات حاشدة عدة مرات، إلا أن المظاهرات قوبلت بقمع شديد، ما يجعل البلاد حاليا أكثر خطورة من أي وقت مضى في تاريخها على الإطلاق، بالنسبة لأي شخص يرغب في ممارسة حقوقه الديمقراطية.
ويضيف أن مركز تشاتام هاوس للحريات جمع شهادات من طيف من مواطني العراق، والخبراء الدوليين، الذين عاصروا الحرب، أو تأثروا بتبعاتها، الأمر الذي يعطينا دروسا عن آثار الغزو والاحتلال، في الصراعات العديدة التي يعانيها العالم حاليا.
ويخلص رناد إلى أن ظل الحرب التي قسمت العراق ترك الكثير من المخاوف والتردد بخصوص تدخل الولايات المتحدة، والدول الأخرى في أي صراع. وتطال المخاوف والتردد إرسال قوات برية. وقال إنه يمكن النظر إلى هذا التردد بداية من حالات التدخل الدولي المفكك، كما جرى في ليبيا، إلى الانسحاب السريع، والمفاجيء للقوات الدولية من أفغانستان، علاوة على مواصلة تجاهل تردي الأوضاع في اليمن بسبب الحرب الأهلية.
ويختم رناد بالقول إن “فهم الأخطاء التي وقعت خلال غزو العراق، تعطينا دروسا قيمة، ليس بالنسبة فقط إلى ما يحدث في العراق اليوم، ولكن أيضا للصراعات الجارية في مناطق النزاع الأخرى، حول العالم، والتي سوف نرى إلى أين ستصل لاحقا”.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.