“العمل الحر واقتصاد المشاركة”.. هل هي ملاذات آمنة؟
أخبار العالم

“العمل الحر واقتصاد المشاركة”.. هل هي ملاذات آمنة؟



إسراء فتاة مصرية في العقد الثاني من عمرها، درست التربية الفنية، بدأت مشروعها الخاص وهي طالبة جامعية بأقل الإمكانات المتاحة، وعملت في تصميم مشغولات يدوية وإكسسوارات.

تقول لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إنها لم تتكلف في البداية سوى الخامات التي تصنع منها المنتج، وقد تمكنت لاحقاً من اكتساب خبرات أوسع في الإنتاج والتسويق من خلال احتكاكها بالناس في الشارع، وبعد أن حددت نقاط القوة والضعف الخاصة بها، وما يحتاجه الزبائن من أفكار جديدة.

“واحدة واحدة المشروع بيكبر مع النزول لأرض الواقع.. مش لازم (ليس شرطاً) تكون جوانب المشروع كاملة وقت البداية فيه.. ولا منطقي إني أبدأ مشروع بمبلغ كبير قد أخسره”.

إسراء واحدة ضمن الكثير من الشباب الذين قرروا خوض تجربة “العمل الحر” التي تشهد نمواً ملحوظاً في الفترات الأخيرة، لا سيما في ظل الضغوطات التي يشهدها الاقتصاد العالمي، وجملة الاضطرابات الناجمة عن مجموعة الأحدث المتلاحقة بداية من تبعات كورونا ثم الحرب في أوكرانيا.

انتعاش “العمل الحر”

يرى المدير التنفيذي بشركة VI Markets أحمد معطي، أن من أقوى الفرص التي خلقتها الأزمة الاقتصادية التي يعانيها العالم هي تشجيع الناس على التوجه للعمل الحُر.

ويشير في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن شركات كبرى أعلنت إفلاسها، حتى في الولايات المتحدة الأميركية نفسها التي تعد أقوى اقتصادات العالم أعلنت عن زيادة حالات الإفلاس بين الشركات الأميركية خلال النصف الأول من العام الجاري.

“تلك الظروف التي تجعل الأشخاص يتجهون للبحث عن أقرب فرصة للعمل الحر، وبالتالي فإن الأزمات تزيد من الاعتماد عليه”.

  • كشف تقرير S&P Global Market Intelligence عن أن عدد الشركات الأميركية التي أفلست في النصف الأول من العام الجاري 2023 تجاوز عدد الإفلاسات خلال جائحة كورونا.
  • تُظهر بيانات Epiq أن عدد الشركات المفلسة في هذا الصدد بلغ 2973 شركة، بارتفاع نسبته نحو 68 بالمئة عن نفس الفترة من العام الماضي 2022.

ويلفت معطي إلى أن الطفرة في التكنولوجيا حفزت الشباب في جميع أنحاء العالم أن يتجهوا للعمل الحر، مشيراً إلى أن أغلب الشركات الناشئة هي شركات متخصصة في العمل الحر، وأغلب الشباب توجهوا أخيراً للعمل في قطاع التكنولوجيا.

ويشير إلى أن عدد العاملين في القطاع الحر ازداد أخيراً بكثافة، خاصة بعد أن أصبحت المجالات متنوعة وغير محدودة، متوقعاً أن تشهد تلك المجالات ازدياداً خلال الفترة المقبلة، خاصة مع دعم الدول للعمل الحر للشباب بتقديم دراسات جدوى ومساعدتهم، لما تمثله تلك المشروعات من دعم للإنتاجية ومساهمتها في خلق فرص عمل، ما يقلل من معدل البطالة والضغط على ميزانية الدولة.

نصائح ثمينة

وإلى ذلك، يستعرض المدير التنفيذي بشركة VI Markets خلال حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” مجموعة من النصائح الهامة وجهها لمن يفكرون في التوجه للعمل الحر، من أجل مواجهة أية تحديات تعطلهم خلال تنفيذ مشروعهم

  • أن يكون الهدف الرئيسي هو “الاستمرارية”.
  • وضع تطلعات منطقية، لا سيما أن هناك بعض الأشخاص قبل البدء في المشروع يضعون تطلعات مبالغ فيها وغير منطقية، وبالتالي حينما لا تتحقق ولم يصل الشخص لأهدافه يؤثر ذلك بالسلب عليه (..) لذا لابد أن تكون التطلعات على قدر كل خطوة من خطوات تنفيذ المشروع.
  • إدارة الأزمة: أغلب الشركات التي أشهرت إفلاسها في أميركا أخيراً لم تكن لديها إدارة للأزمات، وذلك بوضع خطط وأخرى بديلة لمواجهة أي عراقيل.
  • عدم الاعتماد على القروض بكثافة، فإذا قرر الشخص الحصول على قرض لابد وأن يكون واثقاً من قدرته على سداده.
  • دراسة المنافسين واحترامهم.
  • دراسة التطور في التخصص، فعلى الشخص أن يدرس مجاله، وأن يكون على معرفة بكل تطور فيه.
  • تنويع الاستثمار، حيث يفضل أن يكون هناك تخصص بجانبه آخر يتصل به؛ فعلى سبيل المثال قد يتخصص الشخص في مجال البرمجة وإلى جانب ذلك العمل من الممكن أن يعمل أيضاً في مجال التصميم.. إلخ

وكان تحليل نشره المركز المصري للدراسات الاقتصادية، مايو الماضي، قد أشار إلى وجود تنافسية شديدة في مجال العمل الحر عالميا، وهناك ارتفاع في الطلب على العمل الحر بشكل متسارع منذ العام 2019، فخلال الربع الأول من العام 2023 تم إتاحة 40 ألف فرصة عمل بقيمة 60 مليون دولار في مجال العمل الحر بالبرمجيات، ويتركز 34 بالمئة من الطلب على العمالة الحرة من الولايات المتحدة الأميركية، تليها دول أوروبا، والهند بواقع 14.13 بالمئة.

مستقبل العمل والنمو

من جانبه، يوضح أستاذ الاقتصاد المستشار بالبنك الدولي، الدكتور محمود عنبر، أن ارتفاع معدلات التضخم أدى إلى انخفاض الاستثمارات الحكومية ومشروعات شركاتها العامة، وهي التي يتم من خلالها توفير فرص توظيفية، فبالتالي أصبح معدل التوظيف منخفض، مما يدفع الشباب للبحث عن فرص عمل بشكل حر.

ويفيد خلال حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” بأن جميع الدول اتخذت توجه منح القطاع الخاص دور أكبر، وكذلك اللجوء للاستثمارات بشكل أو بآخر وذلك بهدف استيعاب الكم الأكبر من العمالة، وتقليل البطالة.

ويشهد الاقتصاد العالمي عديداً من المخاطر التي تجعل الوضع متذبذباً؛ وعلى رأسها الحرب في أوكرانيا، علاوة على والخلافات الأميركية الصينية، فضلاً عن محاولات بعض الدول صياغة نظام اقتصادي غير قائم على الهيمنة الأميركية، وهو ما يجعل لدى البعض تخوفاً من المغامرة بالاستثمار، بحسب عنبر.

ويؤكد أن نمو العمل الحر واقتصاد المشاركة يعكس أنه أصبح مستقبل العمل والنمو، خاصة وأنه بات يعيد رسم خريطة القوى العاملة العالمية، فهو يحدث حالة من التغيير في واقع التوظيف العالمي. وتبعاً لذلك، يقدم أيضاً أستاذ الاقتصاد المستشار بالبنك الدولي، مجموعة من النصائح لهؤلاء الذين يفكرون في الإقدام على خطوة العمل بشكل حر:

  • لابد أن يكون الشخص على دراية كاملة بطبيعة المشروع، وأن يجري له دراسة جدوى تشمل أربعة أركان أساسية، وهي دراسة تسويقية وأخرى فنية ومالية وتمويلية.
  • أن يكون متفهماً لطبيعة السلعة أو الخدمة التي يقدمها من خلال هذا المشروع، وأن يكون معدل المرونة الخاص بها مناسب، ذلك بأن تكون سلعة أقرب إلى السلع الأساسية التي يحتاجها ويستهلكها المواطن بشكل متكرر، فإذا كانت سلعة كمالية أو رفاهية مع الضغوط الاقتصادية سيتم الاستغناء عنها.
  • لابد أن يكون على دراية بالقطاعات التي تشجعها الدولة الموجود فيها وفرصها الاسثمارية المتاحة؛ لأن كل دولة لديها قوانينها الخاصة بكل قطاع سواء خدمي أو استثماري، لذا لابد أن يعلم جيداً خطة الدولة وتوجهاتها.
  • أن يحدد الجهة التي سوف تمول المشروع، وإذا ما كان سيموله بشكل شخصي أو من خلال بعض الجهات الخاصة بالتمويل، ففي بعض الدول تتوفر مؤسسات تتبنى المشروعات الحرة بدء من تمويلها أو حتى إدارتها.

تجربة عملية

منذ 13 عاماً بدأ إبراهيم حسني، وهو شاب في العقد الثالث من عمره، أن يخطو أولى خطوات طريقه في العمل الحر، من خلال مشروع صغير لبيع أجهزة الهاتف المحمول، واستكمل طريقة في ردهات العمل الحر، حتى أصبح حالياً يملك شركة للسياحة الداخلية، إضافة إلى عدد من المشروعات الأخرى.

يقول إبراهيم في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن انخفاض الرواتب في القطاعين العام والخاص في ظل الظروف المعيشية والأوضاع الاقتصادية العامة، دفعه أن يتخذ قرار العمل الحر، فخاض أكثر من تجربة لمشروعات بسيطة شكلت من شخصيته وأضافت لخبراته.

وعلى الرغم من أنه بدأ بأكثر من مشروع مختلف إلا أنه لا يعترف بالفشل. ويقول: ” كل المحاولات في النهاية تحقق هامش ربحي معين، سعيت لتحقيقه لتنمية استثماراتي.. فكانت التجارب جميعها بمثابة محطات في رحلتي”.

بيع أجهزة المحمول وافتتاح مطاعم صغيرة ومركز تجميلي أو محل لبيع الإكسسوارات أو تأسيس شركة للمقاولات، جميعها تجارب استثمارية خاضها إبراهيم، نجح في أغلبها واستمرت، بينما انتهت أخرى بفعل تغير احتياجات السوق بين الحين والآخر، وفي هذا السياق يقول: “في الوقت الذي تتغير فيه اهتمامات السوق أبحث عن الجديد وأعمل فيه”.

“لو بتفكر في مشروع ابدأ حالًا متضيعش (لا تضيع) وقت كتير في إنك تفكر”، هكذا نصح إبراهيم الشباب الذين يفكرون بأن يتخذون تلك الخطوة، من خلال واقع تجربته، ليضيف إلى تلك النصيحة الرئيسية عدداً آخر من النصائح، من بينها:

في البداية توضع خطة بسيطة على أمد قريب، على أن تكون بتكلفة بسيطة، فبعد ذلك المشروع سيحقق نموًا ذاتيًا.

  • عدم التشتت.. اعزل نفسك عن فكرة العمل داخل قطاعات، لا تكون مشغولاً في عمل حكومي وتؤسس مشروع خاص.. التشتت -في تقديري- يعطلك عن تحقيق ما ترجوه من مشروعه.
  • دراسة اهتمامات الشارع.
  • دراسة جدوى المشروع ووضع توقعات ربحية بسيطة وليست مبالغ فيها، ذلك أنه يُفضل عدم إعلاء سقف التوقعات، على أن يكون ذلك خلال أمد بسيط، ويتم تطوير الدراسة مع الوقت لتكون على أمد طويل ليستمر ويكون له ربح كبير .





المصدر


اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *