العملات المشفرة تنتعش وسط أزمة انهيار “سيلكون فالي”
أخبار العالم

العملات المشفرة تنتعش وسط أزمة انهيار “سيلكون فالي”



وارتفعت عملة بيتكوين، التي تستحوذ وحدها على أكثر من نصف قيمة سوق العملات المشفرة، بنحو 12 بالمئة، لتقترب من 26 ألف دولار، عند أعلى مستوى منذ يونيو 2022، فيما ارتفعت القيمة الإجمالية للسوق إلى حوالي 1.1 تريليون دولار بزيادة نحو 10 بالمئة في آخر 24 ساعة، طبقا لتقييم كوين ماركت كاب.

وفرضت العملات المشفرة نفسها كأحد ملاذات الاستثمار في ظل حالة الذعر التي ضربت الأسواق المالية عقب انهيار بنكي “سيلكون فالي” و”سيغنتشر”، رغم رسائل الطمأنة التي بعثها الرئيس الأميركي جو بايدن، مؤكدا أن القطاع المصرفي آمن وأن الأزمة تحت السيطرة.

ورغم تزايد مخاوف المتعاملين بسوق الكريبتو على وقع أزمة انهيار 3 بنوك مرتبطة بشركات التكنولوجيا وصناعة التشفير (سيلكون فالي- سيلفر غيت- سيغنتشر)، يُحدد محللون ثلاثة عوامل رئيسية دفعت إلى تجاوز السوق الأزمة الراهنة أخيراً وبعد تراجع النمو في الأسابيع الأخيرة، وهي:

* التأثير المتوقع لأزمة انهيار “سيلكون فالي” على قرارات الفيدرالي الأميركي وسط توقعات بتأجيل رفع سعر الفائدة.

* الخطوات السريعة التي اتخذتها السلطات الأميركية لحماية القطاع المصرفي بالبلاد من تداعيات تلك الأزمة.

* رسائل الطمأنة التي بعث بها الرئيس جو بايدن فيما يتعلق بحماية النظام المصرفي، والتأكيد على سلامته وتمتع الشركات الصغيرة بالأمان.

هل تعتبر سوق الكريبتو ملاذاً آمناً؟

خبيرة العملات الرقمية وأسواق المال من الولايات المتحدة، كاثي هندرسون، تشير في تصريح خاص لـ “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن المتعاملين في سوق الكريبتو يرون أنه في فترات الأزمات الاقتصادية تعتبر العملات الرقمية “أسلم وسيلة لاستثمار أموالهم” بعيداً عن تقلبات الأسواق، وبما يبرر ارتفاع مستويات العملات.

وتشير إلى عديد من العوامل الداعمة لذلك التوجه نحو العملات الرقمية في ضوء حالة عدم اليقين المسيطرة عادة خلال فترات الأزمات الاقتصادية، من بين تلك العوامل ما يتعلق بالمزايا التقنية والتكنولوجية والأرباح السريعة.

وخلال الأسبوع الماضي، تفاعلت سوق الكريبتو مع أزمة البنوك الأميركية، وعرفت تراجعات قوية في إجمالي قيمتها، لتهبط دون التريليون دولار، وقد بلغت نسبة تراجع بيتكوين الأسبوع الماضي على سبيل المثال حوالي 11 بالمئة لتصل إلى 20 ألف دولار، بعد إغلاق بنك سيلفرغيت أمام أعمال التشفير، قبل أن تتدخل الإدارة الأميركية لتأكيد الثقة بالقطاع المصرفي، وهو ما انعكس بعد ذلك على أداء العملات الرقمية.

كيف تأثرت العملات الرقمية بالسياسات النقدية المتشددة؟

ويضيف رئيس وحدة البلوكتشين والعملات المشفّرة بمركز سويس إيكونوميكس للأبحاث الاقتصادية في سويسرا، ماتياس هافنر، في تصريح خاص لـ “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أسباب أخرى لاعتبار عديد من المتعاملين للعملات الرقمية “ملاذ آمن” في فترات الاضطرابات الاقتصادية، من بينها ارتباط تلك العملات بمعدلات التضخم وسعر الفائدة.

ويقول: “تكتسب عملة البيتكوين قيمة عندما يزداد التضخم، وبما يؤثر على السياسات النقدية وسعر الفائدة بالبنوك (..)”، موضحاً أنه “حتى الآن قام بنك الاحتياطي الفيدرالي بزيادة أسعار الفائدة بما يتماشى مع معدلات التضخم، وكان تأثير سعر الفائدة أقوى من تأثير التضخم وهذا هو سبب خسارة البيتكوين لقيمتها في الفترات الأخيرة“.

ويتابع: “منذ أن انهار بنك سيلكون فالي تفترض الأسواق أن الفيدرالي سوف يتوقف عن زيادة أسعار الفائدة (أو على الأقل زيادتها بوتيرة أقل قوة)، وبالتالي نرى زيادة في قيمة البيتكوين“.

انهيار “إف تي إكس”.. محطة فاصلة

وإلى ذلك، يقول المحلل الاقتصادي نبيل التميمي، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن كثيراً من المتعاملين بالعملات الرقمية، كانوا ينظرون حتى وقت قريب قبل انهيار “إف تي إكس” إلى أن سوق الكريبتو كملاذ آمن في أوقات الأزمات الاقتصادية، وفي ضوء ما يرونه من مزايا تقنية مضمونة وفي ضوء السعي للاستثمارات السريعة الرابحة التي تجذبهم.

لكنه يربط في الوقت نفسه انهيار “سيلكون فالي” و”سيغنتشر” بأزمة انهيار منصة “إف تي إكس” للعملات الرقمية، قبل نهاية العام الماضي، ومن ثم حدث ما يشبه تأثير سقوط الدومينو، لا سيما أن بعض المصارف قد خسرت الكثير من أصولها وفي ظل تعثر عديد من الدائنين الذين كانت لهم استثمارات في العملات المشفرة، وبما يؤثر على قدرة البنوك والتزاماتها المصرفية.

ويشير إلى أن كثيراً من المستثمرين بالعملات الرقمية مرتبطين بمصرفي “سيلكون فالي” لا سيما المختصين بقطاع التكنولوجيا (علاوة على بنك سيغنتشر)، وبعد انهيار منصة “إف تي إكس” صار هناك اتجاه من قبل المودعين لسحب أموالهم على وقع الشائعات المتناثرة حول المشاكل المرتبطة بعدم قدرة البنك على الوفاء بالتزاماته وأنه غير قادر على الاستمرار ولديه مشكلة في الأصول.

ومع هذا، فإن الإجراءات التي اتخذتها الحكومية الفيدرالية وتصريحات الرئيس جو بايدن، التي تعهد فيها بحماية النظام المصرفي عقب انهيار سيلكون فالي، جميعها عوامل عززت من طمأنة الأسواق، وأسهمت في ارتياح بأوساط المتعاملين بالعملات الرقمية كذلك، لا سيما في ضوء التوقعات التي تشير إلى خفض وتيرة رفع سعر الفائدة ضمن الإجراءات المرتقبة في ظل الأزمة الحالية.

حالة عدم اليقين.. هل تعزز هروب المستثمرين للعملات المشفرة؟

يقول المدير التنفيذي لمركز كوروم للدراسات في لندن، طارق الرفاعي، في تصريحات خاصة لـ “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن عديداً من المستثمرين يرون العملات المشفرة، وبالأخص العملات الكبرى مثل بيتكوين وإيثر، كملاذ آمن في الوقت الحالي؛ بسبب التقلبات العالية في أسواق المال، وحالة عدم اليقين في توجه كثير من الأسهم، خاصة في قطاع التكنولوجيا.

ويضيف: “عادة ما نرى أن هناك ارتباطاً قوياً بين أداء ناسداك، مؤشر التكنولوجيا، بأداء العملات المشفرة.. ونرى الآن أن هذا الارتباط انقطع في الفترة السابقة، ويتجه المستثمرون أكثر نحو الاستثمار في العملات المشفرة“.

ويعتقد الرفاعي بأنه “مع انهيار سليكون فالي الذي كان يعتمد بالأساس على شركات التكنولوجيا صارت هناك مخاوف من قبل المستثمرين فيما يخص الشركات التكنولوجية والقطاع عموماً، وبسبب أدائها الضعيف العام الماضي أيضاً، وبالتالي قد يكون التوجه صوب العملات المشفرة“.





المصدر


اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *