- لينا الشوابكة
- بي بي سي نيوز عربي
تحتضن موسكو الأسبوع القادم اجتماعاً رباعياً بين تركيا وروسيا وإيران وسوريا، تمهيداً لعقد اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، لمناقشة الملف السوري ومسار أستانا.
جاء هذا الإعلان خلال مؤتمر صحفي مشترك بين وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ونظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، عقب محادثات جرت بينهما في العاصمة أنقرة. وأشار جاويش أوغلو إلى أن تركيا وروسيا وسوريا عقدت اجتماعاً ثلاثياً على مستوى وزراء الدفاع (في ديسمبر كانون الأول 2022) وأن عبد اللهيان عبر عن رغبة إيران في الانضمام إلى هذا المسار.
وأوضح أنه أبلغ عبد اللهيان بعدم وجود أي مانع أمام انضمام إيران إلى المحادثات، مؤكداً أن مسار أستانا يعد الآلية الوحيدة الصامدة بشأن سوريا.
ما هي فرص مسار أستانا؟
منذ بدء “مسار أستانا” الخاص بالملف السوري عام 2017، وانعقاده على طول السنوات الماضية، لم تُحقق نتائج مهمة يمكن البناء عليها للتوصل إلى حلول للملفات الذي أخذ هذا المسار على عاتقه التصدي لها. ومن أبرز هذه الملفات وقف إطلاق النار بين الحكومة والمعارضة، والإفراج عن المعتقلين في سجون النظام، ويرى مراقبون أنه كلما مضت الأيام تصبح سلطة الأسد أكثر شرعية، وهو ما يجعل من هدف المعارضة الأساسي وهو الإطاحة بالأسد محل تساؤل كبير، فما هي فرص مسار أستانا؟
يقول المحامي المدافع عن حقوق الإنسان والعضو السابق في الائتلاف الوطني السوري المعارض ياسر فرحان: “إن البعض يرى بأن مسار أستانا استطاع أن يحافظ على مدينة إدلب خارج مخططات روسيا ونظام الأسد، والبعض يرى بأنه فشل لأنه لم يؤمن الحماية الكاملة لباقي المناطق”.
ويضيف: “خلال الفترة الماضية، رأينا بأن هناك تعطيلا مستمرا باللجنة الدستورية التي لم تنجز حتى الآن صياغة مادة واحدة في الدستور، وهذا يقود إلى عدم توفر الإرادة الدولية للدول الفاعلة وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تستطيع أن تضغط بشكل كبير على روسيا كي تفرض على النظام الانخراط بشكل جدي بعملية سياسية تفضي إلى تطبيق قرارات مجلس الأمن وبيان جنيف”.
من جهته يقول أستاذ العلاقات الدولية ودراسات الشرق الأوسط في جامعة لندن فواز جرجس إن مسار استانا فشل في ترجمة مخرجاته لأن المعارضة السورية في وضع ضعيف وهش ومنقسمة على نفسها، ولأن الأسد لا يريد أي عملية انتقال سياسي جادة.
ويضيف: “أعتقد أن القيادة السورية تتحايل على أستانا بسبب عدم إيفائها بوعودها وعدم قبولها لتحول سياسي جدي، وهو أنها لم تقبل بإجراء تغيير في طبيعة النظام السوري”.
تطبيع العلاقات بين سوريا وتركيا
مع تسارع وتيرة التقارب بين تركيا والحكومة السورية أملاً في التطبيع الكامل للعلاقات بينهما، يرى محللون بأن أنقرة تبدو أكثر حرصًا على التطبيع الكامل مع الأسد والذي قد يكون على حساب المعارضة السورية التي ترى في تركيا الحليف الرئيس والداعم الأول لها، ما يضع المعارضة أمام خيارين: مسايرة تركيا بتطبيعها مع الحكومة وبالتالي فقدانها أسس بقائها وأهدافها، أو الرفض وهو ما يضعها أمام مسارات مجهولة.
يقول جرجس إن القيادة الروسية تحاول منذ نحو سنتين تقريب وجهات النظر بين تركيا وسوريا، وتلعب دورًا مهمًا وخاصة الرئيس الروسي بوتين في إقناع نظيره التركي بالتواصل مع نظيره السوري من أجل مسألتين في غاية الأهمية، وهما مسألة اللاجئين السوريين، وأيضًا قضية ما تسميه تركيا بـ “الإرهاب الكردي”.
ويضيف: “أنا لا أستبعد انعقاد لقاء بين الرئيسين التركي والسوري في الأسابيع القادمة قبل الانتخابات التركية، لأن الرئيس التركي يعاني من ضغوط داخلية خطيرة بسبب الزلزال الذي ضرب بلاده، وبالنسبة لأردوغان فإن الاجتماع مع الأسد يعتبر ورقة مهمة له قبل الانتخابات، ولكن لا أعتقد أن التطبيع التركي السوري سوف يمثل انفراجة لإنهاء حالة الحرب التي دمرت سوريا”.
مصالح الدول المشاركة في رباعية موسكو
يأتي الاجتماع الرباعي الذي دعت إليه أنقرة بعد زلزال أوقع عشرات آلاف القتلى في تركيا وسوريا، وقبل شهرين من الانتخابات الرئاسية التركية، فضلاً عن الظروف الجديدة التي خلقتها الحرب الروسية على أوكرانيا.. فما هي مصالح الدول المشاركة في هذا الاجتماع؟
يقول أستاذ العلاقات الدولية ودراسات الشرق الأوسط في جامعة لندن فواز جرجس: “أعتقد أن الانتخابات التركية من الأمور المفصلية والحساسة، وخاصة أن الرئيس التركي يريد توجيه رسائل للشعب التركي بأن اللاجئين السوريين في طريق عودتهم الى سوريا، لأن قضية اللاجئين السوريين في سوريا تلعب دورًا مهمًا في السياقات الداخلية التركية”.
ويضيف: “أما روسيا وإيران فلديهما مصالح في التطبيع بين الحكومة السورية وتركيا وهما يدفعان من أجل ذلك، لأن إيران منهكة اقتصاديًا ولا تستطيع مساعدة سوريا، كما أن العقوبات أنهكتها، أما روسيا فهي بحاجة إلى إثبات وجودها على الساحة السورية وتريد أن تقول للعالم وخاصة الولايات المتحدة إنها تمسك بملفات إقليمية مهمة مثل سوريا وليبيا”، يقول جرجس.
ما هو موقف المعارضة من التقارب التركي السوري؟
يقول المحامي المدافع عن حقوق الإنسان والعضو السابق في الائتلاف الوطني السوري المعارض ياسر فرحان إن تركيا تطمئن المعارضة بأنها لن تتجاوز مصلحتها وحقوق الشعب السوري، وأن تقربها من الأسد ليس إلا من أجل حماية مصالح المعارضة، وحماية المدنيين في مناطق الشمال.
من جهته يقول فواز جرجس: “المعارضة السورية تعتبر التقارب التركي الروسي خنجرًا في خاصرتها وسوف يؤدي إلى تغيرات جذرية في تعامل الحكومة مع المعارضة، الخاسر الأول والأخير هي المعارضة، وسوف تفقد أهم أوراقها، وهو تمامًا ما يريده الأسد، أن ينتزع الأوراق من المعارضة واحدة تلو الأخرى وخاصة من المعارضة الوطنية”.
هل ما زالت المعارضة تؤمن بأن تركيا ضامنًا نزيهًا؟
رغم سعي تركيا لتطبيع علاقاتها مع الحكومة السورية إلا أن المعارضة لا تزال تراهن على وعود تركيا بعدم التخلي عنها، وأن أهدافها من التقارب ستكون تلبية لمصلحة المعارضة، مؤكدة بأن تركيا كانت ولا زالت ضامنًا ووسيطًا نزيهًا لحل الأزمة، بحسب فرحان.
ويضيف فرحان: “نؤمن بتركيا كوسيط نزيه لأن مصالحنا متقاطعة، ولن تستطيع تركيا أن تؤمن على حدودها بوجود الأسد في السلطة، وطالما أن النظام تجمعه علاقة بحزب العمال الكردستاني، وهي علاقة استراتيجية وعميقة مستمرة منذ زمن الرئيس السابق حافظ الأسد، لذلك حتى لو توصلت تركيا وسوريا إلى اتفاقيات بمساعدة إيران وروسيا، فإن هذا التقارب سيكون قائمًا على مصالح إيران وروسيا وليس العكس”.
كيف تنظر المعارضة إلى دور إيران وروسيا في مسار أستانا؟
يقول العضو السابق في الائتلاف الوطني السوري المعارض ياسر فرحان: “نحن كسوريين لا نطمئن لحضور إيران وروسيا، لأنهما دولتان منخرطتان مع الحكومة عسكريًا وسياسيًا، وتشتركان معها بجرائم ضد الانسانية، كما أن المعارضة سوف تغيب عن هذا الاجتماع الرباعي في موسكو، لذلك نحن لدينا تحفظات على محاولات التفاوض قبل أن نسميه تطبيعًا”.
ويضيف: “نحن نوجه رسالة عتب لجميع الدول التي دعمت سوريا، مثل الأردن وتركيا والإمارات، نحن نعلم أن هذه الدول تبحث عن مصالحها وهذا حق طبيعي، لكننا نراهن بأن نظام الأسد لن يستطيع أن يحقق أيًا من مصالح هذه الدول، وخاصة في الملف الأساسي الذي يقلق تركيا والأردن “اللاجئين”.
من يمثل المعارضة السورية؟
لطالما اتُهمت المعارضة السورية بتفكك صفوفها في ظل العجز عن تشكيل مرجعية سياسية واحدة لقوى المعارضة بعد دخول “الثورة” عامها الثاني عشر.
يقول المحامي المدافع عن حقوق الإنسان والعضو السابق في الائتلاف الوطني السوري المعارض ياسر فرحان: “دوماً ما نسمع بأن المعارضة متفرقة أو غير متفقة، وذلك على الرغم من تأسيسها المجلس الوطني لتوحيد المعارضة والائتلاف السوري المعارض وهيئة المفاوضات العليا وعقد اجتماعين في الرياض، لذلك هذه حجة للتقليل من قوة المعارضة”.
ويضيف: “أعتقد أنه يكفي أن تكون المعارضة متفقة على الهدف والغاية وهي رحيل الأسد لكونه متورط بجرائم حرب، وليس من الضروري أن تكون المعارضة في جسم واحد”.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.