ودعت الأمم المتحدة لبذل مزيد من الجهود لوضع حد لكارثة ذلك النوع الخطير من التلوث البيئي، الذي تمتد آثاره السلبية والمدمرة على البيئة لقرون طويلة من الزمن.
وشددت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إنغر أندرسن، على أن “الطريقة التي ينتج فيها العالم البلاستيك ويستهلكه ويتخلص منه خلقت كارثة”.
أرقام كارثية
- بحسب الأمم المتحدة، فقد ازداد الإنتاج السنوي للبلاستيك خلال 20 عاما بأكثر من الضعف، ليتخطى 430 مليون طن سنويا، ويمكن لهذا الرقم أن يرتفع 3 أضعاف بحلول العام 2060 إن لم يتم تدارك الوضع.
- يفترض أن تصاغ مسودة معاهدة دولية لمكافحة التلوث البلاستيكي بحلول نوفمبر القادم، تمهيدا للتوصل لنص نهائي في أواخر العام 2024، وفق قرار تبنته 175 دولة في باريس قبل أيام.
- وفق المنظمة الأممية، فإن ثلثي المواد البلاستيكية التي تنتج سنويا هي عبارة عن منتجات قصيرة العمر تتحول لنفايات في وقت قصير، وأقل من 10 بالمئة من المخلفات البلاستيكية يخضع لإعادة تدوير.
خطر خارج السيطرة
ويحذر خبراء البيئة من أن مشكلة البلاستيك أصبحت مسألة خارجة عن السيطرة، وباتت جزيئات البلاستيك متناهية الصغر، موجودة في تربتنا ومائنا وهوائنا الذي نتنفسه.
ويكمن مصدر الخطورة في أن البلاستيك يحتوي على مواد كيميائية تحتاج لمئات السنين لتتحلل.
وينتهي المطاف بما يقدر بنحو 19 إلى 23 مليون طن سنويا، من البلاستيك في البحيرات والأنهار والبحار.
ما هو التلوث البلاستيكي؟
يقول الأكاديمي والخبير البيئي الدولي أيمن هيثم قدوري، في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”:
– التلوث البلاستيكي الذي شكل محور اليوم العالمي للبيئة هذا العام، هو من أخطر أشكال التلوث البيئي وتحديدا في البيئة البحرية، حيث تعاني قيعان المحيطات والبحار من تراكم ملايين الأطنان من المخلفات البلاستيكية التي تهدم هذه البيئة وتستنزف الكائنات البحرية من حيث التأثير على نشاطها، مثبطة من عملية إنتاج الأوكسجين في الغلاف الجوي، علما أن البيئة البحرية تعتبر مصدره الأول على سطح الكوكب.
– تطرح في قاع المحيطات بحسب تقديرات الأمم المتحدة ما يقارب 15 مليون طن بلاستيك سنويا، وبمجموع بلغ 200 مليون طن في قاع المحيطات فقط، وتتصدر المنطقة العربية المشهد حيث تساهم في 60 في المئة من مجمل المطروح من المخلفات البلاستيكية تلك.
– هذه الكمية الضخمة من المواد والمخلفات البلاستيكية تمتاز بتركيب كيميائي معقد يسمى البوليمر، بطيء التحلل ويحتاج إلى 50-600 عام، كي يتحلل بحسب سمك اللدائن وطريقة التراتب الكيميائي له.
– تواجد المخلفات البلاستيكية في قاع المحيط يعيق حركة ونشاطات الكائنات البحرية، والكثير منها يهلك نتيجة تناول أجزاء من مخلفات البلاستيك ما يسبب انسداد القنوات الهضمية، ويؤدي بالتالي لموتها، وأبرز كائنات البحار والمحيطات عرضة لهذه الأضرار هي السلاحف والحيتان.
– بالنسبة لنباتات البحار فيهدم التلوث البلاستيكي قدرة تلك النباتات على الاستمرار في عملية التمثيل الضوئي، بحجبه أشعة الشمس أو التفاف أجزاء من مخلفات البلاستيك الرقيقة، كالأكياس والخيوط البلاستيكية حول جسم النبات.
– تعد الشعاب المرجانية المستهدف الأول بخطر التلوث البلاستيكي، كونها كائنات حساسة جدا تتأثر بأي متغيرات غير طبيعية في بيئتها، والحفاظ عليها هو محافظة على ديمومة التنوع الاحيائي في قاع البحار والمحيطات بشكل عام، لما تحمله من قيمة غذائية وكونها حلقة من حلقات بداية السلسلة الغذائية، فمجرد حجب ضوء الشمس عنها يعرضها للهلاك، وهذا أبسط مثال على ما يمكن أن ينتج من جراء تلويث قاع المحيط بالمخلفات البلاستيكية.
– الخطر لا يقف فقط عند تراكم هذه المخلفات، فعند تحلل المواد البلاستيكية بعد فترة زمنية طويلة قد تمتد لقرون، تنتج مواد كيميائية وعضوية ملوثة أبرزها غاز الميثان، كون الوقود الأحفوري هو المادة الأولية لما نسبته 95 في المئة من البلاستيك المنتج.
– ما يسببه التلوث البلاستيكي في قاع المحيطات والبحار هو ربع تأثيره على اليابسة، حيث أشهر طرق التخلص من تراكم المخلفات البلاستيكية هي حرقها، وهذا بحد ذاته يفاقم أزمة الاحترار.
– يتسبب التخلص من المخلفات البلاستيكية بـ15 مليون طن من التلوث الكربوني للغلاف الجوي، فضلا عن نسب كبيرة من غازات الميثان والإثيلين والبولي إثيلين وغيرها، إلى الغلاف الجوي لتساهم مجتمعة بزيادة معدلات الغازات الدفيئة المتسببة بعملية الاحتباس الحراري بنسبة 15 في المئة.
– ترك المخلفات البلاستيكية مكشوفة ومعرضة لضوء الشمس والحرارة دون معالجة وإعادة تدوير، ينتج غازات ضارة، وتحديدا من المخلفات البلاستيكية الرقيقة كالأكياس المستخدمة في التسوق.
سبل درء الخطر
إن تحديد الصناعات البلاستيكية وتقييدها وضمان الالتزام بإعادة تدويرها، ومن ثم التخلص التدريجي من البوليمرات المعقدة المكونة لمادة البلاستيك والاستعاضة عنها بمواد أكثر أمنا وصديقة للبيئة، هي أبرز الحلول التي يجب على مجموعة السبع الصناعية إقرارها والمضي بتنفيذها، وفق قدوري الذي يوضح أن “مثل هذه الإجراءات يمكن أن تفضي لنتائج مشجعة تساهم في الاستمرار بمكافحة التلوث البلاستيكي لما بعد عام 2040”.
ويوضح قدوري: “تحديد 2040 موعدا للوصل إلى صفر تلوث بلاستيكي طموح مشروع، من قبل السبع الكبار، لكنه بعيد التحقق وفق المعطيات الحالية واحتدام الصراعات والمصالح الاقتصادية المستعرة”.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.