واتخذت دولة الإمارات خطوات مُبكرة نحو الاستعداد لوداع آخر قطرة نفط وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على بيئة نظيفة وصحية وآمنة، الأمر الذي عزز صدارة دولة الإمارات العالمية في تبني تقنيات الطاقة النظيفة وفي مقدمتها الطاقة الشمسية عبر محفظة من المحطات منها نور أبوظبي وشمس أبوظبي ومجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية في دبي، معتمدة في ذلك على ما تتمتع به من مناخ مشمس على مدار العام.
ويشكل استضافة دولة الإمارات الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “COP28″، في نوفمبر المقبل، منصة عالمية تفاعلية تستعرض خلالها دولة الإمارات جهودها للتحول نحو استخدام الطاقة المتجددة لا سيما الطاقة الشمسية، حيث تخطط للاستفادة من الموارد المتجددة لتلبية نحو 50 في المئة من احتياجاتها من الطاقة في 2050.
وتلعب الطاقة الشمسية دوراً حيوياً في تحقيق أهداف استراتيجية الإمارات للحياد المناخي بحلول 2050، والتي تأتي تتويجاً لجهود الدولة ومسيرتها في العمل من أجل المناخ على المستويين المحلي والعالمي، خلال العقود الثلاثة الماضية، حيث ستسهم الطاقة الشمسية في الإسراع في تحقيق مستهدفات الاستراتيجية والمتمثلة في تنويع مصادر الدخل، وخلق فرص للنمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام، مع تحقيق التوازن بين التنمية المستدامة والحد من تداعيات تغير المناخ، وبناء اقتصاد المعرفة، والاستفادة من التكنولوجيا النظيفة في تحقيق التنمية المستدامة، وخلق مزيج متنوع من مصادر الطاقة.
مصدر ثانٍ للطاقة
وتعتبر الطاقة الشمسية مصدراً ثانياً للطاقة الكهربائية التي يتم إنتاجها في دولة الإمارات؛ حيث تتمتع الدولة بطقس مشمس معظم أيام السنة، مما جعل الشمس تتحول بديلاً مثالياً لتوفير طاقة متجددة ومستدامة تحقق استراتيجية صفر انبعاثات غازات دفيئة، وذات تكلفة تنافسية.
وأشار أحدث تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة إلى أن الطاقة الشمسية توفر خياراً أقل تكلفة بالمقارنة مع جميع حلول توليد الكهرباء الجديدة الأخرى القائمة على الوقود الأحفوري، فيما حققت حلول الطاقة الشمسية الكهروضوئية الانخفاض الأكبر في التكاليف خلال العقد المنصرم.
وأطلقت دولة الإمارات مبادرات طموحة لزيادة الاعتماد على الطاقة الشمسية، حيث واصلت بناء مشاريع الطاقة المتجددة والنظيفة وأبرزها مشروع شمس أبوظبي ومجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية في دبي والذي ستصل قدرته الإنتاجية إلى 5000 ميغاوات بحلول عام 2030.
أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم
تعمل دولة الإمارات على بناء محطة الظفرة للطاقة الشمسية الكهروضوئية في أبوظبي، والتي تعد أكبر محطة مستقلة في العالم لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية ضمن موقع واحد بقدرة تصل إلى 2 غيغاواط من الكهرباء.
وستدعم المحطة تنويع مصادر الطاقة المتجددة في أبوظبي وترفع القدرة الإجمالية للإمارة وتخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وتهدف المحطة إلى خفض الانبعاثات الكربونية للإمارة بأكثر من 2.4 مليون طن متري سنوياً، أي ما يعادل إزالة نحو 470 ألف سيارة من الطريق وتوفير الكهرباء لأكثر من 160 ألف منزل في دولة الإمارات.
أكبر محطة للطاقة الشمسية المركزة
وتعتبر المرحلة الرابعة من مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، التي تنفذها هيئة كهرباء ومياه دبي بقدرة 950 ميغاوات وفق نظام المنتج المستقل، أكبر محطة للطاقة الشمسية المركزة في موقع واحد على مستوى العالم تجمع بين تقنيتي الطاقة الشمسية المركزة والطاقة الشمسية الكهروضوئية.
وتشتمل المرحلة الرابعة على 700 ميغاوات من الطاقة الشمسية المركزة و250 ميغاوات من الألواح الشمسية الكهروضوئية. حيث تستخدم هذه المرحلة منظومة عاكسات القطع المكافئ بقدرة إجمالية 600 ميغاوات (3 وحدات بقدرة 200 ميغاوات لكل منها)، وأعلى برج شمسي في العالم بارتفاع 262.44 متراً بقدرة 100 ميغاوات (بتقنية الملح المنصهر)، وعند اكتمالها، ستكون المرحلة الرابعة أكبر مشاريع تخزين الطاقة الشمسية على مستوى العالم لمدة 15 ساعة ما يسمح بتوافر الطاقة على مدار 24 ساعة. وقد تم حتى الآن تشغيل 300 ميغاوات من الطاقة الشمسية المركزة ضمن المرحلة الرابعة ( 100 ميغاوات من البرج الشمسي و200 ميغاوات من منظومة عاكسات القطع المكافئ) بالإضافة إلى 217 ميغاوات بتقنية الألواح الشمسية الكهروضوئية، وبذلك أصبحت أكبر محطة للطاقة الشمسية المركزة قيد التشغيل في العالم.
وتعتبر محطة شمس التي تقع في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي إحدى أكبر محطات الطاقة الشمسية المركزة قيد التشغيل على مستوى العالم بقدرة 100 ميغاواط، وتعد مشروعاً رائداً للطاقة المتجددة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتمثل أول محطة طاقة شمسية مركزة على مستوى المرافق الخدمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتقع المحطة على بعد نحو 120 كم جنوب غرب أبوظبي و6 كم من مدينة زايد. وقد تم اختيار هذا الموقع لكونه يوفر مساحة كافية للمحطة ومستوى عال من الإشعاع الشمسي المباشر فضلاً عن سهولة الاتصال بالبنية التحتية لشبكة الطاقة القائمة.
كما ينسجم اختيار الموقع مع أهداف التنمية الاقتصادية لإمارة أبوظبي والتي تشمل تحفيز النشاط الاقتصادي في منطقة الظفرة.
وتساهم المحطة التي تم تأسيسها في عام 2013 في دعم جهود دولة الإمارات لتنويع مزيج الطاقة وتقليل البصمة الكربونية لديها من خلال تفادي إطلاق نحو 175 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، أي ما يعادل زراعة 1.5 مليون شجرة أو إزالة 15 ألف سيارة من طرقات أبوظبي. منذ إنشائها، ساهمت شمس في تحقيق هدف دولة الإمارات العربية المتحدة بتوليد 27 في المئة من الكهرباء من مصادر الطاقة النظيفة في العام 2021، وستسهم في 50 في المئة بحلول عام 2050.
وتستخدم المحطة، التي تمتد على مساحة 2.5 كم مربع، أكثر من 768 مجمعاً من عاكسات القطع المكافئ، لتوفير طاقة كهربائية مستدامة ومنخفضة التكلفة وآمنة.
وتمثل شمس محطة للطاقة الشمسية المركزة حيث تنتج الكهرباء بالاعتماد على حرارة الشمس. وتستخدم المحطة أحواض القطع المكافئ العاكسة، حيث تعمل صفوف من المرايا على التقاط حرارة الشمس وتحويلها إلى طاقة كهربائية عن طريق توربين بخاري متطور، ويتم نقل الحرارة بشكل آمن وفعال من المجال الشمسي إلى دورة بخار الماء المغلقة باستخدام زيت اصطناعي يتسم بدرجة حرارة عالية وذلك بمساعدة مولد بخار شمسي.
ترتفع درجة حرارة البخار ضمن السخانات الفائقة فيتم ضخه لتشغيل التوربين الذي يحرك مولداً بقوة 15 كيلو فولت بقدرة 100 ميغاواط من صافي الكهرباء، وهو ما يكفي لإمداد 20,000 منزل بالكهرباء.
وتساهم محطة “شمس” للطاقة في تنويع مصادر الطاقة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتقليل البصمة الكربونية للدولة.
أكبر مشروع لإنتاج الطاقة الشمسية في موقع واحد
ويُعد مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، الذي تنفذه هيئة كهرباء ومياه دبي، أكبر مشروع لإنتاج الطاقة الشمسية في موقع واحد في العالم، وفق نظام المنتج المستقل، وستبلغ قدرته الإنتاجية 5,000 ميغاوات بحلول عام 2030، باستثمارات إجمالية تصل إلى 50 مليار درهم.
وعند اكتماله، سيسهم المجمع في تخفيض أكثر من 6.5 ملايين طن من الانبعاثات الكربونية سنوياً. وتبلغ قدرة مشروعات الطاقة الشمسية التي تم تشغيلها في المجمع 2.327 ميجاوات بتقنية الألواح الشمسية ، الكهروضوئية والطاقة الشمسية المركزة.
وتبلغ القدرة الإنتاجية للطاقة النظيفة ضمن مزيج الطاقة في دبي نحو 15.7 في المئة، ومن المتوقع أن تصل إلى 25 في المئة بنهاية العام 2030.
ويسهم مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية في تحقيق أهداف استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050 واستراتيجية الحياد الكربوني لإمارة دبي لتوفير 100 في المئة من القدرة الإنتاجية للطاقة من مصادر الطاقة النظيفة بحلول العام 2050.
بدأت المرحلة الأولى من المشروع بقدرة 13 ميغاوات (بتقنية الألواح الشمسية الكهروضوئية) في أكتوبر 2013، وتم تشغيل المرحلة الثانية بقدرة 200 ميغاوات (بتقنية الألواح الشمسية الكهروضوئية) في مارس 2017، في حين جرى تشغيل المرحلة الثالثة بقدرة 800 ميغاوات (بتقنية الألواح الشمسية الكهروضوئية) في نوفمبر 2020، وستكون المرحلة الرابعة بقدرة 950 ميغاوات (بتقنية الطاقة الشمسية المركزة 700 ميغاوات + 250 ميغاوات بتقنية الألواح الشمسية الكهروضوئية). وتم تشغيل 517 ميغاوات من المرحلة وجاري العمل على إنجاز باقي المشاريع.
أما المرحلة الخامسة فستكون بقدرة 900 ميغاوات (بتقنية الألواح الشمسية الكهروضوئية)، وتم تشغيل 800 ميغاوات من المرحلة وجاري العمل على إنجاز باقي المشاريع. في حين ستكون المرحلة السادسة بقدرة 1800 ميغاوات (بتقنية الألواح الشمسية الكهروضوئية) وسيتم تشغيلها على مراحل.
أكبر محطة مستقلة للطاقة الشمسية
بدأت محطة نور أبوظبي، أكبر محطة مستقلة للطاقة الشمسية في العالم، عملياتها التجارية في أبريل 2019. وتقع في سويحان، أبوظبي، على مساحة 8 كيلومترات مربعة، وتضم 3.2 مليون لوح شمسي. وتنتج ما يقارب من 1.2 غيغاواط من الطاقة مما يقلل الاعتماد على الغاز الطبيعي والمساعدة في تقليل البصمة الكربونية بمقدار 1 مليون طن متري سنوياً.
وتعتبر نور أبوظبي أول مشروع حيوي لشركة مياه وكهرباء الإمارات باستخدام التكنولوجيا المستدامة، كما أنه يعد معلماً رئيسياً في تحول قطاع الطاقة. إضافة إلى حجم المحطة، حطم هذا المشروع رقماً قياسياً آخر في مرحلة تقديم العطاءات في شهر سبتمبر 2016 من حيث الحصول على التعرفة الأكثر تنافسية في العالم، والبالغة 8.888 فلس/ كيلووات ساعة.
وتمتلك شركة أبوظبي الوطنية للطاقة (طاقة) 60 في المئة من المشروع، في حين يمتلك ائتلاف شركة ماروبيني كوربوريشن، وجينكو باور باقي حصة المشروع بنسبة 20 في المئة لكل منهما.
وقد فاز المشروع بالعديد من الجوائز خلال مرحلة التطوير، إضافة إلى جائزة أفضل مشروع لتوليد الطاقة للعام في حفل توزيع جوائز ميد للمشاريع 2020، وجائزة أفضل مشروع للعام في حفل توزيع جوائز الشرق الأوسط للطاقة الشمسية 2020، الذي تنظّمه جمعية الشرق الأوسط لصناعات الطاقة الشمسية (MESIA).
أول محطة كهرومائية في منطقة الخليج العربي
تعد المحطة الكهرومائية بتقنية الطاقة المائية المخزنة التي تنفذها هيئة كهرباء ومياه دبي في منطقة حتا في دبي، الأولى من نوعها في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وستصل القدرة الإنتاجية للمحطة إلى 250 ميغاوات بسعة تخزينية 1,500 ميغاوات ساعة وبعمر افتراضي يصل إلى 80 عاماً. وتصل استثمارات المشروع إلى مليار و421 مليون درهم، ومن المتوقع الانتهاء من المشروع في الربع الأخير من عام 2024.
وستعتمد المحطة الكهرومائية في إنتاج الكهرباء على الاستفادة من المياه المخزنة في سد حتا، وسد آخر علوي تم إنشاؤه في المنطقة الجبلية. وستقوم توربينات متطورة تعتمد على الطاقة النظيفة المنتجة في مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية بالعمل بطريقة عكسية لضخ المياه من سد حتا إلى السد العلوي، وعند الحاجة سيتم تشغيل هذه التوربينات لإنتاج الكهرباء وتزويد شبكة الهيئة بها من خلال الاستفادة من قوة اندفاع المياه المنحدرة من السد العلوي إلى سد حتا، وذلك عن طريق قناة مائية تحت الأرض يصل طولها إلى 1.2 كيلومتر، وستصل كفاءة دورة عملية إنتاج وتخزين الكهرباء إلى 78.9 في المئة مع استجابة فورية للطلب على الطاقة خلال 90 ثانية.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.