في الوقت الذي دخل فيه القتال، بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع أسبوعه الثالث، تتواصل مأساة آلاف النازحين، من السودانيين وغير السودانيين، الذين فروا من القتال، سواء باتجاه ولايات سودانية أخرى غير الخرطوم، أو باتجاه دول الجوار.
وكان الآلاف من السودانيين، قد فروا باتجاه الولايات الشمالية للسودان، وولاية الجزيرة ، في حين نزح الآلاف الأخرون باتجاه الحدود المصرية، والتشادية، والإثيوبية، بحثا عن مكان آمن.
وأوردت التقارير على مدى الأيام الماضية، مشاهد مأساوية لأسر سودانية بكاملها، حملت كل ما تقدر على حمله، في رحلة هروب طويلة وشاقة، باتجاه الحدود، بينما تحدث كثير من الهاربين، عن كيف أجلوا أفراد اسرهم من بيوتهم تحت القصف، وكيف مضوا سيرا على أقدامهم لمسافات طويلة،حتى العثور على وسيلة مواصلات، تنقلهم باتجاه حدود الدول المجاورة، في وقت تواردت العديد من الروايات، عن الاستغلال الذي تعرض له هؤلاء، على يد مالكي وسائل النقل الخاصة، الذين زادوا من تعرفتهم للنقل بصورة مبالغ فيها، وبما يفوق قدرة هؤلاء المنكوبين بالفعل بعملية نزوح باتجاه المجهول.
استغلال من مالكي وسائل النقل
على سبيل المثال، روى بعض النازحين باتجاه الحدود المصرية، كيف أن سعر بطاقة الحافلة من السودان إلى مصرـ والذي لايتجاوز في الأوضاع الطبيعية الـ 20 ألف جنيه سوداني (33 دولارا)، قفز إلى 600 ألف جنيه سوداني (1000 دولار)، وهو نفس السعر الذي تحدث عنه نازحون من السودان، باتجاه الحدود الإثيوبية، لكن مايزيد من المأساة، هو عدم توافر السيولة النقدية لدى الهاربين، من جحيم القتال في السودان وفق العديد من التقارير.
ولاتقتصر تلك الزيادات الكبيرة في تعرفة النقل، على رحلات النزوح باتجاه الدول المجاورة للسودان، لكنها أيضا تنطبق على رحلات النزوح الداخلي، ضمن الحدود السودانية.
ووفقا لروايات سودانيين نازحين، فإن سعر بطاقة السفر من الخرطوم إلى ولايات دارفور وبورتسودان، بات يتراوح مابين 120 و 150 ألف جنيه سوداني(200 و250 دولار)، بينما يصل سعر بطاقة السفر إلى كسلا شرقي البلاد، إلى 85 ألف جنيه (142 دولارا)، وبلغت بطاقة السفر إلى المناطق القريبة نسبيا من الخرطوم، مثل مدينة مدني بولاية الجزيرة والأبيض في شمال كردفان نحو 30 ألف جنيه سوداني( 50 دولارا)، وهي زيادات تصل نسبتها في المتوصط إلى ، 140 في المئة، مقارنة بالأسعار التي كانت سائدة قبل اندلاع الاقتتال الداخلي في السودان.
شقاء على طريق طويل
وبجانب تكبدهم مبالغ باهظة، وغير متناسبة مع ما يحصلون عليه من خدمة نقل، عبر سيارات هي في معظمها متهالكة، فإن النازحين يعانون الأمرين، على طريق طويل وفي درجات حرارة مرتفعة مع عدم وجود أية استراحات على الطرق، وحيث يضطر معظمهم إلى أخذ قسط من الراحة في العراء، مع انعدام وجود أدوات نظافة شخصية.
وكان كثير من النازحين، قد تحدثوا عن كيف جلسوا لساعات طويلة في العراء ،عند الحدود الإثيوبية انتظارا لفتح المعبر البري، في ظل وجود طابور طويل من الحافلات، القادمة من الأراضي السودانية.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة، في الخامس والعشرين من نيسان/إبريل المنصرم، أي بعد عشرة أيام من اندلاع المعارك، إن 3500 شخص من 35 جنسية، كانوا قد عبروا الحدود إلى إثيوبيا، قادمين من السودان، وإن الأتراك شكلوا نسبة 40% منهم، بينما شكل الإثيوبيون 14%..
من جانبها تحدثت السلطات التشادية عن استقبالها حوالي 20 ألف لاجئ سوداني، بينما يقول جنوب السودان إنه استقبل حوالي 5500 أغلبهم من مواطني جنوب السودان، أما مصر، فقد أعلنت عبر وزارة خارجيتها، أنها استقبلت 16 ألف نازح عبر الحدود.
ويمثل المستقبل المجهول الذي يواجه النازحين من السودان، سواء باتجاه الداخل أو باتجاه دول الجوار، هاجسا للمنظمات الدولية بقدر مايمثل هاجسا لهؤلاء النازحين، الذين سيضطرون إلى التعامل مع واقع جديد عليهم، سواء في مخيمات للنازحين، أو في بلاد أخرى يحتاجون فيها إلى مأوى وعمل لاستمرار الحياة.
وعلى سبيل المثال فإن عددا من السودانيين المتجهين إلى مصر، أعربواعن مخاوفهم من عدم إمكانية الحصول على عمل، في بلد يعاني هو نفسه من البطالة، في وقت يتحدثون فيه أيضا، عن ارتفاعات كبيرة في إيجار العقارات هناك، في ظل وجود أزمة حتى بالنسبة للمصريين.
ويقول سودانيون يعيشون في مصر، ضمن خمسة ملايين سوداني وفقا للتقديرات، إن الدعم الذي تقدمه المفوضية العليا للاجئين، التابعة للأمم المتحدة عبر مقرها في القاهرة، لايزيد على 450 جنيها شهريا للفرد (15 دولارا)، في حين يعربون عن مخاوفهم من أن تقدم الحكومة المصرية، على رفع الرسوم التي تفرضها عليهم، بعد هذه الموجة الجديدة من النزوح ، وكانت هذه الرسوم قد زادت مؤخرا من 450 إلى 900 جنيه كل 6 أشهر.
إذا كنتم ضمن النازحين الذين فروا من القتال في السودان حدثونا عن تجربتكم وما واجهتموه؟
هل حصل النازحون السودانيون خلال رحلتهم على أي دعم من منظمات إنسانية دولية؟
لماذا لايبدي الطرفان المتحاربان في السودان أي اكتراث بمأساة المدنيين النازحين؟
هل قدمت الدول المجاورة للسودان مايكفي لتسهيل دخول النازحين من السودان؟
وكيف ترون التحذيرات من أن هذا التدفق من النازحين سيخلق مشكلات في الدول المجاورة للسودان؟
لماذا لايضغط المجتمع الدولي بصورة كافية لوقف القتال بدلا من تركيزه على معالجة أزمة النازحين؟
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الاثنين أول أيار/ مايو
خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على nuqtat.hewar@bbc.co.uk
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.