وتأتي تصريحاتها قبيل انطلاقة الملتقى الأكبر من نوعه لقطاع الطاقة على مستوى العالم، والذي تستضيفه أدنوك خلال الفترة من 2 إلى 5 أكتوبر المقبل، تحت شعار “إزالة الكربون أسرع معا”.
ويناقش المؤتمر ضمن جلساته عدداً من أهم تحديات المناخ والطاقة، تستعرض هذه الجلسات وجهات النظر والخبرات المتفردة لمجموعة عالمية من الخبراء، سيعملون من خلالها على المساعدة في تشكيل التعاون الدولي، فيما يستعرضون “الاستراتيجيات والابتكارات التكنولوجية الضرورية لتسريع الوصول لطاقة مستقبلية أكثر نظافة واستقراراً”.
وبحسب الهاشمي، فإن “إزالة الكربون أسرع معاً” ليس مجرد شعار يرفعه أديبك 2023، بل هو دعوة لحشد قطاع الطاقة للعمل معاً لإحداث تغيير جذري يشمل إزالة الكربون من القطاع وتهيئته لمواكبة متطلبات المستقبل.
تحديات عالمية
وتشكل تغيرات المناخ وتلوث البيئة تحديات كبيرة للعالم في الوقت الحالي.
وللمساهمة في مكافحة هذه التحديات، يتعين تبني استراتيجيات مبتكرة تستند إلى التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي للحد من الانبعاثات الضارة وتحقيق استدامة البيئة.
وثمة مجموعة من الاستراتيجيات والابتكارات التكنولوجية الضرورية لتحقيق طاقة مستقبلية أكثر نظافة واستقراراً، من بينها على سبيل المثال لا الحصر:
▪ الاستفادة من البيانات الضخمة والتحليل الضوئي: يمكن استخدام الـ AI لجمع وتحليل البيانات الضخمة المتعلقة بالانبعاثات والاستهلاك الطاقي.
▪ تكنولوجيا التحكم في الانبعاثات: تطبيق التكنولوجيا لتطوير أنظمة تحكم في الانبعاثات لمراقبة وتقليل انبعاثات الصناعات الكبرى والمرافق الصناعية.
▪ تقنيات التخزين النظيف: استخدام التكنولوجيا لتطوير وتحسين تقنيات التخزين النظيفة مثل تخزين الطاقة باستخدام البطاريات والهيدروجين. ذلك يمكن أن يزيد من استدامة الطاقة المتجددة.
▪ الطاقة المتجددة والشبكات الذكية: تطوير مصادر طاقة متجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح واستخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين أداء هذه المصادر وتحقيق توزيع طاقة أكثر فعالية عبر الشبكات الذكية.
▪ النقل النظيف: استخدام التكنولوجيا لتطوير وتعزيز وسائل النقل النظيفة مثل السيارات الكهربائية والمركبات ذاتية القيادة ونظم النقل الجماعي الذكية.
▪ العمارة الذكية: استخدام التكنولوجيا لتطوير المباني الذكية التي تستخدم أنظمة إدارة الطاقة للحد من استهلاك الطاقة وزيادة الكفاءة.
▪ التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي: تطبيق تقنيات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي في تحسين عمليات التنبؤ بالاستهلاك الطاقي وتحسين تكييف أنظمة الطاقة.
▪ التوعية والتشجيع على الاستدامة: استخدام التكنولوجيا لنشر الوعي بأهمية الاستدامة وتشجيع المجتمعات والشركات على تبني ممارسات أكثر استدامة.
أوجه عملية لتوظيف التكنولوجيا
ويمثل التحدي العالمي المتمثل في تغير المناخ، إلى جانب تصاعد انبعاثات غازات الدفيئة، إحدى القضايا الرئيسية في القرن الحادي والعشرين. ويسعى العالم بكل حماس إلى التحول إلى مصادر طاقة أنظف وأكثر استدامة، بهدف التوافق مع الأهداف المنصوص عليها في اتفاق باريس.
ويقول المستشار الأكاديمي في جامعة “سان خوسيه” الحكومية في كاليفورنيا، أحمد بانافع، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن تحقيق هذه الأهداف وتخفيف الآثار البيئية الضارة يتطلب الاعتماد العميق على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، محدداً أبرز المجالات المرتبطة في هذا السياق للمساهمة في خفض الانبعاثات، على النحو التالي:
▪ تسخير قوة الطاقة المتجددة:
في طليعة استراتيجيات خفض الانبعاثات يكمن اعتماد مصادر الطاقة المتجددة. تلعب التكنولوجيا المتطورة دوراً أساسياً ليس فقط في تطوير هذه الموارد ولكن أيضاً في تسخيرها بكفاءة.
على سبيل المثال، أدى التقدم في تكنولوجيا الألواح الشمسية إلى تعزيز معدلات تحويل الطاقة بشكل كبير، في حين أن الابتكارات في حلول تخزين الطاقة تضمن الاستخدام المستمر للطاقة الشمسية خلال فترات انخفاض ضوء الشمس.
▪ كفاءة الطاقة المدعومة بالذكاء الاصطناعي:
يظهر الذكاء الاصطناعي كقوة فعالة في تحسين كفاءة استخدام الطاقة. وتسمح قدرتها على تحليل مجموعات البيانات الضخمة بضبط عمليات إنتاج واستهلاك الطاقة.
ويعتبر هذا الذكاء ذا قيمة خاصة في الإدارة الذكية للشبكات الكهربائية، بما يقلل من فقدان الطاقة ويعزز الكفاءة العامة.
▪ احتجاز الكربون وتخزينه بشكل مستدام:
تشارك الشركات والباحثون في جميع أنحاء العالم بنشاط في تطوير تقنيات مستدامة لاحتجاز الكربون وتخزينه. ويتدخل الذكاء الاصطناعي لمراقبة هذه العمليات وتحسينها، وضبطها لتتماشى بسلاسة مع الضرورات البيئية.
الابتكارات التكنولوجية
ويُبرز بانافع في هذا السياق أيضاً مجموعة من الابتكارات التكنولوجية التي تعزز من هذا التوجه في سياق هدف الحد من الانبعاثات، من بينها:
▪ المركبات الكهربائية والقيادة الذاتية
▪ المباني الذكية والمستدامة
▪ الزراعة الدقيقة من خلال التكنولوجيا
ويشير إلى أن الابتكارات الثورية في السيارات الكهربائية وتقنيات القيادة الذاتية تحقق خطوات كبيرة نحو خفض الانبعاثات.
ويقع الذكاء الاصطناعي في قلب أنظمة القيادة الذاتية، حيث يعمل على تحسين الطرق وسلوك القيادة لتقليل استهلاك الوقود وتقليل حدوث حوادث الطرق.
أما فيما يتعلق بالمباني الذكية والمستدامة، فيوضح أن مفهوم المباني الذكية يحدث ثورة في صناعة البناء والتشييد. تعمل الأنظمة المتكاملة التي يحكمها الذكاء الاصطناعي على إدارة التدفئة والتبريد والإضاءة بدقة، مما يقلل بشكل كبير من انبعاثات الكربون المرتبطة بالاستخدام غير الفعال للطاقة.
وفي سياق الزراعة، فإنها تشهد تحولاً من خلال التكنولوجيا، مما يجعلها أكثر استدامة. تعمل أنظمة الري الذكية، الموجهة بالاستشعار عن بعد والذكاء الاصطناعي، على الحد من هدر المياه مع تعزيز غلات المحاصيل، وبالتالي تقليل البصمة البيئية للزراعة.
الفرص والتحديات
كما يُبرز المستشار الأكاديمي في جامعة سان خوسيه الحكومية في كاليفورنيا، مجموعة التحديات التي يمكن أن تقف عائقاً أمام التوسع في تبني وتوظيف التكنولوجيا للتحول الطاقي، مشدداً على أنه “لا تزال هناك تحديات كبيرة في اعتماد هذه التقنيات على نطاق واسع. التمويل والبحث ودعم التطوير أمور محوريى في تطوير هذه التقنيات إلى مرحلة التنفيذ الشامل”.
من بين تلك التحديات “التوعية والتعليم” ذلك أن رفع مستوى الوعي ونقل التعليم فيما يتعلق بالتكنولوجيا البيئية والذكاء الاصطناعي أمر بالغ الأهمية.
وأكد أن تعزيز فهم الفرص المتاحة والفوائد المحتملة لهذه التقنيات للحفاظ على البيئة أمر لا غنى عنه.
ويختتم حديثه بالإشارة إلى أن تكامل التكنولوجيا البيئية والابتكار لا يوفر فوائد بيئية فحسب، بل يوفر أيضاً فرصاً اقتصادية كبيرة. تعمل القطاعات الناشئة مثل الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية على خلق فرص العمل ودفع النمو الاقتصادي.
كما أن استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي كأدوات فعالة لخفض الانبعاثات وتحقيق مستقبل أنظف وأكثر استدامة ليس مجرد خيار، بل ضرورة. ويتعين توجيه الجهود المتواصلة، سواء من حيث التقدم التكنولوجي أو الوعي العام، للتغلب على التحديات القائمة واستغلال الفرص الواعدة في هذا المجال على أكمل وجه. ومن خلال التعاون المتضافر والابتكار الذي لا يتزعزع، لدينا القدرة على تشكيل مستقبل أكثر إشراقا للأجيال القادمة، والحفاظ على التوازن الدقيق لكوكبنا.
تطبيقات الـ AI
من جانبه، يشير مستشار المركز العربي للدراسات والبحوث ورئيس منتدى تطوير الفكر العربي للأبحاث، أبو بكر الديب، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى أن:
▪ الذكاء الاصطناعي سلاح جديد يمتلكه البشر ويمكن استخدامه في تقليل الانبعاثات الكربونية ومواجهة التغيرات المناخية.
▪ تتميز تطبيقات الـ AI بمعالجة البيانات والأرقام بدقة وسرعة هائلة بالمقارنة مع الطرق التقليدية لجمع البيانات وتحليلها، وبالتالي تحديد الإجراءات الواجب اتخاذها في مواجهة التغيرات المناخية والانبعاثات الكربونية.
▪ كذلك يمكن الذكاء الاصطناعي من اتباع أنظمة رصد بيئي دقيقة تمكن من التنبوء بحرائق الغابات والأعاصير والزلازل والبراكين وتقليل مخاطرها.
▪ يمكن أيضاً للذكاء الاصطناعي تحليل بيانات الرياح والشمس والمد والجزر وتوجيه الطاقة والاستفادة منها.
▪ وكذلك يمكن للذكاء الاصطناعي رصد درجة حرارة الأرض وارتفاع مستوى البحار.
ويشير إلى أن كل تلك البيانات يُمكن المساهمة في اتخاذ القرارات الصحيحة والإجراءات الاستباقية المناسبة لمواجهة التغيرات المناخية والحد من آثارها السلبية، كما يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تطوير الزراعة والموارد المائية وتقليل النفايات الزراعية وإدارة النفايات.
تنعكس تلك الأمور بشكل أساسي على مستقبل المؤسسات العاملة في قطاعات الطاقة، وفي خطٍ متوازٍ مع الجهود الرامية إلى مضاعفة قدرات الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول العام 2030.
وهذا في وقت تحمل فيه تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا البيئية المتقدمة إمكانية كبيرة لمكافحة التحديات البيئية والحد من انبعاثات الكربون. ومن خلال الاستثمار في هذه التقنيات وتبني استراتيجيات مبتكرة، يمكن أن نحقق تقدماً ملموساً نحو تحقيق طاقة مستدامة ونظيفة لمستقبل أفضل للبيئة والإنسان.
الحد من الانبعاثات
من جانبه، يشير خبير التطوير التكنولوجي، هشام الناطور، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن الـ AI يمكنه المساعدة بشكل كبير في الحد من الانبعاثات والتسريع من الوصول إلى طاقة مستقبلية أكثر نظافة واستقراراً، لا سيما لما لديه من كمية كبيرة من المعلومات والتحليلات الواسعة المبنية على أساس نماذج التدريب الخاصة به.
ويلفت إلى أن ثمة تطبيقات عديدة يمكن اعتمادها في هذا السياق، لا سيما في الدول العربية التي تفتقد التوسع في توظيف التطبيقات في الحد من الانبعاثات، من بين تلك التقنيات ما بزغ في الولايات المتحدة الأميركية على سبيل المثال فيما يتعلق بمنصات مراقبة الانبعاثات في المناطق الصناعية والسكنية، والقائمة على الذكاء الاصطناعي، عبر منصة (NEON) أو شبكة المرصد البيئي الوطني (NEON).
ويُمكن من خلال تلك التطبيقات تحديد بؤر التلوث، وبالتالي المساعدة في استراتيجيات خفض الانبعاثات لدى جمع وتحليل تلك البيانات من خلال الذكاء الاصطناعي وإنشاء قاعدة بيانات معنية ودراسات خاصة بهذا الصدد.
كما يمكن توظيف تلك التقنيات في مراقبة المصانع (عبر رصد كميات الانبعاثات الناجمة) وبالتالي فرض “ضريبة الكربون”، باعتبار أن “انبعاثات الكربون زادت عن المستويات وفرض الضرائب أو الضوابط المنظمة من سبل التخفيف”، وفق الناطور.
ويتابع: “ومن خلال تلك التطبيقات المماثلة يمكن التوسع في توظيف الذكاء الاصطناعي لإيجاد حلول مبتكرة واستراتيجيات للحد من الانبعاثات الكربونية وحلول للطاقة الخضراء والنظيفة والمستدامة”.
على الجانب الآخر، يشير إلى معضلة الانبعاثات الناجمة عن الذكاء الاصطناعي، فبينما يمكن لتلك التطبيقات والشركات المساهمة في الحد من الانبعاثات، إلا أنها في الوقت نفسه يُمكن أن تدفع بزيادة الانبعاثات، فمع زيادة قدراتها يتم استهلاك طاقة أكثر وبالتالي انبعاثات أكثر، وبما يتطلب ضرورة اعتماد الشركات العاملة بهذا القطاع على الطاقة الخضراء.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.