- كلير كيندول
- بي بي سي نيوز
كانت جو ويلسون سيدة أعمال دولية ومؤلفة تحظى باحترام شديد عندما اكتشفت أنها تعاني من مرض الخرف عام 2020 وهي في السادسة والستين من عمرها. التقت بي بي سي بزوجها بعد وفاتها لمناقشة حملة أطلقها باسمها في الفترة الأخيرة، والتي استوحاها من رحلة معاناة زوجته مع المرض وقصة دعمه لها.
وقال بيل ويلسون: “أريد أن يتحدث العالم كله عن الخرف، ولن أكون سعيدا حتى يتحقق ذلك”.
ومنذ وفاة زوجته في يناير/كانون الثاني الماضي، كرس بيل نفسه لإطلاق حملة للتوعية بهذا المرض وتقديم الدعم للمصابين به.
وقال لبي بي سي إنه متأكد أن جو تنظر إليه من السماء وتقول “يجب أن تنجح”.
وتتابع بي بي سي قصة هذين الزوجين من نيوكاسل منذ صيف العام الماضي عندما بدأ بيل يكافح من أجل الحصول على الدعم، علاوة على تسليط الضوء على أوجه القصور في نظام الرعاية الاجتماعية.
وتابعت بي بي سي أيضا قصة بيل وزوجته أثناء كفاحهما من أجل التغلب على أوجه القصور في نظام دعم المصابين بالخرف. وتطالب المؤسسات الخيرية في إنجلترا الحكومة بإعطاء الأولوية لرعاية المصابين بهذا المرض.
وكان الزوجان في كثير من الأحيان ينتظران لأسابيع حتى يتمكنا من دخول مركز برادبيري في نيوكاسل، وهو مركز متخصص في علاج المرض الذي كانت تعاني منه جو ويلسون، وذلك بسبب التأخير الناتج عن القواعد والإجراءات المعقدة.
وقال الأستاذ الأكاديمي مارتن غرين، من مؤسسة كاير إنجلاند الخيرية: “النظام على شفا كارثة”.
وشدد غرين، الذي يمثل مقدمي خدمات الرعاية الصحية، على ضرورة أن تكون هناك “استراتيجية وطنية واضحة تُمول جيدا إلى جانب الهيئة الوطنية للرعاية الصحية، إذ يميل النظام الحالي إلى استغلال مقدمي الرعاية الصحية بدلا من دعمهم”.
وقالت لجنة جودة الرعاية إنها تعطي الأولوية للتسجيلات التي تساعد في توفير المزيد من الأَسِرة.
وأثناء انتظار جو، كانت حالتها الصحية تتدهور مع استمرار المعاناة من مشكلات صحية عقلية وجسدية.
وبقيت جو في المنزل لثلاثة أيام فقط قبل أن يقرر الأطباء بأنها تحتاج إلى رعاية في نهاية حياتها.
وكان هذا القرار بمثابة فصل جديد من قصة الزوج والزوجة اللذين كانا في صراع مع مرض الخرف، إذ كان من المفترض أنه بينما تتلقى جو بعض الدعم، ينال بيل قسطا من الراحة.
لكن للأسف الشديد، ماتت جو بعد أقل من أسبوع من انتقالها إلى هناك بينما كان بيل بجانبها.
وقال بيل: “أتذكر المرأة القوية المستقلة التي طالما كانت تعرف ماذا تريد. وكانت مهمتي أن أضمن لها أن تتمتع بهذا الحق حتى نهاية حياتها”.
والتقى بيل وجو للمرة الأولى عندما كانا مراهقين منذ حوالي خمسين سنة.
وكانت قصة حب من نوع خاص، وفقا لبيل الذي قال: “لم يكن يهمني أي نوع من المحن الذي قد يعترض طريقنا، فقد كنا على يقين من أننا سنجتازه معا، وهذا هو ما فعلناه”.
وبعد تشخيص حالتها، بدأت جو في تلقي الرعاية النهارية في مركز برادبيري، الذي تديره مؤسسة Dementia Matters الخيرية. ونظرا لأن بيل وجو كان لديهما مدخرات، لم يؤهلهما ذلك للحصول على تمويل من السلطة المحلية من أجل العلاج، لذا كان عليهما الدفع مقابل خدمات الرعاية التي تتلقاها جو.
وفي الأوقات الأكثر صعوبة أثناء رعاية جو الصحية، لم يدخر طاقم العمل والرئيسة التنفيذية للمركز، بيف رايد، جهدا من أجل توفير الدعم لجو وبيل.
واعتمدت جو على مقدمي خدمات رعاية طبية يقومون بزيارات منزلية لها صباحا ومساء.
وبعد انقطاع تلك الزيارات المنزلية بسبب العجز في طواقم العمل بالمركز، رتبت رايد لوجود بعض مقدمي الرعاية الطبية في المركز من أجل مساعدة جو على تناول بعض الشاي وتجهيزها للنوم، مما يمكن بيل من إعادتها إلى المنزل كل ليلة.
وقال بيل: “أدين بحياتي لبيف، وربما لم أكن هنا الآن لولاها”.
وأضاف: “كانت تعلم جيدا متى أصل إلى أسوأ حالاتي، وكيف تتعامل مع ذلك. بالنسبة لي إنها نجمة بلا منازع”.
وأقيمت جنازة جو في 21 فبراير/شباط الماضي بعد أن توفيت عن عمر يناهز 69 سنة.
وبعد أسبوعين من الجنازة، عاد بيل إلى مركز برادبيري لعلاج الخرف حيث ماتت زوجته.
وكانت هناك صورة لجو وهي تجلس وإلى جانبها بعض الزهور في صالة الاستقبال في المركز.
وكان ذلك بداية جديدة وتحدي جديد لبيل.
وشكل بيل وبيف رايد فريقا من أجل إطلاق حملة، وجمع تبرعات لصالح مرضى الخرف، علاوة على زيادة الوعي بهذا المرض، وهي الحملة التي أُطلقت باسم جو.
وقالت بيف رايد إنه “مرض قاس وبشع”.
وتقدم هي وبيل الدعم لأكبر عدد ممكن من المرضى وأسرهم، مؤكدين أنه “لا ينبغي أن يُترك أحد ليعاني هذا الوقت المروع الصعب بمفرده”.
ويخطط الاثنان معا للتحدث إلى أسر المصابين بهذا المرض عن الخرف، وأن يتحدثا في مؤتمرات عن نفس الشيء، علاوة على تكثيف الجهود لجمع التبرعات وتقديم كل ما يلزم من معلومات وإرشادات بشأن المزايا والدعم الذي يمكن أن يحصل عليه المرضى وأسرهم.
وأعرب بيل ورايد عن إحباطهما حيال السياسات الحكومية التي لم تؤد إلى أي تحسن في أوضاع الرعاية الطبية لمرضى الخرف.
وقالت رايد لبي بي سي: “كم سنة مرت منذ أن سمعنا عن إعطاء الأولوية للخرف، وأن الأوضاع سوف تتغير؟ لكن لم يحدث شيء من ذلك حتى الآن على ما يبدو”.
وقال بيل: “نريد بعض الإرادة السياسية حتى نتمكن من عبور هذا الضباب، وهو ما أرى أنه كبير ومكلف للغاية”.
وأعربت جمعية ألزهايمر عن قلقها إزاء تراجع معدل تشخيص الحالات المصابة بالمرض، مؤكدة أنه يتعين على الحكومة أن تعطي الخرف أولوية فيما يتعلق بالرعاية الصحية.
وقالت فيونا كاراغر، مديرة الأبحاث بجمعية ألزهايمر: “لا يوجد دعم أو رعاية، والنتيجة هي إيداع المصابين المستشفيات وهم في أزمة في أغلب الأحيان. نحن بحاجة إلى الدعم والتركيز فورا”.
وقالت وزير الصحة البريطانية، هيلين وايتلي، إنها تريد أن “تفعل الحكومة كل ما في وسعها لمساعدة هؤلاء وأسرهم”.
وأضافت: “معنى ذلك أن يكون هناك تشخيص مبكر لهؤلاء، وتقديم الرعاية والدعم لمن يحتاج إليهما، علاوة على توفير المعلومات والاستشارات للجميع”.
وأكدت وزيرة الصحة أيضا أن الحكومة سوف تستثمر 7.2 مليار جنيه إسترليني في الرعاية الصحية في العامين المقبلين، علاوة على 17 مليون إسترليني خُصصت لصالح تقليص حجم قوائم انتظار مرضى الخرف وزيادة معدلات التشخيص.
تقول رايد: “أشعر دائما أنه يجب أن أبذل قصارى جهدي كل يوم لمساعدة من يحتاجون لنا”.
وبالنسبة لبيل، تبقى ذكرى جو في مقدمة الأشياء التي يفكر بها طوال الوقت.
ويقول بيل: “هناك في الحياة ما هو أهم من هذا المرض. انظروا إلى ما وراء ذلك، انظروا إلى من تحبون كثيرا”.
وكما قال بيل في جنازة زوجته جو ويلسون، لم يمر عليهما يوم واحد دون الحب والضحك.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.