قرّر البابا فرنسيس السماح للنساء بالمشاركة كأعضاء يمتلكون حقّ التصويت، ضمن أعمال مجمع الأساقفة أو السينودس، المرتقب انعقاده في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.
يأتي ذلك ضمن تعديلات على آليات التصويت أُعلن عنها في الفاتيكان أمس، وتشمل السماح للكاثوليك العلمانيين – أي الذين لا يشغلون أي منصب كهنوتي أو ديني – بالتصويت على قرارات المجمع.
وبحسب القرار الأخير، سيكون نصف العلمانيين الذين يمتلكون حق التصويت من النساء. وقد منح الحقّ ذاته لخمس راهبات يشاركن في أعمال المجمع كممثلات لرهبانتهن.
وكان البابا قد عيّن الراهبة الفرنسية ناتالي بيكار وكيلة لمجمع الأساقفة، في فبراير/ شباط 2021.
وأصبحت بيكار بذلك أول امرأة تنال حق التصويت في المجمع الذي يتولى دراسة مسائل العقيدة.
ما هو مجمع الأساقفة؟
السينودس أو مجمع الأساقفة الكاثوليك هو مؤسسة دائمة من مؤسسات الكنيسة الكاثوليكية، تتمتع بصفة استشارية، تأسست عام 1965، ومهمتها “مساعدة البابا من خلال إسداء النصح في حكم الكنيسة الجامعة، في شؤون الحفاظ على سلامة الإيمان والتقاليد وتنميتها، والمحافظة على الانتظام الكنسيّ وتثبيته، ودراسة المعضلات المتعلّقة بنشاط الكنيسة في العالم”.
يتألف المجمع من الأساقفة حصراً، وكان يشارك في جلساته عدد من المستمعين والمستمعات الذين لا يمتلكون حق التصويت على توصياته.
بموجب القرار الجديد، سيضاف إليه “70 عضواً من غير الأساقفة يمثلون مجموعات مختلفة من المؤمنين”، يختارهم البابا من بين الكهنة والراهبات والشمامسة وعامة الكاثوليك، وفق توصيات يرفعها الأساقفة حول العالم، على أن يكون نصفهم من النساء، مع الاهتمام بمنح دور أكبر للشباب.
وسيظل الأساقفة، وجميعهم من الذكور، يشكلون أكثر من 75 بالمئة من الجمعية بعد التغييرات المعلنة.
“ثورة“ أم “تجميل”؟
يرى كثيرون أن منح نساء حقوق التصويت في المجمع الاستشاري أو السينودس، خطوة لتعزيز دور النساء في الأدوار القيادية في الكنيسة.
لا تسمح الكنيسة الكاثوليكية حتى الآن بسيامة نساء برتب كهنوتية، أي أنه لا يحق لهنّ ممارسة أدوار الكهنة الكاثوليك المعروفة مثل التعميد، وقيادة القداديس ومراسم الزواج والجنازة.
ويرى كثر أن خطوات البابا فرنسيس لدمج النساء في حاضرة الفاتيكان، لا تعدو كونها “خطوات تجميلية”، بهدف استجابة المؤسسة التقليدية لمتطلبات العصر.
في المقابل، يرى آخرون أن ذلك يعدّ “توجهاً ثورياً”، يشكل تحدياً فعلياً للاتجاهات المحافظة داخل الكنيسة.
منح أصوات جديدة القدرة على الاقتراع، يعدّ خطوة مهمة لتعزيز الاتجاه الإصلاحي الذي يتنباه البابا فرنسيس، خصوصاً أن المجمع سيتناول قضايا مثيرة للجدل بما في ذلك رسامة النساء ومنع الحمل ودور المثليين في الكنيسة.
ورغم إصرار فرنسيس على رفض سيامة النساء، لكنه وعد في السابق “بخلق فرص أوسع لهن لصنع القرار في مجالات مختلفة من حياة الكنيسة”.
وخلال المؤتمر الصحافي الذي خصص للإعلان عن التعديلات الجديدة، أكّد الكاردينال ماريو غريتش الأمين العام لسينودس الأساقفة والكاردينال جان كلود هوليريخ المقرّر العام للجمعية العامة العادية السادسة عشرة لسينودس الأساقفة أنّ “هذه المستجدات ليست ثورة وإنما تغيير مهم”.
ماذا تقول الأرقام؟
تفيد إحصائيات أصدرها الفاتيكان بمناسبة يوم المرأة العالمي في آذار/ مارس الماضي، أن العقد المنصرم شهد زيادة في أعداد النساء اللواتي يتولين وظائف أو مناصب قيادية في الفاتيكان.
عند تولي البابا فرنسيس منصبه عام 2013، كان عدد النساء العاملات في الفاتيكان يبلغ 846 امرأة، وبات حالياً يبلغ 1165، بزيادة قاربت نحو 24 بالمئة.
أما في “الكوريا الرومانية”، وهي الجسم الإداري والتنفيذي الذي يساعد البابا في مهامه، فهناك امرأة من بين كل أربعة أشخاص، من بينهن قياديات.
ففي عام 2014، عينت الراهبة الإيطالية ماري ميلون مديرة للجامعة البابوية في روما، لتكون أول امرأة تشغل ذلك المنصب.
وفي عام 2020، عينت المحامية الإيطالية فرانشيسكا دي جيوفاني مساعدة لأمين سر دولة الفاتيكان للعلاقات الخارجية، لتصير أول امرأة تتولى منصباً دبلوماسياً رفيعاً في الدولة.
وفي عام 2021، عيّنت الخبيرة الاسبانية نوريا كالدوك بيناغس أمينة سرٍّ للجنة الحبرية للكتاب المقدس لتكون أول امرأة تشغل هذا المنصب.
كذلك في عام 2021، كما أشرنا، عيّنت الراهبة الفرنسية ناتالي بيكار، وكيلة لمجمع الأساقفة، في خطوة غير مسبوقة، منحتها حق التصويت.
وفي مقابل اتساع الدور الممنوح للنساء في دولة الفاتيكان، قالت بعضهن خلال تحقيق صحافي أجرته وكالة الصحافة الفرنسية خلال آذار/ مارس الماضي، إن “النظرة الرجعية للمرأة” ما زالت تسيطر على مؤسسات الكاثوليكية المركزية.
وقالت النساء اللواتي تحدثن من دون الكشف عن أسمائهن الحقيقية، إن تحقيق المساواة لا يزال بعيد المنال.
ففي عام 2019، أنشى ملحق نسائي شهري لصحيفة الفاتيكان الرسمية، لكن المبادرة واجهت مشاكل أدت إلى استقالة مؤسستها، المؤرخة لوسيتا سكارفيا.
وقالت سكارفيا لفرانس برس الشهر الماضي، إن إصلاحات فرنسيس كانت في الأساس “تجميلية” وأخفت في الواقع “عقلية ذكورية” ترى أن على “المرأة أن تخدم من دون أن تطلب أي شيء في المقابل”.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.