الانتخابات النيجيرية: مرشح الحزب الحاكم بولا تينوبو رئيسا للبلاد وخصومه يشككون في النتائج
- لينا الشوابكة
- بي بي سي نيوز عربي
تحت شعار “حان دوري في يوروبا”، أعلن فوز مرشح الحزب الحاكم بولا تينوبو في الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها في نيجيريا.
أظهرت النتائج الرسمية أن السياسي المخضرم البالغ من العمر 70 عامًا حصل على 37٪ من الأصوات، وحصل خصمه الرئيسي أتيكو أبو بكر على 29٪، و 25٪ لـ بيتر أوبي من حزب العمال.
تينوبو هو واحد من أغنى السياسيين في نيجيريا، واستند في حملته إلى إنجازاته في إعادة بناء أكبر مدينة في نيجيريا “لاغوس”، عندما كان حاكمًا.
ومع ذلك ، فقد خسر أصوات هذه المدينة أمام أوبي الوافد الجديد نسبيًا والذي حشد دعم العديد من الشباب، لا سيما في المناطق الحضرية، وبالتالي زعزع أوبي بحزبه الجديد نظام الحزبين الرئيسيين في البلاد.
فاز الرئيس الجديد تينوبو بمعظم الولايات الأخرى في منطقته في الجنوب الغربي، حيث يُعرف باسم “العراب السياسي” بسبب مساعدته حلفاءه في تقلد المناصب الرئاسية السابقة.
وقال تينوبو في خطاب متلفز: “أنتهز هذه الفرصة لأناشد زملائي المرشحين للسماح لنا بالعمل معًا، هذه دولة واحدة ويجب أن نبنيها معًا”.
وأضاف أن من حق المرشحين الطعن في النتائج أمام المحكمة، لكنه قال: “الهفوات في الانتخابات كانت قليلة نسبيًا من حيث العدد ولم تكن ذات أهمية للتأثير على نتيجة هذه الانتخابات”.
في المقابل، تعهد الخصوم الرئيسيون لتينوبو بالطعن في نتائج فوزه، زاعمين أن عدم قدرة مسؤولي اللجنة الانتخابية المستقلة على فرز النتائج في العديد من وحدات الاقتراع كان دليلاً على تحيزهم.
ناخبون محرومون من حق التصويت
ورغم فوز بولا تينوبو في الانتخابات التي وصفت من قبل مراقبين بالأكثر تنافسية في نيجيريا منذ نهاية الحكم العسكري في عام 1999، وحصوله على حوالي 8.8 مليون صوت، إلا أن هذه الأصوات بمجملها تشكل أقل من 10٪ من مجمل الناخبين المسجلين للتصويت والبالغ عددهم 93 مليون نيجيري.
ويرى مراقبون أن نظام التصويت الإلكتروني الذي تم إدخاله حديثًا قد قضى على التلاعب بأوراق الاقتراع الذي حدث في الماضي وساعد في تقديم صورة أكثر دقة عن الناخبين.
وفي عملية لم تكن سهلة وتضمنت الوقوف في طوابير لساعات، حصل 87 مليون شخص بالفعل على بطاقات الانتخاب الخاصة بهم قبل يوم الانتخابات، وبحسب مراقبين فإن هذه الأرقام تدلل على اهتمام واسع بالمشاركة في التصويت، لكنهم رجحوا أن واحدًا من العوامل التي ساهمت في انخفاض نسب المشاركة كانت المشاكل التي وقعت يوم الاقتراع.
وغادر العديد من الناخبين المحتملين مراكز الاقتراع دون الإدلاء بأصواتهم، بسبب تأخر بدء التصويت عن موعده المحدد في العديد من الأماكن.
العنف وانعدام الأمن في قلب الانتخابات الرئاسية
في بعض معاقل المعارضة، لم يتم التصويت على الإطلاق، وكانت هناك أيضًا حالات اختطاف لصناديق الاقتراع وترويع الناخبين في الولايات الجنوبية مثل ريفرز ولاغوس ودلتا، وتعرض العديد ممن كانوا ينتظرون دورهم للضرب.
كانت هذا المرأة النيجيرية قد أصيبت أثناء انتظارها الإدلاء بصوتها في الانتخابات الرئاسية، وقالت لبي بي سي، إنه رغم إصابتها فقد عادت للتصويت بعد تلقي العلاج في المستشفى:
بلغ عدد المترشحين للرئاسة 18 شخصًا يمثلون أحزابًا مختلفة، وخلت القائمة من المترشحين المستقلين بعد فشل محاولات تعديل الدستور للسماح بالترشح من خارج الأحزاب السياسية.
واحتدمت المنافسة بين ثلاثة مترشحين رئيسيين هم:
- عتيق أبو بكر، مرشح حزب الشعب الديمقراطي المعارض، حصل على 6.9 مليون صوت، وتركز برنامجه على استعادة وحدة البلاد من خلال العدالة.
- بيتر أوبي، حصل على 6.1 مليون صوت، عمل حاكمًا لولاية أناميرا، انشق سابقًا عن الحزب الحاكم، وركز في برنامجه على الإصلاحات السياسية ومعالجة انعدام الأمن والفساد.
- بولا تينوبو، مرشّح حزب المؤتمر التقدمي الحاكم الذي أُعلن فوزه في الانتخابات، وعمل حاكمًا لولاية لاغوس (1999-2007) ويلقّب بالعراب وصانع الملوك، ويدعمه الرئيس المنتهية ولايته محمد بخاري، وينتمي إلى عرقية اليوربا.
لماذا توصف هذه الانتخابات بالأهم منذ نهاية الحكم العسكري؟
تواجه نيجيريا مجموعة من التحديات الخطيرة، مثل انعدام الأمن المتزايد، والاقتصاد المتعثر، والديون الهائلة، والفقر المدقع، والطبقة السياسية الفاسدة كما يصفها البعض.
وينظر إلى هذه اللحظة حقًا على أنها نقطة تحول كبيرة، مع الآمال في أن يؤدي إجراء استطلاع عادل وموثوق إلى تغيير حال البلاد وبما يسمح بتسخير طاقتها لصالح الشعب.
بماذا تختلف هذه الانتخابات عن سابقاتها؟
أحد الاختلافات الكبيرة في هذه النسخة من الانتخابات هو حجم الناخبين، حيث زاد عدد الناخبين المسجلين بمقدار 10 ملايين عن عام 2019، بما في ذلك مشاركة نسبة أعلى من الشباب.
التغيير الكبير الثاني هو أن الحزبين الرئيسيين اللذين هيمنا على السياسة النيجيرية لعقود من الزمن، حزب “كل التقدميين” الحاكم وحزب “الشعب الديمقراطي” قد تعرضا لتحدٍ من قبل المنافس الثالث “بيتر أوبي” الذي يوصف بالرجل النشيط رغم سنه البالغ الـ 61 عامًا، لكنَّ المفارقة أنه أصغر المتنافسين الرئيسيين سنًا.
يمثل أوبي نوعًا جديدًا من السياسة، يمتد إلى ما وراء الانقسامات الطائفية والعرقية في نيجيريا، حيث يقوم خطابه السياسي على الوعد بحكم ديناميكي ونظيف وفعال.
الاختلاف الأخير هو الاستناد إلى التصويت الالكتروني، والذي يجب أن يقلل من عمليات التزوير.
من هو “محمد بخاري” سلف “بولا تينوبو” ؟
يتنحى محمد بخاري بعد فترتين في منصبه، اتسمت بالركود الاقتصادي وانعدام الأمن المتزايد في جميع أنحاء البلاد.
فاز بخاري في الانتخابات الرئاسية عام 2015، بعد أن حظي بثلاث هزائم متتالية أمام “غودلاك جوناثان”، الأولى في 2003 والثانية في 2007 والثالثة في 2011.
لكن بخاري لم يكن جديدًا على عالم السياسة، بل سبق له وأن تولى الحكم عام 1985، كما تقلد مناصب عليا في المؤسسة العسكرية ولعب أدوارًا هامة في صفوف المعارضة.
في عام 1983، شارك محمد بخاري في الانقلاب العسكري الذي استهدف آنذاك الرئيس “شيهو شغاري” المنتخب عام 1979 ليتربع على السلطة حتى 1985، وهو التاريخ الذي وقع فيه انقلاب عسكري آخر قاده جنرال يدعى “إبراهيم بابنغيدا”.
ولم يترك الرئيس السابق محمد بخاري صورة جميلة لدى النيجيريين خلال حكمه للبلاد من 1983 إلى 1985، فقد تعامل مع المواطنين بالقوة والعنف وزج بالعديد من المعارضين السياسيين والعسكريين في السجون.
لكن الحادث الأليم الذي اشتهر به محمد بخاري، هو عندما طرد مئات الآلاف من مواطني النيجر الذين جاءوا إلى نيجيريا هربا من المجاعة التي عرفتها بلادهم ودول أخرى من غرب أفريقيا بين 1983 و1985،، ولايزال حتى اليوم يطلق على هذه المجاعة التي عمّت شرق النيجر اسم “مجاعة بخاري”.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.