وقد نجح في أن يصنع حالة استثنائية، وفتح أبواب النقاش على مصراعيه حول علاقة الدراما بالواقع خاصة لتناوله موضوع الأحياء الشعبية وآفة المخدرات والحبوب المهلوسة، والتي أصبحت تفتك بالشباب الجزائري في السنوات الأخيرة.
وفي لقاء خاص مع “سكاي نيوز عربية”، تحدثت كاتبة السيناريو سارة برتيمة عن علاقة القصة بالواقع، وكواليس العمل، وكشفت لأول مرة عن جوانب خاصة في شخصيات المسلسل.
قصص حقيقية
هذا العمل الذي فجر أمواجا من الجدل، وحتى الغضب، وتحول إلى حلقة نقاش دخل قبة البرلمان وزار منابر المساجد ومواقع التواصل الاجتماعي، رافقه سؤال بارز مفاده: “هل نقل مسلسل الدامة واقع واحد من أعرق الأحياء الشعبية الشهيرة في الجزائر العاصمة “حي باب الواد” العتيق، أم قام بتشويه”.
ومازد من أهمية العمل، خروجه بالتزامن من الأرقام المخيفة التي لا تزال تكشف عنها الأجهزة الأمنية حول كمية الحبوب المهلوسة التي يتم حجزها يوميا (في آخر عملية قامت بها الأجهزة الأمنية تم توقيف شاحنة تنقل مليونا و600 ألف قرص مهلوس موجه للاستهلاك المحلي).
تقول برتيمة عن تجربتها في كتابة هذا العمل لموقع “سكاي نيوز عربية” أنها اضطرت للإقامة في أحد الفنادق الشعبية بحي باب الواد لمدة أربعة أشهر أثناء مرحلة الكتابة، من أجل تفكيك شفرة شباب تلك المناطق.
وقد وجدت نفسها أمام تحديات عدة ترصدها في هذه النقاط:
- البحث عن قصص حقيقية من الحي الشعبي يمكن نقلها للمشاهد في عمل درامي مختلف ومتميز.
- وقد جسدت تلك الواقعية، في جوانب عدة في الشخصيات الرئيسية للمسلسل، خاصة في شخصية “حورية” التي جسدتها الممثلة ريم تاكوشت في علاقتها مع شخصية “علام” التي جسدها مصطفى لعريبي.
- كتابة الحوار بشكل واقعي، عن طريق استخدام لغة الأحياء الشعبية، خاصة التي يستخدمها المراهقون والأطفال في تواصلهم، وهو أكثر شيء أخاف برتيمة أثناء كتابة العمل.
نخوة وشهامة باب الواد
وتؤكد برتيمة أن تركيز مسلسل الدامة على الواقع بهذا الشكل الكبير، لا يهدف إلى تشويه صورة الحي وإنما لتقديم دراما جزائرية بمواضيع جزائرية.
وقالت: “الدامة هي منعرجات الحياة، هناك أحداث مأسوية وهناك جراح في المجتمع وهناك أيضا النخوة والشهامة التي يتمتع بها سكان الأحياء الشعبية”.
لقد وجدت برتيمة، حيا مليئا بالرجولة والطيبة والكرم، حي عان كثيرا خاصة خلال العشرية السوداء التي عرفتها الجزائر من 1990-1999.
الفيلم من بطولة الفنانة الجزائرية القديرة بيونة، وبوعلام بناني ومصطفى لعريبي وريم تاكوشت وكريمو دراجي بالإضافة إلى مجموعة من الأطفال يشاركون لأول مرة في التمثيل على رأسهم عمار قمرود وإسلام بعزيز.
ويعتبر الدامة، العمل الأول من نوعه الذي يصور معظم مشاهده بتلك الطريقة في الحي الشعبي، حيث لم يسبق لعدسة المخرجين الجزائريين أن صورت مشاهد خارجية بتلك الكثافة من حي باب الواد.
فحتى المخرج مرزاق علواش المعروف بعدسته الواقعية والذي صور في تسعينيات القرن الماضي فيلم “باب الواد سيتي “سنة 1994، ولاحقا فيلم “السطوح” لم يقض نفس المدة التي قضاها صناع مسلسل الدانة في تصوير المشاهد في حي باب الواد.
كما تقول برتيمة أن الديكور الحقيقي أعطى للمسلسل حياة وروحا، بعد أربعة أشهر من التصوير.
وتصف كاتبة السيناريو تجربتها في حي باب الواد، بالرائعة وهي تحتفظ بالكثير من القصص الإنسانية لطيبة وكرم أهم الحي الذين وقفوا إلى جانبها من أجل أن يخرج الدامة بهذا الشكل اللافت للانتباه.
مَن هي سارة برتيمة؟
بعد دراستها للإعلام في الجزائر، قررت سارة برتيمة السفر إلى مصر لتلتحق بمعهد الفنون الدرامية والمسرح بالقاهرة لمدة عامين، وهو ما أكسبها خبرة في المسرح والسينما.
لاحقا عادت برتيمة إلى الجزائر، لتدخل عالم الكتابة والإبداع التلفزيوني، وقد كانت بدايتها مع الأعمال الفكاهية لتقدم عدة أعمال فكاهية منها “زين سعدك” و “طاكسي وخلاص”، قبل أن تدخل عالم الدراما لأول مرة مع المخرج التونسي مديح بلعيد الذي قدمت معه مسلسل ” الخلوة ” سنة 2017.
ويعتبر مسلسل “الدامة” لونا جديدا ومختلف تماما عن “الخاوة” وباقي أعمالها السابقة.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.