- حنان عبد الرازق
- بي بي سي
منذ أن بدأ الصراع بين طرفي المكون العسكري قبل أيام في السودان، يعيش المدنيون وضعا إنسانيا مأساويا. علمت بي بي سي أن مع انقطاع الكهرباء والمياه، تتفاقم أزمة أخرى تخص الطعام تنذر بتدهور الأوضاع خلال الأيام المقبلة.
ووقعت اشتباكات مسلحة السبت الماضي بعد أن نشرت قوات الدعم السريع عناصرها حول العاصمة الخرطوم، وهو أمر رآه الجيش تهديدا صريحا لسيادته.
وقد أسفرت تلك الاشتباكات عن انقطاع إمدادات الكهرباء والمياه في مناطق عديدة في العاصمة لساعات طويلة.
“مخزون الطعام في منزلنا يكفي ليومين فقط” هكذا بدأت نسرين الصايم حديثها معنا عبر الإنترنت والذي لم يستغرق وقتا طويلا، إذ تنظم استخدامها للهاتف، حتى لا تفرغ بطاريته فتنقطع عن متابعة أخبار الاشتباكات القريبة من منزلها، ولا تعلم إذا ما كانت ستنتظر لوقت طويل حتى عودة التيار الكهربائي.
وتقول نسرين، التي تقيم في الخرطوم، إن عائلتها الآن تقلل من كميات الطعام التي تستهلكها، أملا في أن يستمر مخزونها لأكثر من يومين. فبدلا من وضع صنفين مختلفين على المائدة كما اعتادوا وقت الإفطار في شهر رمضان، تقوم الأسرة باستهلاك صنف واحد فقط خلال الوجبة. ويحاول كل شخص أن يأكل بكميات أقل من المعتاد حتى تكفي الوجبة كل أفراد الأسرة.
انقطاع المياه والكهرباء مستمر في كثير من المنازل السودانية منذ بدء الاشتباكات. فالكثير من البيوت يعتمد إمداد المياه فيها على الكهرباء (مواتير المياه)، ولذلك عندما تنقطع الكهرباء ينقطع معها إمداد المياه.
في بعض الأحياء مثل بحري شمالي الخرطوم تأثرت محطات المياه جراء الاشتباكات. تقول هند إنها وعائلتها، مع تكرار انقطاع المياه، يعتمدون في شربهم للسوائل على ما لديهم من مشروب الابري (مشروب رمضاني من الذرة يخلط مع البهارات والكركديه والتمر هندي).
بينما يعتمدون في الطعام على العصيدة والقراصة (معجنات ومخبوزات شعبية رمضانية). وأضافت هند – قبل أن ينقطع الاتصال معها بسبب انتهاء بطارية هاتفها وعدم وجود كهرباء لشحن البطارية – إن جميع المحال في حيها مغلقة ماعدا بعض المخابز التي لم يتبق بها سوى القليل من الدقيق.
استمع القليل من السكان للتحذيرات التي انتشرت الأسبوع الماضي بعد انتشار قوات الدعم السريع في أماكن مختلفة. أخذ البعض احتياطاته من شراء مخزون من الطعام والمياه. ولكن الغالبية لم تفعل ذلك كما تقول هبة، إحدى سكان العاصمة، التي قالت لم يكن يتخيل أحد أن يصل الأمر لهذا الحد.
وأضافت: “المخزون لدينا في المنزل هو مخزون شهر رمضان حيث لم نرد أن نخرج وسط حرارة الجو لشراء الاحتياجات اليومية”. لكن المشكلة الرئيسية هي انقطاع الكهرباء المستمر “التي لم تعد متوفرة سوى لساعتين فقط في اليوم” وهو ما يهدد سلامة الطعام الذي قامت بعض العائلات بتخزينه وتجميده.
وإن كان البعض قد أخذ حذره وقام بتخزين بعض الأطعمة اللازمة، ففي ظل عدم وجود أفق لحل الصراع الذي نشب بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع في البلاد، فمن غير المعروف لكم من الوقت ستستطيع تلك العائلات أن تصمد معتمدة على المخزون الذي لديها.
بعض الأحياء، والتي تعتبر الأوفر حظا، حينما تهدأ الاشتباكات قليلا تعود محال البقالة لفتح أبوابها. فيسرع أهالي الحي بالاصطفاف خارجها لشراء احتياجاتهم اليومية. تبدو بعض الرفوف فارغة لاسيما تلك الخاصة بالمياه المعدنية. في أحياء أخرى يخشى السكان حتى مغادرة باب منازلهم.
ما زاد من قلق المدنيين في السودان إعلان برنامج الغذاء العالمي وقف مساعداته في البلاد جراء الصراع، بعد مقتل 3 من طاقمه في دارفور جراء الاشتباكات بين قوات الدعم السريع والجيش.
وبحسب الأمم المتحدة في وقت أبكر من العام، فإن ثلثي سكان السودان أو ما يقدر بـ 15.8 مليون بحاجة إلى مساعدات إنسانية في عام 2023، خاصة مع توقف المساعدات الدولية من الدول المانحة له في أواخر عام 2012 بعد الانقلاب العسكري.
وأعربت القيادية في قوى الحرية والتغيير، عبلة كرار، عن أسفها من قرار البرنامج التابع للأمم المتحدة تعليق عمله في ظل “الوضع الحرج وحاجة المواطنون الماسة للمساعدة”
وأضافت كرار أن السودان كان في الأساس “يشهد ضائقة اقتصادية كبيرة وبالتالي المخزون في البيوت مهما بلغ لن يكون كبيرا”. وفي ظل استمرار انقطاع الكهرباء والمياه تشدد كرار إلى الحاجة إلى هدنة قبل أن يؤدي استمرار القتال إلى “كارثة إنسانية”.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.