- عبد الرحمن أبو طالب
- بي بي سي – القاهرة
“الطاقم الطبي كله مكبل، ولا نستطيع الخروج لتقديم واجبنا. لو خرجت للعمل فأنت في خطر”، هذا ما يقوله أبو بكر، وهو ممرض في مستشفى الخرطوم التعليمي، الذي يقع قرب القصر الجمهوري ومقر قيادة الجيش.
فرَّ أبو بكر من المستشفى، مع باقي الطاقم الطبي والمرضى، بعدما تعرض المستشفى للقصف في الأيام الأولى من الصراع.
وصوّر أبو بكر هذه المشاهد أثناء خروجه من المستشفى:
كان أبو بكر في المستشفى عندما بدأت الاشتباكات، ووجد نفسه محاصرا مع عشرات المرضى هناك لعدة أيام، وبعضهم مقيمون هناك منذ فترة طويلة.
يقول أبو بكر: ” خرجنا برعاية الله فقط. لم يكن هناك أي ممرات آمنة. كل الطاقم الطبي خرج تحت القصف. استهدفني قناص بأربع رصاصات، مرت جميعها بجوار رأسي”.
لكن المهمة الأصعب كانت إجلاء المرضى. في البداية غادر بعض المرضى الذين لم تكن حالتهم حرجة، أما المرضى الذين كانوا على أجهزة التنفس الاصطناعي فتم نقلهم بطريقة خاصة.
ويضيف أبو بكر: “تعاون الممرضون لنقل المرضى والأجهزة الطبية التي يعالجون بها، إلى مستشفى الخرطوم القريب”.
ولم يسلم مستشفى الخرطوم من القتال الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، فاضطر الطاقم الطبي لإجلاء المرضى منه بعد أيام.
مستشفيات خارج الخدمة
منذ بداية النزاع توقفت كثير من المستشفيات في السودان عن العمل، وصار الوصول لبعضها مخاطرة قد تكون مميتة.
ووفقا للجنة التمهيدية لنقابة الأطباء في السودان، فإن نحو 70 في المئة من مستشفيات العاصمة والمناطق المتاخمة للاشتباكات، خرجت عن الخدمة بسبب تضررها من القصف، أو استحالة الوصول إليها.
لكن مخاطرة الذهاب لتلك المستشفيات كانت الخيار الوحيد للبعض.
يقول النمير جبريل مدير مستشفى الشعب: “بعد أيام من إجلاء المرضى من المستشفى، فوجئنا ببعض المرضى يعودون إليه دون علمنا، بهدف الحصول على الأكسجين، مكثوا هناك 48 ساعة، حتى سقطت قذيفة على المستشفى بشكل مباشر، وقمنا بإجلائهم مرة أخرى”.
ووثقت بي بي سي مقاطع مصورة لجنود الدعم السريع يقفون بمعدات عسكرية ثقيلة بالقرب من مستشفى بيست كير في العاصمة.
كما وثقت صورا لحريق اندلع في أحد مباني مستشفى الشعب التعليمي بعد سقوط قذيفة عليه، كما وثقت صورا لدماء مصابين جرحوا بسبب قصف مستشفى الرومي في العاصمة، فضلا عن آثار قصف مستشفى ابن سينا في الخرطوم.
يقول جبريل: “ستكون هناك مشكلة كبيرة في إعادة هذه المستشفيات للخدمة بعد انتهاء الحرب، في حال تدمرت بشكل كبير”.
مبادرات تطوعية لأطباء
وبينما اضطر أبو بكر لمغادرة الخرطوم إلى منزل أسرته في ولاية الجزيرة جنوبي العاصمة، يعمل الدكتور النمير في مستشفيات أخرى في أطراف العاصمة.
كما قامت الطبيبة أسماء إمام وزميلاتها بتشغيل المستشفى التركي جنوبي الخرطوم، بعد توقفها عن العمل لشهور لأسباب إدارية.
بدأ العمل في المستشفى باثنين من الأطباء، وتقني واحد، قبل أن توجه نداءات لباقي الأطباء للانضمام.
تقول أسماء: “واجهنا صعوبات في تشغيل الطوارئ وبعض الأجهزة، فالكهرباء تنقطع باستمرار، وكذلك المياه، كان وضعا شديد الصعوبة”.
بعد بضعة أيام بلغ عدد المتطوعين من الكوادر الطبية 25 شخصا، لكن أعداد المرضى ظلت أكبر بكثير من قدرات هذا العدد.
وتضيف أسماء: “تطوعت في استقبال المرضى كأخصائية عامة، لكن الضغط على قسم الغسيل الكلوي كان شديدا، لدرجة أنه يعمل 3 ورديات. لم أعمل في هذا القسم من قبل، لكنني تعلمت خلال هذين اليومين بعض المهارات لمساعدة المرضى هناك”.
بعد أيام من العمل في المستشفى التركي، اضطرت أسماء لمغادرة العاصمة مع أسرتها بسبب الوضع الأمني، واصفة الوضع قائلة: “البقاء في الخرطوم صار لمن يستطيع إليه سبيلا”.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.