أفاد سكان في مدينة أم درمان، الواقعة إلى الشمال من العاصمة السودانية الخرطوم، باهتزاز المباني جراء قوة الانفجارات مع استمرار القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في السودان.
كما شهدت مناطق جنوبي الخرطوم ومناطق أخرى في العاصمة قصفاً جوياً عنيفاً السبت مع دخول القتال أسبوعه الخامس، في وقت يستعد فيه وفدا الجانبين المتحاربين لاستئناف المحادثات في جدة الرامية إلى تجنب وقوع “كارثة إنسانية”.
وأفاد شاهد عيان في غربي الخرطوم بقيام الجيش بشن غارات جوية على قوات الدعم السريع في المدينة ذات الكثافة السكانية العالية، رغم تعهد الجانبين المتحاربين في إعلان المبادئ الذي تم التوصل إليه في جدة الخميس بحماية المدنيين والسماح بالوصول إلى المساعدات.
وقد قُتل أكثر من 750 شخصاً بينما نزح مئات الآلاف منذ اندلاع القتال في 15 أبريل/ نيسان الماضي بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ونائبه الذي انقلب خصماً له محمد حمدان دقلو المعروف باسم “حميدتي”، الذي يسيطر على قوات الدعم السريع.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن أكثر من نصف مليون شخص فروا من الخرطوم وحدها، في ظل القصف الذي طال المستشفيات هناك والتقارير التي تتحدث عن أعمال النهب المتصاعدة، بينما يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والدواء والكهرباء.
ويُتوقع أن يشرع الجانبان، في المحادثات التي ستستأنف الأحد، في بحث آليات تطبيق اتفاق الخميس ومن بينها وضع خطط لإيصال المساعدات وفتح ممرات آمنة وسحب القوات من المناطق المدنية.
ثم ستنتقل المحادثات إلى البحث في سبل إنهاء الصراع، مما يمهد الطريق في نهاية المطاف لتشكيل حكومة مدنية. وقال دبلوماسي سعودي رفض الكشف عن هويته لوكالة فرانس برس إن “طبيعة الصراع تؤثر على الحوار الجاري. ومع ذلك فإنني وجدت روحاً معنوية إيجابية جداً من كلا الطرفين.”
ويقول محللون إن الطرفين يبدو أنهما يعطيان أولوية للقتال من أجل السلطة ويتجاهلان بشكل كبير أي ضغوط دولية للاتفاق على وقف إطلاق نار حقيقي.
ولم يُظهر أي طرف في العلن أي مؤشر على استعداده للتنازل وكانا قد واصلا القتال في انتهاك واضح لاتفاقيات سابقة بوقف إطلاق النار.
ولا يبدو أن أياً من الطرفين قادر على تأمين نصر سريع، مع تحصن قوات الدعم السريع في الأحياء السكنية بالعاصمة وقدرة الجيش على استخدام القوة الجوية.
وقال الدبلوماسي السعودي إن البرهان تلقى دعوة لحضور القمة العربية التي من المقرر ان تُعقد في جدة بالسعودية في 19 مايو/ أيار، ولكن من غير الواضح حتى الآن من سيمثل السودان.
وقال الدبلوماسي السعودي: “لم نتلق أسماء الوفود، لكننا نتوقع أن يكون السودان حاضراً في القمة العربية”.
وكان الوفدان في جدة قد اتفقا الخميس على “تأكيد الالتزام بضمان حماية المدنيين”.
لكن الاتفاق الذي سمي “إعلان جدة” لم يرقى إلى مستوى الهدنة، ويبدو أن الوضع على الأرض لم يتغير مع احتدام المعارك طوال أسبوع المفاوضات وصولاً إلى يوم السبت.
ويُلزم اتفاق الخميس طرفي الصراع بالسماح بإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة، ويدعو أيضاً إلى إعادة الكهرباء والماء والخدمات الأساسية الأخرى.
دعوة لتقديم المساعدات
وقال بيان لوزارة الخارجية السودانية إن السودان أطلق السبت دعوة إلى المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومنظمات إقليمية أخرى، “لتقديم مساعدات إنسانية”.
وكانت الحكومة قد تعهدت “بتخصيص الميناء والمطارات في بورتسودان” على البحر الأحمر، ومطار دونغولا في شمالي البلاد وقاعدة وادي سيدنا الجوية بالقرب من العاصمة “من أجل تلقي المساعدات”.
وقد دعت منظمات مدنية وإغاثية مراراً إلى فتح ممرات إنسانية لتأمين المساعدات الحيوية، حيث أن منظمات الإغاثة تعرضت بشكل منظم للنهب وقُتل 18 شخصاً على الأقل من العاملين في تلك المنظمات.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن أمله بأن يؤدي اتفاق جدة إلى “ضمان توسيع عمليات الإغاثة بسرعة وبشكل آمن لتلبية احتياجات ملايين الأشخاص في السودان”، حيث كان ثُلث السكان يعتمد على المعونات حتى قبل اندلاع الصراع الأخير.
وكرر غوتيريش في بيان له الجمعة التأكيد على “دعوته إلى وقف فوري لإطلاق النار وتوسيع المحادثات لتحقيق وقف دائم للأعمال العدائية”.
آمال ضئيلة بوقف إطلاق النار
وكانت قوات الدعم السريع قد أصدرت بياناً الجمعة قالت فيه إنها وقعت على اتفاق جدة على الرغم من “معرفتها الكاملة” أن الجيش “لن يهتم بمعاناة شعبنا”.
ولا تزال الآمال بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار ضئيلة بعد أن انتهكت العديد من اتفاقيات الهدنة خلال الأسابيع الماضية.
ووصف مسؤولون أمريكيون المحادثات بأنها صعبة، وقال أحدهم إن الطرفين كانا “متباعدين تماماً”.
لكن الدبلوماسي السعودي قال إنه كانت هناك “استجابة إيجابية” وكانت هناك “روح معنوية جيدة من الطرفين”.
ومع ذلك فإن الدبلوماسي امتنع عن القول ما إذا كان الوفدان قد التقيا بصورة مباشرة أم لا.
وقال علي فيرجي، وهو باحث سوداني في جامعة غوتنبيرغ السويدية لوكالة الصحافة الفرنسية إنه “من غير المفاجئ أن يكون إعلان جدة ضعيفاً. فالاتفاقيات المبدئية عادة ما تكون كذلك. ولا يزال الوسطاء في مرحلة شهر العسل العلنية.. وهذا ما يفسر إدعاءات التفاؤل، حتى عندما لا يكون هناك دليل لتبرير هذه المواقف”.
وعلى الأرض، يواصل الطرفان تبادل القذائف، في وقت يلقي كل طرف الاتهام على الطرف الآخر في مهاجمة البنى التحتية والمدنيين.
وقال مواطن سوداني يدعى وهاج غفار لوكالة الصحافة الفرنسية، بعد رحلة مرهقة إلى الحدود مع مصر، التي هرب إليها أكثر من 60,000 سوداني من القتال: “نسمع باستمرار أنه ستكون هناك هدنة، ولكنك تخرج بعد ذلك إلى الشارع فتجد الرصاص في كل مكان”.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.