وأنهت البورصة المصرية جلسة الأربعاء، على ارتفاع بلغت نسبته 1.01 بالمئة بالنسبة لمؤشرها الرئيسي (EGX30) والذي أغلق عند 18818 نقطة، مدفوعاً بعمليات الشراء من جانب المتعاملين المصريين والأجانب. وبذلك الارتفاع بلغت نسبة التغير منذ بداية العام 28.90 بالمئة.
فيما بلغت قيمة التداولات خلال جلسة الأربعاء 2.3 مليار جنيه، وربح رأس المال السوقي 6 مليارات جنيه، وصولاً إلى مستوى 1.273 تريليون جنيه.
وبهذا الأداء يواصل المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية سلسلة الارتفاعات القياسية، بعد أن سجل أعلى مستوى له في تاريخه خلال جلستي بداية الأسبوع، مدعوماً بتحسن المؤشرات الاقتصادية للدولة المصرية، وسلسلة الإجراءات التي تتخذها الدولة لتحسين الأوضاع وجذب الاستثمارات الخارجية.
فإلى أي مدى تستطيع سوق الأسهم المصرية المحافظة على مكاسبها؟ وما هي أبرز التوقعات لأداء المؤشر الرئيسي على المديين القصير والمتوسط في ضوء عمليات التصحيح وجني الأرباح المرتقبة بعد ذلك؟
مستويات غير مسبوقة
تقول خبيرة أسواق المال، الدكتورة حنان رمسيس، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن السوق المصرية تُحقق ارتفاعات ملحوظة منذ بداية العام، بلغت نسبتها حتى الآن في حدود الـ 28 بالمئة بالنسبة للمؤشر الرئيسي (EGX30) إلى جانب الارتفاعات المحققة في المؤشرات الفرعية الأخرى، ويعود ذلك إلى عدة أسباب، من أهمها:
- نتائج الأعمال القوية التي حققتها عدد من الشركات المقيدة، وتوزيعات الأرباح المرتفعة.
- الاتفاقات التي تبرمها الدولة المصرية، والتي من شأنها المساهمة في دعم قوة الجنيه المصرية في مقابل سلة العملات.
- دعوة مصر للانضمام إلى تكتل “بريكس”، بما لذلك من أثر إيجابي على الاقتصاد والتجارة وكل الجوانب، وبما يوفره وجود القاهرة في هذه المجموعة من فرص للتبادل التجاري بين الدول الأعضاء (..).
- تقارير دولية حديثة تتحدث عن أن البورصة أفضل وسيلة من وسائل الاستثمار في الفترة الحالية للحفاظ على قيمة العملة والتحوط من مخاطر التضخم. بينما يعزز وضع السوق المصرية الأداء الإيجابي المحقق في الفترات الماضية، مقارنة بأسواق أخرى كانت تحركاتها ليست على نفس القدر من القوة.
وتشير عضو مجلس إدارة شركة الحرية لتداول الأوراق المالية، إلى أن البورصة المصرية كسرت المستوى القياسي الذي سجلته في العام 2018 عند 18100 نقطة، وصولاً إلى أكثر من 18500 نقطة في الفترة الحالية وهو مستوى تاريخي لم يصله المؤشر من قبل، علاوة على ارتفاع قيم التداول إلى ما يزيد عن 2 مليار جنيه في اليوم، وبما يدعم بقاء المؤشرات في المنطقة الخضراء.
وتلفت خبيرة أسواق المال في الوقت نفسه إلى أن هناك تكثيفاً للمشتريات من المؤسسات المحلية والأجنبية، وكذلك المؤسسات العربية التي اتجهت إلى نشاط الاستحواذ، وبصدد تنفيذ بعض الصفقات في قطاعات العقارات والأغذية والمشروبات وغيرهما، وهذه الاستحواذات من شأنها أن تعزز أداء الأسهم في الداخل والقيمة الاستثمارية في الخارج، على اعتبار أنها تلفت الانتباه إلى أن هناك شركات قوية متواجدة في السوق المصرية وسعرها السوقي منخفض، وعليه يبدأ المستثمرون في المنطقة العربية في التوجه للاستثمار والاستحواذ على حصص في هذه الشركات، وهو الأمر الذي يظهر بعد ذلك على نتائج أعمالها، مستدلة في ذلك بشركة “سوديك” بعد استحواذ “الدار” عليها.
وترى رمسيس بأن سوق الأسهم المصرية قادرة على مواصلة هذا الاتجاه الصعودي في ضوء المؤشرات الراهنة، مشيرة إلى أنه “حتى لو كان هناك نوع من جني الأرباح بعد ذلك، إلا أن ذلك سوف يدعم استمرار الأداء الإيجابي للمؤشرات في ظل مستهدفات جديدة يُتوقع معها إنهاء الشهر الجاري عند مستوى 19 ألف نقطة، ويمكن إنهاء العام في حدود الـ 22 ألف نقطة، وهي وجهة نظر مبنية على أساس تحليل أداء الأسهم القوي وارتفاع قيم التداولات”.
وخلال العام السنة المالية 2022-2023 حقق الاقتصاد المصري معدل نمو نسبته 4.2 بالمئة، فيما انخفضت نسبة العجز الكلي إلى 6 بالمئة، وارتفع الفائض الأولي للناتج المحلي إلى 164.3 مليار جنيه (5.3 مليار دولار)، وفق البيانات الرسمية.
وسيلة تحوط
وفي السياق، يلفت رئيس الجمعية المصرية للأوراق المالية، الرئيس السابق لمجلس إدارة شركة برايم القابضة، محمد ماهر، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى أن سوق الأسهم المصرية تشهد في المرحلة الحالية اتجاهاً صعودياً “قد يتخلله تذبذب في الأسعار نتيجة عمليات جني الأرباح”.
ويشير ماهر إلى أن تراجع سعر الصرف يجعل أسعار الأسهم في مصر أرخص بالنسبة للمستثمرين، لاسيما الخارجيين، موضحاً أنه “طالما أن هناك شعوراً بأن هناك فرصاً واحتمالات لتراجع سعر الصرف، فإن عملية شراء الأسهم -حتى بالنسبة للمستثمر المحلي- تعتبر نوعاً من التحوط والمحافظة على قيمة مدخراته عندما يضعها في الأسهم، على أساس أن أسعار الأسهم تعكس تأثير سعر الصرف، لجهة ارتفاع قيمها بما يعوض التغير الحادث في الصرف، وهو ما يمثل حماية للمستثمر وأمواله”.
يعزز ذلك الاتجاه -بحسب ماهر- ما تتمتع به البورصة من مرونة مع مخاطر السيولة المحدودة، بحيث يستطيع المستثمر الدخول والخروج من السوق في أسرع وتيرة.
ويعتقد بأن عمليات جني الأرباح التي قد تحدث بعد سلسلة الارتفاعات الأخيرة هي أمر طبيعي، إذ لا تأخذ البورصة منحنى ثابتاً، وعادة ما تحدث عمليات تصحيح على حسب قوى العرض والطلب.
وفي العام 2022، ارتفع المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية بنسبة 22.17 بالمئة، وذلك في أول صعود سنوي منذ عامين. فيما وصل رأس المال السوقي إلى 961.2 مليار جنيه، مقترباً من مستوى تريليون جنيه.
معدلات التضخم
من جانبه، يشير خبير أسواق المال، الدكتور حسام الغايش، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى أن سوق الأسهم المصرية تحديداً منذ بداية ارتفاع معدلات التضخم في مصر بشكل واسع منذ منتصف العام الماضي 2022 وحتى الآن لم ترتفع بالقدر المتوازي مع الارتفاع الحادث في معدلات التضخم، بما يعني أن الأسهم لا تزال بحاجة إلى إعادة تقييم لأصول الشركات الخاصة بها.
ويضيف: “معظم الأسهم الموجودة في السوق المصرية تُداول بقيمة سوقية أقل بكثير من قيمتها العادلة لو تم إعادة تقييم أصول هذه الشركات، وهو ما يجعل الأسهم المصرية فرصة مهمة سواء للمستثمر المحلي والأجنبي والعربي كذلك”.
وتبعاً لذلك يعتقد بأن”الارتفاع في الأسهم وقيم التداول أمر منطقي جداً”، خاصة فيما يتعلق بالشركات التي لديها أصول عقارية أو خدمات أو منتجات سلعية شهدت نوعاً من الطفرات السعرية في الفترة الماضية، بما أثر على نتائج أعمال تلك الشركات ووضعها المالي. ويتابع: “جميع تلك الأمور يتم أخذها في الاعتبار عند مقارنة القيمة السوقية للأسهم والقيمة الفعلية خلال المرحلة الماضية”
وطبقاً لبيانات البنك المركزي المصري، فإن معدل التضخم الأساسي تباطأ قليلا إلى 40.7 بالمئة في يوليو على أساس سنوي، من 41 بالمئة في يونيو.
وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية ارتفع في يوليو إلى 36.5 بالمئة من 35.7 بالمئة في يونيو.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.