- شيريلان مولان
- بي بي سي نيوز – مومباي
من الصعب ألا تجد من يتقبلك على الوضع الذي تريده لنفسك. وسيكون الأمر أكثر صعوبة إذا كان والديك لا يتقبلانك.
كان هذا السبب وراء إعلان شركة ستاربكس الأخير، الذي أعاد فيه أبوان إحياء علاقتهما مع ابنتهما البالغة العابرة جنسيا، وأثار جدلا ونقاشا في الهند.
في الإعلان، يلتقي الزوجان بابنتهما في المقهى بعد ابتعادهما عنها لسنوات ويُظهر الأب قبوله لقرارها بالعبور الجنسي، من خلال مخاطبتها باسمها الذي اختارته ليكون أربيتا، بعد أن كان اسمها السابق أربيت (اسمها عندما كانت ذكر).
تم إصدار الإعلان في وقت سابق من هذا الشهر مع هاشتاغ، إنه يبدأ باسمك، ومنذ ذلك الحين تمت مشاهدته أكثر من مليون مرة على يوتيوب وحقق أكثر من ثمانية ملايين مشاهدة على تويتر. أشاد العديد من المستخدمين بالعلامة التجارية لرسالتها الشمولية “التي لا تفرق”، ولإبراز نموذج العابرين جنسيا في “الدور القيادي”.
كتب أحد المستخدمين: “حب الوالدين وقبولهما لطفلهما العابر جنسيا هو حقا كل شيء”، بينما قال آخر “لقد حان الوقت لتجاوز رهاب العبور الجنسي”.
ولكن كان هناك أيضا انتقادات للإعلان من جانب بعض المستخدمين الذين اتهموا العلامة التجارية بمحاولة استخدام قبول رمزي للعابرين جنسيا، وقالوا إنها “ضد الثقافة الهندية”.
هذا ليس الإعلان الأول الذي يثير جدلا حول مجتمع العابرين جنسيا في الهند.
في عام 2021، خطف إعلان، من دار المجوهرات الهندية بهيما، القلوب لأنه روى قصة انتقال امرأة عابرة جنسيا. وظهرت فيه عارضة الأزياء العابرة، ميرا، التي قالت لبي بي سي عن مشاركتها في الإعلان “ساعدني على الشعور براحة أكبر مع نفسي”.
الهند بها مليوني شخص من العابرين جنسيا. على الرغم من حكم المحكمة العليا بأن لهم حقوقا متساوية مثل غيرهم من الأجناس، لا يزال العديد منهم يعانون من سوء المعاملة والوصمة. العديد من العابرين جنسيا ينفرون من عائلاتهم ويضطرون إلى التسول أو ممارسة الدعارة أو الرقص في المناسبات لكسب لقمة العيش.
ومع ذلك، يقول أشخاص من المجتمع إن الأمور تتغير نحو الأفضل لكن ببطء، على الأقل في أماكن معينة، وأن هناك تمثيل الآن لهم ولقصصهم في الثقافة السائدة، سواء كان ذلك في الإعلانات أو الأفلام أو عروض الأزياء.
شهد أسبوع الموضة في لاكمي الذي اختتم مؤخرا، أحد أكبر أحداث الموضة في الهند وأكثرها احتراما، وجود امرأتين عابرتين جنسيا وشخصا غير ثنائي الجنس (جنس ثالث) بين مجموعة من عارضات الأزياء لأول مرة، وقد ساروا في الطريق المنحدر لبعض كبار المصممين في الهند. كما ظهرت مجموعة أعمال للمصممة سايشا شيندي، التي ظهرت كامرأة متحولة جنسيا في عام 2021.
تقوم مجلات الموضة الرئيسية بوصم عارضات الأزياء العابرات، يقوم عدد قليل من كبار المصممين بالتعاون معهن لعرض أزيائهن وإشراكهن في إطلاق حملتهن وفتح المتاجر.
تقول ريان مونكي، 32 عاما، عابرة جنسيا وتكتب عن الموضة والأحداث الغريبة من مومباي، إنه من الملهم رؤية العابرين جنسيا يحصلون على هذه الفرص.
وأضافت: “رؤية شخص من هذا المجتمع في إعلان ستاربكس أو على غلاف مجلة أزياء يعني الكثير. هذه مساحات راقية تقليديا، لذا فإن تمثيلك هنا يشير إلى تحول في طريقة تصوير الأشخاص العابرين جنسيا والمساحات المسموح لهم بها”.
يقول دورغا، وهو فنان وناشط صمم للعديد من العلامات التجارية الكبرى، إنهم يحصلون على فرص أكبر بكثير في مجال الأزياء اليوم مما كانوا عليه قبل بضع سنوات فقط.
“على الصعيد العالمي، هناك تحول نحو إنشاء مساحات أكثر شمولا ويجب على العلامات التجارية مواكبة هذه العقلية إذا أرادت أن تظل ذات صلة”.
لكنهم يتفقون أيضا على أنه غالبا ما تكون القلة المميزة من داخل مجتمع العابرين جنسيا هم الذين يحصلون على هذه الفرص.
تشير المصممة سايشا شيندي إلى أن العلامات التجارية غالبا ما تنغمس في استخدام الرمزية من خلال زيادة رؤية العابر جنسيا فقط خلال شهر الفخر، ثم نسيان هذا المجتمع بقية العام.
وقالت سايشا: “حقيقة أن اعتبار العارضة العابرة جنسيا التي تسير على مسرح العرض أمرا مميزا، يمثل مشكلة. لأنه يجب ألا يكون للموهبة جنس. يجب على علامات الأزياء والعلامات التجارية ألا تستخدم العابرين جنسيا لتسليط الضوء على” غرابة علاماتهم التجارية”، ولكن يجب دمج العابرين جنسيا في الحملات الإعلانية العادية ليكونوا جزءا من الوضع الطبيعي”.
لكن بعض مصممي الأزياء يقولون إن هذا صعب بسبب نقص الوعي والدعم من الجمهور. قلة فقط في عالم الموضة على استعداد للمخاطرة بخسارة العملاء وبالتالي لا يوجد تغيير حقيقي على مستوى الصناعة.
أطلقت شوبيكا شارما، مؤسسة علامة الأزياء Papa Don’t Preach، التي ارتدى نجوم عالميون ملابسها مثل باريس هيلتون وعالية بهات، مؤخرا مجموعة مجوهرات بالتعاون مع الناشط والشاعر ألوك فايد-مينون، الذي يعتبر نفسه غير ثنائي الجنس (جنس ثالث) ويستخدم المجوهرات للتعبير عن نفسه، بهدف إرسال رسالة عن الشمولية والقبول.
تقول شارما إنه في كل مرة تنشر علامتها التجارية شيئا عن مجموعتها على وسائل التواصل الاجتماعي أو تسلط الضوء على عارضة أزياء عابرة للجنس فإنها تفقد الآلاف من المتابعين.
وتضيف: “سوق الأزياء الفاخرة صعب في الوقت الحالي، يجب على المصممين التفكير في دفع الفواتير والحرفيين المهرة. لذلك، على الرغم من أن العبء كان تاريخيا يقع على عاتق المبدعين والفنانين لدفع المجتمع إلى التفكير بشكل أكثر انفتاحا، إلا أنه وقت صعب لفعل ذلك باستمرار”.
إلا أن المراقبين يقولون إنه عندما يتعلق الأمر بتغيير القيم والمواقف المجتمعية، فإن أصغر جزء من تمثيل هؤلاء أمر مرحب به، حتى لو كان مجرد لفتة رمزية.
يقول المؤلف وكاتب المقال سانتوش ديساي: “على الأقل هناك تمثيل (لمجتمع العابرين جنسيا) حتى لو في ظل الكراهية، وهو أفضل من عدم وجود تمثيل على الإطلاق”.
وتابع: “من خلال عملية التمثيل والإنكار والغضب هذه، نتصالح تدريجيا مع شيء جديد، ونشعر بالراحة معه”.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.