وتتضمّن الأنظمة الجديدة، من بين أمور أخرى، التزام بعض محطّات الطاقة التي تعمل بالفحم باحتجاز انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، بدلاً من إطلاقها في الغلاف الجو.
وفي حال بدأ تطبيق هذه الإجراءات، فإنّ هذه ستكون المرة الأولى التي تفرض فيها وكالة حماية البيئة قيوداً على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من محطّات الطاقة الحالية.
ويمثّل توليد الكهرباء حوالي ربع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في البلاد.
غير أنّه من المحتمل أن تتمّ محاربة هذه القواعد أمام المحاكم، كما حصل أثناء محاولة سابقة في السياق ذاته في عهد الرئيس باراك أوباما.
وتتضمن هذه القواعد القدرة على منع انبعاث “أكثر من 600 مليون طن من الكربون بحلول العام 2042″، أي ما يعادل الانبعاثات من “نصف السيارات الأميركية خلال عام واحد”، حسبما أفاد رئيس وكالة حماية البيئة مايكل ريغان.
وحذّر من أنّها ستؤدي إلى إغلاق محطّات كهرباء تعمل بالفحم، مؤكداً في الوقت ذاته أنّه سيكون لها “تأثير ضئيل على أسعار الكهرباء”.
ولكن القواعد المقترحة تختلف بشكل ملموس، بناء على نوع محطة الطاقة أو مستوى استخدامها أو حتى تاريخ الإغلاق المحتمل المخطّط له.
وتعتمد الوكالة بشكل خاص على تقنيات التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون والتي لا تزال غير شائعة ومكلفة.
غير أنّ الحكومة تراهن على تطويرها، بعد تمرير قانون خفض التضخّم العام الماضي، والذي تضمّن زيادة الإعفاءات الضريبية لمحطّات الطاقة التي تستخدم هذه التقنيات.
وتتعلّق الفئة الأولى بمحطّات الطاقة الحرارية التي تستخدم التوربينات البخارية، أي بشكل أساسي محطّات الطاقة التي تعمل بالفحم.
ووفقاً للتنظيمات الجديدة، فإنّ أي محطّة تخطّط لمواصلة عملها بعد العام 2040 يجب أن تقوم بتثبيت تقنيات تسمح باحتجاز 90 بالمئة من ثاني أكسيد الكربون المنبعث ابتداءً من العام 2030.
من ناحية أخرى، لا توجد أي قيود على محطّات الطاقة التي تعمل بالكربون والتي ستتوقف عن العمل بحلول العام 2032، أو حتّى تلك التي ستعمل حتى العام 2035 بأقل من 20 بالمئة من طاقتها.
غير أنّ وكالة حماية البيئة تؤكد أنّ اعتماد هذه التقنيات سيستغرق وقتاً، وستكون فعّالة من حيث التكلفة، خصوصاً بالنسبة للمحطّات التي تعمل لوقت أطول.
سلسلة من الإجراءات
بالنسبة لمحطّات الطاقة التي تعمل بالغاز والتي تستخدم توربينات الاحتراق، فقد تمّ اقتراح مسارين: الأول، التقاط ثاني أكسيد الكربون، والثاني، الهيدروجين منخفض الكربون.
وسيتعيّن على المحطّات الجديدة لتوليد الطاقة التي تعمل بالغاز والمستخدمة بسعة عالية، أن تلتقط 90 بالمئة من ثاني أكسيد الكربون بحلول العام 2035، أو تستخدم الهيدروجين منخفض الكربون بنسبة 30 بالمئة بحلول العام 2032، و96 في المئة بحلول العام 2038.
وتنطبق القواعد ذاتها على أكبر محطّات الطاقة التي تعمل بالغاز.
وأكد مايكل ريغان أنّ اقتراحاته “تتماشى مئة بالمئة” مع التزامات جو بايدن، الذي وعد بإنتاج كهرباء خالية من الكربون اعتباراً من العام 2035.
كما أنّ هذه الاقتراحات هي “جزء من سلسلة إجراءات”، على حدّ تعبيره.
في العام 2015، أعلن باراك أوباما خطّة لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من محطات الطاقة، غير أنّه تمّ حظر هذه الخطة قبل أن تدخل حيّز التنفيذ. وفيما تمّ اللجوء إلى المحكمة العليا للبت في هذه القضية، فقد قيّدت المحكمة العام الماضي قدرة وكالة حماية البيئة على التصرّف.
وبحسب قرارها، فإنّ القواعد العامّة التي من شأنها أن تؤدي إلى الإجبار على الانتقال من الفحم إلى مصادر طاقة أخرى، تتجاوز سلطة الوكالة.
من جهته، أكد ريغان أنّ الإجراءات المقدّمة الخميس تتبع “النهج التقليدي” لوكالة حماية البيئة للعمل بموجب “قانون الهواء النظيف”.
وقال: “نحن واثقون من أننا ضمن هذه الحدود”.
ولكن يجب أن تخضع القواعد الجديدة لفترة نقاش عام، قبل وضع اللمسات الأخيرة عليها.
وقال دان لاشوف من معهد الموارد العالمية لوكالة فرانس برس، إنّ هذه الإجراءات “تشير الى انتهاء حقبة التلوّث اللامحدود من محطات توليد الكهرباء”.
ومع ذلك، أعرب عن أسفه لأنّ الاقتراح لم يذهب أبعد من ذلك فيما يتعلق بمحطات الطاقة التي تعمل بالغاز.
وتنتقد بعض المنظمات البيئية أيضاً تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه (CCS)، والتي يخشون من أنها تسمح لمحطّات الطاقة الملوِّثة بالاستمرار، بدلاً من التحوّل مباشرة إلى الطاقات المتجددة.
لا يوجد حالياً سوى حوالي 35 موقعاً لالتقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون الصادر عن العمليات الصناعية أو توليد الكهرباء في جميع أنحاء العالم، وفقاً للوكالة الدولية للطاقة.
وتبلغ قدرة استيعاب هذه المواقع حوالي 45 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، بينما يبلغ إجمالي الانبعاثات 37 مليار طن سنوياً في جميع أنحاء العالم.
في العام 2022، صدر حوالي 60 بالمئة من إنتاج الكهرباء في الولايات المتحدة، من الغاز (40 بالمئة) أو الفحم (20 بالمئة)، وفقاً إدارة معلومات الطاقة الأميركية، تلتهما الطاقة النووية (18 بالمئة) والطاقات المتجدّدة (21.5 بالمئة).
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.