أزمة المناخ تفاقم فاتورة خسائر الاقتصاد العالمي
أخبار العالم

أزمة المناخ تفاقم فاتورة خسائر الاقتصاد العالمي



يؤدي هذا التغير إلى تكرار الظواهر الجوية المتطرفة مثل الفيضانات والجفاف، ما يتسبب في خسائر هائلة في البنية التحتية والموارد الطبيعية. وتتأثر القطاعات الاقتصادية بشكل كبير، إذ يعمل تغير المناخ على زيادة التكاليف التشغيلية وتقليل الإنتاجية في الزراعة والصناعة.

كما تتسبب الكوارث الطبيعية المرتبطة بالتغير المناخي في تدمير الممتلكات وتشريد السكان، وبما يؤدي إلى فقدان الدخل واضطراب في سوق العمل.

إلى جانب ذلك، يزداد تأثير تغير المناخ على القطاع المالي، حيث تتزايد المخاطر المرتبطة بالتقلبات المناخية، بما يؤثر على الاستثمارات والأسواق المالية. وهذا يفتح الباب أمام تكلفة إضافية للتأمين والتكيف مع التحديات البيئية.

بشكل عام، يفرض تغير المناخ تحديات هائلة على الاقتصاد العالمي، ويعزز الضرورة الملحة لاتخاذ إجراءات جادة لتقليل الانبعاثات وتعزيز استدامة الأنظمة الاقتصادية. ومن بين أبرز العوامل المؤثرة التي يُبرزها محللون مختصون لدى تحليلهم لأثر التغيرات المناخية على الاقتصاد العالمي:

  • زيادة التكاليف الاقتصادية: يترتب على تغير المناخ زيادة التكاليف التشغيلية في عديد من القطاعات، سواء كان ذلك بسبب الحاجة إلى تكييف البنية التحتية أو تكاليف التأمين المتزايدة.
  • تأثير على الإنتاجية الزراعية: الظروف الجوية المتقلبة تؤثر على الزراعة، بما يقلل من الإنتاجية ويؤدي إلى فقدان المحاصيل، الأمر الذي يؤثر على إمدادات الغذاء وأسعاره.
  • زيادة التكاليف الصحية: تغير المناخ يمكن أن يؤدي إلى زيادة في الأمراض المتعلقة بالحرارة والأوبئة، مما يزيد من الأعباء الصحية والتكاليف الطبية.
  • تهديد الأمان الغذائي: اضطرابات الطقس والكوارث الطبيعية تهدد إمدادات الغذاء، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء وتأثيرات اقتصادية سلبية.
  • تأثير على القطاع المالي: زيادة المخاطر المرتبطة بالكوارث الطبيعية تؤثر على الاستثمارات والأسواق المالية، بما يخلق تحديات إضافية للقطاع المالي العالمي.
  • تأثير على الهجرة واللاجئين: يمكن أن يؤدي تغير المناخ إلى زيادة الضغوط على المجتمعات بشكل عام، مما يزيد من التوترات الاقتصادية والاجتماعية.

وتضاف إلى العوامل عديداً من العناصر الأخرى بالنظر إلى التأثيرات الأوسع غير المباشرة، وبما يجعل من أزمة تغير المناخ تشكل هاجساً من نوع خاص بالنسبة للاقتصاد العالمي.

  • موجات الحرارة الأخيرة في جميع أنحاء العالم كلفت ما يقدر بنحو 0.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2023، بحسب شركة “أليانز العالمية”، الرائدة في مجال التأمين في جميع أنحاء العالم.
  • الأضرار الاقتصادية، إلى جانب الخسائر المتزايدة في الأرواح البشرية في جميع أنحاء العالم هي بمثابة تذكير صارخ بأن البلدان والصناعات يجب أن تواجه حقائق تغير المناخ، بحسب الشركة ذاتها.
  • الكوارث المتعلقة بالطقس والمناخ والمياه، أدت إلى تكبد العالم خسائر يومية تتجاوز 200 مليون دولار خلال الخمسين عاماً الماضية.
  • هذه الأرقام مهددة بالارتفاع بشكل أكبر في حال عدم تحرك العالم بالسرعة الكافية لإبقاء ارتفاع درجات الحرارة ضمن المستويات المطلوبة والوصول لصافي صفر انبعاثات بحلول العام 2050.

المردود السلبي للتغيرات المناخية على الاقتصاد العالمي

في هذا السياق، يشير الخبير البيئي، تحسين شعلة، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن التغيرات المناخية ستكون لها تأثيرات شديدة على الاقتصاد العالمي خلال العقد الحالي، موضحاً أن ذلك يتضح من خلال تفاقم وتيرة الكوارث المرتبطة بالمناخ أخيراً كالأعاصير وغيرها، منها على سبيل المثال إعصار “دانيال” الذي كان له تأثير مدمر على اليونان، وكبدها خسائر مالية مليونية، فضلًا عن التأثير المدمر للإعصار ذاته على دولة ليبيا.

 وأكد على أن للتغيرات المناخية التي تنتشر آثارها على مستوى العالم أجمع من أعاصير ورياح وأمطار، مردودًا سلبيًا على الاقتصاد العالمي، وذلك بالنظر إلى أن أي تدمير يقع في الدول بسبب الظواهر المرتبطة بالتغيرات المناخية يجعل هناك ضرورة مُلحة لإعادة الهيكلة أو إعادة التأهيل للمناطق المتضررة، وبالتالي يكون المردود السلبي هو تدمير وإعادة بناء مرة أخرى مما يكون له تأثيرًا سلبيًا على الاقتصاد العالمي.

 علاوة على أن التغيرات المناخية تؤدي إلى حدوث تغيير بالخريطة الإنتاجية للمحاصيل الزراعية على مستوى العالم. ويشدد على أن بعض المحاصيل تتأثر بالتغيرات المناخية بشكل واسع، على سبيل المثال إنتاج الشاي في الهند والكاكاو في البرازيل والحبوب في مناطق أخرى حول العالم، مما سيؤدي إلى خسائر اقتصادية فادحة لبعض الدول المُصدرة لتلك المحاصيل.

وبالتالي فإنه من المتوقع أن يعاد تشكيل الخريطة الاقتصادية للدول على مستوى العالم خلال الفترة المقبلة، بأن توزع الدول من جديد من حيث القوة الاقتصادية.

وأشار الخبير البيئي، في معرض حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن التغيرات المناخية لها مردود سلبي أيضًا على الصحة العامة، بما لذلك من تأثيرات مختلفة واسعة المدى (..)، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن إيلاء الاهتمام الكافي بالتغيرات المناخية والمضي قدماً في جهود التخفيف والتكيف والمواجهة “أمر لا مفر منه”، ومن هنا تأتي الأهمية الكبيرة لمؤتمر الأطراف (كوب 28) في دولة الإمارات العربية المتحدة.

 ووفق مؤسسة ديلويت، فإنه كلما ازداد ارتفاع درجات الحرارة أصبح العالم أكثر عرضة للمزيد من تداعيات التغير المناخي من كوارث طبيعية وغيرها وهو أمر قد يكبد الاقتصاد العالمي مايصل إلى 178 تريليون دولار حتى العام 2070.

قرارات حازمة وحاسمة

فيما أشار المستشار الدولي في التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر، الدكتور حسين أباظة، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن الظواهر المناخية المتطرفة باتت واضحة خلال الفترة الأخيرة، موضحًا أن التغيرات المناخية تعني زيادة في معدلات حرارة الجو ضمن أبرز آثارها، ما يكون له تبعات على المحاصيل الزراعية على سبيل المثال وعلى إنتاج الغذاء، وهو ما يرتبط بمقاومة الفقر وخلق فرص عمل والتجارة، مؤكدًا أن جميعها حلقات متشابكة  تهدد الاقتصاد العالمي.

وأوضح أن الخلل البيئي الذي حدث نتيجة تدخل الإنسان تسبب في حدوث اضطرابات في النظم البيئية، وبالتالي في مقدرة هذه النظم على توفير الغذاء والماء والطاقة وتؤدي خدماتها فيما يتعلق بالتوازن البيئي، وهي عوامل ضمن قائمة طويلة من العوامل التي تعكس عمق التأثيرات الاقتصادية.

وأشار أباظة إلى أن الخلل البيئي يؤثر على الأنشطة الإنتاجية جميعها؛ سواء كان ذلك في مجال الزراعة أو الصناعة والسياحة والتجارة وكافة القطاعات الاقتصادية، مستطردًا بأنه نتيجة لهذا التشابك وعلاقته بمعدلات الحرارة ومعدلات التصحر المتزايدة والفيضانات والحرائق والجفاف وغير ذلك من آثار، فهناك تأثيرًا سلبيًا على البيئة وصحة الإنسان والناحية الاقتصادية.

وبالتالي يُنتظر أن يسهم مؤتمر كوب 28 في الخروج بقرارات حازمة وحاسمة لمواجهة التغيرات المناخية وأولها التمويل، لافتًا إلى أن الدول النامية تحتاج إلى دعم مادي وتكنولوجيا حديثة صديقة للبيئة ودعم للقدرات المحلية، وهو ما لم يتوفر من قبل الدول المتقدمة إلى الدول النامية.

وبحسب شركة Swiss Re، فإن “تغير المناخ يمثل أكبر تهديد طويل الأجل للاقتصاد العالمي، إذا لم يتم تحقيق الأهداف المناخية الصفرية في 2050، وأن العالم يخاطر بخسارة 23 تريليون دولار من الناتج الاقتصادي العالمي”.

الدول الأكثر هشاشة

وإلى ذلك، أكد أستاذ اقتصاديات البيئة بالقاهرة، علاء سرحان، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن التغيرات المناخية ستؤثر على جميع المناحي الحياتية والاقتصادية للأشخاص والدول، مشيرًا إلى أن التأثر لن يكون بقدر واحدٍ، ذلك أن هناك دولاً أكثر هشاشة، أي أنها سوف تتأثر أكثر من دول أخرى بسبب ظروفها الديموغرافية أو مواردها المالية وطبيعتها أو موقعها الجغرافي ودرجات حرارتها، فهناك دول تتأثر أكثر من تداعيات التغيرات المناخية عن دول أخرى.

ولفت إلى غياب العدالة المناخية حتى الآن، لا سيما وأن كثيرًا من الدول التي ستتأثر بصورة أكبر من الدول الأخرى في حين أنها ليس لديها مسؤولية تاريخية عن الانبعاثات والتغيرات المناخية، وأن كثيراً من هذه الدول دول نامية لا تمتلك الهياكل الاقتصادية والبنية الأساسية والتحتية التي تمكنها من تحمل التأثيرات، كما أن ليس لديها القدرة الاقتصادية لتحمي مواطنيها من التغيرات.

 كما أشار إلى أن كل القطاعات الاقتصادية ستتأثر بسبب تفاقم أزمة التغيرات المناخية، لكن درجة التأثر ستختلف من دولة إلى أخرى، حسب مدى قدرة الدولة في اتخاذ إجراءات حمائية وقائية استباقية، تمكنها من التأقلم والتكيف مع تداعيات تلك التغيرات لتتعايش معها وتقلل من الخسائر بقدر الإمكان، موضحًا أن من بين تلك الخسائر، ما يلي:

  • تأثر الموارد المائية، والعاملين بالصيد في الأماكن الساحلية بسبب ارتفاع درجات الحرارة، حيث ستتغير كميات الأسماك وهناك أسماك ستنفق وأخرى ستختفي، إضافة إلى زيادة مستوى سطح البحر ما سيؤدي إلى ارتفاع درجة الملوحة وبالتبعية انخفاض الدخل بالنسبة لبعض الفئات مثل الصيادين.
  • تأثر العاملين في قطاع السياحة بسبب تدهور الموارد السياحية، فالتغير المناخي له تأثير كبير على السياحة البحرية، في البحار والمحيطات التي تحتل مساحة كبيرة من سطح الأرض، وتحتوي على مجموعة كبيرة من التنوع البيولوجي ما يجعلها بيئة جاذبة للأنشطة السياحية والترفيهية.
  • التغير المناخي يؤثر على الزراعة وكميات المحاصيل الزراعية بسبب الجفاف وموجات الحر والفيضانات، إضافة إلى زيادة الآفات وأمراض النباتات، ما يضر بالعاملين بالزراعة.

 وهذا غيض من فيض التأثيرات الاقتصادية الواسعة الناجمة عن تغير المناخ، طبقاً لما أكده استاذ اقتصاديات البيئة بالقاهرة، والذي أفاد بأن تفاقم التغيرات المناخية أمر حتمي.  

وشدد على ضرورة المضي قدماً في مجموعة من الإجراءات؛ وأهما التخفيف من البصمة الكربونية، وهو يعني تقليل انبعاثات الكربون وغازات الاحتباس الحراري عن طريق الطاقة الجديدة والمتجددة.





المصدر


اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *